لماذا تأخرت فصائل درعا في الاندماج بالجيش السوري الجديد؟
تجري وزارة الدفاع السورية الجديدة اجتماعات مع الفصائل العسكرية في محافظة درعا جنوب سوريا في محاولة لدمجها في صفوف الجيش السوري وضبط سلاحها، بالتزامن مع وجود "هواجس" تتعلق بمستقبل هذه الفصائل وشروط اندماجها
21 فبراير 2025
باريس- في 19 شباط/ فبراير، عُقد اجتماع في منطقة اللجاة بريف درعا الشرقي، بين العقيد بنيان الحريري، قائد فرقة الجنوب في وزارة الدفاع السورية الجديدة وممثلين عن عشائر درعا والسويداء وريف دمشق، لمناقشة “آلية الانضمام إلى وزارة الدفاع، ومناقشة سبل إدماج أبناء العشائر في صفوف الفرقة في خطوة تهدف إلى تعزيز التنسيق العسكري والتنظيمي في المنطقة الجنوبية”.
اجتماع اللجاة هو واحد من سلسلة اجتماعات تعقدها وزارة الدفاع، ممثلة بقائد فرقة الجنوب، في محاولة لدمج الفصائل العسكرية بالوزارة، وضبط سلاح الفصائل. إذ سبق أنْ عقدت الوزارة اجتماعات مع اللواء الثامن، الذي يقوده القيادي العسكري أحمد العودة، واجتماعات مماثلة مع اللجان المركزية في ريف درعا الغربي ومدينة درعا، للغرض ذاته.
يتزامن توقيت الاجتماعات مع وجود هواجس تتعلق بـ”دور اللواء الثامن ومستقبله”، لا سيما بعد غياب قائد اللواء العودة عن “مؤتمر النصر”، مكتفياً بإرسال ممثلاً عن اللواء لحضور المؤتمر، الذي اجتمع فيه الرئيس أحمد الشرع، مع قادة الفصائل العسكرية، في 30 كانون الثاني/ يناير الماضي، معلناً نفسه رئيساً للجمهورية في المرحلة الانتقالية وحل الفصائل العسكرية، وهو ما يفتح التساؤل عن الشروط التي تتمسك بها الفصائل مقابل موافقتها على الاندماج في وزارة الدفاع، خاصة بعد تأخر اندماج اللواء الثامن الذي كان له دور بارز في تحرير جنوب سوريا والزحف نحو العاصمة دمشق.
تفاصيل مفاوضات اللواء الثامن!
في مطلع الشهر الحالي، قال وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة في مقابلة مع “واشنطن بوست” أن هناك نحو 100 فصيل مسلح في سوريا وافقت على الانضواء تحت مظلة وزارة الدفاع، بينما هناك عدد من الفصائل رفضت الانضمام، بمن فيهم أحمد العودة، قائد اللواء الثامن في الجنوب، الذي قاوم محاولات وضع وحدته تحت سيطرة الدولة.
رداً على ذلك، خرج القيادي في اللواء الثامن، العقيد نسيم أبو عرة، ببيان مصور في العاشر من الشهر الحالي، استنكر فيه تصريحات الوزير، ونفى الاتهامات المتعلقة برفض لوائه الانضمام لوزارة الدفاع.
وأكد العقيد أبو عرة على التزام اللواء الثامن بـ”الثوابت التي لا يمكن الحياد عنها”، والتي تتمثل “بالسعي إلى الاستقرار، وتعزيز وحدة سورية، وسلامة أهاليها، بعيداً عن أي استقطاب أو إقصاء، ورفض أي مشروع داخلي أو خارجي يمس بالثورة السورية، أو تقويض مكتسباتها، والالتفاف على التضحيات التي قدمها الشعب السوري”.
في الوقت الذي تشير التصريحات إلى وجود توتر بين الوزارة واللواء الثامن، شهدت قلعة بصرى الشام شرق درعا، المقر الرئيسي للواء الثامن، في 15 شباط/ فبراير الحالي، اجتماعاً ضم ممثلين عن وزارة الدفاع، من بينهم العقيد بنيان الحريري، إلى جانب قادة في اللواء الثامن، من أجل ترتيب عملية دمج اللواء في وزارة الدفاع.
وفي اليوم ذاته، نقلت درعا 24، مؤسسة إعلامية محلية، عن مصدر عسكري لم تسمّه، أنه “تم الاتفاق خلال الاجتماع على بدء دمج العناصر والسلاح والسيارات ضمن وزارة الدفاع”، على أن يتم “تقديم القوائم للوزارة” في غضون أيام قليلة.
تعليقاً على ذلك، قال مصدر من اللواء الثامن، مطلع على المفاوضات، أن “الاجتماع ناقش الخطوط العريضة، ولم ينتج عنه شيء”، كاشفاً في حديثه لـ”سوريا على طول” شريطة عدم كشف هويته لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، إلى أن “هناك اجتماع آخر سوف يعقد قريباً مع وزير الدفاع، ومن المفترض أن يتم وضع اللمسات الأخيرة للاتفاق”.
وشدد المصدر على أن “اللواء الثامن لم يرفض الاندماج، وليس لديه شروط مسبقة”، مشيراً إلى أن “النقاشات تجري حول طبيعة ودور الألوية الأربعة المشكلة لفرقة الجنوب، والخطوات اللاحقة، والدور المستقبلي والمهام”.
من المفترض أن تتكون فرقة الجنوب بقيادة العقيد بنيان الحريري من أربعة ألوية (ثلاثة ألوية مشاة ولواء عمليات خاصة)، وسوف ينضوي تحتها فصائل المحافظات الجنوبية: درعا، السويداء، والقنيطرة، على أن تكون قيادة الفرقة في مقر الفرقة الخامسة سابقاً بمدينة إزرع شمال درعا، ويمكن أن يزيد عدد الألوية إذا اقتضت الحاجة، كما قال مصدران عسكريان لـ”سوريا على طول”.
وافق اللواء الثامن على عملية الاندماج “منذ قرابة شهر، وبدأ اللواء بتسليم قوائم عناصره لوزارة الدفاع”، بحسب مصدر إعلامي مقرب من اللواء الثامن، مشيراً إلى أن “قسماً من العناصر سوف يكون ضمن الجيش والقسم الآخر ضمن الأمن العام التابع لوزارة الداخلية”.
وأضاف المصدر لـ”سوريا على طول”، شريطة عدم الكشف عن هويته، أن الاندماج حصل، ولكن “الاجتماعات الجارية هدفها تنظيمي وإداري”، لافتاً إلى أن “اللواء الثامن لن يكون كتلة واحدة داخل وزارة الدفاع”، على عكس فصائل سورية أخرى اندمجت على شكل كتل.
توقع براء العودات، المسؤول الإعلامي لغرفة عمليات الجنوب، وهي غرفة عمليات عسكرية تضم فصائل درعا، تشكلت إبان انطلاق معركة “ردع العدوان” في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وانتهت بسقوط نظام بشار الأسد، “دخول الأمن العام [التابع لدمشق] إلى بصرى الشام خلال اليومين القادمين”، في الوقت الذي “بدأ اللواء الثامن برفع قوائم العناصر” لوزارة الدفاع، كما أوضح لـ”سوريا على طول”.
أما عن نقاط الخلاف بين اللواء ووزارة الدفاع، فهي تتعلق بـ”قضية الرتب العسكرية، إذ يضم اللواء أكثر من 15 ضابطاً منشقاً، غالبيتهم انشقوا عام 2012، بينهم خمسة ضباط برتبة عقيد”، لذا يطالب اللواء بترفيعات ورتب عسكرية لبعض عناصره، “ويعترض على قيام وزارة الدفاع بمنح رتب عسكرية عالية لقياديين في إدارة العمليات العسكرية من خلفيات مدنية قبل الثورة، وكذلك ترفيع ضباط في صفوفها إلى رتب عالية بعد أن انشقوا عن النظام برتب متدنية”.
وأضاف: “تسلسل الرتب الحالي في وزارة الدفاع غير مرضي للواء الثامن”، فعلى سبيل المثال: “العقيد بنيان الحريري قائد فرقة الجنوب، انشق عن النظام برتبة مساعد أول في الجيش، لكن جرى ترفيعه بعد دخوله للكلية الحربية في إدلب في عام 2020 وتخرج برتبة عقيد، بينما يضم اللواء الثامن خمسة ضباط منشقين برتبة عقيد”.
وأيضاً من النقاط محلّ النقاش بين الطرفين: “النطاق الجغرافي لعمل اللواء والجبهات التي سوف يرسل لها العناصر”، بحسب العودات، من قبيل: “هل سيتم نقل مجموعات اللواء الثامن لاحقاً إلى جبهات ساخنة؟”، ناهيك عن “مسألة الانضمام ككتلة عسكرية واحدة أو مجموعات صغيرة”.
ومع ذلك، تسير المفاوضات في شرق درعا وغربها “بشكل جيد”، ويلعب دوراً إيجابياً في ذلك أن العقيد بنيان الحريري “ابن درعا ويفهم طبيعة المنطقة ومتطلباتها، وهو من أحرار الشام وليس هيئة تحرير الشام، ما يعني أنه سهل ولين ومحبوب في درعا”، وفقاً للعودات.
مجموعات اللجنة المركزية
في 18 شباط/ فبراير الحالي، عقدت وزارة الدفاع اجتماعاً في مدينة طفس، مع عدد من قادة المجموعات المحلية في ريف درعا الغربي، من بينهم القيادي محمود البردان (أبو مرشد) أحد أبرز قادة اللجنة المركزية بريف درعا الغربي. ويهدف الاجتماع إلى فتح باب التطوع في الجيش لجميع شباب ريف درعا الغربي “دون قيود عمرية”.
حددت وزارة الداخلية في الحكومة الجديدة سن الانتساب للأمن العام بأن لا يقل عن 20 عاماً ولا يزيد عن 30 عاماً، بينما لم تعلن وزارة الدفاع حتى الآن عن الفئة العمرية التي يسمح لها بالانتساب للجيش السوري الجديد.
تشكلت اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي في أعقاب تسوية 2018، وتولت إدارة المنطقة ومهام التفاوض مع النظام البائد إبان سيطرته على المحافظة، ولعبت دوراً مهماً في سدّ الفراغ الحكومي آنذاك.
كذلك، ناقش الاجتماع “قبول طلبات انتساب المصابين ضمن بند الخدمات الثابتة في وزارة الدفاع”، وكذلك ملف الرواتب ومسألة تسجيل القتلى الذين قضوا في العمليات العسكرية ضد جيش النظام البائد، ، بحسب وسائل إعلام محلية.
ومن المفترض أن تنضوي مجموعات اللجنة المركزية في غرب درعا تحت راية لواء واحد في فرقة الجنوب بقيادة العقيد بنيان الحريري، وأن يتولى العقيد المنشق براء النابلسي، والمساعد أول المنشق أحمد القاسم مسؤولية الإشراف على اللواء.
تعليقاً على ذلك، قال العودات أن “اللجنة المركزية أول من وافق على الاندماج في الجنوب، وعلاقتها مباشرة مع القيادات العليا في وزارة الدفاع”، مؤكداً أنها “سوف تدخل بشكل كامل تحت راية وزارة الدفاع”.
وتمسكت اللجنة المركزية بـ”ضرورة حفظ حقوق الثوار القدامى، لا سيما بعد اشتراط وزارة الدفاع سن محدد لقبول الانتساب وهو ما يحرم عدد كبير من عناصرنا من الدخول إلى وزارة الدفاع”، بحسب العودات.