لماذا تتمسك المعارضة السورية بقرار مجلس الأمن 2254؟
الكثير من الأطراف السياسية السورية لها مصلحة بأن يكون القرار 2254 هو مرجعية أي انتقال سياسي، بما في ذلك الائتلاف، لأن من دون هذا القرار يعني أن [هذا الكيان] لن يكون موجوداً في المستقبل
17 ديسمبر 2024
باريس- أعلن الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، أمس الإثنين، دعمه للحكومة المؤقتة، التي شكلها محمد البشير، بتكليف من أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، قائد هيئة تحرير الشام، من منطلق ضرورة “وجود سلطة تنفيذية مؤقتة تشغل مؤسسات الدولة وتقدم الخدمات للشعب حتى بداية آذار المقبل”، وأشار الائتلاف في بيانه إلى رفضه “أي وصاية” على سوريا.
جاء بيان الائتلاف بعد بيان سابق رحّب فيه بالبيان الختامي لقمة العقبة، التي عقدت في 14 كانون الأول/ ديسمبر، ما أثار جدلاً في أوساط العديد من السوريين، بما فيهم معارضين سياسيين، من قبيل د. برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري السابق، الذي اعتبر أن الاجتماع يوحي “بإرادة فرض الوصاية، ويظهر كمؤامرة أكثر بكثير من رغبة في التضامن وتقديم الدعم للسوريين”.
بالتزامن مع ذلك، أطلق سوريون حملة ضد الائتلاف تحت شعار “الائتلاف الوطني السوري لا يمثلني”، وتساءل العديد منهم عن سبب التمسك بالقرار بعد إسقاط الأسد بـ”السلاح” وليس بـ”التفاوض”.
أشار اجتماع العقبة، الذي شاركت فيه عدة دول عربية: الأردن، السعودية، العراق، لبنان، مصر البحرين، وقطر، إلى ضرورة عملية الانتقال إلى السلطة الجديدة والدستور وفق قرار مجلس الأمن 2254، وهو القرار الصادر عام 2015، ويدعو في بنده الثاني ممثلي “الحكومة السورية” والمعارضة إلى مفاوضات رسمية بشأن عملية انتقال سياسي.
تعليقاً على ذلك، قال د. يحيى العريضي، العضو السابق في الهيئة العليا للتفاوض، التابعة للائتلاف، في حديثه لـ”سوريا على طول” أن القرار “لا ينطبق حالياً على الحالة السورية، إلا مجرد كونه خارطة طريق لتشكيل هيئة حكم انتقالية تقوم بمهام الانتقال إلى حالة الدولة الوطنية للحكم الرشيد، بدستور وانتخابات ضمن فترة زمنية محددة”.
لذا، المقصود بتطبيقه ليس بصيغته الحالية لأنها كانت مبنية على المعارضة والنظام، والأخير زال كلياً، وإنما “حوار سوري- سوري بمشاركة كل الأطياف السورية من أفراد سوريين، ثقات، تكنوقراط، خبراء، وطنيين، ذوو سير نظيفة تستطيع البناء”، وفقاً للعريضي.
وفي هذا السياق، قال د.برهان غليون لـ”سوريا على طول” أن المطالبة بتطبيق القرار سيكون “بعد تحديثه، بمعنى آخر أنه لن يكون هناك مفاوضات بين النظام والمعارضة، وإنما بين أطياف الشعب السوري”.
ويعود التمسك بالقرار 2254 إلى أن الكثير من الأطراف السياسية السورية “لها مصلحة بأن يكون هو مرجعية أي انتقال سياسي، بما في ذلك الائتلاف، لأن من دون هذا القرار يعني أن [هذا الكيان] لن يكون موجوداً” في المستقبل، بحسب غليون.
تجاوز قرار 2254
يقرأ العديد من السوريين القرار 2254 من زاوية التفاوض بين النظام والمعارضة، وهذه مسألة يجب تجاوزها بعد إعلان سقوط النظام وتشكيل حكومة انتقالية، لكن قرار مجلس الأمن يشير في بنود أخرى، إلى صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات حرة نزيهة تجري عملاً بالدستور الجديد.
وبالتالي، فإن ما تشهده سوريا بعد تشكيل حكومة مؤقتة يترأسها البشير هي “فترة شبه انتقال سياسي، وهي فترة مهمة”، بحسب العريضي، لأن مهمة هذه الحكومة “تحقيق الأمن والأمان والاستقرار، وأيضاً تهيئة الأمور الحياتية على كافة الأصعدة، وبالتالي تهيئة الأجواء لهيئة حكم انتقالي تُناط بها المهام التي وردت في القرار الدولي 2254 من كتابة دستور وانتخابات يشارك فيها كل السوريين، وهيئة تأسيسية من خبراء لكتابة دستور للبلاد”.
على صعيد آخر، لا يمكن التغاضي عن الموقف الإقليمي والدولي من القرار 2254، ويبدو أن “العديد من الدول لها مصلحة بأن يكون القرار هو المرجعية، ولن تعطي شرعية للنظام الجديد إلا على أساس هذا القرار”، بحسب غليون.
وأضاف: “بعد مؤتمر العقبة وتصريحات الدول الغربية، لا يمكن تجاوز القرار، وإنما هو الوسيلة الوحيدة لمشاركة الدول المعنية في بناء النظام الجديد”، والتخلي عنه يعني أنه “لن يكون لهم دور في مستقبل سوريا”.
قد يُفهم من مؤتمر العقبة وبيانه الختامي أن هناك “عدم ارتياح” من الدول المعنية، لكن “عند تيقن هذه الدول أن السوريين يريدون استعادة بلادهم لكل السوريين، ستدرك [الدول] أن هذا في صالح المجتمع الدولي إقليمياً ودولياً”، بحسب العريضي.
على المجتمع الدولي أن يطمئن إلى أن “السوريين الذين اقتلعوا منظومة استبدادية إقصائية لن يقبلوا بأقل من دولة حرة مدنية سيادية مستقلة، نهجها ديمقراطي لكل أهلها”، وفقاً للعريضي، الذي شدد في خطابه للسوريين على ضرورة “التريث المسؤول” في هذه المرحلة، قائلاً: “عملية الانتقال من الثورة إلى الدولة ليست مسألة سهلة، وتحتاج كل السوريين”.