“لن تتوقف حتى البدء بأولى جلسات المحاكمات”: استعصاء عناصر “داعش” في سجون “قسد” (تسلسل زمني)
قدّر عدد عناصر "داعش" في سجون "قسد"، بحوالي 12,000 ألف معتقل من جنسيات أجنبية، إلى جانب 15,000 سوري أعضاء في التنظيم، أو متهمون بالولاء له.
15 سبتمبر 2020
عمان- يوشك أن يصبح خبراً مألوفاً، مع تكراره، استعصاء سجناء “تنظيم الدولة” (داعش) في سجون قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، شمال شرق سوريا، والتي كان آخرها في 9 أيلول/سبتمبر الحالي، داخل سجن المعهد الصناعي في حي غويران بمدينة الحسكة شمال شرق سوريا، والذي يعرف باسم “سجن الصناعة”. وقد سبق ذلك أربعة استعصاءات أخرى منذ شهر آذار/مارس الماضي، ثلاثة منها في سجن الصناعة ذاته، والرابع في سجن العايد بمدينة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة.
وفيما تتركز مطالب السجناء على إجراء محاكمات لهم، إضافة إلى تحسين ظروف اعتقالهم، عبر عضو مجلس العدالة الاجتماعية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، خالد علي، عن خشيته من أن “لا يكون هناك حل [لواقع معتقلي “داعش”] سوى بقائهم قيد الاحتجاز”، كما قال لـ”سوريا على طول”.
وكان مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، قد قدر في تصريح سابق لـ”سوريا على طول”، عدد عناصر “داعش” في سجون “قسد”، بحوالي 12,000 ألف معتقل من جنسيات أجنبية، إلى جانب 15,000 سوري أعضاء في التنظيم، أو متهمون بالولاء له، تم الإفراج عن عدد من السوريين عبر الوساطات العشائرية بين الفينة والأخرى.
ويتوزع عناصر “داعش” على عدة سجون تابعة لـ”قسد” في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، ويعدّ سجن الصناعة أكبرها. وعقب هزيمة “داعش” رسمياً في 23 آذار/مارس 2019، تم “تشكيل لجنة قانونية تابعة لمجلس العدالة الاجتماعية” (الذي يماثل بمهامه وزارة العدل)، بحسب ما ذكر علي، في إطار تحضير الإدارة الذاتية “لمحاكمة هؤلاء العناصر أمام محكمة الدفاع عن الشعب التابعة للمجلس نفسه”.
معضلة المحاكمات
رغم إعلان الإدارة الذاتية عزمها إنشاء محكمة محلية منذ مطلع العام الحالي، فإن نقطة التحول في هذا الشأن كانت بتنفيذ عناصر “داعش” أول حالة استعصاء في سجن الصناعة، يوم 29 آذار/مارس الماضي. تمكن خلاله “المعتقلون من تخريب وخلع الابواب الداخلية للزنزانات، وإنشاء فتحات في جدران المهاجع، والسيطرة على الطابق الارضي للسجن”، كما جاء في بيان صادر عن “قسد”.
وأرجع مصدر عسكري من داخل السجن السبب الرئيس وراء العصيان إلى “الإهمال الطبي وانتشار مرض السل بين 400 عنصر”، كما كشف لـ”سوريا على طول”، شريطة عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية. مضيفاً أن “غياب الرعاية الصحية وقلة النظافة، والرطوبة العالية والاكتظاظ الشديد فاقم الوضع الصحي حتى لدى مرضى الضغط والسكري، بسبب اكتظاظ السجن الذي يحوي نحو 5 آلاف سجين من جنسيات مختلفة”.
عقب السيطرة على مهاجع وطابق كامل “اجتمع عدد من سجناء “داعش” داخل السجن مع مظلوم عبدي ووفد عسكري بريطاني أتى من قسروك [قاعدة عسكرية للتحالف الدولي في شمال محافظة الحسكة]”، كما قال المصدر، و”تم الاتفاق على إنشاء محكمة وتحديد مصير السجناء، وتحسين الرعاية الصحية والخدمية وتقديم طعام أفضل، مقابل إنهاء العصيان وإعادة الوضع كما كان”.
ورغم الحديث عن محكمة دولية، إلا أن الأمر استقر على إنشاء محكمة محلية بسبب “عدم تعاون المجتمع الدولي في هذا الملف ورفض الدول استقبال مواطنيها المحتجزين لدينا”، بحسب علي.
وبحسب المصدر العسكري، فإن “الإدارة الذاتية شرعت في بناء محكمة بالقرب من حي قناة السويس في مدينة القامشلي، لكنها ما تزال قيد الإنشاء”.
وإزاء امتناع “قسد” عن الخوض في تفاصيل إجراءات المحكمة الخاصة بعناصر “داعش” المحتجزين لديها، بما في ذلك عدم الرد على أسئلة “سوريا على طول” بهذا الشأن، تظل كثير من التفاصيل غير واضحة.
مع ذلك، فرغم إجراء محاكمات عناصر “داعش” من قبل كيان غير معترف به رسيماً، هو الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، فإن قوانين الأخيرة “ستطبق في المحاكمات التي ستبدأ قريباً”، بحسب علي. موضحاً أنه يشترط على “المحامين الذين سيترافعون عن المحتجزين أن يكونوا مسجلين لدى إتحاد المحامين لدى الإدارة الذاتية”، فيما سيكون ترافع المحامين الأجانب “أمام محاكمنا بموجب اتفاقات مع دولهم”.
في هذا السياق، أكد محام من مدينة القامشلي، شمال شرق سوريا، “منع عدد من المحامين في الذهاب للقاء السجناء”. مضيفاً في تصريح لـ”سوريا على طول أنه “إذا كانت الإدارة الذاتية ستبدأ قريباً، كما تقول، بالمحاكمات، فإن على الدفاع البدء بإجراء لقاءات مع موكليه حتى يتاح للمحامي السماع لموكله وتحضير دفاعه، وهو ما لم يحدث حتى الآن”.
من ناحية أخرى، ومع تأكيده امتلاك المحكمة المزمع إنشاؤها أدوات المحاكمة من “أدلة وقرائن وشهود، واعترفات مدونة، ومقاطع فيديو منتشرة لشخصيات، ووجود أهالي ضحايا في المنطقة، والوثائق التي تم إصدارها من قبل التنظيم نفسه”، أقر علي بوجود عوائق كثيرة لمحاكمة معتقلي “داعش”، من قبيل “عدم تعاون المجتمع الدولي في هذا الملف، ومشكلة قلة القضاة ودور التوقيف والمحاكم في مناطقنا، إضافة إلى أمور لوجستية مثل الترجمة”.
في الأثناء تتواصل حالات الاستعصاء والتمرد داخل السجون، والتي توقع المصدر العسكري أنها “لن تتوقف حتى البدء بأولى جلسات المحاكمات”.