9 دقائق قراءة

ماهي انعكاسات الاتفاق السعودي الإيراني برعاية الصين على سوريا؟

إلى جانب التوجه نحو تعزيز التطبيع مع الأسد، كيف يمكن أن يؤثر الاتفاق السعودي الإيراني على سوريا؟ هل ستحد الرياض من النفوذ الإيراني في سوريا، أم ستدفع الأسد لإحكام الخناق على تجارة الكبتاغون؟ وهل ستطالب الصين بدور سياسي أكبر في سوريا أم ستمول إعادة الإعمار؟


13 أبريل 2023

أثينا- في 8 نيسان/ أبريل الحالي، زار دبلوماسيون سعوديون العاصمة الإيرانية، لمناقشة إعادة فتح سفارتيهما، في خطوةٍ جديدة تجسد استئناف العلاقات بين البلدين، بموجب الاتفاق الثلاثي، الذي أعلنت عنه السعودية وإيران والصين في آذار/ مارس. 

تعهدت الرياض وطهران احترام مبادئ السيادة الوطنية وسياسة النأي بالنفس بموجب الاتفاق الموقع في العاشر من آذار/مارس. ويأتي الاتفاق الذي رعته الصين في وقتٍ تنكفئ فيه الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط، وبعد سنوات من القطيعة الدبلوماسية وعقود من التنافس رسمت المعالم الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

لهذا المنعطف الجيوسياسي الكبير، الذي أشار إليه الاتفاق، انعكاسات على سوريا التي تجلى فيها العداء بين طهران والرياض على مدى سنوات الثورة والحرب الاثنتي عشرة الماضية.

يمثل التقارب السعودي الإيراني “نقطة تحول” للشرق الأوسط، كما قالت منى يعقوبيان، مستشارة أولى في معهد الولايات المتحدة للسلام لـ”سوريا على طول”، معتبرة أنها “لحظة مفصلية لمنطقةٍ تشهد مخاض تغيير تاريخي نحو حقبةٍ جديدة، تتسم بتعددية الأقطاب وبوجود قوى في المنطقة تثبت قدرتها على التصرف دون انتظار الولايات المتحدة لتحل مشاكلها”.

بعد عقدين حددت معالهما الحرب الأميركية على الإرهاب “استُنزفت المنطقة تحت وطأة الصراع العنيف، وتتجه الآن إلى فترةٍ تسعى فيها القوى في المنطقة إلى تهدئة التوترات، وتتصرف بما يحقق مصالحها أولاً، في عالم يتجه إلى التعددية القطبية باطّراد”، وفقاً ليعقوبيان.

على خلفية الانطباعات السائدة عن الانكفاء الأميركي عن المنطقة، تعمل الصين على فرض حضورها بشكل أكبر، ما يجعل الدور الذي أدته بكين في رعاية المحادثات السعودية-الإيرانية من الصين “لاعباً دبلوماسياً جديداً ذي نفوذ كبير في المنطقة”، بحسب أليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط. 

كما أن علاقات الصين الاقتصادية في كلا البلدين تمنحها نفوذاً، ولكن “يبقى أن نرى إن كان باستطاعة الصين إبقاء هذا الاتفاق صامداً”،  كما قال فاتانكا لـ”سوريا على طول”، معتبراً أن دبلوماسية الصين “أمام اختبار كبير”.

علماً ” أن إيران والسعودية عملتا على رأب الصدع بينهما في الماضي وعادتا لخرقه، ويمكن أن تنقضا هذا الاتفاق أيضاً”، وفقاً لفاتانكا.      

الاتفاق بحد ذاته يعتبر “فوز دبلوماسي في مجال الرواية [الإعلامية]”، من وجهة نظر مولي سالتسكوج، كبيرة محللي الاستخبارات في مجموعة “سوفان” للاستشارات الأمنية والاستخباراتية. تُعنى الصين في “ترويج صورةٍ لها كقوة مسؤولة في دفع عجلة الحوار، ووضع نفسها وسيطاً سلمياً ناجحاً في الشرق الأوسط، على النقيض من الولايات المتحدة”، كما أوضحت لـ”سوريا على طول”.

لكن، لا يعني الاتفاق بالنسبة للسعودية تحديداً تضاؤل الدور الأمريكي، بحسب هنري باركي، زميل أول مساعد لدراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، مشيراً في حديثه لـ”سوريا على طول” إلى أن “السعودية تعتمد على الولايات المتحدة: انظر إلى بنيتها التحتية العسكرية، ليس الصينيون هم من سيتولون الدور الأكبر”.

وأضاف باركي: “قد يتغير هذا في غضون عشرين أو ثلاثين سنة، لكني لا أعتقد أن الاتفاق بالأمر المهم فيما يتعلق بالتنافس الصيني الأميركي”. 

إنفوجرافيك | مخطط زمني: محطات إقليمية في التنافس السعودي الإيراني (سوريا على طول)

ذروة التطبيع؟

بعد اتفاق السعودية-إيران، تواردت الأنباء عن موافقة القيادة السعودية على إعادة فتح سفارتها في دمشق، التي أُغلقت في عام 2012، كما ألمحت الرياض إلى عزمها دعوة بشار الأسد لحضور قمة جامعة الدول العربية في أيار/ مايو، بعد اثني عشر عاماً من تعليق عضوية سوريا، رداً على القمع الوحشي الذي مارسه النظام ضد المتظاهرين في عام 2011.

دفع السوريون ثمن بقاء الأسد في السلطة، على مدى أكثر من عقد، 135,253 معتقل أو مختفٍ قسرياً، 15 ألف قتيل تحت التعذيب، ومقتل ما لا يقل عن مئتي ألف مدني، وفق أرقام الشبكة السورية لحقوق الإنسان

ومع ذلك، فإن العمل على إعادة قبول دمشق في المجال الدبلوماسي كان قد بدأ منذ سنوات: في عام 2018، أعادت الإمارات العربية المتحدة فتح سفارتها في سوريا، تلتها عُمان في عام 2020، ومن ثم البحرين في عام 2021 .

في العام الماضي، زار الأسد الإمارات، وفي العام الحالي جرت مراسم استقباله -حتى الآن- في الإمارات وسلطنة عُمان. وفي شباط/ فبراير، زار وزير الخارجية الأردني دمشق للمرة الأولى منذ عام 2011. 

‏مساعي الرياض في إعادة ‏ضم دمشق، “هو جزء من استنتاج كبير خلصت إليه الجهات الإقليمية الفاعلة، مفاده أن الأسد متأصل في السلطة، والجهود الرامية لعزله لم تحقق المقاصد التي كانوا يرجونها”، بحسب يعقوبيان.

من جهته، قال فاتانكا: “انتصر الأسد في الحرب الأهلية. وهذا شيءٌ أدركته البلدان العربية من مصر والبحرين إلى الإمارات، عُمان و الأردن، إذ كانت العلامات التي تنذر بما سيحدث جلية”.

كانت المملكة العربية السعودية قد صاغت أصلاً خطة لـ”التطبيع المشروط” مع القوى الإقليمية الأخرى، قال فراس مقصد، الزميل الأول في معهد الشرق الأوسط في واشنطن. غير أنَّ دولاً أخرى “طبَّعت دون أن تفي سوريا بأي من هذه الشروط، لذا شعرت الرياض أنها تُركت وحدها لتحمل العبء في هذه القضية”، كما أضاف لـ”سوريا على طول”.

بعد دعمها الأولي لقوى المعارضة السورية المسلحة التي تحارب الأسد، يبدو أن القيادة السعودية أقرّت أنَّ “التطبيع هو عُملة اليوم/ العملة الرائجة حالياً”، بحسب باركي. كما أن التطبيع مع الأسد قد يمنح الرياض “بعض التأثير مستقبلاً على الممارسات السورية في مناطق معينة”. 

قد تكون إحدى مصالح الرياض باستئناف علاقاتها مع الأسد وإيران إيقاف انتشار الكبتاغون، سوريّ الصنع، في الشوارع السعودية، وهو نوع من عقاقير “الأمفيتامينات”. تفيد تقارير بأنّ النظام السوري هو المتحكم بسوق المخدرات غير المشروعة، التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، وتيّسر جماعات لها ارتباط بإيران عملية التهريب عبر الحدود إلى الأردن.

وفي ذلك، قالت يعقوبيان: “هناك مخاوف عميقة بشأن تجارة الكبتاغون وتأثيرها الاجتماعي في الداخل”، مشيرة إلى أن السعوديين “يتطلعون إلى امتلاك نفوذ وتأثيرٍ أكبر على الأسد لإحكام الخناق على تجارة المخدرات هذه”.

ذهب فاتانكا إلى هذا الرأي، معتبراً أن هناك أملاً قوياً في الرياض بأنَّ إحدى مزايا ضم نظام الأسد تتمثل في تخلي دمشق عن هذه السوق، ولكنّه شكك في التزام الأسد، مشيراً إلى أنَّ تجارة الكبتاغون هي “شريان حياة النظام. أصبحت سوريا دولة مخدرات إلى حد ما”، واستأنف: “لا يمكنني تصديق أنّ الأسد قد يتخلى عنها مقابل أي انفتاحٍ مع السعوديين”.

ربما تسعى الرياض من خلال استعادة علاقاتها مع دمشق “لتكون ثقلاً موازناً قُبالة إيران والنفوذ الإيراني” في سوريا، وفقاً ليعقوبيان. 

وقال فاتانكا أن التقارب مع الأسد قد تفسِّره أيضاً “عقلية المعاملات” التي تنتهجها القيادة السعودية والخليجية بشكل أكبر. إذ “غيَّرت دول الخليج، التي كانت تحارب الروس والإيرانيين بالوكالة، خطة لعبتها من خلال دعمها المعارضة [السورية]؛ وخلصوا إلى أنَّ مستقبلهم يقوم على التنمية الاقتصادية وليس على هذه المنافسات الإقليمية”.  

النفوذ الإيراني في سوريا

بموجب الاتفاق المبرم بينهما، تعهدت السعودية وإيران عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى. يعود الوجود الإيراني في سوريا إلى عقودٍ خلت، وخلال الصراع، رسَّخت القيادة الإيرانية وجودها العسكري من خلال الميليشيات والجماعات التابعة لها.  

بيد أنّ المحللين اتفقوا على أنّ التعهد بعدم التدخل كان يرمي بالدرجة الأولى إلى مساندة طهران للحركة الحوثية المتمردة في اليمن، وليس الوجود الإيراني في سوريا. “مخاوف السعوديين من اليمن أشد إلحاحاً. فاليمن على حدودها، والأعمال العدائية في اليمن امتدت إلى السعودية”، كما أوضحت يعقوبيان. وهو ما أيده باركي معتبراً أنَّ الاتفاق يهدف إلى “إيجاد طريقةٍ للحد من حجم الضرر”، الذي ألحقه الحوثيون بالسعودية وحلفائها، في إشارةٍ إلى الهجمات على منشآت النفط السعودية في عام 2019.

وأوضح فاتانكا أنَّ الاتفاق يمنح السعودية وضع “أخذ وردّ” بحيث “تنسحب إيران أو تتوقف عن دعم الحوثيين في اليمن، مقابل عدم اعتراض السعوديين على بقاء إيران لاعباً قوياً في سوريا”. 

لا يرى أياً من فاتانكا أو يعقوبيان وجود إرادة سعودية أو مقدرة على إخراج إيران من سوريا، نظراً لأن  الوجود العسكري الإيراني في سوريا “له عمق استراتيجي في استمرار حرب الظل مع إسرائيل، فهناك عوامل تتجاوز أي قضايا أو مخاوف تؤثر على السعوديين بشكل مباشر”، بحسب يعقوبيان. 

على المدى الطويل، يرى فاتانكا أن الإيرانيين قد يخلصون إلى نتيجة مفادها أنّ عليهم “التركيز على التنمية الاقتصادية في الداخل. إذ إن ما يملكه الإيرانيون من أموال محدود جداً، وإن أصبحت سوريا عبئاً اقتصادياً عليهم، بحيث يتعذر عليهم لعب دور في إعادة الإعمار، فعلى إيران أن تقرر: ما الجدوى من هذا؟”.

قد يكون الآن مطلب دول الخليج من طهران ألا تجعل منها “دول على خطوط المواجهة في حرب[ها] ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة؛ عليهم أن ينقلوا الحرب من منطقة الخليج نحو بلاد الشام”، بحسب فاتانكا.

تتعرض القوات الإيرانية في سوريا إلى غارات إسرائيلية بطائرات مسيرة وقصفٍ مدفعي بشكل منتظم، لذا “فالأكثر ترجيحاً أن ينطلق الانتقام الإيراني من التراب السوري أو العراقي، وليس الخليج الفارسي [العربي] أو البحر الأحمر، لأنه فيما لو حدث ذلك، ستتوتر دول الخليج”، كما أضاف.

“يلعب الإسرائيليون لعبة استنزاف إيران، ليس بضربةٍ واحدة قاصمة، وإنما بـ1,000، ولربما يثمر ذلك. فعلى الإيرانيين أن يعودوا لذات السؤال مراراً: ما زلنا نخسر الجنود باستمرار، وننفق كل هذه الأموال، فهل يستحق الأمر؟”، بحسب فاتانكا.

قد لا يكون للاتفاق السعودي-الإيراني انعكاساً جلياً على الهجمات الإسرائيلية على التراب السوري، بحسب يعقوبيان، مستبعدة أن يؤثر التقارب بين البلدين بشكل مباشر على إسرائيل. تتأتى الحسابات الإسرائيلية من عدم اكتراث روسيا أو استعدادها ضمنياً للسماح لإيران أن تلعب دوراً أكبر على الأرض السورية، على غير ما كانت عليه الأمور قبل الحرب الأوكرانية”، كما أضافت، في إشارة إلى الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على مطاري دمشق  وحلب.

قد يحطم الاتفاق السعودي-الإيراني آمال إسرائيل بضم الرياض إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، وهي مجموعة من الاتفاقيات برعاية الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات بين تل أبيب وبعض الدول العربية. “رمزياً وجيوسياسياً لا يحمل هذا الاتفاق نبأً ساراً لإسرائيل”، بحسب فاتانكا، رغم أنَّ علاقة السعودية بإسرائيل “لا تتأثر بإيران بقدر ما تتأثر بحوارها مع واشنطن”.  

دور الصين

في التقارب السعودي- الإيراني، يُظهِر دور بكين “مدى وعي الصين بالأبعاد الجيوسياسية في تعاملها مع الشرق الأوسط”، فلم يعد من الممكن الاستمرار في رؤية مصالح الصين من “منظور اقتصادي” فحسب، بحسب سالتسكوج.

تكمن مصلحة الصين الرئيسية في تأمين إمدادات الطاقة، كون “نحو 50٪ من استيرادات الصين النفطية تأتي من الشرق الأوسط. لذلك، فإن إرساء الاستقرار في الخليج العربي والحد من التوترات بين القوى المتنافسة مثل السعودية وإيران يصب في مصلحة الصين”، كما أضافت.  

وقد يكون الاتفاق الأخير خطوة إلى الأمام في أجندة بكين الرامية للضغط من أجل تداول منتجات الطاقة باليوان وليس بالدولار الأميركي، الذي يتم به تداول معظم منتجات الطاقة في العالم حالياً. “إذا استطاعت الصين الدفع باتجاه إبرام اتفاقيات تكون فيها عملتها هي العملة الرئيسية، الرنمينبي، فسيشكل ذلك حائلاً دون العقوبات الأمريكية”، وفق سالتسكوغ.

في خطوةٍ لتعزيز العلاقات بين الرياض وبكين، انضمت السعودية، الأسبوع الماضي، بصفة “شريك للحوار” إلى منظمة شنغهاي للتعاون التي تقودها الصين، وتتمتع إيران فيها بصفة المراقب. انضمت 17 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، إلى مبادرة الحزام والطريق، مشروع بنية تحتية حول العالم يهدف إلى توسيع شبكات الصين التجارية من خلال الطرق البرية والبحرية

انضمت سوريا إلى مبادرة الحزام والطريق في عام 2022. “تبرز أهمية سوريا كونها كانت ضمن طريق الحرير القديم، لذا فالرواية التاريخية تتسق تماماً مع[مشروع] الصين” بحسب سالتسكوغ، مضيفةً أن الصين لها مصلحة في الوصول إلى الموانئ في سوريا ولبنان. 

حذّرت سالتسكوج من مخاطر “المساس بالسيادة” بأخذ قروض يتم تقديمها ضمن إطار مبادرة الحزام والطريق، قائلة: “رأينا في بعض مشاريع مبادرة الحزام والطريق، حينما تعجز الدول عن سداد قروضها، كيف تم الاستحواذ على بنى تحتية حيوية من قبل الحزب الاشتراكي من خلال عقود إيجار لتسعين عاماً”.

يبقى أن نرى فيما إذا كان انضمام دمشق إلى مبادرة الحزام والطريق ورعاية الصين للاتفاق السعودي الإيراني ستتجسّد في مشاريع استثمارية في البنى التحتية أم لا ومتى. “إذا كان هناك استثمار على المدى المتوسط بموجب مبادرة الحزام والطريق، فقد لا يعدو عن كونه آلية لبناء الصورة وليس استثمارات حقيقية يتوقعون أن تعود بمردود عليهم”، وفقاً لسالتسكوج.

نظراً إلى دوامة الأزمة الاقتصادية التي تجتاح سوريا وتفشي الفساد على مستويات عالية، فإن استثمارات الصين في سوريا هي “لعبة طويلة الأمد؛ لا أظن أنهم يتوقعون عائداً كبيراً من الاستثمار فيها”، كما أضافت.

رغم العقبات “الكبيرة” على المدى القصير، ترى يعقوبيان “أن الصينيين يتصورون أداء دور في إعادة إعمار سوريا… الموارد الصينية الموجودة حتى الآن تطغى على أي شيء يمكن أن يجلبه الروس أو الإيرانيون”.

فيما يتعلق بالمجال الأمني، كانت أولوية الصين في التعاون مع دمشق خلال سنوات الصراع في سوريا تتمثل في مواجهة تهديد العنف المتطرف. “الصين متوجسة جداً من وجود بعض المتطرفين في سوريا، الذين جاؤوا من تركيا، ولكنهم ينتمون عرقياً إلى الإيغور”، بحسب سالتسكوج، مشيرة إلى أن الصين “لديها فكرة أنهم يشكلون خطراً على مصالح الصين أو الوطن الصيني. من رؤيتي التحليلية أرى أن التهديد الأكبر قد يكون على المصالح الصينية في الخارج، كالأهداف الناعمة، التي تشكل جزءاً من مبادرة الحزام والطريق”.

متذرعةّ بهواجس التطرف، اتخذت الصين منذ عام 2014 إجراءات صارمة بحق الإيغور، أقلية مسلمة تركية، وأقليات مسلمة أخرى في إقليم شينجيانغ، شمال غرب الصين. وقد وصفت الأمم المتحدة القيود الشديدة المفروضة على حرية الحركة والتعبير السياسي والحرية الدينية، بالإضافة إلى احتجاز أكثر من مليون شخص من الإيغور، بأنها جرائم ضد الإنسانية، فيما وصفتها الولايات المتحدة بـ“الإبادة الجماعية“. 

ما تزال رغبة الصين في تبني دور سياسي أكبر في سوريا، عاملاً غير معروف. طوال الحرب ، استخدمت الصين -مثل روسيا- حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لدعم الأسد وعرقلة الإدانات أو العقوبات لاستخدام الأسلحة الكيميائية، وكذلك قرارات إيصال المساعدات عبر الحدود.

كانت الصين وروسيا على “وفاق في مسيرتهما” في سوريا، كما ذكرت سالتسكوج، في إشارة إلى تصويت البلدين في مجلس الأمن الدولي. ومع ذلك، رغم أنّ الصين قدمت لدمشق “بعض المساعدات العسكرية والطبية، غير أنها لم تلعب الدور الأمني الذي جسدته روسيا أو إيران”.

سيظل الاعتبار الأكبر بالنسبة لبكين، في أي قرار تتخذه بشأن سوريا، هو علاقتها بموسكو. “‏إذا لعبت الصين دوراً أكبر لدى محاولتها التوسط في الصراع في سوريا، فقد تشعر روسيا كما لو أنّ الصين تدوس على طرفها”. بحسب سالتسكوغ، و”هو أمرٌ متيقظة له الصين تماماً وتسعى لموازنته”. 

تم نشر هذا التقرير أصلاً في اللغة الإنجليزية وترجمته إلى العربية فاطمة عاشور

شارك هذا المقال