ما سرّ سقوط درعا “السريع” وهل شاركت “هيئة تحرير الشام”؟
في غضون ساعات قليلة سيطرت مجموعات محلية على كامل محافظة درعا جنوب سوريا، يوم أمس، في سقوط "سريع ومفاجئ" على يد مجموعات عسكرية محلية
7 ديسمبر 2024
باريس- في غضون ساعات قليلة أعلنت “غرفة عمليات الجنوب”، أمس الجمعة، السيطرة على عموم محافظة درعا، بما فيها من مواقع عسكرية ومقرات أمنية، فيما تواصل عملياتها اليوم باتجاه العاصمة دمشق، في تقدم مفاجئ، خطف الأنظار إلى الجنوب، بعد أن كانت الأنظار متجهة إلى عمليات “ردع العدوان” على تخوم حمص.
انهيار النظام السريع والمفاجئ في محافظة درعا، هو جزء من الانهيارات الكبيرة التي حدثت في مختلف مناطق نفوذه، على نحو سريع وغير متوقع، بما في ذلك محافظة السويداء، التي أعلنت فصائلها المحلية طرد النظام منها، أمس الجمعة.
وجاءت تطورات الجنوب بعد يوم واحد على إعلان “إدارة العمليات العسكرية”، التي تقودها هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة، السيطرة على محافظة حماة، في الخامس من هذا الشهر، بعد أن سيطرت على محافظة حلب بالكامل والمناطق التي كانت خارج سيطرتها في إدلب.
ماذا جرى في درعا؟
في صبيحة أمس الجمعة كانت قوات النظام تحكم سيطرتها على محافظات جنوب سوريا، بما فيها درعا، قبل أن أن تتحرك مجموعات عسكرية صغيرة من أبناء مدينتي إنخل وجاسم بريف درعا الشمالي، والكرك الشرقي بريف المحافظة الشرقي، لطرد حواجز النظام العسكرية.
انسحاب القوات العسكرية والأمنية للنظام من المناطق الثلاث، وتقدم الفصائل المشاركة في “ردع العدوان” على تخوم حمص بعد السيطرة على حماة، أعطت حافزاً لباقي المجموعات العسكرية المحلية في مدن وبلدات درعا بالتحرك والهجوم على حواجز النظام ومقراته وإجبارهم على الانسحاب.
ومع اتساع “الهبة الشعبية والفزعة”، أعلنت بعض المجموعات المحلية تشكيل “غرفة عمليات الجنوب” وإطلاق ما أسمته معركة “كسر القيود” لتحرير المحافظة. بالتوازي مع ذلك، بدأت فصائل محلية في محافظة السويداء جنوب سوريا، عملية عسكرية باسم “معركة الحسم”، لطرد قوات النظام من المحافظة، ذات الغالبية الدرزية، وحققت نتائجها بالسيطرة وإطلاق السجناء في سجن السويداء المركزي.
“لم نكن نتوقع ما حدث في درعا، وما زلنا نعيش صدمة نظراً للسرعة والبساطة”، قال محمد الرفاعي، ناشط في ريف درعا الشرقي، مشيراً في حديثه لـ”سوريا على طول”، إلى أن “عناصر غالبية الحواجز والنقاط العسكرية في أطراف المدن تركوا سلاحهم وفروا”.
من جهته، عزا الناطق العسكري باسم “غرفة عمليات الجنوب”، العقيد نسيم أبو عرة، انهيار قوات النظام إلى “اتساع نقاط الاشتباك والهجوم من عدة مناطق في محافظة درعا، والسيطرة على نقاط عسكرية وحواجز كثيرة بشكل سريع”، وهو ما تسبب بـ”انهيار معنويات عناصره”.
وأضاف أبو عرة لـ”سوريا على طول”: “تحررت درعا على يد أبنائها وفصائل الثوار المتواجدين فيها، وبالسلاح المتبقي عندنا فقط”، وواصلوا تقدمهم حتى “حاجز منكت الحطب على مشارف العاصمة دمشق”، وحالياً “ننسق مع غرف العمليات في القنيطرة والسويداء”.
وبما أن “الهبة الشعبية والفزعة هي التي ساقت المعركة وسرعت من وتيرتها، كان لا بد من تنظيمها عبر غرفة عمليات”، لذا تم تشكيل غرفة عمليات الجنوب “لتنظيم العمل المسلح بين المجموعات العسكرية في درعا”، كما قال قيادي عسكري معارض من ريف درعا الشمالي لـ”سوريا على طول”.
العمل ضمن غرفة عمليات مهم في هذه المرحلة، لأن “الناس في درعا هبت من دون تنظيم وانساقت وراء عاطفتها بعد متابعة مشاهد التحرير والانتصارات شمال سوريا”، بحسب الناشط الرفاعي، الذي شارك في هذه “الهبّة”.
ما دور “تحرير الشام”؟
بما أن هيئة تحرير الشام هي القوة الأكبر المشاركة عسكرياً وتنظيمياً في معركة “ردع العدوان”، برزت تساؤلات حول دورها في طرد النظام من الجنوب، خاصة بعد أن تشكلت مجموعات صغيرة تابعة لها في أيار/ مايو من العام الحالي.
تعليقاً على ذلك، قال أبو شاهين (اسم مستعار)، قائد إحدى المجموعات العسكرية التابعة للهيئة في ريف درعا الشمالي، أنهم شاركوا في عمليات السيطرة على درعا، منذ يوم أمس، إلى جانب فصائل المعارضة وغرفة عمليات الجنوب.
وقال أبو شاهين، الذي طلب من “سوريا على طول”، عدم كشف هويته لأسباب أمنية: “كنا ننتظر الأخوة في الشمال منذ أشهر طويلة لبدء المعركة، ونحن على تنسيق مسبق معهم، وكنا ننتظر الوقت المناسب للخروج في كافة حوران”.
ومع وصول قوات “إدارة العمليات العسكرية” إلى مشارف مدينة حمص، “حان الوقت المناسب للتحرك في درعا والسويداء والقنيطرة”، بحسب أبو شاهين، مشيراً إلى أنهم كانوا يستعدون “بشكل مخفي ولا يلفت الانتباه”، لذلك “جهزنا مجموعات سرية صغيرة في كل مدينة وبلدة بالأسلحة الفردية الخفيفة الموجودة بدرعا”.
ونفى أبو شاهين دخول أي سلاح من الشمال السوري إلى الجنوب “لأن الطرق كانت مقطوعة”، كما أن “جميع المجموعات التي شاركت هم من أبناء حوران”، وكانت مهمة كل مجموعة “تحرير مدينتهم ومن ثم إسناد المجموعات الأخرى إن لزم الأمر”.
ومع انتهاء العمليات العسكرية في المحافظة، وإعلانها “محررة” بشكل كامل، فإنه ما يزال “لدينا وظائف ومهام يجب القيام بها بعد طرد النظام”، بحسب أبو شاهين، وأهمها “حماية المؤسسات الحكومية والمرافق العامة، وضبط الأمن منعاً للانفلات الأمني، وهذا مسؤولية كل مجموعة في مدينتها”، مشدداً على أن “الهيئة في درعا هي جزء من الحراك الثوري المحلي”.
وختم أبو شاهين: “نحن لسنا عصابات ولا إرهابيين، نحن مقاتلون من أبناء البلد، بعضنا أطباء ومهندسون، وهدفنا إزالة النظام ورفع الظلم عن المدنيين وإخراج المعتقلين”، نافياً وجود أي قوى أو عناصر من غير أبناء المحافظة.