مجلة تنظيم الدولة الجديدة تبهرج واقع مقاتلي “الخلافة” رغم أنهم عالقون وينتظرون الموت
في السادس من أيلول، أصدر تنظيم الدولة العدد الأول لمجلته […]
27 أكتوبر 2016
في السادس من أيلول، أصدر تنظيم الدولة العدد الأول لمجلته الجديدة: رومية، في إشارة إلى نبوءة سقوط إمبراطوريّة الروم وغزوها.
وفيما سبق، نشر تنظيم الدولة مجلة “دابق”، في إصدار الكتروني جذاب. ودابق بلدة صغيرة تبعد نحو 8 كم جنوب الحدود السورية مع تركيا، وفي علم آخر الزمان بالإسلام، دابق موضع متنبئ لمعركة بين “الروم” والمسلمين، وفقاً لحديث للرسول صلى الله عليه وسلم “لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ”.
وأصدر تنظيم الدولة مجلته الجديدة في 15 تشرين الأول، قبل سيطرة ثوار الجيش الحر الذين تساندهم تركيا على بلدة دابق بأسابيع، وفق ما ذكرت سوريا على طول، أنذاك. وحمل الغلاف صورة أبو محمد العدناني، المتحدث الرسمي باسم تنظيم الدولة، القيادي الثاني بعد أبو بكر البغدادي. وكان العدناني قُتل قبل أسبوع من إصدار المجلة. وفي العدد الثاني تفاصيل تشرح “كيف تنفذ هجومات فردية بالسكين”.
وتتجلى في رومية الكثير من الملامح الدعائية التي كانت تحملها سابقتها وبتصميم مشابه وصور عالية الدقة والجاذبية للجمهور الغربي. ونشر تنظيم الدولة رومية، كما دابق، بسبع لغات، والعربية ليست إحداهن.
وبخلاف المحتوى العربي، تركز رومية على المقاتلين الأوروبيين، العناصر الذين انضموا إلى “الخلافة” أو نفذوا عمليات هجوم محلية.
شرح رومية لكيقية تنفيذ عمليات هجوم فردية. حقوق نشر الصورة لـClarion Project
وفي المجلة “يسهبون (عناصر التنظيم) بالحديث عن هجماتهم لأوروبا”، وفق ما قال زيد الثابت، وهو اسم غير حقيقي لعضو بمؤسسة صوت وصورة الإعلامية المعارضة ويعيش في دير الزور تحت سيطرة تنظيم الدولة.
وتتميز رومية وفق ما قال الثابت لمراسلة سوريا على طول نورا حوراني، بأنها تأخذ “منحى الأسلوب الدّعوي (…) فهم يدرجون قصصا عاطفية لمقاتلين من التنظيم مع كل عدد، كعملية جذب وترغيب للقارئ الغربي، ويعرفون بأنفسهم على هواهم، فالقارئ بعيد عن أرض الواقع ليعرف الحقيقة”.
ولفت الثابت إلى أن “آلة داعش الإعلامية منفصلة تماماً عن الواقع الحقيقي، وكذلك تفصل عناصرها والمدنيين عن العالم الخارجي”.
مالهدف من إصدار تنظيم الدولة مجلته الجديدة “رومية” بسبع لغات دون العربية؟
هذه المجلة توزع على عوائل المقاتلين الأجانب، ونارداً ما تقع بيد سوري لأنها بالأساس موجهة لعناصره الغرب في كل من سوريا والعراق وفي الخارج، التنظيم يميز في إصداراته بين عناصره العرب والغرب، فيصدر صحف خاصة لعناصره من الغرب مثل دابق عالمياً، والنبأ بالعربية وهناك صحف محلية مثل الفرقان وغيرها.
لماذا لا يوحد المحتوى بين الصحف العربية والغربية؟ وبماذا يختلف التوجه بين الغرب والعرب؟
لا يستطيع التنظيم توحيد المحتوى بين الصحف الموجهة للجمهور الغربي والعربي على حد سواء، فهو على وعي بأن طريقة التعاطي والمستوى الثقافي مختلفة، فهناك شيء شبيه بالدراسة النفسية التي على أساسها تبنى المادة الإعلامية.
ويكون مضمون الإصدارات العربية عادةً أكثر قوة وعنفا، حيث تركز القصص والنصوص على إنجازات التنظيم من تدمير وضرب وقتل وأسر، ويسهبون بالحديث عن هجماتهم لأوروبا، ربما لتعزيز الرعب في نفوس الناس في مكان تواجده كسوريا والعراق، مما يمكنه من السيطرة بشكل أكبر باستخدام عامل التخويف والترهيب.
أما مضمون الإصدارات الأجنبية كدابق ورومية، فهي تأخذ منحى الأسلوب الدعوي وصحيح أنهم يذكرون بطولاتهم وإنجازاتهم، إلا أنهم يدرجون قصصا عاطفية لمقاتلين من التنظيم مع كل عدد، كعملية جذب وترغيب للقارئ الغربي، ويعرفون بأنفسهم على هواهم، فالقارئ بعيد عن أرض الواقع ليعرف الحقيقة.
آما رومية فنلاحظ أن الهدف من تعدد اللغات والإصدار الإلكتروني لسهولة الوصول والتوزيع لكل عنصر حسب جنسيته.
إعلان تطبيق الحروف في الإصدار الثاني لمجلة رومية. حقوق نشر الصورة لـClarion Project
ذكرت أن التنظيم يقدم نفسه للغرب كما يحلو له، فهم بعيدين عن الواقع، كيف يتم ذلك؟
هو يقوم بعرض قسم من الانتصارات، ويدرج قسم عن قصة مقاتل أوروبي، وكيف ترك أوروبا وجاء ليعيش في أراضي سيطرة التنظيم، ليتبين عندهم العدل والحق.
كما أنهم يشرحون كيفية إمكانية تنفيذ عملية وأنت في مكانك، و”رومية” مثلا بهيكليتيها الجديدة، تعتبرها داعش محفزاً للعناصر فتدرج فيها أحاديث عن الجهاد والصبر.
حتى أنهم يقومون بالمقارنة بين العناصر أنفسهم، وكيف أن أحد العناصر بدأ كجندي عادي، واليوم هو شخصية مهمة لأنه صدق مع التنظيم، وهنا يكون التحفيز بتصوير المكافأت والميزات المقدمة.
كشخص يعيش في مناطق التنظيم، هل ترى تمييزاً يقدم فعلاً للعنصر الأجنبي على العنصر العربي؟
بالتأكيد ليس هناك مجال للمقارنة، ولكن هناك بعض السوريين وتكون حالات استثنائية وقليلة جداً، أي أنهم لا يتجاوزون العشرة بكل سورية ممن لهم معاملة خاصة لان خدماتهم لداعش كانت كبيرة.
وبشكل عام التصنيف بالأفضلية يكون كالتالي: المرتبة الأولى للمقاتلين العراقيين والغربيين، المرتبة الثانية للعرب من غير السوريين، والمرتبة الثالثة للسوريين.
وهذا الموضوع يلاحظ ببساطة من خلال البيوت والسيارات وحتى اللباس.
هناك تقرير نشره البنك العربي، يظهر المستوى التعليمي والثقافي المرتفع للعناصر الأوروبيين من التنظيم، هل هذا له تأثير على السياسة الإعلامية المتباينة بين الغرب والعرب؟ ولماذا نرى التنظيم يحاول نشر الجهل في أماكن تواجده؟
المستوى الثقافي والعلمي العالي محصور بفئة صغيرة من داعش، هؤلاء التنظيم يهتم بهم ويدربهم ويوفر لهم كل ما يحتاجونه.
ولكن أغلبهم مستواهم الثقافي عادي جداً، ومنهم عليهم أحكام قانونية ببلادهم، ولكن داعش تصور أهميتهم من أجل الترويج الإعلامي، وتقدمهم على أنهم أشخاص بهذا المستوى التعليمي وكيف تركوا بلادهم وجاؤوا للعيش معنا.
لكن من تجربتي الشخصية معهم، كنت ألتقي بعدد كبير منهم في صالة الانترنت، لا يعرف حتى استخدام الكمبيوتر، ويطلب من صاحب الصالة أن يدخل الى المواقع أو ينشئ له إيميل أو حساب فيس بوك أو تويتر.
حتى داعش لا تريد من عناصرها أن يكون لهم وصول كبير للانترنت، وقد حدثت إعتقالات كثيرة لعناصر من التنظيم.
هناك شيء شبيه بانفصال الشخصية في طريقتهم بالتعامل، فهم ينشرون الجهل بين الناس ويفصلونهم عن وسائل التواصل الخارجي للسيطرة عليهم من جهة، ومن جهة ثانية لديهم بعض الأشخاص المثقفين ممن يعتمدون عليهم فيما يخص موضوع الإعلام والدعاية، ليظهروا بمظهر المثقف كعامل جذب وقوة.
فآلة داعش الإعلامية منفصلة تماماً عن الواقع الحقيقي، وكذلك تفصل عناصر داعش والمدنيين عن العالم الخارجي.
فهو يحتاج أن يبين للمتابعين والمؤيدين الذين لا يعيشون ضمن أراضيه، أنه في حالة من التطور، لكن الواقع مختلف.
حتى المدارس، هناك مدارس مخصصة لأبناء داعش الغربيين، لا يذهب إليها أي طفل عربي، والجامعات التي أعلنت عنها داعش من سنتين، ليس لها أي أثر على الواقع، لأنها حركة اعلامية لا أكثر، هم يفصلون الواقع بشكل كامل عن الحقيقة.
ولكن آلا يتفاجئ العنصر الأجنبي حين يأتي ويرى الحقيقة؟ وماذا يكون موقفه؟
بالتأكيد وهذا حدث مع الكثير، ومنهم من يريد أن يترك التنظيم ولكن ليس لديه خيار لعدة أسباب، أولها جهله بالطبيعة الجغرافية، وكيفية الهرب.
الأمر الثاني، أن حكومة بلاده لن تستقبله، فهو مهدد قانونياً، وكذلك سيتم سحب الجنسية منه، ويتم سجنه.
لذلك يرضخ للأمر الواقع، وهو ينتظر أن يموت بأحد المعارك.
مثل هؤلاء آلا يمكن أن يلعبوا دورا توعويا بنشر الحقيقة على الأقل للناس الذين يمكن أن يقعوا بالفخ بين أقربائهم ومعارفهم؟
الأمر صحيح، ولكن صعب، لأن التنظيم يراقب عناصره، ولهذا السبب ذكرت أن داعش لا تريد أن يقوم عناصرها بالوصول الكامل للإنترنت، حيث لا يسمح التصفح دون مراقبة وتقديم هوية المستخدم وتسجيل المواقع التي يريد أن يدخل إليها.
وهناك حملات مداهمة متواصلة على مقاهي النت، فتدخل مجموعة من المكتب التقني من داعش فجأة وتطلب من الموجودين أن يرفعوا أيدهم، ويفتشون الموبايلات والأجهزة، ومن يلاحظون أنه أغلق جهازه يعتقلونه فورا، حتى لو كان من عناصرهم، اي أن هناك عناصر ضمن داعش تراقب عناصر أخرين.
ترجمة: فاطمة عاشور