مخيمات أطمة: الازدحام وغياب المرافق ينشران الأمراض في بيئة خصبة من الجوع والبرد
نزح ألآف المدنيين إلى أطمة، أكبر مخيمات النازحين داخليا في […]
18 فبراير 2016
نزح ألآف المدنيين إلى أطمة، أكبر مخيمات النازحين داخليا في سوريا، والتي تقعبمحاذاة الحدودالتركية، خلال الشهر الماضي، وسط القصف اليومي المكثف على ريف حلب وإدلب.
ومخيم أطمة الواقع في شمال إدلب على الحدود السورية- التركية، يمتد عبر المنطقة الفاصلة بين الدولتين بنحو 5 كيلومتراتوبعرض لا يتجاوز 80 مترا.
ويتكون مخيم أطمة من 54 معسكرا. ومنذ افتتاحه في عام 2014 والناس تتدفق إليه ليصل مجموع السكان فيه إلى 60ألف نسمة، وأغلب أهالي المخيم من ريف حلب الشمالي وريف إدلب وشمال اللاذقية.
ولا يبعد المخيم سوى أمتار قليلة عن تركيا، فيما أغلقت أنقرة معبر أطمة الحدودي في 2015وسمحت فقط بإدخال المساعدات.
حقوق نشر الصورة لرامي أيوب
وفي الشهر الماضي، احتج أهالي المخيمات على تردي الأوضاع المعيشية، وقلة الدعم والخيم الممزقة، وسط موجة البرد التي اجتاحت المنطقة، وفق ما ذكر موقع أورينت المعارض.
وقال رامي أيوب، مدير جمعية البستان، واحدة من عشرات المنظمات الإغاثية الفعالة في أطمة، ومدير تجمع “لنعمل معآ بأطمة”، لأميمة القاسم، مراسلة في سوريا على طول، إن الوضع في المخيم سيئ جدا، بسبب الازدحام الكبير حيث تقطن حوالي 11 ألف عائلة في بقعة جغرافية صغيرة، لا تتوفر فيها مرافق خدمية كافية، ما يسبب مشاكل كثيرة منها تفشي الأمراض.
إلى ذلك، يقول محمد عادل العمري، صحفي مدني وناشط في شمال إدلب، إن الظروف المعيشية “مزرية لدرجة أن العديد من أهالي المخيم يفكرون بالعودة إلى ديارهم رغم كل المخاطر والقصف”، باعتبار ذلك “أهون من حياة الذل” في هذه المخيمات.
- مدير جمعية البستان
كيف تصف حالة المخيم الإنسانية والمعيشية، وهل هناك إحصائيات لعدد العائلات في المخيم؟
الازدحام الكبير في المخيم يسبب مشاكل كثيرة منها تفشي الأمراض، وعدم وجود مرافق عامة، مما يؤدي إلى تشكل فيضانات، وحوادث غرق أوهدم بعض الخيم، خاصة في الشتاء.
وتشيرالاحصائيات الأخيرة إلى ما يقارب 11 ألف عائلة و8 آلاف خيمة و4100 غرفة مبنية وحوالي 900عائلة متنقلة بدون سكن رسمي.
و14 مدرسة منها خيم ومنها بناء بسيط.
وفي الأيام السابقة وبسبب القصف الروسي الشرس، توافد النازحون من ريف حلب الجنوبي وريف حماة وريف أدلب الجنوبي، فأقيمت بعض الخيم لهم بشكل عشوائي، وفي بعض الخيم توجد أكثرمن عائلة واحدة، وهناك بعض العوائل لم يتم تأمين سكن لها عادت إلى مناطقها، وهناك عوائل نزحت إلى القرى في الشمال.
كيف تصف الوضع الصحي للأطفال وكبار السن، في ظل تردي الأوضاع المعيشية التي يعانيها المخيم؟
هناك مستوصفين فقط لكامل تجمع أطمة، وهذان المستوصفان غير قادرين على استيعاب عدد المراجعين من أهالي المخيم، وبشكل عام هناك أكثر من 80 حالة مراجعة يومية للمستوصفات الموجودة، وأكثر الحالات هي ارتفاع حرارة ورشح وسعال ونزلات برد شديدة، بسبب انخفاض درجات الحرارة والتلوث الموجود في المخيم، ففي الصيف انتشرت “اللشمانيا” عند عدد من الأطفال بسبب التلوث وانتشارالبعوض بكثرة، وأكثر الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من الست شهور إلى السنتين يفتقدون مادة الحليب.
أما كبار السن فمعاناتهم أكبر فهم بحاجة إلى عناية خاصة، وهناك اشخاص يصعب عليهم التحرك بالمخيم بسبب البرد، وعدم قدرتهم على الحركة بسبب التهابات حادة في المفاصل، وخاصة من لديه أمراض مزمنة مثل السكري والضغط.
هل توفر المنظمات والجمعيات الحاجات الأساسية للأهالي؟ وكيف يستطيع أهالي المخيم توفير قوت يومهم؟
بالنسبة للمساعدات تم توزيع مساعدات منذ حوالي شهر، وهي سلة غذائية ولباس، ولكن التوزيع يتم عشوائيا، فمخيم أطمة عبارة عن 54 مخيم. بعض المخيمات تأخذ حصة كل شهر وبعضها كل ثلاثة أشهر وبعضها يصل إلى أكثر من ستة شهور بدون أي معونة، بغض النظر عن سلة النظافة التي يتم توزيعها على جميع المخيمات وهي سلة خدمية منزلية.
أما بالنسبة لكيفية تدبير الأهالي أمورهم اليومية،فهناك عدد من الشباب يعمل داخل المخيم في منظمات وفرق إغاثية، وبعضهم أقام أعمال شخصية كـ “دكان” لتأمين قوت يومه، وهناك حالات خاصة لكبار السن أو ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين ليس لهم معيل فقد تم تبني قسم بسيط منهم من قبل جهات متبرعة “فرق تطوعية أوجمعيات عاملة في المخيم أو جهات شخصية”.
كيف يحصل أهالي المخيم على مواد التدفئة في ظل شح الخدمات المقدمة لهم؟
يتم توزيع مادة المازوت على جزء من أهالي المخيم من قبل منظمات وجمعيات أوجهات شخصية، وبعضهم لا يتوفرلديهم وسائل للتدفئة، فالمخيم قائم على المساعدات، وهناك عدد كبير لا تصله معونات، فيبقى سبيلهم الوحيد للتدفئة استعمال “الأغطية” فقط، وتسمى هذه العوائل بالمخيم “العوائل المتعففة”، وهي العوائل الفقيرة التي لا تشكي فقرها و لا تذهب لجمعيات، ولا تقف في طوابير المساعدات.
- صحفي وناشط في شمال إدلب
من جهته، زار محمد عادل العمري، وهو صحفي مدني وناشط مقيم في شمال محافظة إدلب، الأهالي في المخيمات وساعد المنظماتالإغاثية الفعالة في أطمة بإجراء دراسة حديثة للإطلاع على الظروف المعيشية هناك. وهنا يسرد بعض نماذج التي التقى بها في المخيم بالحديث عن أحوالهم.
هل تحدثني عن حال بعض من التقيتهم من الأهالي في المخيمات؟
أكد عدد كبير من أهالي المخيم أنهم يفكرون بالعودة إلى منازلهم التي غادروها جراء قصف الطيران الروسي والنظامي المكثف، وذلك بسبب سوء المأوى في المخيمات وقلة الدعم المقدم لهم.
وتقول أم خطاب، إحدى سكان مخيم “يمامة الغاب” على الحدود التركية، إن الخيم مهترئة، ولا ترد حر الصيف ولا برد الشتاء، كما أن المخيمات تفتقر للصرف الصحي، مؤكدة أن الطرقات ضمنها “أشبه بالخنادق” وخاصة في فصل الشتاء.وترجع ذلك إلى قلة دعم الهيئات والمنظمات الإنسانية للمخيمات. وتضيف أم خطاب أنها اشترت خيمتها بحوالي 40 ألف ليرة سورية، أي أكثر من 100 دولار أميركي، لإيوائها وأبنائها الخمسة، كما استأجرت مكان الخيمة لمدة عام بـ 15 ألف ليرة، مشيرة إلى أنها لو تعلم مسبقا بـ”الوضع السيء” لهذه المخيمات لما أقدمت على النزوح وبقيت تحت القصف في منزلها، على حد تعبيرها.
بدوره، أفاد أبو حسين بأن منزله دمّر جراء قصف القوات النظامية المكثف لقريته، ولذلك اضطر للنزوح إلى المخيمات، مؤكدا أنه وجد أن الحياة في أجواء القصف والدمار “أهون” عليه من الجلوس في المخيم وانتظار المساعدات التي لم تصل إليه منذ أكثر من خمسة أشهر. ولفت إلى أن الكثير من الأشخاص يأتون إلى المخيم على أنهم “هيئات ومنظمات إنسانية” ويقومون بأخذ الصور، ثم يغادرون من دون تقديم أي دعم للنازحين، ولا يعودون مجددا.
وتابع أبو حسين أنه أنفق خلال الخمسة أشهر الأولى التي قضاها في المخيم “كل ما ادّخره” خلال السنوات الماضية، وذلك بسبب “انعدام” الدعم في هذه المخيمات، التي كان يسمع عن توافر المسكن والطعام والتجهيزات الصحية والخدمية فيها، إلا أنه رأى “عكس ذلك”، مؤكداً أنه يفكّر بالعودة إلى منزله والجلوس على أنقاضه وانتظار مصيره هو وأولاده، باعتبار ذلك “أهون من حياة الذل” في هذه المخيمات، على حد وصفه.