6 دقائق قراءة

مدير سابق للاستخبارات القومية الأمريكية: روسيا دولة نووية ويفضل أن نتعامل معها على هذا الأساس

في آب، نشر 50 من كبار مسؤولي الأمن القومي من […]


23 نوفمبر 2016

في آب، نشر 50 من كبار مسؤولي الأمن القومي من الجمهوريين بيانا مهينا يستنكرون ويحطون به من مقدرة دونالد ترامب على أن يكون القائد العام للقوات المسلحة.

وقالوا في البيان “أثبت السيد ترامب، مرارا وتكرارا، أن فهمه قليل بمصالح أميركا الحيوية الوطنية وتحدياتها الدبلوماسية المعقدة، وتحالفاتها التي لا يمكن الاستغناء عنها، والقيم الديمقراطية التي يجب أن تستند عليها السياسة الخارجية للولايات المتحدة (…) نحن مقتنعون بأنه سيكون في المكتب البيضاوي، الرئيس الأكثر استهتارا في التاريخ الأميركي.”

الآن، وقبل شهرين من تولي ترامب، الرئيس المنتخب منصبه، توجهت سوريا على طول، إلى واحد من هولاء الخمسين الموقعين لتسأله فيما إذا كان ما يزال يلتزم بموقفه من هذا التقييم. وكان السفير جون نيغروبونتي أول مدير للاستخبارات القومية يعينه الرئيس جورج دبليو بوش في عام 2005، حيث كان المستشار الرئيسي للرئيس في الاستخبارات. وتولى  نيغروبونتي أيضاً منصب نائب لوزيرة الخارجية الأميركية وسفير العراق في ظل الإدارة ذاتها.

وهذه المحادثة هي الثانية في سلسلة مقابلات مع محللين وأكاديميين ودبلوماسيين يستقرؤون ويحللون تأثير رئاسة ترامب على منحى سياسة أميركا في الشرق الأوسط. (المحادثة الأولى لسوريا على طول مع الدكنور جوشو لانديز، هنا.)

هل دونالد ترامب في الواقع “سيضعف السلطة الاعتبارية للولايات المتحدة بصفته قائداً للعالم الحر”، وفق ما افترضت رسالة البيان في آب؟ هل نحن أمام حرب باردة جديدة؟ هل روسيا عدو؟ ولماذا تنخرط الولايات المتحدة إلى هذه الدرجة في الشرق الأوسط؟ وهل تستحق موسكو ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أن ينظر إليها كنِدّ لواشنطن؟

وهنا يكشف السفير نيغروبونتي، وهو من قدامى المحاربين لوزارة الخارجية في الحرب الباردة،  نقاط التقاطع المشتركة بين القوتين الدوليتين.

“دائماً اترك لنفسك مساحة تتبّع فيها نوعاً من اللعبة الرابحة حتى مع الدول المنافسة أو الأعداء”، وفق ما قال السفير نيغروبونتي، لـ جستن شوستر، مراسل ومترجم في سوريا على طول، مضيفا “هناك مساحات يمكننا فعلياً أن نتعاون فيها مع بعضنا الآخر (…) روسيا دولة سلاح نووي، أعتقد أنه من الأفضل أن نتعامل معها وفقاً هذا الأساس”.

الولايات المتحدة استثمرت تريليونات الدولارات خلال العقد والنصف الماضي في الشرق الأوسط. لماذا هو في مصلحة الأمة الأمريكية أن يكون لها بصمة عميقة في هذا الجزء من العالم؟

لا أعتقد أنه من الضروري أن  تترك نفس حجم البصمة التي تركها جورج دبليو بوش في أعقاب غزو العراق. أعتقد أن هناك مصالح تجبرنا أن نكون منخرطين في الشرق الأوسط. لدينا مصلحة في الاستقرار. حتى لو أصبحنا أكثر استقلالية في مجال الطاقة، فلنا مصالح في النفط. وبالطبع، نحن صديق مقرب لإسرائيل. ودعنا لا نتجاهل أن سياستنا في الشرق الأوسط لسنوات عديدة، وحتى لعقود، رسمت بقلم صداقتنا ودعمنا (لدولة) اسرائيل.

وهناك أسباب تؤيد وجود أمريكي قوي ومتين في منطقة الشرق الأوسط، ولكن هذا لا يعني أن يكون لديك 150 أو 200 ألف جندي على الأرض. إذا كنا نريد أن يكون هناك أي وجود عسكري، فربما يجب أن يكون بسيطاً ومعتدلاً إلى حد كبير.

في آب الماضي، كنت ممن وقعوا على رسالة مع 50 من كبار مسؤولي الأمن الوطني من الجمهوريين تؤكد أن دونالد ترامب “سيعرض أمن بلدنا القومي للخطر” و”سيكون الرئيس الأكثر استهتاراً في التاريخ الأميركي”، هل ما زلت تلتزم بموقفك في البيان بذات القوة إلى اليوم؟

سألتزم بموقفي في تلك الرسالة في سياق ما كان يحدث في ذلك الوقت. على سبيل المثال، ما قاله عن إخراج دول مثل اليابان وكوريا من مظلتنا النووية، أعتقد أنه لأمر خطير جداً وسيزعزع الاستقرار. وبالمثل، أعارض بشدة سياساته تجاه المكسيك، نافتا(اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية) وشركائنا التجاريين في أمريكا الشمالية الذين تجمعنا بهم هذه العلاقة التبادلية التجارية ثلاثية الأبعاد البالغة الأهمية، والتي تولد مئات المليارات من الدولارات، المستحقة من التجارة ، ويبدو أنه على استعداد للمخاطرة في هذا كله.

وأخيراً، ومن منطلق شخصي،لدي خمسة أطفال تبنيتهم من أمريكا الوسطى وهم من هندوراس، وكان يتعبني جداً ما كان يقوله عن المجتمع اللاتيني. وهذا كان أكثر ما استهجنته.

ولكني أعتقد الآن، أننا في مرحلة انتخب فيها السيد ترامب. وربما قال بعضاً من هذه الأشياء ليعزز فرصته في انتخابه، ولكن يبقى الآن أن ننتظر لنرى إلى أي درجة سيستمر ببعض تصريحات حملته هذه. وليس غريباً أو مستبعداً أن نسمع بمرشحين قالوا شيئاً ما خلال الانتخاب وعدلوا مواقفهم تباعاً. علينا أن نرى ما الشكل الذي ستتخذه سياسته الآن وقد ربح في الانتخابات فعلياً وأصبح بموقع رئيس لجميع الأمريكيين.

هل تعتقد بأنه سيكون لديه نضج كاف في سياسته الخارجية؟ كمواطن أميركي، هل تشعر بالارتياح مع سيطرة السيد ترامب على أمن أمريكا القومي؟

لست متأكدا من أن هذا هو السؤال الصحيح. لقد فاز بالانتخابات، والشعب الأمريكي قال كلمته. سألني شخص ما في ذلك اليوم عما إذا كان سيحصل على تصريح أمني، للوصول إلى الرموز النووية. رأيي حول هذا الموضوع لم يعد ذو أهمية، فالشعب الأمريكي اتخذ قراره.

إن المسألة التي نواجهها الآن هو ما يمكننا القيام به لضمان تقديم الدعم الأفضل له من أجل الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي، مع أفضل النصائح والمستشارين.

في السنوات الأخيرة، افترض العديد من المحللين أن الولايات المتحدة تخوض حربا باردة جديدة مع روسيا. كدبلوماسي سابق في الحرب الباردة ومسؤول في الأمن الوطني، هل تعتقد هذا الوصف مناسب للعلاقات الأمريكية الروسية الحالية؟

هناك عناصر تشبه الحرب الباردة. بينما كانت روسيا ضعيفة جدا في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي، عادت وفرضت نفسها الآن، وطورت جيشها بأسلوب قوي. قاذفاتهم تحلق من جديد ويستعرضون قوتهم. بالتأكيد هم يريدون أن يكونوا لاعبين على الساحة العالمية. وهذا يتضمن التعامل معنا كنظير بدلا من كونهم قوة مهزومة. وهو ما آلت إليه العلاقة عام 1990.

هل هي حقا حرب باردة؟ هل تعتبر روسيا عدوا؟ علينا استخدام هذه الكلمات بحذر، وخصوصا مع وجود رئيس الآن قد يكون لديه بعض الأفكار حول كيفية تحسين العلاقة مع روسيا. أعتقد أن الأوروبيين يشعرون بالقلق، فهم لايريدون أن يكون ما نقوم به من أجل تحسين علاقاتنا مع روسيا على حساب أمنهم.

هل تُعتبر روسيا عدو؟

دائما اترك لنفسك مجالا لمتابعة لعبة الأرباح والتبادلات حتى مع الخصوم والدول المنافسة. وأعتقد أن كلمة عدو هي كلمة قوية للغاية لأن هناك مجالات قد يحدث تعاون ثنائي فيها: مكافحة الإرهاب والحد من انتشار السلاح وغيرها من القضايا.

روسيا هي واحدة من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. إنها دولة تمتلك أسلحة نووية. وأعتقد أنه من الأفضل أن نعاملهم وفقا لذلك.

بالانتقال إلى سوريا، وجه الكثير من المراقبين اللوم لإدارة أوباما بسبب فشلها في طرح استراتيجية أمريكية متماسكة. ماهي المصالح الأمريكية العليا المتعلقة بسوريا برأيك؟

قد يسأل الشخص سؤالا مهما أيضا وهو كيف ستكون سياسة الإدارة الجديدة اتجاه سوريا. بدا كأن السيد ترامب يقول أن الأولوية في سوريا يجب أن تكون هزيمة تنظيم الدولة وهو ما يختلف عن دعم المعارضة ضد بشار الأسد.

أعتقد أن ما يجب القيام به حيال سوريا سيكون أحد الأمور الداخلية المهمة للإدارة الجديدة.

في الحملة الانتخابية، احتل موضوع تنظيم الدولة الصدارة، وأشاد السيد ترامب مرارا بفعالية سياسة الرئيس بوتين في محاربة تنظيم الدولة. وقال “روسيا تريد التخلص من تنظيم الدولة (…) دعوهم يتخلصون من تنظيم الدولة. لماذا نهتم نحن ماذا بحق الجحيم” هل تعتقد أنه من الحكمة تسليم المعركة ضد تنظيم الدولة لروسيا، وفقا لاقتراح السيد ترامب؟

لا أستطيع تصور الولايات المتحدة تتخلي عن دورها العالمي في مكافحة الإرهاب الدولي. قال السيد ترامب أنه بإمكاننا التعامل معهم، لكنه بالتأكيد لم يقل أننا سنتوقف عن حل المشكلة.

أريد أن أعود لسؤال حول فترة عملك كسفير الولايات المتحدة في العراق من 2004-2005، ولا سيما ما يتعلق بالأكراد. كان الاكراد تاريخيا أحد أقوى شركاء أمريكا في المنطقة، ورغم ذلك أثبتت واشنطن في الوقت نفسه عدم الرغبة في إظهار الدعم الدبلوماسي القوي للسيادة الكردية. هل يمكن أن نتحدث عن الصعوبات في تحقيق التوازن بين التعاون والعلاقات الأمريكية مع الأكراد في المنطقة؟

حسنا، لقد كانوا أصدقاء جيدين لنا على الدوام. ليس هناك شك في ذلك، لا سيما الأكراد في شمال العراق. بالتأكيد، عندما كنت هناك، كان نهجنا يقوم على التعامل معهم باعتبارهم جزءا من العراق، وليس كدولة مستقلة، على الرغم من معرفتنا أن لديهم قدرا كبيرا من الاستقلالية والتي تعود إلى حد كبير إلى حقيقة إنشاءنا لمنطقة حظر جوي بعد حرب الخليج الأولى. لعبنا دورا هاما في ذلك.

هناك بعض القضايا تتعلق بمدى إمكانية تطبيق فكرة استقلال كردستان في حال تم ذلك، لأن لديهم بعض الترتيبات مع الحكومة العراقية في بغداد التي تقدم في الواقع قدرا كبيرا ومهما من الموارد. في الوقت الحالي يحصل كردستان العراق على 17% من الحجم الكلي للإيرادات الوطنية. لذلك أعتقد أن على المرء أن يفكر بجدية حول إعادة رسم الخريطة.

ترجمة: سما محمد وفاطمة عاشور

 

شارك هذا المقال