4 دقائق قراءة

مذكرة سليمان الأسد 1962، يستنكر فيها “كراهية وتعصب السُنة”

كانون الأول/ ديسمبر 2، 2013 كان هدف الثورة السورية الكبرى، [...]


3 ديسمبر 2013

كانون الأول/ ديسمبر 2، 2013

كان هدف الثورة السورية الكبرى، بين 1925 إلى 1927، هو إنهاء الإنتداب الفرنسي في سوريا ولبنان، الذي قسم سوريا الكبرى إلى لبنان، دولة العلويين، دولة دمشق، دولة حلب، ودولة جبل الدروز. فيما إنتشر العنف في وسط جبل الدروز وإشتد في دمشق، لم يكن كل السوريين يعارضون الفرنسين، حيث سيطر الفرنسيين على سوريا منذ أبريل 1920 بعد مؤتمر سان ريمو بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى.

في يونيو 15، 1926، بعد شهر من القتال العنيف بين الجنود الفرنسينين والثوار الدروز في دمشق بالميدان والغوطة، أرسل جماعة من القادة العلويين، منهم جد الرئيس السوري بشار الأسد سليمان الأسد، مذكرة دبلوماسية لرئيس الوزراء الفرنسي ليون لبوم.

Suleiman Assad

بشار الأسد وجده سليمان الأسد.

الرسالة واضحة: حيث أن السنة يهددون تواجد العلويين، كما كتب الأسد وزملاءه. “إن روح الكراهية والتعصب المزروعة في قلوب المسلمين العرب تجاه كل من هو غير مسلم وتغذيها روح الدين الإسلامي.”

قال عن العلويين، “أنهم ناس مختلفين بالمعتقدات الدينية، العادات والتاريخ بالمقارنة مع المسلمين السنة،” أضاف “أن الدين الإسلامي، يعتبر العلويين كفار.” رجاء العلويين من الفرنسيين هو حماية الأقليات في سوريا، محذراً من أخطار حكم المسلمين السنة ويؤكد أن إنتهاء الإنتداب الفرنسي سيكون نهاية العلويين.

دولة ليون بلوم، رئيس الحكومة الفرنسية

يونيو 15، 1926

بمناسبة المفاوضات الجارية بين فرنسا وسوريا، نتشرّف، نحن الزعماء العلويين في سوريا أن نلفت نظركم ونظر حزبكم إلى النقاط الآتية 

 – إن الشعب العلوي الذي حافظ على استقلاله سنة تلو الأخرى، بكثير من الغيرة والتضحيات الكبيرة في النفوس، هو شعب يختلف بمعتقداته الدينية وعاداته وتاريخه عن الشعب المسلم السني. ولم يحدث في يوم من الأيام أن خضع لسلطة مدن الداخل. 

– إن الشعب العلوي يرفض أن يلحق بسوريا المسلمة، لأن الدين الإسلامي يعتبر دين الدولة الرسمي، والشعب العلوي، بالنسبة إلى الدين الإسلامي، يعتبر كافراً. لذا نلفت نظركم إلى ما ينتظر العلويين من مصير مخيف وفظيع في حالة إرغامهم على الالتحاق بسوريا عندما تتخلص من مراقبة الانتداب ويصبح في إمكانها أن تطبق القوانين والأنظمة المستمدة من دينها.

– إن منح سوريا استقلالها وإلغاء الانتداب يؤلفان مثلا طيبا للمبادئ الاشتراكية في سوريا، إلا أن الاستقلال المطلق يعني سيطرة بعض العائلات المسلمة على الشعب العلوي في كيليكيا وإسكندرون (لواء الإسكندرون تم سلخه في 1939 عن سوريا وإلحاقة بتركيا) وجبال النصيرية.

أما وجود برلمان وحكومة دستورية فلا يظهر الحرية الفردية. إن هذا الحكم البرلماني عبارة عن مظاهر كاذبة ليس لها قيمة، بل يخفي في الحقيقة نظاما يسوده التعصب الديني على الأقليات. فهل يريد القادة الفرنسيون أن يسلطوا المسلمين على الشعب العلوي ليلقوه في أحضان البؤس؟

– إن روح الحقد والتعصب التي غرزت جذورها في صدر المسلمين العرب نحو كل ما هو غير مسلم هي روح يغذيها الدين الإسلامي على الدوام. فليس هناك أمل في أن تتبدل الوضعية. لذلك فإن الأقليات في سوريا تصبح في حالة إلغاء الانتداب معرضة لخطر الموت والفناء، بغض النظر عن كون هذا الإلغاء يقضي على حرية الفكر والمعتقد. وهنا نلمس اليوم كيف أن مواطني دمشق المسلمين يرغمون اليهود القاطنين بين ظهرانيهم على توقيع وثيقة يتعهدون بها بعدم إرسال المواد الغذائية إلى إخوانهم اليهود المنكوبين في فلسطين. وحالة اليهود في فلسطين هي أقوى الأدلة الواضحة الملموسة على أهمية القضية الدينية التي عند العرب المسلمين لكل من لا ينتمي إلى الإسلام.

فإن أولئك اليهود الطيبين الذين جاؤوا إلى العرب المسلمين بالحضارة والسلام، ونثروا فوق أرض فلسطين الذهب والرفاه ولم يوقعوا الأذى بأحد ولم يأخذوا شيئا بالقوة، ومع ذلك أعلن المسلمون ضدهم الحرب المقدسة، ولم يترددوا في أن يذبحوا أطفالهم ونساءهم بالرغم من أن وجود إنكلترا في فلسطين وفرنسا في سوريا.

لذلك فإن مصيرا أسود ينتظر اليهود والأقليات الأخرى في حالة إلغاء الانتداب وتوحيد سوريا المسلمة مع فلسطين المسلمة. هذا التوحيد هو الهدف الأعلى للعربي المسلم.

– إننا نقدر نبل الشعور الذي يحملكم على الدفاع عن الشعب السوري وعلى الرغبة في تحقيق الاستقلال، ولكن سوريا لا تزال في الوقت الحاضر بعيدة عن الهدف الشريف الذي تسعون إليه، لأنها لا تزال خاضعة لروح الاقطاعية الدينية. ولا نظن أن الحكومة الفرنسية والحزب الاشتراكي الفرنسي يقبلان بأن يمنح السوريون استقلالا يكون معناه عند تطبيقه استعباد الشعب العلوي وتعريض الأقليات لخطر الموت والفناء.

 أما طلب السوريين بضم الشعب العلوي إلى سوريا فمن المستحيل أن تقبلوا به، أو توافقوا عليه، لأن مبادئكم النبيلة، إذا كانت تؤيد فكرة الحرية، فلا يمكنها أن تقبل بأن يسعى شعب إلى خنق حرية شعب آخر لإرغامه على الانضمام إليه.

– قد ترون أن من الممكن تأمين حقوق العلويين والأقليات بنصوص المعاهدة، أما نحن فنؤكد لكم أن ليس للمعاهدات أية قيمة إزاء العقلية الإسلامية في سوريا. وهكذا استطعنا أن نلمس قبلا في المعاهدة التي عقدتها إنكلترا مع العراق التي تمنع العراقيين من ذبح الآشوريين واليزيديين. 

فالشعب العلوي، الذي نمثله، نحن المتجمعين والموقعين على هذه المذكرة، يستصرخ الحكومة الفرنسية والحزب الاشتراكي الفرنسي ويسألهما، ضماناً لحريته واستقلاله ضمن نطاق محيطه الصغير، ويضع بين أيدي الزعماء الفرنسيين الاشتراكيين، وهو واثق من أنه وجد لديهم سنداً قوياً أميناً لشعب مخلص صديق، قدّم لفرنسا خدمات عظيمة مهدد بالموت والفناء.

الموقعين أدناه:

عزيز آغا الهواش، محمود آغا جديد، محمد بك جنيد، سليمان أسد، سليمان مرشد، محمد سليمان الأحمد

تابعونا على فيسبوك و تويتر 

شارك هذا المقال