مشروع “حلم دمشق” يعني إشعارات إخلاء وتشريد لأهالي العشوائيات
في كانون الأول، جاءت لجنة المحافظة إلى الحي الذي يقطنه […]
30 مارس 2017
في كانون الأول، جاءت لجنة المحافظة إلى الحي الذي يقطنه أبو مجد لتعطيه إنذاراً لإخلاء منزله في جنوب غرب دمشق مجددا، بعد أن دُمر منزل عائلته قبل عامين كجزء من مرسوم66 لإعادة الإعمار التنظيمي أو مشروع “حلم دمشق”، كما تطلق عليه الحكومة والوسائل الإعلامية الموالية للنظام.
والحلم هو استبدال منطقة المزة في دمشق، والتي تعتبر عشوائيات بوحدات سكنية للأهالي المحليين وإنشاء المدارس أيضاً والمشاريع التجارية والمساحات الخضراء.
وتتألف منطقة المزة من أكثر من ستة أحياء. وتتربع المقرات العسكرية للنظام إلى شمال وغرب المنطقة، بينما يقع مطار المزة العسكري إلى الجنوب منها.
ولكن نشطاء محليين ينتقدون تجريف المباني ومشروع إعادة الإعمار ويصفونه على أنه تغيير ديمغرافي منظّم ومُتعمد لتهجير أهالي المعارضة السنة في العاصمة قسراً تحت ستار إعادة الإعمار. وبالنسبة لأبو مجد، فحلم دمشق يعني أنه سيشرد وزوجه وطفليه مجدداً بحلول حزيران.
إنذار الإخلاء لأبو مجد من 2015. حقوق نشر الصورة لـ أبو مجد.
وهم يعيشون الآن في شقة بغرفة واحدة ومنتفعاتها في مزة بساتين، التي كانت مركزاً لمقاومة النظام بالسنوات الأولى للحرب في سورية.
وكان عضو المكتب التنفيذي بمحافظة دمشق لقطاع الموازنة والتخطيط المحامي فيصل سرور في تصريح خاص لجريدة الثورة، التابعة لحزب البعث السوري، أشار في وقت سابق من الشهر الحالي إلى تنفيذ هدم ما يقارب 1200 وحدة سكنية إلى الآن في جنوبي شرق المزة.
إلى ذلك، قال أبو مجد لمراسلة سوريا على طول رهام توهان، “الهدم يقترب من بيتي الذي أسكنه حالياً”، مضيفا “وعندما يأتي دوري لا أعرف أين سأذهب”.
هدم منزلك في عام 2015 كجزء من المرسوم التنظيمي 66، مشروع إعادة الإعمار الذي أطلقه النظام في عام 2012. فكيف كان تلقيك وغيرك من الأهالي لإنذار الإخلاء للمرحلة المستجدة من الهدم؟
أنا اليوم في وضع لا أحسد عليه.
منازلنا هدمت (في عام 2015) أمام أعيننا، أشجار زيتون عمرها مئات السنين اقتلعت من الأراضي الزراعية .
حالات الهجرة ازدادت في الحي، والانهيارات النفسية حدث ولاحرج، لن تتخيلي حجم المعاناة التي نعيشها اليوم، فالهدم يقترب من بيتي الذي أسكنه حالياً، وعندما يأتي دوري لا أعرف أين سأذهب؟ ماذاسيحل بعائلتي؟ أنا منهار نفسياً، ولا أستطيع التفكير، أتمنى أن يتوقف الزمن، فكثرة التفكير، تشلني تماماً حتى أني أتمنى بقرارة نفسي لو لم أتزوج.
هناك أمور غير واضحة، والأمر المخيف، هو توقف عمل المدارس في المنطقة، وصعوبة نقل الطلاب إلى مدارس أخرى وخاصة وأنه لم يتم إخلاء كل الأسر بعد، ولم يتم تأمين سكن بديل، حتى أن إجراءات النقل قد تحتاج لوقت طويل إن وجدت الشواغر.
هل يمكنك أن تصف شعورك لي حين تم إخلاؤك من منزلك في عام 2015؟
كيف أصف لك شعوري وأنا أصبحت بلا بيت يأويني، ولا سقف يحمي عائلتي، شعور العاجز عن الحركة، كانت روحي تتنزع من جسدي، وكنت ألملم نفسي أمام عائلتي حتى لا تنهار، فكانت الدموع هي الشاهد الوحيد على خروجي من بيتي، وكنت أصبر نفسي وعائلتي، على أمل أنهم سيمنحونا بدل إيجار، لحين الإنتهاء من المشروع، ونحصل على بيت العمر بعدها، غادرنا بيتنا على وقع هذه الكلمات.
ألم تحصل على بدل إيجار ريثما يتم إعادة بناء الحي؟ وكيف تم إنذاركم بالإخلاء؟
أنا أعيش بسكن طابقي مع أهلي، وعندما حضرت لجنة المحافظة للمعاينة في عام 2013م، وكنت أعيد تجهيز شقتي لأتزوج بها، وحين جاءت اللجنة وشاهدت ما كنت أصلحه في المنزل من أشرطة الكهرباء والمجلى، اعتبرت البيت قيد الإكساء، وأني غير مستحق، بدل إيجار حسب المرسوم التنظيمي، مع العلم أني تزوجت بعد شهر من زيارة اللجنة، وكنا نجهل الشروط الأساسية للسكن البديل، يعني كنا مثل “الأطرش بالزفة”.
في سنة 2015م، تم توجيه إنذار لنا بالإخلاء، وكان الإنذار باسم والدي (المالك)، وأعطونا مهلة شهرين للإخلاء، تفاجئنا بالقرار، وتخبطنا بأنفسنا، فأين نذهب؟ ماذا نفعل بهذه المدة؟ فهي غير كافية لتأمين سكن بديل، ولا نعلم أي منطقة نقصد، كنا ضائعين تائهين، راجعنا المحافظة للحصول على بدل إيجار لي ولوالدي، حصل والدي على شيك كبدل للإيجار لمدة سنتين، ولكن أنا لم أستطع الحصول على بدل إيجار، لأن لجنة المعاينة عندما عاينت البيت، كتبت أن البيت قيد الإكساء، وفي هذه الحالة لا أستحق، راجعت الإدارة اكثر من مرة ولكن دون جدوى.
وقيمة البدل 5% من قيمة العقار التي تم تقييمها، ويقدر تقريباً (البدل الذي استحقه والدي) بـ 100ألف ليرة سورية، وهذا المبلغ لا يعد كافياً لاستئجار منزل بدمشق أو ضواحيها يؤويهم جميعاً.
حدثنا عن حياتك والظروف الحالية التي تعيشها؟
أنا حالياً أسكن بالمزة بغرفة ومنتفعاتها مع زوجتي وأولادي “شام، مجد”، أعمل سائق شاحنة. وقد تعرضت لإصابة (أثناء عملي) في أسفل العمود الفقري برصاص قناص على طريق حرستا، وبسبب الإصابة لا أستطيع الوقوف أو الجلوس مطولاً، كنت آمل أن يسرحوني بإجازة طبية من عملي بسبب الإصابة ولكنهم رفضوا، وأعمل بعد الدوام بالتمديدات الصحية، ومع ذلك لا أسد احتياجات عائلتي، فوالدي يساعدني أحياناً، وأهل الخير من سكان الحي يدفعون لي إيجار البيت، الحياة صعبة نجري ولا نستطيع اللحاق بها.
ترجمة: فاطمة عاشور