مضايا: 50 محاولة لكسر طوق الألغام تنتهي إما بالموت أو بتر الأطراف
في الجمعة الماضية، قرر علي مصطفى يونس، ذو الخامسة والأربعون […]
6 أكتوبر 2016
في الجمعة الماضية، قرر علي مصطفى يونس، ذو الخامسة والأربعون عاماً، أن يلتقي بزوجه وأطفاله الذين كان خرج بهم في تموز الماضي من مضايا، في ريف دمشق، ليستقروا في الروضة والتي تبعد عنها 5 كم جنوباً، وعاد إلى البلدة لينهي أموره فيها قبل أن يعود إليهم.
ولكن ماهي إلا أيام حتى يطبق حزب الله حصاره الخانق على البلدة، ويمنع الحركة كلياً من وإلى البلدة. ولأجل ذلك زرع حزب الله 8 آلاف لغم في محيط مضايا.
وفي محاولة عبور ذلك الطوق الأمني حول مضايا، وقع 30 قتيلاً على الأقل بالألغام الأرضية المنتشرة أو برصاص القناصة، وفق ما جاء في تقرير للجمعية الطبية الأميركية السورية، في كانون الأول 2016.
ولم يتسن لسوريا على طول إمكانية مقابلة علي يونس شخصياً، وربما سيبقى مجهولاً ذلك السبب الذي جعله يفكر بتخطي طوق الألغام حول مضايا. ولكن في 30 أيلول، وتحت جنح الليل، غادر يونس البلدة المحاصرة مشياً على الأقدام. وبعد دقائق، خطى على لغم أرضي، فمزق الإنفجار قدميه، محولاً إياهما إلى كتل مشوهة من الأنسجة المتفحمة والميتة والعظام المفتتة.
وعلي يونس هو واحد من أهالي مضايا الخمسين الذين أصيبوا بالألغام الأرضية منذ أيلول الماضي،ويرقد حالياً في المستشفى دون مضادات حيوية أو جراحين و”جرحه لا يحتمل البقاء أكثر بحالة الإلتهاب والتعفن”، وفق ما قال محمد درويش، اختصاصي طبي، في مضايا ويشرف على حال علي، لـ ألاء نصار، مراسلة في سوريا على طول.
علي في مستشفى مضايا، حقوق نشر الصورة لـ صور مضايا.
وللأسف سيضطر الأطباء إلى بتر ساق يونس اليسرى الخميس، في حال لم يتم إخلائه، وربما تلحقها اليمنى والتي هي الآن بحال أحسن.
ويذكر أن آخر إخلاء تم في مضايا كان في 8 أيلول، وفق ما كتبت سوريا على طول آنذاك.
السبب الذي دفع علي للمغامرة بحياته ومحاولته الهروب رغم مخاطر الطريق وكثرة الألغام؟ وإلى أين كانت وجهته؟
علي يقطن لوحده في مضايا وزوجته وأولاده الأربعة يقطنون خارج البلدة، الطفل الأصغر ولد خارج مضايا بعيداً عن أبيه الذي لم يره منذ أكثر من سنة، كل ذلك دفع علي للمغامرة بنفسه ومحاولة فك الحصار عن نفسه ليلتقي بعائلته.
كان وجهته إلى بلدة الروضة التي تبعد مسافة 5 كم عن مضايا حيث تقطن عائلته، وهناك انفجر به لغم أرضي على أطراف البلدة كان يحاول أن يفك الحصار عن نفسه ويهرب خارج البلدة ليرى عائلته التي حرمه الحصار من رؤيتها، فقد كان قد أخرجهم من البلدة لحمايتهم من الجوع قبل حملة حصار حزب الله للمدينة.
ما الذي سببه انفجار اللغم في جسده؟ وكيف تطورت حالته على مدى 6 أيام من إصابته؟
الوضع الصحي للشاب سيء جداً، نتيجة انفجار اللغم بطرفيه السفليين، ما أدى لتهشم في العظام وجروح عميقة وكسور تحتاج لعمل جراحي فوري وصفائح وهو الآن بحاجة لإخلاء فوري إلى مشافي دمشق، بالإضافة إلى أنه بعد 6 أيام من الإصابة تعفنت جروحه وأصابها الالتهاب، فنحن لم نستطع أن نقدم له سوى مسكنات ومضادات التهاب لكنها لم تنفع كثيرا فجراحه عميقة وتحتاج لعمل جراحي فوري.
لدينا تخوفات من انتشار الالتهاب وإصابة الشاب بالغرغرينا، ولهذا سنضطر لبتر قدميه إن لم تتم الاستجابة لمناشداتنا بإخراجه حتى نحافظ على حياة الشاب وصحته من التدهور ولعدم وجود اختصاصيين ومعدات كافية لإجراء عمل جراحي للشاب.
والجدير بالذكر أن حالة الشاب تستوجب الإخلاء في مدة أقصاها اليوم وإلا سيتم بتر قدميه.
هل تم بتر أطراف أشخاص سابقاً من مصابي الألغام في مضايا؟ وهل تم إخلاء حالات إصابات ألغام إلى دمشق سابقا؟
نعم، تم توثيق أكثر من 50 إصابة بانفجار ألغام منذ أيلول العام الماضي، بينهم 10 أشخاص فارقوا الحياة، و14 شخصا أكملوا حياتهم بأطراف صناعية، بعد أن اضطرت الهيئة الطبية لعمليات البتر لعدم توفر الكادر المتخصص.
لم يتم إخلاء أي حالة إصابة بسبب الألغام إلى مشافي دمشق، لأنهم كانوا إما يفارقوا الحياة مباشرة أو يتم بتر أطرافهم قبل أن تأتي الموافقة على إخراجهم.
هل تم التواصل مع الأمم المتحدة لإخراج علي إلى مشافي دمشق؟ وماهو ردهم؟
نعم تم التواصل معهم لاكتر من مرة على مدار الـ6 أيام الماضية، وكانت الحجة الدائمة على أنهم لا يستيطعون إخراجه إن لم يخرج حالة مرضية مقابلة من كفريا والفوعة بحسب نص الاتفاق.
وبعد التواصل مع جيش الفتح تم الاتفاق على إخراج 27 حالة مرضية، اليوم، للعلاج في مشافي دمشق منهم الشاب علي، مقابل 27 حالة مرضية أخرى من كفريا والفوعة، ولكن حتى الآن لم يتم إخلاء أي حالة، ووصلتنا أنباء تفيد بأن الطرف الإيراني المفاوض هو من يؤجل ملف الخروج، ولا نعلم حتى الآن متى سيدخل وفد الهلال لنقل المرضى.
في حال لم يتم دخول وفد الهلال اليوم (الأربعاء) وإخراج علي للعلاج بمشافي دمشق هل سيتم بتر قدمه غدا؟
نعم للأسف فجرحه لا يحتمل البقاء أكثر من ذلك بحالة الإلتهاب والتعفن، ومحافظة منا على حياته سنضطر آسفين لبتر الطرف الأيسر من قدميه من منطقة الركبة فالقدم متهشمة تماما، أما اليمنى فأظن إن تم إخراجه اليوم أن يستطيع أطباء دمشق معالجتها وإنقاذها من البتر.
حتى أنني أعتقد بأنه حتى وإن أخلي إلى دمشق سيقر الأطباء بنسبة 80% ببتر قدمه اليسرى بعد هذا التأخر في العلاج وسوء حالتها.
ترجمة: فاطمة عاشور