معابر مغلقة وبيانات مقاطعة: سكان شمال شرق سوريا يغيبون عن “عرس الأسد الوطني”
في مقابل غياب الانتخابات الرئاسية التام عن مناطق نفوذ الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، كما البيانات المنددة بإجرائها، شهدت "المربعات الأمنية" في مدينتي الحسكة والقامشلي مشاركة سوريين مقيمين في الانتخابات.
26 مايو 2021
عمان- رغم كون اليوم، 26 أيار/مايو، هو يوم إجراء الانتخابات الرئاسية السورية، إلا أن ساحات المدن الرئيسة في مناطق شمال شرق سوريا، والواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية ذات الهيمنة الكردية، بدت خالية من أي مظاهر تنبئ بحصول هكذا انتخابات، باستثناء بعض جيوب واقعة في مدينتي الحسكة والقامشلي، تخضع لسيطرة قوات نظام الأسد، وتعرف باسم “المربعات الأمنية”.
وفيما لم تعلن الإدارة الذاتية رسمياً عن موقفها من الانتخابات، إلا أنها قطعت الطريق أمام عبور سكان شمال شرق سوريا إلى مناطق النظام، عبر إعلانها إغلاق المعابر الحدودية كافة مع مناطق “الحكومة السورية”، ابتداء من 24 أيار/ مايو الحالي وحتى إشعار آخر، من دون إبداء الأسباب. لكن مصادر عدة أكدت لـ”سوريا على طول” أن القرار جاء لمنع المدنيين من العبور إلى مناطق النظام للمشاركة في الانتخابات هناك.
كذلك، تزامن إعلان الإدارة الذاتية مع صدور بيان عن مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، الذراع السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تسيطر عسكرياً على شمال شرق سوريا، أعلن فيه مقاطعته للانتخابات الرئاسية، وأنه “لن يكون طرفاً ميسراً لأي إجراء انتخابي يخالف روح القرار الأممي 2254” الخاص بالحل السياسي في سوريا.
ولم يستثن قرار إغلاق المعابر مع النظام ووقف عبور المدنيين “الحالات الإنسانية والطلبة الجامعيين، أو أولئك العاملين في دوائر النظام”، كما أكد مصدر في معبر الطبقة لـ”سوريا على طول”. مشيراً إلى أنه “تم إيقاف حركة مرور صهاريج النفط والشاحنات المحملة بالحبوب إلى مناطق النظام”.
في هذا السياق، قال عضو الهيئة الرئاسية لـ”مسد”، علي رحمون، إن “النظام السوري لم يقدم طيلة العشر سنوات الماضية أي تنازلات للشعب السوري أو القوى السياسية السورية للبدء بحل سياسي سوريا”، كما أنه “يرفض تطبيق القرارات الدوليّة الخاصة بسوريا ليقينه أنها بداية التغيير الحقيقي في البلاد”.
لذلك، كما أضاف رحمون لـ”سوريا على طول”، فإن “إجراء الانتخابات يعني استمرار معاناة السوريين لسبع سنوات أخرى”، وعليه “قرر مجلس سوريا الديمقراطية مقاطعة الانتخابات ومنع إجرائها ضمن المناطق الواقعة تحت سيطرته”.
بيانات مقاطعة
عشية موعد الاقتراع في الانتخابات الرئاسية، أعلن حزب سوريا المستقبل، المقرب من الإدارة الذاتية و”قسد”، مقاطعته تلك الانتخابات، ورفض نتائجها، كونها “ليست جزءاً من العملية السياسيّة التي تنص عليها قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن المتعلقة بالشأن السوري”، كما جاء في البيان.
أيضاً، انشقت مجموعة من منتسبي حزب التحالف الوطني الديمقراطي السوري- فرع الرقة، عن الحزب، وعبّروا عن رفضهم للانتخابات الرئاسية، في رد على إعلان الأمانة العامة للحزب دعم تلك الانتخابات والمشاركة فيها.
كما أصدر عدد من وجهاء عشائر الرقة في مناطق سيطرة “قسد” بياناً عبّروا فيه عن رفض الانتخابات، كونها “مصادرة لحق الشعب في تقرير المصير”. ودعا الموقعون على البيان أبناء العشائر وباقي مكونات الشعب السوري داخل سوريا وخارجها، لمقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها.
وفي مدينة الطبقة، بريف الرقة الغربي، نظم العشرات وقفة احتجاجية رفضاً للانتخابات الرئاسية، ودعوا المجتمع الدولي إلى تنفيذ القرارات الأممية التي تخص سوريا.
مشكلة سكان شمال شرق سوريا، كما عبّر عبد الحميد العيسى، الناشط المدني في مدينة الرقة، ليست “في الانتخابات فقط”، بل تكمن أيضاً، كما شدد في حديثه لـ”سوريا على طول”، “في عدم شرعيّة بشار الأسد للبقاء في الحكم بعد عقد كامل من القتل والدمار والتهجير”. لذا فإن “أي انتخابات أو استحقاقات تصدر عنه تعتبر غير شرعيّة أيضاً، كونها تتجاوز معاناة ملايين السوريين المتضررين من هذا النظام”.
جيوب انتخابية!
في مقابل غياب الانتخابات الرئاسية التام عن مناطق نفوذ الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، كما البيانات المنددة بإجرائها، شهدت “المربعات الأمنية” في مدينتي الحسكة والقامشلي مشاركة سوريين مقيمين في الانتخابات، كما ذكرت ناشطة مدنيّة من مدينة القامشلي لـ”سوريا على طول”.
وأوضحت الناشطة التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، وضع النظام “عدداً من الصناديق الانتخابية، منها صندوق في مركز البريد بمدينة القامشلي، وآخر في المشفى الوطني بالمدينة”، لكن إقبال الناس “على التصويت في المراكز كان ضعيفاً”، بحسبها. مشيرةً إلى أن “غالبية المشاركين في الانتخابات من العسكريين التابعين للنظام أو الموظفين في الدوائر الحكومية”، ما قد يعني أنهم “مجبرون على المشاركة أو مستفيدون من بقاء النظام في السلطة”.
وأسوة بغيرها من سكان شمال شرق سوريا، بمن في ذلك المقيمون في الجيوب الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد، اعتبرت الناشطة أنها “غير معنية بالانتخابات”، كون “التصويت شكلي، وبشار الأسد سيفوز حتماً”، ما يعني “استمرار سياسة القتل والتشريد التي بدأت قبل عشر سنوات”.