مع عرقلة السلطات السورية مساعي تحديد هوية الجثث: ذوو الضحايا متروكون بلا جواب
بعد مرور شهر على غرق قارب بيلوس قبالة الشواطئ اليونانية، تم التعرف على 25 جثة من أصل 82 انتشلت من البحر. تتطلب عملية التعرف جمع عينات من الحمض النووي (DNA) من بلدان، بما فيها سوريا، ولم تأذن السلطات السورية، حتى الآن، بجمع عينات DNA من ذوي المفقودين.
14 يوليو 2023
أثينا– في 11 تموز/ يوليو الحالي، اجتمعت ثلاث عائلات سورية في مقبرة إسلامية بمدينة كوموتيني، شمال اليونان، لدفن ثلاثة رجال: رياض غسان الطلب، محمد السويدان، حسام زطيمة.
ينحدر الثلاثة من محافظة درعا، جنوب سوريا، وهم من ضمن نحو 750 شخصاً كانوا على متن القارب الذي غرق في المياه اليونانية بالقرب من بيلوس، في 14 حزيران/ يونيو، لم ينج منهم سوى 104 أشخاص، في حادث أدى إلى غرق أكبر عدد من المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط منذ عام 2015.
إلى الآن، تم التعرف على هوية 25، منهم خمسة مواطنين سوريين، من أصل 82 جثة تم انتشالها بعد غرق القارب، كما أوضح لـ”سوريا على طول” بانتيليس ثيميليس، قائد الفريق اليوناني المعني بتحديد هوية ضحايا الكوارث. وقد فتحت السلطات اليونانية، حتى الآن، 500 ملف للمفقودين.
يُقدِّر الناجون أنَّ عدد السوريين الذين كانوا على متن القارب نحو 150 شخصاً، غرق منهم نحو 110. بعد مضي شهرٍ على حادثة الغرق، كانت هذه العائلات السورية الثلاث من القلة التي تسنى لها دفن ضحاياها في مقبرة كومتيني الأسبوع الماضي.
عملية تحديد هوية الضحايا صعبة، تتطلب جمع عينات من الحمض النووي (DNA) من عدة بلدان. إلى الآن، أرسلت عشر عائلات سورية عينات الحمض النووي، عن طريق سفرها إلى اليونان أو إرسال نتائج تحاليلها عبر مختبرٍ معتمدٍ في الدول الأوروبية. أما في سوريا، لم تأذن حكومة حكومة دمشق بجمع عينات الحمض النووي.
تواجه عائلات الضحايا معركة شاقة لتقديم عينات DNA والتحقق من مصير ذويهم. إذ ما يزال مئات الأفراد الذين يعيشون في سوريا ودول الجوار في حيرة وذهول، لا يعرفون إن كان ذووهم يرقدون في مشرحةٍ يونانية أم ما زالوا مفقودين في مياه البحر الأبيض المتوسط.
مهمة الطب الشرعي
تتبع السلطات اليونانية المعايير الدولية من أجل تحديد هوية 82 جثة المنتشلة، وتعتمد على بصمات الأصابع، الحمض النووي، وفحوصات الأسنان، بحسب ثيميليس، مشيراً إلى أن تحديد هوية الضحايا من خلال التعرف على ملامح الوجه “طريقة غير مقبولة، لأنهم يبدون مختلفين جداً عن الصور”، بسبب الوقت الذي مضى على الجثث في مياه البحر.
وكذلك رأت كاثرين بومبرغر، المديرة العامة للجنة الدولية لشؤون المفقودين، أنَّ الأساليب التي تعتمد على النظر غير كافية، قائلة: “أن نُفِرط في الاعتماد على الحمض النووي أولى [من باب الاحتراس و الحيطة]، لأن المهاجرين قد يبدلوا ملابسهم أو بطاقات الهوية”.
تساعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) السلطات اليونانية بعملية جمع المعلومات من أقارب المفقودين. في الكوارث التي “تتعرض فيها الجثامين لتغيرات بعد الموت (مثل التحلل أو التشوه) قبل انتشالها من البحر، يحتاج خبراء الطب الشرعي إلى الاعتماد على الطرق الأساسية في تحديد الهوية من قبيل بصمات الأصابع، الحمض النووي، وفحوصات الأسنان”، كما قالت أنطونيتا لانزارون، طبيبة شرعية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مشيرةً إلى أنَّ محاولة الأقارب تحديد هوية الجثة بالنظر إليها وهم تحت وطأة المصيبة قد تفضي إلى “الخطأ في التعرف البصري”.
يقارن الفريق اليوناني المعني بتحديد هوية ضحايا الكوارث الأوصاف الجسدية والصور التي تقدمها العائلات لذويها المفقودين مع ما لديه من صور وبياناتٍ تشريحية. إن رأوا احتمال وجود تطابق، تتواصل السلطات اليونانية مع العائلة وتطلب عينة الحمض النووي من “الأقارب ذوي الدرجة الأولى، كالأب، الأم، والأطفال، ولكن ليس الأشقاء”، بحسب ثيميليس.
يذكر أنَّ العديد من الضحايا هم من الرعايا الباكستانيين والمصريين، وتتعاون حكومتا البلدين مع السلطات اليونانية، إذ أرسلت الباكستان نحو مئتي عينة من الحمض النووي.
في المقابل، لم تبد السلطات السورية أي استجابة، بحسب ثيميليس، مشيراً إلى أنهم “غير مُخولين من قبل الحكومة السورية بجمع عينات الحمض النووي في سوريا”، رغم أن “الهلال الأحمر والصليب الأحمر [في مناطق سيطرة النظام] لديهما خبراء على الأرض عندهم إمكانيات جمع بيانات الحمض النووي، لكنهم إلى الآن عاجزين عن جمعها كونهم لا يملكون تصريحاً من السلطات السورية”.
تواصلت “سوريا على طول” مع السفارة السورية في أثينا للرد، لكنها لم تتلق رداً حتى نشر هذا التقرير.
“تنسق اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع مختلف السفارات، كسفارتي باكستان وسوريا، من أجل توفير التعليمات التقنية لتسهيل إجراءات تحديد هوية ضحايا الكوارث وضمان فهمها واتباعها”، كما قال سيباستيان بوستوس، مبعوث برنامج إعادة الروابط العائلية التابع للجنة الدولية.
وتحثّ اللجنة الدولية العائلات التي تُحجم عن الاتصال بالسفارة السورية “على الاتصال بالصليب الأحمر أو الجمعيات الوطنية للهلال الأحمر أو بعثات اللجنة الدولية في البلد الذي يقيمون فيه”، بحسب بوستوس، مشيراً إلى أن اللجنة الدولية تلقت 136 طلباً، حتى الآن، للبحث عن المفقودين من ذويهم في سورية وباكستان والأردن وألمانيا وإيطاليا والدانمارك وهولندا وسويسرا والمملكة المتحدة.
على السلطات السورية تخويل طرف ثالث بجمع الحمض النووي، كونها لا تمتلك مختبراً معتمداً يمكن فحص الحمض النووي فيه، وإرسال النتائج إلى السلطات اليونانية، ولو أن السلطات السورية تملك مختبراً معتمداً “كان الحصول على النتائج أسهل بكثير”، وفقاً لثيميليس.
تملك اللجنة الدولية لشؤون المفقودين برنامجاً خاصاً في سوريا، يعمل على الكشف عن مصير 150 مفقود جراء الحرب، بحسب بومبرغر، مشيرة إلى أنهم “سبق و جمعنا بيانات من أكثر من 70 ألف عائلة لديها مفقودين، لذلك في حالة المهاجرين السوريين، على الأقل، يمكننا المساعدة في مسألة ربط الهوية”. وعرضت منظمتها مساعدة السلطات اليونانية بعد غرق السفينة “مباشرةً”، قائلة: “نحن على أهبة الاستعداد، نحن هنا للمساعدة”، غير أنّها لم تتلق أي رد.
وقال ثيميليس إن السلطات اليونانية لم تأخذ بهذا العرض لأن اللجنة الدولية لشؤون المفقودين “لا تملك أشخاصاً على الأرض في سوريا” على استعداد لجمع البيانات الجينية من الأقارب. أقرت بومبرغر أن جمع بيانات جديدة في المناطق التي تسيطر عليها دمشق سيشكل “معضلة كبيرة”، غير أن اللجنة الدولية لشؤون المفقودين لها وجود في مناطق شمال شرق سوريا، التي تنحدر منها أصول بعض الضحايا.
بالنسبة للعائلات السورية التي تعيش في الأردن أو العراق، قال ثيميليس أنَّ فريقه ينتظر رداً من سلطتي البلدين خلال الأيام القليلة القادمة. في 6 تموز/ يونيو، أعلنت السفارة الفلسطينية في سوريا أنَّه يمكن للاجئين السوريين الفلسطينين مراجعة مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دمشق لتقديم عينات الحمض النووي.
نظَّم نشطاء سوريون حملة “العدالة لضحايا القارب”، مجموعة تضم 34 ناجٍ سوري وأكثر من 200 عائلة سورية، كما قال حمزة فهيد، أحد ناشطي الحملة، لافتاً إلى أن “السلطات السورية لم تتواصل مع عائلات الضحايا حتى الآن”.
وطالب فهيد السلطات اليونانية بـ”تسهيل إجراءات” الحصول على الحمض النووي للسوريين غير القادرين على السفر أو تأمين تأشيرات تخوِّلهم دخول اليونان لتقديم العينات، وذلك بمنحهم تصريحاً خاصاً يمكنهم من السفر “ليتسنى للعائلة معرفة إن كان ابنها من الموتى”.
وبالمثل، قالت لانزارون، الطبيبة الشرعية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أنَّه يتعين على السلطات اليونانية تأمين “تأشيرات إنسانية تتيح لعائلات المهاجرين المتوفين زيارة المدافن وتشييع موتاهم، وكذلك تسهيل أو دعم إعادة رفاتهم إلى أوطانهم”.
ورأى ثيميليس أنَّ هذا “ليس حلاً”، إذ أنَّ “هنالك آلاف الأقارب حول العالم، معتبراً أن الحل يتمثل في تسهيل إجراءات الحمض النووي في بلادهم”.
الخيبة والإحباط في أوساط العائلات
كان لعدي أبو شام، سوري يعيش في بريطانيا، شقيقين على متن القارب الذي غرق في 14 حزيران/ يونيو. نجا أحدهما وتم التعرف على جثمان أخيه الأصغر، رياض الطلب، بعد سفر عدي إلى اليونان لتقديم بصمات الحمض النووي.
رفض أبو شام الحديث إلى “سوريا على طول”، غير أنه جزء من حملة العدالة لضحايا القارب، وهو على تواصل مع فهيد، وقال الأخير أنَّ السلطات اليونانية أصرَّت على مدى أسبوعين أن يتواصل عدي مع السفارة السورية من أجل استلام جثمان شقيقه.
قال فهيد: “طلبت السلطات اليونانية من عدي مراجعة السفارة السورية في أثينا، وأخبرهم باستحالة ذلك كونه لاجئ سياسي وفار من النظام”.
يتوجس اللاجئون السوريون الذين فروا من قمع الأجهزة الأمنية السورية من سفارات النظام. نشر المركز السوري للعدالة والمساءلة تقريراً في أيار/ مايو، يحلِّل 14,108 مستنداً للسفارة السورية، خلُص إلى استخدام السفارات للتجسس ومراقبة السوريين في الخارج الذين يُنظر إليهم على أنَّهم معارضون لنظام الأسد.
“لا بدَّ من إرسال وثائق للسفارة السورية، هذا تشريع دولي، لا يمكننا تحاشيه”، ردّ ثيميليس، لافتاً إلى أن العائلات “غير مضطرة للتعامل مع السفارة السورية” إن قررت دفن ذويها في اليونان.
في 25 حزيران/ يونيو، أعرب عدي على وسائل التواصل الاجتماعي عن إحباطه مما وصفه بـ”المعاملة السيئة” التي تعرضت لها عائلات الضحايا، وقرر مع أقارب اثنين من ضحايا القارب دفن ذويهم في مقبرةٍ إسلامية في شمال اليونان على نفقتهم الخاصة.
وأشار ثيميليس إلى أنَّ السلطات اليونانية عرضت على ذوي الضحايا تحمل تكاليف الدفن في مقبرةٍ مختلطة، فيها قسم مخصص للمسلمين، غير أنهم اختاروا دفنهم في مقبرة إسلامية.
“ستواصل اللجنة الدولية للصليب الأحمر متابعة الإجراءات عن كثب مع السلطات اليونانية لضمان احترام رغبة عائلات الضحايا، التي تم التعرف على هويتهم، بما في ذلك مرجعياتهم الدينية، والأعراف المحتملة للشخص”، بحسب بوستوس.
وأضاف تكفَّلت السلطات اليونانية بتغطية تكاليف الإجراءات الكيميائية وشهادات الوفاة والتوابيت، غير أنَّها لا تغطي نفقات رحلات إعادة الجثامين إلى أوطانها. من جهتها تتحمل السلطات الباكستانية تكاليف نقل جثامين رعاياها إلى بلادها.
قال ثيميليس إن عائلتين من ذوي الضحايا، الذين تم التعرف عليهم، تريدان إعادة رفات أحبّاءها إلى سوريا، لكن فهيد توقع أن تدفن معظم العائلات السورية رفات ذويها في اليونان لأن تكلفة إعادة الجثمان إلى الوطن قد تصل إلى 5500 دولار.
الحق في المعرفة
أدهم فروان، 37 عاماً، طبيب عيون يعيش في ألمانيا، هو واحدٌ من المئات الذين لا يملكون دليلاً ملموساً بشأن مصير ذويهم. كان ابن أخيه “وهاد”، 16 عاماً، وابن عمه قصي، 19عاماً، متن القارب الذي غرق قبالة بيلوس.
غادر الاثنان من درعا قبل أسبوعين من انطلاقة رحلتهما المشؤومة من ليبيا، في منتصف حزيران/ يونيو، كما قال فروان لـ”سوريا على طول”، مشيراً إلى أن الانفلات الأمني وعدم وجود فرص عمل والتجنيد الإجباري في محافظة درعا، هي العوامل الأساسية التي تدفع السوريين إلى الهجرة. “في التجنيد الإجباري، تعتقد العائلات أن أبنها سيكون قاتلاً أو مقتولاً”، كما أضاف.
شعر فروان بالخيبة والإحباط جراء الاستجابة البطيئة للسلطات اليونانية والمنظمات المعنية في عملية التسجيل وتحديد هوية المفقودين، قائلاً: “أرسلت رسائل بريد إلكتروني للصليب الأحمر، ولم يُجبني أي أحد”.
فتح فروان ملف شخص مفقود، ولكن لم يتم العثور على أي تطابق مع ما قدَّمه من بيانات مرجعية، وكان الرد: “سنبلغك عند أي تحديث”، ولكن “لم يبلغوني بشيء إلى الآن”، بحسب قوله.
“نثمن دور النشطاء على الفيسبوك، الذين أعطونا هذه الأسماء وأخبروا العائلات إن كان أبناؤهم على قيد الحياة”، قال فروان، في إشارة إلى القائمة التي تداولها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، ضمت أسماء 104 ناجين، بعد حادثة الغرق، بينما كان رد السلطات اليونانية آنذاك بأنهم لا يملكون قائمة نهائية.
تعليقاً على ذلك، أقرَّ ثيميليس أنَّ قائمة الناجين والمفقودين استغرقت وقتاً بسبب الأخطاء المحتملة عند كتابة الأسماء باللغة العربية أو الأوردية، ناهيك عن أن قائمة المفقودين لديهم قد تتضمن أسماء مكررة، إذا قام أكثر من فرد في العائلة بفتح ملفٍ لنفس لشخص المفقود.
المساءلة
كان هناك على متن القارب ثلاثة عشر شخصاً من إنخل، مسقط رأس فروان في درعا، نجا ثلاثةُُ منهم فقط، مشيراً إلى أنه تواصل مع الناجين الثلاثة “أخبروني أن اليونان أغرقتهم”، وفقاً لقوله.
قال الناجون السوريون لـ”سوريا على طول”، الشهر الماضي، أنَّ خفر السواحل اليوناني تسبب بانقلاب القارب، بعد أن ربطوه بحبل، ومن ثم أبحروا بعيداً متغافلين عن واجبهم في المسارعة للإنقاذ، وألمحت الغارديان وتحقيقات إعلامية أخرى عن مسؤولية خفر السواحل اليوناني في حادثة الغرق.
لا يثق فروان بنزاهة تحقيق السلطات اليونانية في الحادثة، وتساءل: “لماذا ليس هناك لجنة أوروبية للتحقيق؟”. فيما دعا فهيد من حملة العدالة لضحايا القارب إلى فتح تحقيق دولي وإلى “حماية الناجين في اليونان وأخذ شهاداتهم بما حدث”.
وأوضحت بومبرغر أن الناجين وأقربائهم “لهم الحق في العدالة، والحق في معرفة الحقيقة، والحق في جبر الضرر”، مشيرة إلى أنه يجب التعامل مع حالات المهاجرين المفقودين مثل أي حالات اختفاءٍ أخرى، أي “يجب أن تخضع لمبادئ التحقيق ذاتها، وأن تُبذل الجهود ذاتها لمعرفة هويتها”، بصرف النظر عن الجنسية أو صفة المواطنة التي يتمتعون بها، مشددة على أنَّ “المبادئ ذاتها يجب أن تُطبق على الجميع، وهذا جلي بموجب القانون”.
العثور على 13% من المفقودين
انهالت دموع التماسيح وعبارات “الأسى العميق” على العدد الهائل من الضحايا نتيجة غرق قارب بيلوس، من قبل بعض الممثلين السياسيين الأوروبيين، أولئك نفسهم المنخرطين في سياسات الهجرة، التي تمنع المنظمات غير الحكومية من إنقاذ المهاجرين الواقعين في مصيبة في البحر. كما قدم الاتحاد الأوروبي أيضاً تمويلاً لخفر السواحل الليبي مقابل إيقاف عمليات الهجرة غير النظامية. في وقت سابق من هذا الشهر، تم تسجيل مقطع مصور للسلطات الليبية، وهي تُطلق النار على سفينة “أوشين فايكينغ” تابعة لمنظمة غير حكومية خلال تنفيذها عملية بحث وإنقاذ.
البحر الأبيض المتوسط هو مسار الهجرة الأكثر خطراً في العالم. منذ عام 2014، غرق وفُقِد فيه أكثر من 20 ألف شخص أثناء محاولتهم عبوره.
بين عامي 2014 و2019، عُثر على 2,609 أشخاص حاولوا عبور البحر الأبيض المتوسط ودُفنوا في اليونان وإسبانيا وإيطاليا. يشكل هذا الرقم 13% من إجمالي المفقودين.
من أصل 2,609 جثة تم انتشالها، تباينت نسب الجثث التي تم تحديد هويتها من خلال الطب الشرعي باختلاف البلد: تعرفت اليونان على هوية 33% من الجثث المدفونة في أراضيها، في حين تعرفت إسبانيا على 50% وإيطاليا على 73%.
تشعر آلاف العائلات بالألم والمرارة لعدم معرفة حتى مكان رفات أحبّائها. “ليس لدى هذه الدول الأوروبية حالياً المقدرة على تحديد هوية أعداد كبيرة من المفقودين بطريقة تتناسب مع احتياجات عشرات آلاف المفقودين”، كما قالت بومبرغر، داعية إلى بناء استراتيجية مستدامة لجمع بيانات الحمض النووي.
منذ عام 2018، تسعى اللجنة الدولية لشؤون المفقودين بالتنسيق مع اليونان وقبرص وإيطاليا ومالطا إلى تشكيل عملية مشتركة للتقصي عن المهاجرين المفقودين، تعمل على: تطوير كفاءة الدول فيما يتعلق بالطب الشرعي والحمض النووي وبناء قدراتها على مشاركة هذه البيانات بين الدول.
وقالت بومبرغر”لا أعتقد أنَّ إنشاء عملية مستدامة كهذه أمر بهذا القدر من التعقيد… إنها تحتاج إرادة سياسية لا أكثر”.
كما مئات الأشخاص الآخرين، فروان حبيس حزن تكتنفه الأسئلة المعلّقة، فلا جواب عن مصير ابن أخيه وابن عمه يمكن أن يطوي صفحة هذه الفاجعة، قائلاً: “لا نعلم إن كانوا أمواتاً أو أحياء. يتواصل معي أهاليهم في سوريا ويبكون. إنها مصيبة”.
وختم فروان: “لو علمنا أنهم ماتوا، لأقمنا الحداد عليهم، ولكننا نعيش في حالة من الغموض وعدم اليقين”.
تم نشر هذا التقرير أصلاً في اللغة الإنجليزية وترجمته إلى العربية فاطمة عاشور.