4 دقائق قراءة

مفاوض معارض “ما حدث في الغوطة هي رؤية مستقبلية لجنوب دمشق”

 بعد عمليات التسوية والإجلاء التي حدثت في ضواحي الغوطة الشرقية، [...]


16 أبريل 2018

 بعد عمليات التسوية والإجلاء التي حدثت في ضواحي الغوطة الشرقية، خلال الأسابيع الأخيرة، لم يبقى سوى جيبين من الأراضي تسيطر عليهما فصائل المعارضة في العاصمة السورية وريفها.

فبالإضافة إلى جيب الأراضي في منطقة القلمون الشرقية الواقعة على مسافة 50 كيلومتراً شمال شرق دمشق، فإن فصائل الجيش السوري الحر تسيطر على حفنة من البلدات الواقعة على بعد 4 كيلومترات جنوب العاصمة.

وعلى غرب البلدات التابعة للجيش الحر جنوب دمشق، والتي تعتبر موطناً لما يقدر بـ 50 ألف نسمة، يقع جيب بنفس الحجم تحت سيطرة تنظيم الدولة.

وكانت قوات الحكومة السورية والميليشيات الموالية لها حاصرت الأراضي التابعة للمعارضة وتنظيم الدولة في جنوب دمشق في منتصف عام 2013، واستطاعت التحكم بكل ما يدخل ويخرج من وإلى المنطقة من خلال حاجز تفتيش يتمركز شمال شرق المنطقة.

ووقعت المدن التي يسيطر عليها الجيش الحر، ببيلا و يلدا وبيت سحم، على اتفاقية مصالحة مع الحكومة السورية في عام 2014 التي خففت من الحصار وفرضت وقف إطلاق النار، لكنها تركت مصير جنوب دمشق النهائي غير واضح.

واستعادت الحكومة السورية سيطرتها على الغوطة الشرقية، اليوم، وهي خطوة رئيسية نحو السيطرة الكاملة على منطقة دمشق الكبرى، و”تسريع” المحادثات حول مصير جنوب دمشق، كما يقول أبو الفداء الدمشقي، وهو مفاوض لأحد فصائل المعارضة في جنوب دمشق.

والدمشقي هو واحد من المفاوضين الأربعة من جنوب دمشق الذين يجتمعون مع الممثلين الروس منذ أواخر شهر آذار.

وقال الدمشقي لمراسل سوريا على طول عمار حمو “ما حدث في الغوطة هي رؤية مستقبلية لجنوب دمشق، وهي بطبيعة الحال غير مطمئنة لنا كفصائل جنوب دمشق”.

طلب أبو الفداء الدمشقي عدم ذكر اسمه الحقيقي أو اسم فصيله، لأن المفاوضين غير مصرح لهم بالتحدث حول المفاوضات.

مظاهرة تطالب بالمصالحة مع الحكومة السورية في ببيلا 6 نيسان. الصورة من ربيع ثورة.

ما مدى تأثير استعادة القوات الحكومية الغوطة الشرقية على عملية التفاوض جنوب دمشق؟

اتفاقيات الغوطة وتهجير أهلها لعب دوراً أساسياً في تسريع ملف جنوب دمشق، نحن كنا نتوقع في أي لحظة أن يضغط النظام، وكانت هنالك ضغوط سابقة، ولكن بعد إفراغ الغوطة سيتجه النظام إلى باقي مناطق المعارضة في محيط دمشق، والدليل أن ملف القلمون الشرقي وجنوب دمشق وضع على النار مع بدء الانتهاء من ملف الغوطة.

وما حدث في الغوطة هي رؤية مستقبلية لحالنا في جنوب دمشق، وهي بطبيعة الحال غير مطمئنة لنا كفصائل جنوب دمشق، ولا لأي إنسان يعيش في المنطقة، فالضريبة كبيرة في كل الخيارات، إذا اتبعنا خيار الغوطة بالرفض فالروس والنظام سيجهزون عملاً ضد المنطقة، والمجتمع الدولي لن يحرك ساكناً، وأعتقد أن الكيماوي في الغوطة هي رسالة لثوار دوما ورسالة لكل المناطق المعارضة التي تفاوض.

(وبحسب ألكسندر إيفانوف، المتحدث باسم قاعدة حميميم العسكرية الروسية في سوريا قال في تصريح له نشر في 26  آذار على تيلغرام “ستكون المحطة القادمة بعد الغوطة الشرقية، جنوب دمشق ومنطقة القلمون الشرقي” على قناة برقية رسمية في القاعدة).

بناءً على اجتماعاتك مع الوفد الروسي في الأسابيع الأخيرة، ما هي الخيارات المتاحة لدى فصائل المعارضة جنوب دمشق ؟

مع الأسف خياراتنا كفصائل جنوب دمشق ضئيلة، فالمنطقة صغيرة ومحاصرة، فضلاً عن وجود تنظيم داعش في خاصرتنا، حيث يستنزف التنظيم قوة الفصائل بشكل كبير منذ 5 سنوات، في ظل حصار مفروض علينا.

فبالإضافة إلى الطبيعة الداخلية للمنطقة والقوى العسكرية فيها فهناك الموقف الدولي، فالظروف الدولية الراهنة لا تقف إلى جانبنا، وخير دليل تهجير الغوطة وأهلها وثوارها وسط صمت المجتمع الدولي حيال ما يحدث.

بحسب معلوماتك فإن ملف تنظيم الدولة مطروح على طاولة المفاوضات فما مصير هذا الملف؟

ملف تنظيم داعش في جنوب دمشق قيد الدراسة، وهو أمام نقطة فاصلة، باعتقادي أن هناك حلان وكلاهما يقضي بإنهاء داعش في جنوب دمشق، الأول هو تسهيل تسريبهم لخارج المنطقة كما حدث قبل أشهر ولكن بوتيرة أسرع وأوسع، بحيث ينسحب التنظيم مع كل القيادات والأمراء بشكل مخفي، وترك باقي العناصر أو المتعاملين معه في المنطقة ليواجهوا مصيرهم وتسوية أوضاعهم.

أما الحل الثاني فهو حل عسكري، بإطلاق معركة ضد داعش من القوات الروسية والسورية وقد يضغط الروس على بعض العسكريين المعارضة الذين يريدون التسوية للمشاركة في هذه المعركة، فهذا الخيار مطروح ولكن ليس مؤكداً حتى الآن.

النظام سبق وعرض على ممثلي البلدات التفاوض مع الشباب العسكريين الذين يقبلون بالتسوية لقتال تنظيم داعش مقابل تسوية أوضاعهم، وهذا حصل أكثر من مرة ولكن لم تكن هناك أي تجربة ناجحة في هذا السياق.

مظاهرة لسكان يلدا رافضة للمصالحة مع الحكومة السورية في 6 نيسان. الصورة من ربيع ثورة.

ما الفرق بين مفاوضات الروس مع الفصائل ومفاوضات النظام مع المصالحة من حيث مستقبل المنطقة؟

الفرق أن الروس وحسب اجتماعنا معهم في أول لقاء يركزون فقط على الفصائل العسكرية، ويفاوضون مع من يحمل السلاح فقط، ليسوا معنيين بأي شيء آخر من إدارة المنطقة أو الشؤون المدنية، حتى أنهم رفضوا اللقاء مع ممثلي البلدات من الفعاليات والمؤسسات المدنية، أما بالنسبة للنظام يركز على ترتيبات المنطقة الإدارية.

وبالتأكيد هناك ارتباط بين الروس والنظام من حيث التنسيق، النظام ينتظر قرارات الروس وتنسيقهم مع الفصائل ليقوم بعدها بمتابعة شؤون المدنيين، وكلا الطرفين الروس والنظام يهدفون في نهاية المطاف إلى هدف واحد وهو تهجير كل من لا يقبل بعودة سلطة النظام على المنطقة، ورافضي التسوية، ويركزون إلى فرض وتمكين النظام من حكم البلدات بشكل كامل.

 

هل تعتقد أن المدنيين يلعبون دوراً مؤثراً في تحديد مصير جنوب دمشق؟ وما هي التعليقات التي سمعتها من السكان والنشطاء المحليين فيما يتعلق بالمفاوضات؟

نحن حريصون على سلامة أهلنا ورعاية مصالحهم، والفصائل هم أبناء المنطقة، ونحن منذ سنوات نتخذ قرارات في المنطقة على أساس تشاركي للجميع.

نعم هناك لغة غير راضية من الناشطين، ولكن أنا أرى أن السبب هو محاولة الحصول على المعلومات قبل أوانها، كما أنهم يريدون أن يعرفوا كل التفاصيل، وهذه ظاهرة غير صحيحة في المنطقة خاصة في ظل غياب منبر إعلامي موحد لكل الفعاليات في المنطقة.

ترجمة: بتول حجار

شارك هذا المقال