4 دقائق قراءة

منبج بعد الشهباء: قلق إزاء توغل المعارضة المدعومة من أنقرة في مناطق “قسد”

أعلنت القوة المشتركة التابعة للجيش الوطني، اليوم الإثنين، سيطرتها على منبج، بعد معركة أطلقتها ضد "قسد" بدعم المسيرات التركية.


بقلم سلام علي

9 ديسمبر 2024

أربيل- بينما يحتفل طيف من السوريين بإعلان سقوط نظام بشار الأسد، في لحظة طال انتظارها، يعيش سامر عبد القادر (اسم مستعار)، 33 عاماً، حالة من الهلع والخوف، ويكتنفه القلق حيال مدينته منبج، التي شهدت معارك بين قوات مجلس منبج العسكري التابعة لـ”قسد” وفصائل الجيش الوطني السوري المدعومة من أنقرة، وانتهت بسيطرة الأخيرة عليها.

أصدرت القوة المشتركة، التابعة للجيش الوطني، بياناً، اليوم الإثنين، أعلنت فيه السيطرة على منبج الكامل، فيما تحفظت “قسد” ووسائل الإعلام التابعة لها عن تأكيد خروجها من المدينة لصالح القوات المهاجمة.

لم يغادر عبد القادر، وهو من المكون العربي وأب لطفلين، منزله منذ يومين “خشية أن تصيبني رصاصة قناص، أو أكون ضحية الاشتباكات العنيفة التي تشهدها المدينة”، عدا عن “قصف المسيرات التركية التي تستهدف نقاط مجلس منبج العسكري، وأغلبها تتوزع بين منازل المدنيين”، كما قال لـ”سوريا على طول”.

في أعقاب عملية “ردع العدوان”، التي أطلقتها هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة ضد النظام السوري، في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، شن الجيش الوطني السوري (المعارض)، المدعوم من أنقرة، هجوماً برياً على مناطق نفوذ “قسد” بريف حلب، في الأول من الشهر الحالي، سيطر خلالها على تل رفعت ومنطقة الشهباء، ما أدى إلى نزوح آلاف المدنيين نحو شمال شرق سوريا.

قرر عبد القادر البقاء في المدينة رغم الظروف الأمنية المتردية فيها، ولا يعرف حتى الآن من المسيطر عليها، لأنه “ما يزال يسمع أصوات إطلاق نار داخل المدينة”، مشيراً إلى أنه يعيش “حالة ذعر مع عائلتي، وسط بكاء أطفالي، خوفاً من أصوات الرصاص”.

من جانبه، قال صحفي من شمال شرق سوريا، طلب عدم الكشف عن اسمه لدواع أمنية، أن “قسد” خسرت منبج “قبل أن تبدأ المعركة”، كون النتيجة محسومة “نظراً لعجز قسد ومساندة المسيرات التركية للقوات المهاجمة”.

استمرار القصف التركي

شارك سكان شمال شرق سوريا أبناء وطنهم من المحافظات الأخرى احتفالاتهم بسقوط بشار الأسد، وانتهاء فترة حكم الأسد التي استمرت أكثر من خمسين عاماً، حيث أسقط سكان مدينتي القامشلي والحسكة تمثال حافظ الأسد في المدينتين.

في المقابل، واصلت أنقرة إسنادها للجيش الوطني في شمال شرق سوريا، حيث استهدفت مدفعيتها  وطيرانها المسير عدة مناطق في شمال شرق سوريا خلال 48 الساعة الماضية، من بينها بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، وقرى ريف تل تمر بريف الحسكة الشمالي، الواقعة على خطوط التماس مع الجيش الوطني المتمركز في مدينة رأس العين (سري كانيه)، وعين العرب (كوباني)، وريف كوباني وبلدة زركان (أبو راسين) وريفها شمال الحسكة.

قُتل أحد عشر مدنياً، بينهم ستة أطفال، من عائلة واحدة، أمس الأحد، باستهداف طائرة مسيرة تركية لمنزل في قرية المستريحة بريف عين عيسى شمال الرقة، الواقعة تحت سيطرة “قسد”، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتزامن القصف التركي مع مرور رتل للنظام أثناء انسحابهم، مساء أمس الأحد، من نقاط التماس في عين عيسى “ومروا بين منازل المدنيين، ما أدى إلى ارتكاب مجزرة بحق المدنيين”، إضافة إلى قتلى في صفوف عناصر النظام، كما قال مصدر مدني من سكان عين عيسى لـ”سوريا على طول”.

وتضاربت الأرقام حول أعداد قتلى النظام، إذ قال المرصد السوري أن 15 عنصراً من قوات النظام قتلوا في المسيرة التركية، قالت وكالة أنباء هاوار المقربة من الإدارة الذاتية أن عدد قتلى النظام ارتفع إلى 45 عنصراً.

ونشرت “هاوار” مقطعاً مصوراً، يعرض جثثاً مموهة لضحايا قصف المسيرة من المدنيين، بينما يتساءل شخص في الفيديو قائلاً: “هذا ولد صغير، هذا يستطيع أن يحارب أحد؟!”.

مشهد ضبابي

أمس الأحد، أعلنت قوى الأمن الداخلي، فرض حظر تجوال في جميع مناطق الإدارة الذاتية، بدءاً من الساعة الثامنة مساء وحتى الساعة الثامنة صباحاً، مبررة القرار بـ “الوضع الأمني الاستثنائي وحرصاً على حماية الأمن الداخلي وتجنب أي أعمال تمس بأمن وسلامة المواطنين”.

في ظل المعارك العسكرية بشمال شرق سوريا، وسيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة على مناطق شاسعة من البلاد، يعيش سكان شمال شرق سوريا حالة من القلق حول مستقبل منطقتهم، وما إن كان التغيير المفاجئ والسريع على الخارطة العسكرية في البلاد سيشمل منطقتهم.

تواصلت “سوريا على طول” مع مصدرين مسؤولين في الإدارة الذاتية، للاستفسار عن وجود أي اتفاقات مع الأطراف الداخلية أو الدولية بشأن مستقبل شمال شرق سوريا، لكن المصدرين اكتفيا بالقول “لا نعرف شيئاً”.

من جانبه، قال عضو الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم، اليوم الإثنين أنهم “على استعداد للحوار مع كافة الأطراف السورية”، وأعرب عن استعدادهم بالمشاركة في البحث عن الحل السياسي، متمنياً عدم استبعادهم مرة أخرى عن الاجتماعات حول سوريا.

انتقد كرم علي (اسم مستعار)، 38 عاماً، نازح من عفرين يقيم في مدينة عين العرب (كوباني) منذ عام 2019، “غياب توجيهات الإدارة الذاتية لسكان المنطقة في ظل هذه الأوضاع الخطيرة”، وهذا يؤدي إلى زعزعة الثقة بين السلطات المحلية والمواطنين.

ومع التغيرات المفاجئة على خطوط التماس بين مناطق “قسد” والجيش الوطني، والقصف التركي على شمال شرق سوريا، بما في ذلك مكان إقامته في كوباني، بدأ علي، الأب لطفلين، تجهيز حقيبة طوارئ تحتوى ملابس وأشياء شخصية، تحسباً لأي تغير مفاجئ يدفعه إلى مغادرة المدينة، كما قال لـ”سوريا على طول”.

“لا أعرف إن كان علي البقاء في كوباني أو مغادرتها”، ويزيد من صعوبة تقرير مصيرنا أننا “لا نعرف مصير منطقتنا أو أين تذهب الأمور”، بحسب علي.

وأعربت سلمى محمد (اسم مستعار)، 33 عاماً، عن قلقها من حالة الفوضى، سواء بانتشار خلايا نائمة للمعارضة أو لتنظيم داعش، لذا ترغب هي الأخرى بـ”مغادرة كوباني خشية أن تصل المعارك إليها”.

شارك هذا المقال