4 دقائق قراءة

من التدمير إلى “الإعمار”: طهران تعزز وجودها الاقتصادي في سوريا عبر كيانات مشتركة

فيما جاء اجتماع غرفة التجارة السورية-الإيرانية ضمن مساعي دمشق العاجزة اقتصادياً لتعزيز دور حلفليها الإيراني في عمليات إعادة الإعمار ووقف التدهور الاقتصادي، فإنه يكشف مجدداً عن مساعٍ إيرانية لتحقيق مزيد من النفوذ في سوريا عبر البوابة الاقتصادية، بعد مشاركتها العسكرية مباشرة وعبر ميليشياتها متعددة الجنسيات.


10 فبراير 2021

عمان – أنهت غرفة التجارة السورية-الإيرانية المشتركة اجتماعها، في 8 شباط/فبراير الحالي، ببيان تؤكد فيه على ضرورة دعم الغرفة التي تعدّ ذراعاً اقتصادية إيرانية في سوريا، لتسهم في إعادة إعمار البلاد التي لعبت إيران ومليشياتها دوراً حاسماً في تدميرها مادياً ومعنوياً. 

جاء الاجتماع الأخير على هامش الملتقى الاقتصادي السوري-الإيراني الذي أقيم في مركز تجارة “إيرانيان” في المنطقة الحرة بدمشق. وشددت الغرفة في بيانها الختامي على ضرورة دعم دورها لتسهم في “النهوض بالاقتصاد السوري، والمشاركة في عملية إعمار سورية، وإعادة تأهيل المعامل العامة والخاصة المتضرر بسبب الإرهاب، والمتعثرة بسبب الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب”، في إشارة إلى العقوبات الأميركية والأوروبية.

وكان رئيس وزراء حكومة دمشق، حسين عرنوس، التقى رئيس الجانب الإيراني في غرفة التجارة السورية-الإيرانية، كيوان كاشفي، “حيث جرى بحث تطوير علاقات التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري بين البلدين”، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية “سانا”.

وفيما جاء اجتماع غرفة التجارة السورية-الإيرانية ضمن مساعي دمشق العاجزة اقتصادياً لتعزيز دور حلفليها الإيراني (كما الحليف الروسي) في عمليات إعادة الإعمار ووقف التدهور الاقتصادي، فإنه يكشف مجدداً عن مساعٍ إيرانية لتحقيق مزيد من النفوذ في سوريا عبر البوابة الاقتصادية، بعد مشاركة إيران المبكرة، مباشرة وعبر مليشياتها متعددة الجنسيات، في قمع الثورة السورية منذ بداياتها الأولى في ربيع 2011.

تأسيس الغرفة

تم الإعلان عن تأسيس غرفة التجارة السورية-الإيرانية المشتركة في 29 كانون الثاني/يناير 2019، في ختام ملتقى الأعمال السوري-الإيراني، والذي حضر فعالياته رئيس وزراء حكومة دمشق آنذاك، عماد خميس، والنائب الأول لرئيس إيران، إسحاق جهانغيري، بهدف تنشيط العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.  

كما جاء إطلاق الغرفة في إطار توقيع 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامجاً تنفيذياً لتعزيز التعاون بين البلدين، واستكمالاً لمذكرة التفاهم المبرمة بين اتحاد غرف التجارة السورية، وغرفة تجارة طهران، والتي وُقعت على هامش ملتقى رجال الأعمال السوري-الإيراني الذي عُقد بطهران في تشرين الأول/أكتوبر 2018.

ويترأس الغرفة عن الجانب السوري منذ 5 كانون الثاني/يناير 2021 فهد درويش، أحد الواجهات الاقتصادية للشركات الإيرانية في سوريا، حتى قبل اندلاع الثورة السورية.

ويشغل درويش منصب رئيس مجلس إدارة اللجنة العليا للمستثمرين في المؤسسة العامة للمناطق الحرة، وعضو مجلس إدارة المؤسسة العامة للمناطق الحرة، ممثلاً عن المستثمرين. كما يتولى إدارة شركة أرمادا السورية للتجارة والمقاولات، وهي الوكيل لشركة “سيفك” السورية-الإيرانية المصنعة لسيارات “سابيا”. ويمتلك درويش 74% من أسهم شركة البركة الدوائية في سوريا، والتي تتبع لشركة البركة القابضة الإيرانية.

وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أصدرت في 5 أيار/مايو 2019، القرار 1253، سمّت بموجبه تسع شخصيات أعضاء لمجلس الإدارة في غرفة التجارة المشتركة عن الجانب السوري، منهم، إضافة إلى فهد درويش:

  • عمران شعبان محمد، رئيس غرفة التجارة السورية-الإيرانية الأسبق، والذي ينحدر من قرية تلة الخضر التابعة لمدينة صافيتا في محافظة طرطوس. وهو شريك مؤسس في شركة انترادوس للتطوير السياحي التي تأسست العام 2003.
  • ناهد مرتضى، عضواً. وهو شريك مؤسس في الشركة الإنشائية المعمارية “البناؤون المتحدون” التي تأسست العام 2003. وهو أيضاً المهندس المسؤول عن إدارة مقام “السيدة زينب” في جنوب دمشق الذي يعدّ أحد المراكز الدينية التي تستقطب سياحاً إيرانيين، لكنه صار منذ الثورة السورية أحد معاقل المليشيات الإيرانية الداعمة لنظام الأسد. 
  •  حسين راغب الحسين، عضواً. من مواليد بلدة الفوعة، ذات الغالبية الشيعية، في شمال شرق محافظة إدلب، وتربطه صلات واسعة مع طهران. إذ يترأس مجلس أمناء الهيئة الوطنية لأتباع آل البيت، كما يشغل منصب نائب رئيس مجموعة الصداقة السورية-الإيرانية البرلمانية.
  • شايش عبد الرزاق العويشي، عضواً. من محافظة حمص. وهو عضو مجلس غرفة تجارة حمص، ووكيل شركة أرمادا بالمحافظة. كما أنه عضو في الهيئة الشعبية للمصالحة الوطنية التابعة للنظام.
  • عبد الله ناطور، عضواً. شريك مؤسس وعضو مجلس إدارة شركة مودينا التي يتولى إدارتها رجل الأعمال اللبناني عباس أحمد الموسوي.

أطماع تحدّها العقوبات

إلى ما قبل اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس 2011، هيمنت المجالات السياسية والعسكرية والأمنية على العلاقات السورية-الإيرانية، في مقابل ضعف نسبي في العلاقات الاقتصادية.

وعقب تدخلها عسكرياً إلى جانب بشار الأسد فور اندلاع الاحتجاجات الشعبية، عززت إيران من علاقاتها الاقتصادية التي انتهت بتقديم الأسد لحليفتيه طهران وموسكو عدداً من الامتيازات الاقتصادية.

رغم استحواذ موسكو على الحصة الأكبر في الاستثمارات الاقتصادية الاستراتيجية، من قبيل حصول شركة “ستروي ترانس غاز” الروسية الخاصة على عقد استثمار مرفأ طرطوس لمدة 49 عاماً، فإن الاستثمارات الإيرانية، حتى وإن كانت صغيرة، تشير إلى سياسة إيران في تعزيز نفوذها على الصعيدين الرسمي والشعبي.

في هذا السياق، تم تشكيل مجلس الأعمال السوري الإيراني، في العام 2014، على أنه مجلس مهني مستقل مادياً وإدارياً، يهدف إلى خدمة الاقتصاد السوري. وهو الكيان الذي أسس لولادة كيانات وشراكات أخرى، من قبيل غرفة التجارة السورية-الإيرانية المشتركة، ومركز “إيرانيان” التجاري الإيراني في المنطقة الحرة بدمشق.

لكن تظل العقوبات الأميركية والأوروبية عائقاً أمام توسع النفوذ الاقتصادي الإيراني في سوريا. لذلك تناول الجانبان، في اجتماع الغرفة الأخير، عدة طروحات لتعزيز الاستثمار ومعالجة بعض القيود التصديرية، منها إنشاء بنك سوري-إيراني مشترك خاص بالمعاملات التجارية بين البلدين. كما بحثت الغرفة، في تشرين الأول/أكتوبر 2020، فكرة اعتماد نظام التجارة بالمقايضة بين البلدين، تجنباً للعقوبات، على أن تشرف الغرفة على تصديق الأوراق والمستندات التي يتم تبادلها بين البلدين.

شارك هذا المقال