من هو عاطف نجيب الذي استفز درعا وأشعل ثورتها؟
ألقت مديرية الأمن العام التابعة للحكومة السورية الجديدة القبض على العميد عاطف نجيب، ابن خالة بشار الأسد، ورئيس فرع الأمن السياسي في محافظة درعا حتى آذار/ مارس 2011، وهو المتورط في تعذيب أطفال درعا
31 يناير 2025
باريس- ألقت مديرية الأمن العام، في محافظة اللاذقية، اليوم الجمعة، القبض على العميد عاطف نجيب، ابن خالة رئيس النظام البائد بشار الأسد، ورئيس فرع الأمن السياسي في محافظة درعا حتى آذار/ مارس 2011، وهو المتورط في تعذيب أطفال درعا، في ذاك الشهر من العام نفسه، متسبباً باندلاع شرارة الثورة السورية التي استمرت 14 عاماً.
“تم تحويل المجرم عاطف نجيب للجهات المعنية ليصار إلى محاكمته ومحاسبته على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري”، كما نشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
استخدم نجيب عبارة “أنا الله في درعا” للتعبير عن جبروته والإشارة إلى قبضته الأمنية على حوران، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات تطالب بمحاسبته، ومن ثم ارتفعت سقف المطالب آنذاك إلى إسقاط النظام، وعمت المظاهرات معظم المحافظات السورية.
بعد سقوط النظام السوري، في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024، اعتقل جهاز الأمن العام -التابع للحكومة السورية الجديدة، التي كلفها الرئيس أحمد الشرع قبل أن يعلن رسمياً توليه رئاسة البلاد، أمس الخميس- العديد من المتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد السوريين، أبرزهم عاطف نجيب.
من هو عاطف نجيب؟
عاطف نجيب أو عاطف حاج نجيب، بن نجيب وفاطمة، من مواليد مدينة جبلة، التابعة لمحافظة اللاذقية، عام 1960، خانة رقم 69. ورد اسم نجيب بصيغتين مختلفتين في وثائق رسمية كما ذكر موقع “زمان الوصل” في تقرير نُشر عام 2015.
تربط نجيب بالأسد علاقة سلطة وقرابة، الأولى، أنه كان ضابطاً برتبة عميد في الأمن السياسي، والثانية أنه ابن خالته الوحيدة فاطمة مخلوف، شقيقة أنيسة مخلوف والدة بشار.
تزوجت فاطمة مخلوف من نجيب حاج نجيب، صاحب محطة وقود في مدينة جبلة بمحافظة اللاذقية في الساحل السوري، وأنجبا ابنتين وثلاثة أبناء: نورما، ريم، عاطف، وعمار، فيما لم يعرف الصبي الثالث. استفاد حاج نجيب وعائلته من وصول حافظ الأسد إلى الحكم بعد انقلاب عسكري في عام 1970، وكذلك من نفوذ شقيق زوجته محمد مخلوف، الذي صار مستشاراً مالياً للأسد الأب، و”بنى امبراطورية تجارية ازدهرت بإدارة ابنه رامي”.
حاول حاج نجيب أن يراكم إمبراطورية مالية على خطى صهره مخلوف، لكن انتهى الأمر به في السجن لعدة أشهر، بعدما صار مصدر إزعاج للأسد الأب، بسبب افتضاح أمر فساده وكذلك فشله.
وبعد تخرج عاطف من الكلية الحربية، لازم ابن خالته باسل الأسد، الابن الأكبر لحافظ الأسد، وتشابهت الشخصيتان وهوايتهما في ركوب السيارات الرياضية الفارهة.
تولى عاطف العديد من المناصب في “الأمن السياسي”، إذ كان في الأمن السياسي بطرطوس في الفترة بين 2002 و2004، ومن ثم نائباً لرئيس الأمن السياسي في دمشق، وصولاً إلى منصب رئيس فرع الأمن السياسي بدرعا حتى عام 2011.
في درعا، بدأ نجيب ببناء إمبراطوريته المالية، عبر فرض الإتاوات على رجال أعمال حوران وتجارها وعائلاتها، وبنى شبكة من القنوات المالية القائمة على إرهاب الناس والتقارير الأمنية، وتحكم في دخول وخروج البضائع، ومن هم التجار الذين يسمح لهم بالعمل، كما تحكم بمصادر المياه، التي تعد شرياناً أساسياً في حوران، التي تعتمد اعتماداً أساسياً على الزراعة.
وقد عُرف نجيب بابتزاز التجار ورجال الأعمال منذ أن كان ضابطاً صغيرا في العاصمة دمشق، أي في تسعينيات القرن الماضي. في عام 1995، تشاجر مع رجال الأعمال السوري وعضو مجلس الشعب السابق محمد مأمون الحمصي، ووصل الأمر حد إشهار السلاح على بعضهما في ساحة الشهبندر في العاصمة دمشق، بعدما حاول نجيب مضايقة الحمصي في سيارته وإذلاله والاعتداء على عائلته.
أشهر الحمصي السلاح في وجه نجيب وقال له محقراً إياه: “كنت صبي حلاق جبلة وأصبحت أبو علي في الشام”، كما ذكر الحمصي في منشور على فيسبوك عام 2013. بعد أشهر من الحادثة، اعتقل الحمصي، الذي كان نائباً في مجلس الشعب، ونزعت عنه الحصانة البرلمانية، وحكم بالسجن خمس سنوات بتهم الاعتداء على ضابط وإثارة النعرات الطائفية.
كذلك، ارتبط اسم عاطف نجيب بالكثير من أعمال الفساد والتربح غير المشروع، من قبيل، بناء مصانع مخالفة، شراء أراضٍ بأسعار زهيدة بحجة استملاكها من قبل الدولة، استيراد وترخيص آلاف الحافلات، وتهريب قطع السيارات والأدوات الكهربائية وغيرها من الأعمال.
مع بدء الربيع العربي في عام 2011، اعتقل الأمن السياسي في درعا عدداً من أبناء المحافظة بتهمة كتابة العبارات المناهضة للنظام، وتعرضوا للتعذيب على يد نجيب، الذي وجه اتهامات وعبارات مسيئة لحوران رافضاً إطلاق سراح الأطفال، ما أدى إلى اندلاع شرارة الثورة السورية في درعا.
في 27 آذار/ مارس 2011، اتهم عضو مجلس الشعب، يوسف أبو رومية، العميد عاطف نجيب بـ”إثارة الفتنة”، مشيراً إلى أن ما حصل في حوران سببه “رعونة العميد عاطف نجيب، الذي استدعى قوات الأمن بطائرات الهيليكوبتر ونزلوا فوراً لإطلاق النار على المواطنين”.
وعلى وقع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في البلاد، أمر بشار الأسد في أواخر آذار/ مارس 2011، بتشكيل لجنة تحقيق في أحداث درعا محاولاً احتواء الاحتجاجات التي عمت البلاد، لكنه لم ينحّ ابن خالته، وإنما اكتفى بنقله إلى إدلب، وشغل منصب رئيس فرع الأمن السياسي فيها. وفي حزيران/ يونيو 2011، أصدرت اللجنة قراراً بمنع عاطف نجيب ومحافظ درعا، آنذاك، فيصل كلثوم، من السفر.
على صعيد دولي، أدرجت الولايات المتحدة عاطف نجيب على لوائح العقوبات، في 29 نيسان/ أبريل 2011، وتبعها الاتحاد الأوروبي في التاسع من أيار/ مايو من العام ذاته.
بعد الأشهر الأولى من الثورة السورية غاب نجيب عن الساحة تدريجياً حتى اختفى ذكره، ولكن تصدر اسمه مجدداً اليوم بعد انتشار خبر اعتقاله.