موجة نزوح كبيرة بعد تصعيد عسكري “واسع النطاق” على شمالي غرب سوريا
عمان - على بعد أمتار من منزل محمد الشيخ، في بلدة كفرنبودة، بريف حماة الشمالي، سقطت قذيفة مدفعية، مساء الأحد، وأصابت أخاه، مما دفع العائلة إلى النزوح بحثاً عن مكان آمن.
وبدأت الحواجز القريبة من بلدة كفرنبودة، التابعة للحكومة السورية، مساء الأحد، باستهداف الأحياء السكنية بشكل متقطع، ولكن وتيرة القصف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة اشتدت فيما بعد، ورافقها استهداف ريفي حماة الشمالي، وإدلب الجنوبي بغارات جوية.
1 مايو 2019
عمان: على بعد أمتار من منزل محمد الشيخ، في بلدة كفرنبودة، بريف حماة الشمالي، سقطت قذيفة مدفعية، مساء الأحد، وأصابت أخاه، مما دفع العائلة إلى النزوح بحثاً عن مكان آمن.
وبدأت الحواجز القريبة من بلدة كفرنبودة، التابعة للحكومة السورية، مساء الأحد، باستهداف الأحياء السكنية بشكل متقطع، ولكن وتيرة القصف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة اشتدت فيما بعد، ورافقها استهداف ريفي حماة الشمالي، وإدلب الجنوبي بغارات جوية.
نزح محمد، 25 عاماً، زحفاً على قدميه ويديه عبر الأراضي الزراعي المحيطة ببلدته، تحت قصف الطائرات الحربية، وتعثّر والداه الكبيران بالسن عدة مرات خلال رحلة النزوح، إلى أن انتهى بهم المطاف في بيت صغير بمدينة إدلب، يأوي 15 فرداً من عائلته.
وتواصل الحكومة السورية والقوات الموالية لها تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، منذ ثلاثة أيام، على ريفي حماة وإدلب، ما أدى إلى موجة نزوح كبيرة من مناطق الاستهداف إلى المناطق الأكثر أمناً.
واليوم، تعرضت بلدات الهبيط والعابدين والعامرية بمحيط مدينة خان شيخون، لقصف جوي، مصدره الحكومة السورية، بحسب ما ذكر الدفاع المدني السوري.
وقال محمد حلّاج، مسؤول فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري، لسوريا على طول “وثقنا إحصاء 10 آلاف نازح خلال اليومين الماضيين، ولكن العدد يفوق 25 ألف نازح، وقد يتجاوز العدد 60 ألف نازح في حال استمرار القصف على المنطقة”.
وبلغ عدد ضحايا القصف على ريفي حماة وإدلب 19 قتيلاً مدنياً، وأصيب 28 آخرون، منذ بدء القصف قبل ثلاثة أيام، بحسب ما ذكر إبراهيم الجودي، مدير مركز الدفاع المدني في جبل شحشبو بريف حماة لسوريا على طول.
وقال الجودي “وصلت نسبة النزوح في قرى شحشبو وكفرنبودة إلى 90 بالمائة من سكان المنطقة”، وفي الوقت الذي كانت تجري فيها سوريا على طول مقابلة مع الجودي قال أن الطائرات المروحية تنفذ ضربات جوية على المنطقة التي يغطيها فريقه.
وقال الجودي أن فريقه تعرض لعدة ضربات مزدوجة أثناء إسعاف الجرحى خلال الساعات الماضية، وأن الفريق “يعاني من صعوبة كبيرة في الوصول إلى الأماكن المستهدفة جراء الاستهداف المباشر للطرقات”.
ونشر الدفاع المدني السوري، أو ما يسمى بـ”الخوذ البيضاء” بياناً أدان فيه استهداف المدنيين والمنشآت المدنية في الشمال السوري، واتهم البيان النظام السوري بالقصف “بشكل مباشر مستودعاً للدفاع المدني، وأخرج سيارات إسعاف وآليات بحث وإنقاذ عن الخدمة… وقصف منشآت طبية من بينها مشفى التوليد الوحيد في حماة”.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، مورغان أورتاغوس اليوم الأربعاء، إن بلادها تشعر بالقلق من تصاعد العنف في إدلب وشمالي حماة، حيث تستمرّ الغارات الجوية المتواصلة من قبل روسيا والنظام، وهجمات “هيئة تحرير الشام” وغيرها من الجماعات.
وأضافت المتحدثة في بيان لها، “ندعو جميع الأطراف، بما في ذلك روسيا والنظام السوري، إلى التقيد بالتزامتهم بتجنب شن هجمات عسكرية واسعة النطاق، والعودة إلى تهدئة العنف في المنطقة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق”.
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” أن القصف على ريف ريفي حماة وإدلب تركز على مقرات وتجمعات المجموعات الإرهابية رداً على خروقات اتفاق منطقة خفض التصعيد.
“عملية عسكرية مرتقبة”
يأتي التصعيد العسكري على ريفي حماة وإدلب بعد ختام الجولة 12 من “محادثات أستانة” والتي انتهت يوم الجمعة الماضي، دون التوصل لاتفاق بشأن اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا.
وجاء في البيان الختامي أن “الدول الضامنة اتفقت على إجراء العملية السياسية في سورية بقيادة دمشق ورعاية أممية، كما اتفقوا على ضرورة التنفيذ الكامل للاتفاقيات في إدلب، والعمل على الحد من سيطرة “هيئة تحرير الشام” على إدلب”.
ولكن وسائل إعلام موالية لحكومة دمشق تشير إلى أن معركة مرتقبة ضد فصائل المعارضة السورية في شمالي غرب سوريا تلوح في الأفق.
وقالت صحيفة الوطن الموالية للحكومة السورية، اليوم الأربعاء، أن الجيش السوري أرسل تعزيزات عسكرية سورية، توجهت إلى الجبهات وخاصة الريف الشمالي والغربي لمدينة حماة وأرياف إدلب، تهدف إلى شن هجوم واسع النطاق للسيطرة على المنطقة “المنزوعة السلاح” التي ورد تحديد جغرافيتها في “اتفاق إدلب”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال السبت الماضي، في مؤتمر صحفي بالعاصمة الصينية بكين، أن الهجوم الواسع على إدلب غير مناسب حالياً، “لا أستبعد القيام بعمليات ضد الإرهابيين في منطقة تصعيد إدلب في شمال سوريا، لكن اليوم لا ينصح به بسبب خطر إيذاء السكان المدنيين”.
وأضاف بوتين “من حيث المبدأ أنا لا أستبعد هذا، لكننا نعتقد اليوم مع أصدقائنا السوريين أن هذا غير مناسب”.
وفي هذه الأثناء، قالت وزارة الدفاع الروسية، الأربعاء، بأن لجنة الهدنة الروسية – التركية في سوريا رصدت خلال الـ24 ساعة الآخيرة 3 خروقات لنظام وقف العمليات العسكرية في محافظة حلب وحماة واللاذقية، فيما رصد الجانب التركي 20 خرقاً في محافظات حماة وإدلب وحلب واللاذقية.
وطال قصف مدفعية القوات الحكومية السورية، يوم الإثنين الماضي، محيط النقطة التركية في قرية شير مغار بريف حماة الغربي، مما أدى إلى مقتل وإصابة مدنيين متواجدين بالقرب من النقطة التركية بعد نزوحهم جراء القصف على منازلهم.
وذكرت وسائل إعلام موالية للمعارضة السورية بأن القذائف سقطت على بعد أمتار من نقطة المراقبة التركية، ووقعت القذيفة على بعد شارع واحد من النقطة.
ويواصل الجيش التركي تسيير دوريات بين نقاط المراقبة التابعة له، رغم القصف المكثف الذي تتعرض له المنطقة، ولكن لم تساهم تلك الدوريات بوقف استهداف المنطقة بحسب ما قاله مدنيون لسوريا على طول.
وقال أحمد صبحي، نازح من ريف حماة الشمالي، لسوريا على طول “نقاط المراقبة التركية لا تحمي المدنيين من أي استهداف، وهدفها التوثيق”.
“وأطلقت نقطة مراقبة تركية النار في الهواء لمنع نازحين من سهل الغاب من الوصول إلى النقطة أثناء هربهم من القصف”، بحسب ما ذكر صبحي لسوريا على طول.
وقال عمر أوزكيزيليك، المحلل في مؤسسة “سيتا” في أنقرة، في وقت سابق، لسوريا على طول، أن التصعيد ينسجم مع النمط الاستراتيجي الأوسع، الذي تقوم به الحكومة السورية باستخدام الضغط العسكري لتخريب التعاون التركي – الروسي حول اتفاقية وقف التصعيد، التي وضعت لوقف طموحاتها الإقليمية في الوقت الحاضر.
وقال أوزكيزيليك ” إن النظام يقصف إدلب بشكل منهجي حتى لا يتراجع، وليمنع وقف إطلاق النار، لأنه يرغب في الاستيلاء على إدلب بالكامل، تماشياً مع سياستهم باستعادة كل شبر”.
ويؤكد تصعيد الحكومة السورية ما أعلنه الرئيس السوري بشار الأسد مراراً وتكراراً على عزمه استعادة “كل شبر” من سوريا من فصائل المعارضة، في أعقاب سلسلة الإجلاء القسري، واتفاقيات المصالحة التي أدت إلى نزوح الملايين من السوريين من جيوب سابقة كانت تسيطر عليها المعارضة في جميع أنحاء البلاد نحو الشمال الغربي.
ويعيش نحو 3.5 مليون مدني في شمالي غرب سوريا، محاصرون بين مجموعة من القوات السورية والميليشيات المتحالفة معها من جهة، والحدود التركية المحكمة من جهة أخرى.