5 دقائق قراءة

نساء مشاركات يعبّرن عن آرائهنّ بمؤتمر الحوار الوطني السوري وتمثيلهنّ فيه

نساء سوريات مشاركات في مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي عقد في 24 و25 شباط بدمشق يتحدثن عن المؤتمر ونتائجه ومشاركة المرأة فيه


28 فبراير 2025

دمشق- اختتم في 25 شباط/ فبراير، مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي استمر ليومين بحضور نحو 600 شخص من جميع أنحاء البلاد في القصر الرئاسي بدمشق لمناقشة ستة مواضيع رئيسية: العدالة الانتقالية، الدستور الجديد، إصلاح وبناء المؤسسات، الحريات الشخصية والعامة، ودور المجتمع المدني، والاقتصاد.

كان الغرض من مؤتمر الحوار الوطني، الذي لم توضح الحكومية آلية اختيار المشاركين فيه، وضع مجموعة توصيات للحكومة الانتقالية في سوريا، بناءً على الأولويات التي حددتها الجلسات التحضيرية خلال انعقادها قبل المؤتمر في جميع أنحاء البلاد.

وتضمن البيان الختامي للمؤتمر، الذي صدر يوم الثلاثاء، دعوات لدمشق بضرورة الإسراع في إعلان “الإعلان الدستوري المؤقت”، وتشكيل مجلس تشريعي مؤقت، كما أكد البيان على أهمية حرية التعبير وحقوق الإنسان و”دعم دور المرأة في كافة المجالات”.

تحدثت “سوريا على طول” مع عدد من المشاركات في الحوار الوطني للاستماع إلى وجهات نظرهنّ حول المؤتمر ونتائجه ورأيهن في تمثيل المرأة بهذا الحدث المهم في تاريخ سوريا الجديدة.

قالت سيدة الأعمال والناشطة مجد شربجي، التي شاركت في الجلسة الاقتصادية، أن “المؤتمر منظم بشكل جيد”، ومع ذلك “كان الوقت ضيقاً ولم يتمكن الناس من التحدث إلا مرة واحدة”، كما أوضحت لـ”سوريا على طول”.

سيدة الأعمال مجد شربجي تقف في القصر الرئاسي بدمشق خلال انعقاد مؤتمر الحوار الوطني السوري، 25/ 02/ 2025 (عبد المجيد القرح/ سوريا على طول)

سيدة الأعمال مجد شربجي تقف في القصر الرئاسي بدمشق خلال انعقاد مؤتمر الحوار الوطني السوري، 25/ 02/ 2025 (عبد المجيد القرح/ سوريا على طول)

وقالت سوسن أبو زين الدين، المديرة التنفيذية لـ”شبكة مدنية” لمنظمات المجتمع المدني السوري: “لا ينبغي أن ينتهي الحوار الوطني بهذا اليوم”، وإنما “يجب أن يكون هناك مسار حوار يمتد لفترة زمنية كافية للسماح بمشاركة أوسع”.

وأضافت: ينبغي أن يكون هناك “مساءلة لمعرفة إلى أين ستذهب مخرجات المؤتمر، وكيف ينبغي أن تسهم بطريقة ملزمة في صياغة هذه المرحلة الحرجة. ولم تفصح دمشق حتى الآن عن تفاصيل كيفية دمج توصيات الحوار الوطني في المرحلة الانتقالية.

الأولويات

وعلى الرغم من الإطار الزمني المحدود للمؤتمر، إلا أن “القضايا التي تم طرحها كانت قوية، وأهمها العقوبات المفروضة على الشعب السوري، إذ لم يبق هناك نظام”، بحسب شربجي.

وفي الوقت الذي خفف الاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على قطاعات الطاقة والنقل والمصارف في سوريا، هذا الأسبوع، ما تزال القيود الأميركية مفروضة على القطاع المصرفي والاستثمار الخاص، ما يعيق إعادة الإعمار على نطاق واسع. وكانت العقوبات الدولية قد فُرضت في البداية على نظام الأسد، ولكنها تُستخدم الآن كوسيلة ضغط على الحكومة الحالية في دمشق للتأثير على عملية الانتقال السياسي في البلاد. 

اقرأ المزيد: في مرحلة انتقالية حرجة: العقوبات تقف عقبة أمام تعافي سوريا

وشددت شربجي على أهمية الاقتصاد وارتباطه بـ”الأمن والاستقرار السياسي”، لافتة إلى أن الانتعاش الاقتصادي يؤثر على الشواغل الرئيسية الأخرى للمرحلة الانتقالية في سوريا، بما في ذلك العدالة الانتقالية والحريات. 

وركزت مجموعة عمل أبو زين الدين في المؤتمر على دور المجتمع المدني، وقالت في ذلك: “إن الفضاء المدني جزء لا يتجزأ من مرحلة بناء الدولة”، لذا فإن “حماية هذا الفضاء المدني واستقلاليته هو بالنسبة لي حجر الزاوية لضمان سير عملية الانتقال السياسي بأفضل شكل وعدم وقوعنا في انتكاسات أو العودة إلى الاستبداد”.

سوسن أبو زين الدين، المديرة التنفيذية لـ"شبكة مدنية" لمنظمات المجتمع المدني السوري، تقف في القصر الرئاسي بدمشق خلال مؤتمر الحوار الوطني السوري، 25/ 02/ 2025، (عفاف جقمور/ سوريا على طول)

سوسن أبو زين الدين، المديرة التنفيذية لـ”شبكة مدنية” لمنظمات المجتمع المدني السوري، تقف في القصر الرئاسي بدمشق خلال مؤتمر الحوار الوطني السوري، 25/ 02/ 2025، (عفاف جقمور/ سوريا على طول)

وأكدت أبو زين الدين أيضاً على أن المواضيع التي نوقشت في المؤتمر “مترابطة”، موضحة أن العمل المدني “يبدأ على مستوى الدستور في الحقوق السياسية التي يجب احترامها: الحق في التظاهر، والحق في التجمع، والحق في حرية التعبير والصحافة، والحق في تكوين الجمعيات وتكوين الأحزاب السياسية”، لذا “كل هذه الحقوق يجب أن تكون محمية دستورياً، ثم ننتقل إلى القوانين”، بما فيها تلك التي تحكم عمل المجتمع المدني.

من جانبها، اعتبرت آمنة خولاني، الناشطة الحقوقية والمديرة التنفيذية لمؤسسة عدالتي، أن الخطوة الأولى “لامتلاك بلدنا” تتمثل بالعدالة الانتقالية. اعتُقلت خولاني عام 2013 على خلفية مشاركتها في اعتصامات سلمية، وهي إحدى الناجيات من سجون الأسد. وقالت لـ”سوريا على طول”: “نحن اليوم في قصر الشعب نتحدث عن حياة سياسية جديدة”.

آمنة خولاني، ناشطة حقوقية ومعتقلة سابقة لدى النظام، تقف في القصر الجمهوري بدمشق خلال مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني السوري، 25/ 02 /2025، (عبد المجيد القرح/ سوريا على طول)

آمنة خولاني، ناشطة حقوقية ومعتقلة سابقة لدى النظام، تقف في القصر الجمهوري بدمشق خلال مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني السوري، 25/ 02 /2025، (عبد المجيد القرح/ سوريا على طول)

ومع ذلك، لا يتفق الجميع على شكل الحياة السياسية المستقبلي، إذ بحسب حنين أحمد، ناشطة مدنية من حمص، فإن النقاش حول الحريات الشخصية والعامة تناول “حرية الانتماء والدين والحقوق الثقافية وغيرها”، وقد أخذت الحقوق السياسية الحيز الأكبر من النقاش لأنها كانت “مثيرة للجدل” على حد قولها لـ”سوريا على طول”.

وأشارت أحمد إلى أن “البعض كان مع الحرية المطلقة في الحياة السياسية، والبعض الآخر كان مع قانون ينظم الأحزاب السياسية، فيما ذهب البعض إلى أن الوقت الحالي ليس وقت الأحزاب [السياسية]”، أما بالنسبة لها: “يجب أن تكون هناك حياة سياسية مفتوحة تماماً، سواء كانت أحزاب [سياسية] أو مجتمع مدني”.

دور المرأة

شعرت النساء المشاركات، اللواتي تحدثن لـ”سوريا على طول” أن المرأة لم تكن ممثلة بشكل كافٍ في مؤتمر الحوار الوطني. وفي ذلك، قالت أبو زين الدين: “كنا نأمل أن تكون هناك مشاركة أكبر [للنساء]”، مشيرة إلى وجود الكثير من الأسئلة لديها تتعلق بـ”كيفية تنظيم المؤتمر واختيار المشاركين فيه”.

قدّرت أبو زين الدين أن عدد النساء في الجلسة التي حضرتها لا يتجاوز عشرة من أصل 56 مشاركاً، وكان عدد النساء في جلسة خولاني ستة من أصل 30 مشاركاً، وضمت مجموعة أحمد تسع نساء من أصل 40 مشاركاً، بينما حضرت ثلاث نساء فقط من أصل 45 مشاركاً في الجلسة التي حضرتها شربجي.

قالت أحمد أن دور المرأة كان غائباً بشكل صارخ عن توصيات المناقشات التحضيرية، التي سبقت انعقاد المؤتمر، ونتيجة لذلك جلستها توصيات حول “حماية دور المرأة ومشاركتها في الشأن العام وإلغاء القوانين التمييزية المتعلقة بمنح الجنسية وغيرها”. في سوريا، كما في الدول العربية الأخرى، لا تستطيع المرأة منح الجنسية لأبنائها.

حنين أحمد، ناشطة مدنية من حمص، تقف داخل القصر الجمهوري بدمشق خلال مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني، 25/ 02/ 2025، (عفاف جقمور/ سوريا على طول)

ومع ذلك، لم يتم إضافة أي توصيات تتعلق بالمرأة والاقتصاد في جلسة شربجي، رغم أن هناك عدد كبير من النساء السوريات هنّ المعيلات لأسرهنّ، بعد اعتقال أو قتل العديد من الرجال خلال سنوات الثورة السورية، على حد قولها. في عام 2017، كانت ربع الأسر السورية تقريباً تعيلها نساء، مقارنة بـ4.4 بالمئة فقط في عام 2009. 

ومع ذلك، أبدت شربجي تفاؤلها بمجمل نتائج مؤتمر الحوار الوطني، لكنها تأمل أن ترى “خطة أو لجنة تدعم المشاريع الصغيرة للنساء”. كانت شربجي في السابق رئيسة إحدى منظمات المجتمع المدني، لكنها تعمل الآن في القطاع الخاص لدعم المبادرات الخيرية، خاصة تلك المتعلقة بالتمكين الاقتصادي. 

وشددت خولاني على ضرورة أن تكون النساء صانعات قرار، وليس مجرد مستفيدات، في الوقت الذي تصوغ فيه الحكومة استراتيجية لمعالجة قضايا العدالة الانتقالية، قائلة: “معظم عائلات المعتقلين من النساء. يجب أن تكون النساء صانعات قرار ومشاركات في استراتيجية العدالة”.

وختمت زين الدين: “النساء قادرات أن يكونوا قياديات بكل مناحي الشأن العام ومجالات الحياة”.

شارك هذا المقال