هل المقاتلين الأكراد في عملية غصن الزيتون محررون أم أداة ضد أبناء جلدتهم؟!
مع دخول الهجوم الذي شنته تركيا على مقاطعة عفرين الكردية، […]
6 فبراير 2018
مع دخول الهجوم الذي شنته تركيا على مقاطعة عفرين الكردية، شمال غرب سوريا، أسبوعه الثالث، يشارك المقاتلون الأكراد على الأرض كأحد مكونات الجيش السوري الحر.
يقول مقاتلون أكراد من الجيش السوري الحر أنهم يكافحون من أجل تحرير عفرين مما يصفونه بـ “حكم وظلم” حزب الاتحاد الديمقراطي الحاكم وجناحه العسكري، وحدات الحماية الكردية، بينما تعتبر وحدات الحماية الكردية في عفرين هؤلاء المقاتلين منقلبين على أصولهم و”لا يمتلكون قناعة”.
ومنذ أن أطلقت أنقرة “عملية غصن الزيتون” ضد عفرين قبل أكثر من أسبوعين في ٢٠ كانون الثاني، قصف الجيش التركي ومقاتلو الجيش السوري الحر المقاطعة الكردية المعزولة، في شمال غرب حلب، جواً إلى جانب القصف المدفعي.
من جهتها، تقول تركيا أن القوات التركية وحلفاءها في الجيش السوري الحر استولوا حتى الآن على عشرات البلدات والتلال الاستراتيجية من ميليشيا وحدات الحماية الكردية، ووجهوا ضربات لعفرين في عدة نقاط حدودية.
وخلال الأسابيع الأولى من عملية غصن الزيتون، تحدثت سوريا على طول مع ستة مقاتلين أكراد في الجيش السوري الحر حول دوافعهم في القتال.
واللافت للانتباه مشاركة مقاتلين أكراد في حملة تقودها تركيا ضد المقاطعة الكردية المعزولة في حلب، حيث يقول بعض من أجريت معهم المقابلات إن لديهم أصدقاء وعائلات هناك، ما يثير تساؤلات حول ما يحدث في الزاوية الشمالية الغربية من انقسامات الأكراد السوريين فيما بينهم وما يحدث هناك.
وقال سمعو الحلبي، قيادي كردي في الجيش الحر ومشارك في غصن الزيتون لسوريا على طول “لا يمكن تسمية هذه المعركة أكراد ضد أكراد، أو عرب وأتراك ضد أتراك، المعركة ضد منظمة إرهابية”.
رجل يقف وسط الركام في بلدة عفرين في ٢٤ كانون الثاني. تصوير أحمد شفيع بلال / وكالة فرانس برس.
ومن الصعب التحقق بشكل مستقل من عدد المقاتلين الأكراد في الجيش السوري الحر الذين يشاركون في العمليات العسكرية ضد عفرين، حيث تضاربت الأنباء حول أعدادهم بين العشرات و سبعمائة مقاتل، بحسب تصريحات ستة مقاتلين حاليين وسابقين في الجيش الحر.
ويمكن القول إن لتركيا وكتائب الجيش السوري الحر المدعومة من جانب أنقرة مصلحة في تضخيم عدد الأكراد الداعمين لقضيتهم لإبطال المزاعم بالكراهية والدوافع العرقية، وفي الوقت نفسه، فإن وحدات الحماية الكردية لديها حافز للقيام بالعكس: أي إثبات أن أعداد المشاركين من المقاتلين الأكراد قليل في المعركة.
“أبناء عفرين”
شارك مقاتلون وكتائب كردية في العمليات العسكرية المدعومة من أنقرة منذ إنشاء غرفة عمليات حوار كيليس المدعومة من تركيا، والتي تتألف من كتائب الجيش السوري الحر في شمال سوريا في عام ٢٠١٦.
وشارك مقاتلون أكراد في الجيش السوري الحر في عملية درع الفرات التركية، التي كان الهدف منها طرد تنظيم الدولة وقوات سوريا الديمقراطية في شمال حلب فيما بين آب ٢٠١٦ وآذار ٢٠١٧.
والآن تشارك خمس كتائب كردية تحت اسم “تجمع الثوار الأكراد” وهم: لواء مشعل تمو والجبهة الكردية ودرع القامشلي ودرع عفرين ولواء أحفاد صلاح الدين، في عملية غصن الزيتون، بالإضافة إلى مقاتلين ومتحدثين منتشرين في فصائل أخرى تدعمها تركيا.
وقال مقاتلون من الجيش السوري الحر في بيان صحفي قصير نشر على الانترنت باللغة الكردية مع ترجمة عربية في الأسبوع الأول من عملية غصن الزيتون “نحن أبناء مدينة عفرين نريد العودة وتحرير أرضنا”. ويظهر الفيديو ستة رجال يرتدون ملابس عسكرية ويحملون أسلحة ومن خلفهم علم الثورة السورية.
ومعظم المقاتلين الأكراد، إن لم يكن جميعهم، في الجيش الحر يتشاركون عدم الثقة في حزب الاتحاد الديمقراطي، حيث يقود حزب الاتحاد الديمقراطي الإدارة الذاتية التي تحكم مساحات واسعة من الأراضي جنوب الحدود السورية مع تركيا.
وقال هيثم حمو إعلامي في الجيش الحر المشارك بعملية غصن الزيتون لسوريا على طول “هذه العملية ضد تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي الإرهابي لتخليص شعبنا وأهلنا الكورد من ظلمه وحكمه”.
ويأتي ما قاله حمو مقارباً لما تقوله تركيا، بأن عملية غصن الزيتون تتم ضد جماعة إرهابية، وتعتبر أنقرة حزب الاتحاد الديمقراطي امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الذي يشن هجمات داخل تركيا منذ عقود.
ويقول منتقدو حزب الاتحاد الديمقراطي – بالإضافة إلى الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية – إن الحزب يحكم بيد من حديد في الأراضي التي يسيطر عليها، وقد ذكرت سوريا على طول سابقاً تقييد أنشطة أحزاب المعارضة ومصادرة الممتلكات والتجنيد الإلزامي في مناطق الإدارة الذاتية.
ولا يشارك جميع مقاتلي الجيش الحر الأكراد في المعارك الحالية، ففي تموز ٢٠١٧، أصدر قائد لواء أحفاد صلاح الدين، محمود خلو، بياناً عبر صفحته على الفيسبوك أعلن فيه أن فصيله التابع للجيش السوري الحر لن يشارك في أي عمل عسكري ضد مقاطعة عفرين.
ورداً على بيان خلو، اقتحمت فصائل أخرى في الجيش السوري الحر المقرات الرئيسية للواء أحفاد صلاح الدين واستولت على أسلحة ومركبات، في حين تم اعتقال خلو نفسه وتعذيبه واحتجازه لعدة أسابيع.
مقاتلون في الجيش السوري الحر في بيان مصور عن عملية “غصن الزيتون” في كانون الثاني. تصوير: وكالة خطوة الإخبارية.
في ذلك الوقت، قال القيادي لسوريا على طول إن عفرين “خط أحمر” وأنه يخشى من “مجازر وانتقامات” في عفرين إذا ما حدثت هذه العمليات.
ولكن بعد أيام قليلة من بيان خلو الأولي، رفض لواء أحفاد صلاح الدين من خلال بوست منفصل عبر صفحتهم على الفيسبوك أي “تصريحات تصدر عن شخص أو قرار فردي” مؤكدين “سنكون مع إخواننا السوريين الثوريين والجيش السوري الحر في أي قرار لمحاربة عملاء النظام من حزب الاتحاد الديمقراطي الإرهابي أينما وجدوا سواء داخل عفرين أو خارجها”.
وبعد ستة شهور، شارك لواء أحفاد صلاح الدين في عملية “غصن الزيتون”، كما قاله اثنان من العناصر لسوريا على طول.
ولم تضح قوة وأهمية القوات الكردية المشاركة في المعارك المدعومة من جانب تركيا ضد عفرين على الفور، وأكد محمد صلاح الدين، قيادي عسكري كردي في الجيش الحر، لسوريا على طول مشاركة القوات الكردية في القتال لكن “أولاً وأخيراً ليس لها وزن بالساحة أو بالقرار في المعركة ” بحسب تعبيره.
إن جميع المقاتلين الأكراد المشاركين في عملية غصن الزيتون ممن تحدثوا إلى سوريا على طول في الأيام الأخيرة رسموا خطاً للتفريق بين ما وصفوه بأنه معركة ضد حزب الاتحاد الديمقراطي والهجوم على المدنيين.
وقال مسعود إيبو مقاتل في لواء أحفاد صلاح الدين لسوريا على طول “جميعنا لدينا أهل في مدينة عفرين ونازحين إلى مدينة عفرين، وأقرباؤنا في مدينة عفرين”، وإيبو من ريف الباب في شرق حلب، لكنه يقول إن عائلته تملك أراض في عفرين التي تمت مصادرتها من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي بسبب معارضته للحزب، وتابع قائلاً “نحن نحاول دائماً الابتعاد عن المدنيين”.
وفي الأسبوع الأول من عملية غصن الزيتون، جمعت منظمة Airwars، وهي منظمة رصد مقرها المملكة المتحدة “عدة تقارير موثقة عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين”، مشيرة إلى وفاة ما بين ٤١-٥٥ مدني من قبل القوات المدعومة من جانب تركيا و١٠-١٥ من قبل القوات الكردية.
وقال أحمد مستو، عسكري في التجمع الكردي بعملية غصن الزيتون “بكل الحروب يكون هناك ضحايا مدنيين بنسبة وتناسب تتفاوت من مكان لآخر”، واتهم مستو قيادات حزب الاتحاد الديمقراطي بمنع المدنیین من مغادرة عفرين إلی المناطق المجاورة التابعة للنظام والمعارضة، ولم يتسن لسوريا على طول التأكد مما قاله مستو بشكل مستقل.
في السياق، قال جان إيغلاند مستشار المبعوث الدولي إلى سوريا للصحافيين في جنيف في الأول من شباط أن الأمم المتحدة تلقت تقارير تفيد بأن السلطات المحلية في حزب الاتحاد الديمقراطي “تجعل فرار المدنيين من عفرين أمراً صعباً”.
ووفقاً للأمم المتحدة، فإن ما لا يقل عن ١٥ ألف شخص نزحوا داخل منطقة عفرين من إجمالي عدد السكان البالغ ٣٠٠ ألف نسمة منذ بدء عملية تركيا في ٢٠ كانون الثاني، ويشكل النازحون من مناطق أخرى في سوريا ما يقارب نصف سكان عفرين.
من جهة أخرى قال بيوار مصطفى، وهو مقاتل سابق في الجيش السوري الحر تركه قبل ثلاث سنوات، إنه يعتقد أن “المجموعة الكردية المشاركة مع الجيش الحر وضعها الجيش التركي ليُري العالم أنه هناك أكراد داعمين له”.
وصرح الجيش التركي بأنهم يتخذون “أقصى درجات الحذر” لتجنب وقوع ضحايا بين المدنيين وأن هدفهم هو “إرساء الأمن والاستقرار على الحدود التركية”.
وبالرغم من ذلك، قال القيادي في لواء صلاح الدين إنه بينما يشارك هو وغيره من الأكراد السوريين في المعارك، فإن “لدينا تخوف من قيام فصائل الجيش الحر بأعمال انتقامية ضد المدنيين”.
“مرتزقة”
قال نوري محمود، الناطق باسم وحدات حماية الشعب في عفرين، لسوريا على طول “من يدعون أنهم كرد ويقفون إلى جانب أردوغان فهؤلاء استغنوا عن مبادئهم وعن لغتهم وثقافتهم وحتى عن قناعتهم وهم الآن أناس بلا قناعة لا يمكنهم أن يعيشوا إلا إلى جنب سيد يستغلهم في الأمور الوحشية وليس أكثر”.
واتهم القوات الكردية في الجيش الحر المشاركة في الهجوم بالسماح لنفسها بأن تصبح غطاء سياسيا لأنقرة، حيث تحولوا إلى “أداة بيد أسيادهم حتى ضد أبناء جلدتهم”.
وقال المقاتل السابق في الجيش السوري بيوار مصطفى أن “الجيش الحر الذي يهاجم عفرين الآن هو مرتزقة”.
ويقول مصطفى إنه يخشى أن تفجر العملية “صراعاً” بين العرب والأكراد قد يستمر في المستقبل.
وختم قائلاً “سندخل دوامة كبيرة… والخسارة للجانبين”.
ترجمة: سما محمد