9 دقائق قراءة

آخر مناطق “خفض التصعيد”: نهاية السياسة أم بدايتها؟

جاء هذا التصعيد بعد مقتل ستة جنود أتراك جراء قصف مدفعي للقوات الحكومية على إحدى نقاط المراقبة التركية غرب سراقب، ما دفع الجيش التركي إلى تنفيذ ضربات غير مسبوقة في اتساعها ضد القوات الحكومية


6 فبراير 2020

عمان – في أحدث ردّ تركي على التطورات العسكرية شمال غرب سوريا، أمهل الرئيس رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، القوات الحكومية السورية حتى آخر شباط/فبراير الحالي للانسحاب إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية في محافظة إدلب، معتبراً أن “الهجوم على جنودنا في إدلب بداية لمرحلة جديدة بالنسبة لتركيا في سوريا”.

جاء هذا التصعيد بعد مقتل ستة جنود أتراك جراء قصف مدفعي للقوات الحكومية على إحدى نقاط المراقبة التركية غرب سراقب، في 2 شباط/فبراير الحالي، ما دفع الجيش التركي إلى تنفيذ ضربات غير مسبوقة في اتساعها ضد القوات الحكومية، موقعاً قتلى في صفوفها.

وكانت القوات الحكومية والمليشيات المساندة لها، وبدعم روسي، تمكنت من الوصول إلى طريق حلب-اللاذقية الدولي (M4)، بعد سيطرتها، في 3 شباط/فبراير الحالي على بلدة النيرب الواقعة على بعد سبعة كيلومترات إلى الشرق من مدينة إدلب، وقبلها معرة النعمان، ثاني أكبر مدينة في محافظة إدلب بعد إدلب المدينة. كما تمكنت ليل أمس من دخول أطراف مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، والتي تعد عقدة التقاء طريقي دمشق-حلب الدولي (M5) وحلب-اللاذقية الدولي (M4).

في 9 كانون الثاني/يناير الماضي، توصلت موسكو وأنقرة إلى اتفاق لوقف إطلاق نار في محافظة إدلب، لم تلبث دمشق وحليفتها موسكو أن أطلقتا بعد ساعات من دخوله حيز النفاذ حملة عسكرية جديدة باتجاه مدينة معرة النعمان على طريق (M5)، ترافقت مع قصف مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى موجة نزوح كبيرة في صفوف المدنيين، وتالياً سيطرة القوات الحكومية على المدينة، في 28 كانون الثاني/يناير الماضي، مع مواصلة التقدم باتجاه مدينة سراقب، آخر المدن الرئيسة الخاضعة لسيطرة المعارضة على طريق (M5)، والتي شهدت تعزيزاً لنقاط المراقبة التركية الموجودة فيها، وعددها أربع نقاط تتوزع على اتجاهات المدينة الأربعة.

وبسيطرة دمشق على سراقب، تكون قواتها على مسافة 45 كيلومتراً من استعادة السيطرة الكاملة على طريق (M5) الذي تنتشر على جانبيه مجموعة من القرى والبلدات الصغيرة التابعة لريفي إدلب الشرقي وحلب الغربي. وكذلك على مسافة 50 كيلومتراً من السيطرة على طريق (M4)، الذي يتطلب منها السيطرة على مدينتي أريحا وجسر الشغور، إضافة إلى عشرات القرى والبلدات الصغيرة المنتشرة على جانبي الطريق.

حسم سريع

تكرر الحديث عن الطريقين الدوليين (M4) و(M5) باعتبارهما أحد أهداف دمشق وموسكو. إذ نص اتفاق سوتشي بين موسكو وأنقرة في أيلول/سبتمبر 2018، على ضرورة استعادة الحركة التجارية على الطريقين بحلول نهاية العام 2018، بعد تشكيل “منطقة عازلة” منزوعة السلاح بعمق يتراوح بين 15-20 كيلومتراً في شمال غرب سوريا، على طول خط التماس بين القوات الحكومية والمعارضة، ووقف إطلاق النار، وإنشاء نقاط مراقبة روسية وتركية منفصلة، وتسيير دوريات مشتركة لمراقبة المنطقة.

وفيما بدا جلياً الخلاف الروسي-التركي على آلية تنفيذ الاتفاق، فإن “الروس يسعون إلى بسط [دمشق] سيطرتها الكاملة على منطقة [إدلب وريف حلب الغربي] متذرعين بالسيطرة على الطرق الدولية”، كما قال المحلل العسكري والاستراتيجي السوري أحمد حمادة لـ”سوريا على طول”. لافتاً إلى أن “الأتراك يدركون أن الروس لن ينفذوا الهدنة [في محافظة إدلب، والتي توصلت لها موسكو وأنقرة في 9 كانون الثاني/يناير الماضي] ولا اتفاق سوتشي، وأن النظام يرتكب المجازر ويهجر الناس بهدف الضغط على تركيا”.

فعلى النقيض من تصريحات روسية سابقة بعدم شن عمليات عسكرية واسعة، “تسارعت الهجمات و[اشتدت] الكثافة النارية” للقوات الحكومية والطيران الروسي في محاولة لبسط السيطرة على مساحات واسعة على جانبي (M4) و(M5) خصوصاً في آخر مناطق خفض التصعيد التي توصلت إليها موسكو وطهران وأنقرة في مباحثات أستانة. وربما يأتي تسريع العمليات العسكرية من قبل دمشق وموسكو، على خلفية “تضييق الخناق الغربي على النظام  اقتصادياً، وبالتوازي مع اقتراب تنفيذ الولايات المتحدة لقانون سيزر”، كما قال محمد سرميني، رئيس مركز جسور للدراسات، ومقره تركيا، لـ”سوريا على طول”.

أما بشأن تهاوي المقاومة في مواجهة القوات الحكومية والمليشيات المتحالفة معها، فقد أرجعه العقيد الطيار مصطفى بكور، القيادي في الجيش الحر في إدلب، إلى “صعوبة المعركة التي يخوضها الثوار على الجبهات كافة”. موضحاً في تصريح لـ”سوريا على طول” بأن “كل قوة النظام، المدعوم من المليشيات الإيرانية والقوات الخاصة الروسية المجهزة بأحدث التقنيات ووسائط الرصد ومدفعية وصواريح وأجهزة رؤية ليلية، تركزت في قطاع ضيق مسيطر عليه من الجو بواسطة الطيران الروسي الذي يتبع سياسة الأرض المحروقة، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً بمختلف أنواعها”. يضاف إلى ذلك “سياسة الضغط على المدنيين من خلال ارتكاب المجازر. والجميع يعرف أن هؤلاء المدنيين هم أهالي الثوار”، بحسب بكور.

وفيما اتفق المتحدث باسم الجناح العسكري لهيئة تحرير الشام، أبو خالد الشامي، مع تفسير بكور، بأن السقوط السريع للمناطق في سيطرة القوات الحكومية سببه “الحملة الواسعة والعنيفة التي تشنها قوات الاحتلال الروسي باستخدام تغطية نارية كبيرة، مع فتح أكثر من محور في الوقت نفسه”، فإنه أشار في في حديثه إلى “سوريا على طول” إلى “انخراط الفصائل الثورية [المعارضة وهيئة تحرير الشام] في عملية صد هذا العدوان. إذ أبدت تفاعلاً غير مسبوق في زج قواها في المحاور المشتعلة لاستيعاب الحملة أولاً، وثم محاولة كسرها عبر استخدام بعض التكتيكات العسكرية التي من شأنها إحداث خلخلة في صفوف قوات العدو وإنهاكه”.

لكن قيادياً عسكرياً معارضاً في شمال غرب سوريا، اتهم هيئة تحرير الشام في تصريح لـ”سوريا على طول” بأنها “لم تطلق رصاصة في معرة النعمان، ومن قبلها كفروما [غرب المعرة]”، بل إن “المنطقة تم تسليمها للنظام”. وكما أوضح، فإنه “بدل أن تضع الهيئة ثقلها في المعركة، سحبت سلاحها الثقيل من معرة النعمان وما حولها على دفعات إلى البلدات الحدودية مع تركيا، قبل أسبوع من معارك النظام الأخيرة”، معتبراً أن “ما حصل في معرة النعمان سيناريو مشابه تماماً لما حصل في خان شيخون. وكنا نتوقع أن الهيئة لن تتخلى عن منطقة كالمعرة بهذه السهولة”.

هذا الأمر أكد عليه محمد عبد الرحمن (اسم مستعار) الذي عمل سابقاً إعلامياً في مركز تابع للهيئة. إذ شدد على أن “من صدّ هجمات النظام على جبهات معرة النعمان وكفروما هم أبناء المنطقة بسلاحهم الخفيف”، إضافة إلى “انشقاق بعض عناصر الهيئة من أبناء المنطقة عن التنظيم ومشاركتهم بشكل فردي لصدّ الهجوم”. أما مشاركة بعض المجموعات التابعة للهيئة فقد جاء، كما قال، “حفظاً لماء الوجه أمام الناس، ومن دون سلاح ثقيل”.

لكن مسؤول التواصل الإعلامي في هيئة تحرير الشام، تقي الدين عمر، نفى “ما أشيع عن سحبنا للسلاح الثقيل من المنطقة”، مضيفاً في تصريح لـ”سوريا على طول”، أن “جميع الفصائل العسكرية تعلم مدى الثقل العسكري الذي تضعه الهيئة في معاركها مع الروس والنظام. إلا أن الحشود العسكرية من قبل الأخيرة أدت إلى خسارة مناطق في ريف إدلب”. 

معارك جانبية؟

بالتزامن مع الهجوم الحكومي-الروسي المتواصل على محافظة إدلب، أطلقت فصائل الجيش الوطني، المدعوم من تركيا، وهيئة تحرير الشام، عمليتين عسكريتين منفصلتين، في 1 شباط/فبراير الحالي، ضد القوات الحكومية والمليشيات المتحالفة معها في ريف حلب الشرقي والغربي. إذ بدأت مجموعات من الجيش الوطني عملية عسكرية انطلاقاً من مدينة تادف في ريف مدينة الباب شمال شرق حلب، هاجمت فيها مناطق سيطرة القوات الحكومية على جبهتي الدغلباش وأبو الزندين، وتمكنت على أثرها من “السيطرة على قرى غرب مدينة الباب بريف حلب الشمالي [لفترة وجيزة ثم انسحبت منها]”، كما ذكر لـ”سوريا على طول” نصر العكل، عضو المكتب الإعلامي في الجبهة الوطنية للتحرير، التي تنضوي مجموعات منها في صفوف الجيش الوطني السوري بريف حلب الشمالي.

في اليوم ذاته، أعلنت هيئة تحرير الشام التي تسيطر على أجزاء واسعة من ريف إدلب وحلب الغربي، عن عملية عسكرية في ريف حلب الغربي، بدأتها بتفجير سيارتين مفخختين استهدفتا مواقع للمليشيات الإيرانية والقوات الحكومية في المنطقة، بحسب قناة وكالة “إباء” التابعة للهيئة على تطبيق “تلغرام”.

واتبعت الهيئة في هذه العملية، بحسب ما ذكر أبو خالد الشامي، تكتيك “الإغارة والعمليات الانغماسية”. مؤكداً في الوقت ذاته أنهم أوقعوا “خسائر كبيرة في صفوف العدو [القوات الحكومية وحلفائها] خلال الـ45 يوماً الماضية، وصلت إلى أكثر من 1500 قتيل، بينهم أكثر من 140 ضابطاً، بالإضافة إلى مقتل عدد من الجنود الروس، وجرح المئات من قوات العدو”. كما “خسر النظام أكثر من 50 دبابة وعربة “بي إم بي”، بين تدمير وغنيمة لصالحنا، عدا عن السيارات والمدافع وغيرها من الآليات العسكرية”.

وجاء توقيت العمليتين بعد ساعات على تهديد الرئيس أردوغان بـ”استخدام القوة العسكرية لإرساء الاستقرار في سوريا”. مشدداً على أن “النظام السوري ما يزال يريق الدماء في سوريا”، ومحذراً من أن “تركيا لم ولن تبقى متفرجة حيال الوضع في إدلب أو المناطق الأخرى في سوريا”.

في هذا السياق، قالت وسائل إعلام محلية معارضة إن اتفاقاً جرى بين هيئة تحرير الشام وحركة نور الدين الزنكي، في 29 كانون الثاني/يناير الماضي، تسمح الهيئة بموجبه عبور مجموعات مسلحة تابعة للزنكي من مكان تواجدهم حالياً في ريف حلب الشمالي إلى جبهات ريف حلب الغربي التي كانت تحت سيطرة الحركة قبل طردها منها على يد تحرير الشام، في كانون الثاني/يناير 2019.

وقد أكد الاتفاق مصدر مقرب من “الزنكي”، طلب إلى “سوريا على طول” عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية. موضحاً أنه “جرت مفاوضات مع هيئة تحرير الشام بشأن عودة مقاتلي الزنكي للرباط على جبهاتهم التي هجروا منها غرب حلب. وبالفعل عادت مجموعات من عدة فصائل انضوت في الجيش الوطني”. مستدركاً بأن “الهيئة وافقت على ذلك [شريطة] أن تكون العودة باسم فيلق المجد، وليس تحت مسمى الزنكي”.

ورغم كون هيئة تحرير الشام مسؤولة عن إضعاف فصائل المعارضة شمال غرب سوريا، ولاسيما مصادرة سلاحها الثقيل، قال أبو خالد الشامي: “نحن ندعو كل من يريد الالتحاق بالجبهات إلى الدخول والمشاركة في صدّ هذه الحملة الكبيرة التي تهدف إلى احتلال كامل الأرض المحررة [الخاضعة لفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام] وليس فقط تأمين الطرق الدولية”. مضيفاً: “المعركة اليوم مصيرية، وتحتاج جميع الجهود لتستطيع أن تقف أمام ما يحاك لهذه الثورة والشعب الحر الأبي”.

غير أن القيادي العسكري المتواجد في شمال غرب سوريا كشف عن أن “قوات النخبة [التابعة للهيئة] التي شاركت في العمل العسكري في ريف حلب الغربي، كانت قد نُقلت من محور الكبينة [بريف اللاذقية]”. متسائلاً في حديثه لـ”سوريا على طول”: “لماذا أرسلتهم الهيئة إلى حلب بدلاً من إدلب لصد الهجوم هناك؟”. مضيفاً: “البعض يقول الضامن [تركيا] هو السبب، ويريد من ذلك إرسال رسائل سياسية لروسيا. وأنا أقول إن الهيئة هي التي تملك الأرض والسلاح وهي صاحبة الكلمة الفصل، وهي من سلمت المنطقة. في النهاية الضامن يهتم بمصالحه فقط”.

وبخلاف ما تم تداوله إعلامياً بشأن هدف عملية الجيش الوطني أيضاً في ريف حلب، اعتبر سرميني أن “تحميل عملية الجيش الوطني رسائل إقليمية، وخاصة ما تم تداوله عن ارتباطها بأثر معارك إدلب، والخلل في التفاهمات التركية-الروسية في مختلف الملفات والمناطق، هو أمر مبالغ فيه”. موضحاً أن “العملية التي قام بها الجيش الوطني شرق حلب مرتبطة بشكل مباشر بتحركات النظام هناك. إذ توقعت فصائل المعارضة انتقال المواجهات مع النظام إلى جبهات مختلفة”.

في السياق ذاته، أكد العقيد بكور على أهمية أي عمل وفي أي مكان ضد القوات الحكومية. ذلك أن “تحرك الثوار في درعا ودير الزور اللتين تغليان، وما حصل في حلب، تعد أمراً جيداً، ومن المستحسن تكرار مثل هذه العمليات في حلب والساحل ومناطق أخرى، كون الأمر يساعد في تخفيف الضغط على إدلب ويعيق تنفيذ المخططات الروسية على الأرض”.

الموقف التركي

رغم أن تركيا “قلقة من آثار الكارثة الإنسانية، واستخدام الروس هذا الحجم الكبير من العنف والتدمير” كما قال سرميني، فإنها “تحاول الحفاظ على مسار التواصل والمفاوضات مع موسكو، وتجنب الصدام المباشر”. مستدلاً بما جاء على لسان الرئيس التركي بأنه “لا توجد حاجة لدخول تركيا في نزاع خطير أو تصادم مع روسيا، [إذ هناك] مبادرات استراتيجية جدية للغاية معها”.

على الجانب الآخر، تريد روسيا، بحسب سرميني، “تحقيق أكبر قدر من السيطرة الجغرافية، مع حفاظها على علاقاتها التفاوضية مع تركيا فيما يتعلق بتفاهمات شرق الفرات وشمال حلب وحفاظها على إطار أستانا وتفاهم سوتشي، لكن بصورة جديدة يتم رسمها في هذه الحملة التي ستحمل نتائجها إلى طاولة المفاوضات”.

لكن رغم محاولة الأتراك تغليب المفاوضات على الحل العسكري الذي ترغب فيه روسيا لتنفيذ اتفاقياتها، لم يستبعد سرميني “لجوء تركيا إلى استخدام الفصائل المدعومة من قبلها لإحداث فارق في المواجهات العسكرية واستنزاف النظام”، في محاولة “للحد من الدخول الواسع والسريع الذي ترغب فيه روسيا”.

أيضاً، تستخدم تركيا “سياسة الرد المضاعف على قوات النظام، كأمر طبيعي رداً على قصف النقاط التركية، وسقوط ضحايا وجرحى من القوات التركية” برأي سرميني. إذ أطلق الجيش التركي 122 قذيفة مدفعية و100 قذيفة هاون على 46 هدفاً لقوات النظام السوري، تسببت بمقتل نحو 35 عنصراً من القوات السورية، كإحصائية أولية، كما صرّح أردوغان، في 3 شباط/فبراير الحالي.

وإضافة إلى أن هذا الرد التركي “يعكس الحزم في التحرك”، كما أوضح سرميني، فإن “التصريحات القوية والإعلان عن استهداف وقتل عناصر النظام بشكل مضاعف، يشير إلى رسالة تركية صريحة بالتأكيد على قواعد الاشتباك الخاصة بقواتها، والتي تستند إلى مشروعية نقاط المراقبة الخاصة بها، وإلى تعديلات تفاهم أضنة القديم [المبرم بين أنقرة ودمشق في 1998، ويسمح للقوات التركية بدخول الأراضي السورية بعمق خمسة كيلومترات لتعقب “الإرهابيين”] بتفاهمات سوتشي وأستانة”.

بدوره، توقع القيادي العسكري بكور “تطور التوتر التركي-الروسي أكثر، في ظل استمرار الروس في تنكرهم للاتفاقيات مع الأتراك”. مضيفاً: “ربما بدأ الأتراك الآن يقتنعون بأن الروس لا يمكن أن يكونوا شركاء في الحل السياسي المزعوم”. في المقابل، يبدو “الروس في موقف حرج الآن؛ إذ لا يمكنهم التراجع عما أعلنوا عنه [عزمهم] السيطرة الكاملة على شمال سوريا، لذلك يسابقون الزمن لتحقيق أكبر قدر من السيطرة ولو كان ذلك ثمنه عدداً كبيراً من الضحايا المدنيين والعسكريين”.

مستقبل “أستانة”

بحسب المحلل العسكري والاستراتيجي أحمد حمادة، فإن “ما يجري على أرض الواقع يعني أن محادثات أستانة أصبحت من الماضي”. معتبراً أن “الموقف الروسي-الإيراني يسعى إلى ذلك، فيما الموقف التركي جاد في التمسك بما اتفق عليه، وهو الحفاظ على منطقة [خفض التصعيد]”، مستدلاً على ذلك بالتعزيزات العسكرية التركية الكبيرة وإنشاء نقاط مراقبة جديدة في محيط مدينة سراقب الاستراتيجية. كما اعتبر أنه في حال “دعمت الولايات المتحدة الأميركية الموقف التركي فإن الأمور ستتجه لتفاهمات أخرى أو العودة لما هو متفق عليه”.

ورغم أن تركيا اعتبرت، على لسان أردوغان في 29 كانون الثاني/يناير الماضي، أنه “لم يعد هناك شيء اسمه مسار أستانة”، فإن الرئيس التركي ذاته دعا الضامنين الآخرين روسيا وإيران إلى “إحيائه مجدداً”.

شارك هذا المقال