10 دقائق قراءة

أبرز معالم سوريا في 2022 وتوقعات عام 2023

في عام 2022، وصلت الأزمة الإنسانية والسياسية والاقتصادية في البلاد إلى مستويات غير مسبوقة من التدهور


19 ديسمبر 2022

بيروت- في عام 2022، أي بعد نحو اثني عشر عاماً على اندلاع الثورة السورية التي تحولت إلى حرب، وصلت الأزمة الإنسانية والسياسية والاقتصادية في البلاد إلى مستويات غير مسبوقة من التدهور.

تعمل حكومة دمشق، التي تعاني من ضائقة مالية، على تحويل البلاد إلى دولة مخدرات، ويواصل تنظيم “داعش” المهزوم إقليمياً شن هجماتٍ إرهابية، وما تزال الخطوات الدولية نحو التطبيع مع نظام الأسد مستمرة، وإن كانت ببطء.

الجبهات في شمال شرق البلاد وغربها هادئة، لكن هدوء بركان قابل للاشتعال. رغم أنّ تركيا لم تنفذ إلى الآن تهديداتها المستمرة على مدى أشهر بشن هجوم ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، لكن إن حصل الهجوم البري فسيكون له تداعيات كبيرة على سوريا في عام 2023.

الشمال الشرقي

في شمال شرق سوريا، الواقع تحت سيطرة “قسد”، بقيادة الكرد، مع وجود جنود للولايات المتحدة وروسيا ودمشق وإيران وتركيا والجيش الوطني (المعارض) المدعوم منها، هددت أنقرة مراراً وتكراراً، منذ أيار/ مايو، باجتياح المنطقة برياً، وصعّدت خلال تلك الفترة من عمليات اغتيال استهدفت قادة “قسد” وحزب العمال الكردستاني (ب ك ك) في سوريا بالطيران المسير والضربات الصاروخية.

في تشرين الثاني/ نوفمبر، أدى تفجير اسطنبول إلى تقريب احتمالات العمل العسكري، إذ اتهمت السلطات التركية “قسد” و”ب ك ك” بتنفيذ الهجوم، الذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 81 آخرين، لترد على الهجوم بشن غارات جوية وقصف نقاط في شمال شرق سوريا وكردستان العراق.

“أثبتت الحملة الجوية التركية فاعليتها في توجيه ضربات دقيقة ضد كوادر حزب العمال الكردستاني، وتقييد قدرة قيادات قسد على التحرك في المناطق المفتوحة. ولكن هل سيكتفي أردوغان بهذا القدر أم لا، فهذا ما لم يتضح بعد”، كما قال تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط لـ”سوريا على طول”.

يرى العديد من الخبراء احتمالية شن هجوم بري تركي في عام 2023، “من المحتمل جدا أن تكون هناك عملية”، وفق غريغوري ووترز، محلل في مجموعة الأزمات الدولية، مرجحاً استهداف “تل رفعت [مدينة في ريف حلب الشمالي تسيطر عليها قسد]، أكثر من منبج أو كوباني”.

حتى الربيع، يتعين على أردوغان إظهار العزم على تقييد قسد أكثر، وتوسيع “المنطقة العازلة” عبر الشمال كحلٍ أمثل. يعني ذلك حالياً أن “تل رفعت وكوباني ومنبج ضمن المناطق المستهدفة، لكن هذا لا يعني الاجتياح البري بالضرورة”، بحسب ليستر.

من جهتها، اتفقت إليزابيث تسوركوف، زميلة في معهد نيو لاينز، على أن خطر الغزو التركي “كبيرٌ جداً”، غير أنها أوضحت أن “خصوم تركيا في سوريا يقفون جميعاً في وجه هذا الهجوم، سواءً كانت إيران أو روسيا أو الولايات المتحدة”.

وفي مواجهة التهديدات التركية، ألمحت “قسد”، الشريك الرئيس للولايات المتحدة في عملياتها ضد “داعش” في سوريا، إلى استعدادها لخوض محادثات مع دمشق خلال عام 2022، “وكانت قسد دائماً على استعداد للتحدث مع نظام الأسد”، وفق ليستر، مستبعداً أن تمنح الأولوية لمسار دمشق. ومع ذلك، “قد تثبت الأيام القادمة أن رأي الداعمين في صفوف قسد للعمل مع دمشق أكثر إقناعاً”، كما أضاف.

لم تقتصر مساعي “قسد” تجاه دمشق على خوض المحادثات فحسب، ففي تموز/ يوليو أعلنت قسد تحالفها مع النظام، ، بهدف حماية مناطق نفوذها من هجومٍ تركي متوقع، وأسفر التحالف عن إنشاء غرف عمليات عسكرية مشتركة، وتعزيز مناطق قسد بقوات للنظام.

وكانت قوات النظام منتشرة في هذه المناطق منذ عام 2019، عندما طلبت “قسد” تعزيزات من دمشق، لمواجهة تركيا التي اجتاحت الحدود السورية بمشاركة الجيش الوطني “المعارض” في عملية “نبع السلام”.

لكن الوجود الأميركي في شمال شرق سوريا يظل عاملاً رئيسياً في حسابات “قسد”، وطالما أن واشنطن “موجودة هناك، فلن تستسلم قوات سوريا الديمقراطية لمطالب دمشق، والأخيرة مستعدة للانتظار حتى رضوخ قسد”، كما أوضح ووترز، مستبعداً توقع حدوث تغيرات مهمة في ظل إدارة بايدن، عام 2023، لكن “النظام يلعب على المدى الطويل”.

تنظيم “داعش”

نفذ تنظيم “داعش هجمات عبر خلاياه، في عام 2022، ليثبت أنه ما يزال مصدر تهديد  رغم فقدانه السيطرة على الأراضي السورية.

في شمال شرق سوريا، نفذت خلايا “داعش” 262 هجوماً، راح ضحيتها 313 عسكرياً ومدنياً، وفقاً لمركز معلومات روج آفا. سُجِّلت نصف هذه الوفيات تقريباً في كانون الثاني/ يناير، خلال هجومٍ للتنظيم، دام تسعة أيام، على سجن الصناعة في مدينة الحسكة، الذي كان يضم 3000 سجين من داعش، و700 طفل على صلة بالتنظيم.

في عام 2023، يتنبأ ووترز بتهديد على نفس المستوى، أي “يفرض ضغوطاً متفاوتة، ولكنها مستمرة”، عبر هجمات تنفذها خلايا “داعش” النائمة، وهجومٍ كبير واحد على الأقل، أو محاولة الهجوم، في شمال شرق سوريا.

في هذا العام، خسر تنظيم “داعش” اثنين من قياداته: أبو إبراهيم القرشي، الذي قتل بغارة أميركية استهدفته بريف إدلب، في شباط/ فبراير، وخليفته أبو الحسن الهاشمي القرشي، أثناء عملية ضد التنظيم شنّها مقاتلون سابقون في الجيش الحر بدرعا، في تشرين الأول/ أكتوبر.

ربما يكون مقتل القياديين بمثابة صفعةٍ لـ”داعش”، لكن من وجهة نظر ووترز، التنظيم المتطرف

في وضعه الراهن ليس بحاجة ماسة إلى “إدارة رفيعة المستوى”، لأنه يركز على “التدريب والتجنيد والعمليات المالية ذات المستوى المنخفض والتمهيد لتحطيم الثقة المحلية بمؤسسات قسد وحزب الاتحاد الديمقراطي”.

ما تزال آثار سيطرة تنظيم “داعش” على الأرض ملموسة في مخيم الهول، الذي تديره “قسد”، إذا ما يزال 53,845 امرأة وطفل، مرتبطين بالتنظيم طي النسيان داخل أسواره، بما في ذلك نحو ثمانية آلاف مواطن دولة ثالثة، وكذلك مخيم الروج، الذي يضم أكثر من خمسة آلاف امرأة وطفل.

في عام 2022، أُعيِد 511 امرأة وطفل، مرتبطين بداعش إلى أوطانهم، وفقاً لبيانات مركز معلومات روج آفا، كما أعادت كلاً من كازاخستان وروسيا وأوزبكستان عدداً كبيراً من مواطنيها المحتجزين في المخيمات منذ عام 2019.

الشمال الغربي

في عام 2022، لم يطرأ تغيير على خطوط التماس في شمال غرب سوريا، ولكن وقعت اقتتالات كبيرة بين فصائل الجيش الوطني المدعوم من تركيا، كان أبرزها تدخل هيئة تحرير الشام، في تشرين الأول، أكتوبر، في الاقتتالات، وتوغلها خارج مناطق نفوذها في إدلب إلى مدينة مدينة عفرين وما وراءها، الواقعة تحت سيطرة الجيش الوطني، إلى أن تدخلت تركيا لوقف التصعيد.

إذا فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، المزمع إجراؤها في حزيران/ يونيو 2023، قد يستمر تدخل تركيا في الشمال الغربي، لكن خسارته في الانتخابات قد تؤثر على السياسة الخارجية التركية في سوريا.

‏وقد يكون فوز حزب الشعب الجمهوري (المعارض) “مصدر قلق”، لأن المعارضة التركية وعدت ، حال فوزها، أن تقلل من تدخلها في النزاعات الخارجية، وهو موقف قد تغيّره بمجرد “اطلاعها على الواقع الأمني العسكري” في شمال غرب سوريا، بحسب ووترز. وبدوره، يمكن أن يفضي الانسحاب التركي إلى “موجة جديدة ضخمة من اللاجئين إلى تركيا وزيادة نفوذ حزب العمال الكردستاني”.

“قد تكون خطوط الصراع مع النظام مجمدة منذ عدة سنوات” في شمال غرب سوريا، المعقل الأخير الخارج عن سيطرة النظام، لكن “المنطقة ما تزال على حافة الهاوية، وزعزعة الاستقرار فيها قد تؤدي إلى تدافع ملايين النازحين إلى الحدود التركية”، وفقاً ليستر.

تتمثل إحدى الركائز الأساسية لسياسة أردوغان في سوريا في منع تدفق اللاجئين، وهو سيناريو محتمل  في حال حدوث أي هجوم للنظام. في الوقت الذي يتحدث حزب العدالة والتنمية “عن إعادة التواصل مع نظام الأسد، فإن التأثير المهول لشمال غرب سوريا سيكون الورقة النهائية الرابحة، التي ترجح أي اعتبارات أخرى بشأن دمشق”، كما قال ليستر.

الأزمة الإنسانية ومساعدات الأمم الأمم المتحدة

في تموز/ يوليو، وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على تجديد آلية المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، عبر معبر باب الهوى في إدلب، رغم وجود مخاوف من عرقلة روسيا لتمرير القرار آنذاك.

من جديد، ستكون آلية إيصال المساعدات، التي تمثل شريان الحياة لملايين السوريين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية أمام تصويتٍ آخر في كانون الثاني/ يناير 2023 للبت في إمكانية تمديد عملها.

في عام 2022، بلغ أعداد السوريين الذين يحتاجون للمساعدات الإنسانية 14.6 مليون سوري، ووصلت نسبة الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي إلى 54%. واصلت الليرة السورية هبوطها، وعمّت أزمة الكهرباء والوقود جميع أنحاء البلاد.

وكذلك، تفشّى وباء الكوليرا الناجم عن تلوث مصادر المياه، إذ سجلت سوريا إصابة 35 ألف شخصاً، ووفاة 92 على الأقل، حتى لحظة نشر هذا التقرير.

على خلفية الأزمة الإنسانية المتفاقمة في سوريا، طال قطاع المساعدات التابع للأمم المتحدة شكاوى بالفساد وانعدام الشفافية. وفي هذا السياق، تعرّضت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا لوابلٍ من الانتقادات في تشرين الأول/ أكتوبر تتهمها بسوء إنفاق التمويل وتوقيع عقودٍ مع شخصيات رفيعة المستوى في النظام السوري. 

وفي الشهر ذاته، كشف تحقيق حول أكبر 100 مورِّد للأمم المتحدة في سوريا أجراه البرنامج السوري للتطوير القانوني (SLDP) ومرصد الشبكات السياسية والاقتصادية (OPEN) أنّ 23% من أموال مشتريات الأمم المتحدة ذهبت إلى شركات تخضع للوائح العقوبات الغربية. كما وجد التقرير نفسه أن 47% من الأموال مُنحت لمنتهكي حقوق الإنسان، بما في ذلك شركة صقر الصحراء ذ.م.م، وهي شركة يملكها جزئياً زعيم ميليشيا قوات الدفاع الوطني في دمشق، التي ارتكبت مجزرة التضامن عام 2013.  

عمليات العودة

في عام 2022، وثّقت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 43,254 حالة عودة إلى سوريا، ليبلغ عدد عمليات العودة المسجّلة منذ عام 2016 حتى نهاية تشرين الأول/ أكتوبر لهذا العام 346,387. تصاعدت الضغوط لإعادة اللاجئين السوريين في لبنان وتركيا، في ظل ارتفاع خطاب الكراهية والاعتداءات التمييزية في كلا البلدين. 

رحّلت السلطات التركية مئات اللاجئين، وأجبرت بعضهم على توقيع استمارات العودة الطوعية وفقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش. أصبح اللاجئون قضية جدلية مفصلية في انتخابات 2023 المقبلة، وفي وقت سابق من هذا العام شدّد أردوغان مجدداً على خططه لإعادة مليون لاجئ إلى شمال سوريا. 

وتوقعت تسوركوف استمرار عمليات الترحيل في عام 2023، معتبرة أن “أردوغان يقدِّم عمليات الترحيل كدليلٍ على نجاح سياسته، وعلى فرضية أن إنشاء تركيا لهذه المنطقة الآمنة في الشمال [من سوريا]، سيتيح العودة الطوعية للاجئين”، وشككت بصفة “الطوعية” في عمليات العودة.

أيضاً، في عام 2022، استأنفت السلطات اللبنانية تعاونها مع دمشق لتنسيق وتنظيم عمليات العودة الطوعية، التي توقفت مؤقتاً مع بدء تفشي فيروس كوفيد-19. ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر، عاد أكثر من ألف لاجئ سوري من لبنان عبر عمليات العودة المنظمة.

دفع الدمار الاقتصادي بالكثير من السوريين في لبنان إلى العودة، كما حاول البعض الوصول إلى شواطئ أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط. في عام 2022، تحطم في هذا المسار قاربين للمهاجرين ما أسفر عن غرق 141 شخصاً. 

المساءلة

بدأ عام 2022 بإصدار القضاء الألماني حكماً، في محاكمة كوبلنز التاريخية، يقضي بالسجن مدى الحياة على أنور رسلان، الرئيس السابق لقسم التحقيقات في فرع الخطيب، سيء الصيت، بعد إدانته بجرائم ضد الإنسانية.

لم تكن هذه القضية سوى واحدة من أصل أكثر من 28 قضية متعلقة بسوريا، رُفِعت في المحاكم الأوربية الداخلية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، إذ تحول روسيا والصين دون إمكانية المقاضاة في المحكمة الجنائية الدولية أو إنشاء محكمة خاصة تابعة للأمم المتحدة.

وفيما يتعلق بمساءلة الشركات، صادقت محكمة الاستئناف في باريس على لائحة اتهام شركة لافارج الفرنسية بتمويل الإرهاب والتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها جماعات مسلحة في سوريا. اعترفت الشركة بالذنب، أمام محكمة أميركية، لدعمها تنظيم “داعش” مالياً، ودفعت غرامة مقدارها 777.8 مليون دولار.

في آب/ أغسطس، أوصى الأمين العام للأمم المتحدة بإنشاء آلية دولية للكشف عن مصير المفقودين السوريين، وهي ثمرة جهود أفراد عائلات المفقودين والمختفين قسراً في سوريا على مدى سنوات. ويًترك الآن للجمعية العامة للأمم المتحدة التصويت على إنشاء هذا الكيان الجديد.

ورغم التوقعات بصدور قرارٍ من محكمة العدل الدولية، عام 2022، يقضي فتح تحقيق مع الحكومة السورية بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بناءً على طلب هولندا وكندا، إلا أن المحكمة لم تخرج بأي قرار إلى الآن.

التطبيع

في عام 2022، اتبعت عدة دول مسار تطبيع العلاقات مع دمشق، إذ استضافت الإمارات العربية المتحدة الأسد في أول زيارة له إلى بلدٍ عربي منذ عام 2011، وأعادت البحرين بعثتها الدبلوماسية إلى سوريا، كما استأنفت حركة حماس الفلسطينية علاقاتها مع الأسد، وزار وزير الخارجية الجزائري دمشق. ومع ذلك، رغم كل التكهنات بعودة الأسد إلى قمة جامعة الدول العربية، التي انعقدت في تشرين الثاني/ نوفمبر، إلا أن ذلك لم يحدث.

وأعلن أردوغان في كانون الأول/ ديسمبر عن اقتراحه إنشاء آلية ثلاثية الأطراف مع بوتين والأسد “لإعادة النظر في العلاقات المتوترة منذ زمن طويل” مع دمشق. وكان قد ألمح سابقاً إلى التطبيع مع دمشق هذا العام، لكن خطاب أنقرة هذا لا يعدو عن كونه “استعراضاً سياسياً بحتاً” على حد وصف الدكتور كرم شعار، باحث غير مقيم في معهد الشرق الأوسط.

وعبَّرت رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية المتطرفة، جيورجيا ميلوني، عن دعمها للأسد بعد انتخابها في أيلول/ سبتمبر من دون أن تتخذ أي خطواتٍ ملموسة باتجاه التطبيع.

ولفت شعار إلى وجود “تحركات طفيفة” من قبل بعض الدول الأوروبية، لكنها “ليست على قدرٍ من الأهمية”، على حد قوله، مستبعداً تغييراً جذرياً في “توجه [الاتحاد الأوروبي] ككل”.

لا يتوقع الباحث شعار خطوات كبيرة في مسار التطبيع، لأن “الذين حاولوا السير في هذا المنحى، مثل الأردن، أدركوا أنهم كانوا على خطأ”. وتسحب روسيا وإيران دعمهما الاقتصادي للنظام تدريجياً لعدم استعداد الأسد “تقديم أي تنازلات ذات معنى”، يمكن أن تُفضي إلى رفع العقوبات وإعادة الإعمار، بحسب شعار.

في تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد زيارة سوريا لاثني عشر يوماً، حثَّت ألينا دوهان، المقرِّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان وتأثير التدابير القسرية أحادية الجانب، على رفع العقوبات الدولية المفروضة على دمشق، معتبرة أنها تفاقم حجم “الدمار والصدمة التي يعاني منها الشعب السوري منذ عام 2011”.

ورداً على ذلك، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنّ على المقرِّرة “مطالبة النظام السوري بوضع حدٍ لانتهاكاته وجرائمه ضد الإنسانية”، بدلاً من المطالبة برفع العقوبات عنه.

“مع تدهور سبل العيش في سوريا”، توقّعت تسوركوف في عام 2023، “إمكانية ظهور مثل هذه المطالب [لرفع العقوبات] من وقتٍ لآخر، ولكن بطريقةٍ لا تؤثر على الخطاب أو النهج السياسي”، نظراً إلى “عدم توقع تحصيل أي شيء مقابل رفع العقوبات”.

دولة المخدرات

في ظل العقوبات وتدهور الاقتصاد المحلي إلى نحو غير مسبوق، تحولت سوريا المفلسة إلى دولة مخدرات، وصارت حبوب “الكبتاغون”، وهي نوع من عقاقير “الأمفيتامينات”، تُعرف أحياناً باسم “كوكايين الفقراء”، من أكبر صادرات سوريا.

بلغت القيمة التقديرية للتجارة غير المشروعة في عام 2020، 3.46 مليار دولار، وارتفعت إلى 5.7 مليار دولار في عام 2021، فيما تضاعفت هذه القيمة، عام 2022، لتصل إلى قرابة 10 مليارات دولار. 

في نيسان/ أبريل الماضي وحده، صادرت سلطات البلدان المجاورة شحنة كبتاغون تبلغ قيمتها 500 مليون دولار.

ومن الجهات الرئيسية المتورطة بتهريب الكبتاغون إلى الخليج وشمال أفريقيا وجنوب أوروبا براً وبحراً عبر لبنان والعراق والأردن: الفرقة الرابعة في جيش النظام، بقيادة ماهر شقيق بشار الأسد، التي تعمل ضمن مجموعة كبيرة من الشبكات، بما في ذلك جماعات المعارضة المسلحة والميليشيات المدعومة من إيران.

في عام 2022، حصلت اشتباكات عنيفة على الحدود السورية الأردنية بين قوات الحدود الأردنية ومهربي المخدرات.

إلى داخل الحدود، في السويداء ذات الغالبية الدرزية، التي يحكمها النظام مع تمتعها بنوع من الحكم الذاتي غير الرسمي، اشتبكت الفصائل المحلية مراراً مع من وصفتهم بـ”العصابات” المدعومة من دمشق.

واتهمت فصائل السويداء المجموعات، التي يحمل بعضها وثائق أمنية صادرة عن الأمن العسكري، بالتورط في تجارة الكبتاغون، وتنفيذ عمليات اغتيال واختطافٍ لأجل الفدية. وأسفرت الاشتباكات الأكثر دموية في السويداء في تموز/ يوليو عن مقتل 17 شخصاً.

في أوائل كانون الأول/ ديسمبر، خرج أهالي السويداء في مظاهرات احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية واستمرار أزمتي شح الوقود وانقطاع الكهرباء.

تم نشر هذا التقرير أصلاً في اللغة الإنجليزية وترجمته إلى العربية سلام الأمين

شارك هذا المقال