4 دقائق قراءة

أشجار معمرة تتفحم بحرائق مجهولة السبب في غابات اللاذقية

حين تناهى إلى سمع أبو رائد الضجيج في الخارج، واشتم […]


3 مارس 2017

حين تناهى إلى سمع أبو رائد الضجيج في الخارج، واشتم رائحة الدخان، صباح يوم الأربعاء، عاد إلى ذهنه مباشرة حريق الغابات في تشرين الثاني، حين امتدت ألسنة النيران عبر قريته التي تتوسد جبال اللاذقية.

“لم نعتد على حدوث مثل هذه الحرائق الكبيرة (…) لا أحد يستطيع تقدير حجم الضرر أو إلى أين وصل الحريق. وكان السؤال يتردد هل التهم أرضي أو بستان جاري”، وفق ما قال أبو رائد ذو الخامسة والخمسين عاماً، والذي يملك مزرعة صغيرة في الغابات بالقرب من قرية جوبة لمراسلة سوريا على طول، نورا الحوراني.

وحرائق الغابات نادرة نسبياً في اللاذقية، ولا سيما خلال فصول الشتاء الماطرة والمعتدلة في هذه المحافظة الساحلية. ولكن في يوم الأربعاء، التهمت النيران “عشرات الهكتارات” من أشجار السنديان والأشجار الدائمة الخضرة  في منطقة القرداحة في اللاذقية، حيث يقطن أبو رائد. وقال إنها المرة الثانية التي تندلع فيها النيران في غضون أربعة شهور فقط.

وترك هذا التكرار غير المعتاد للحرائق، الأهالي في شك وريبة فيما يكون السبب الكامن وراء اشتعالها.

“ليس هناك سبب معروف لهذه الحرائق ولا يتم إعطاء سبب من قبل الحكومة أو الجهات المعنية”، وفق ما ذكر أبو رائد، مشيراً إلى أن غياب المعلومات هذه “هو ما أثار شكوك الأهالي بأن الحرائق تحدث بفعل فاعل”.

وأخمد فوج إطفاء اللاذقية، التابع للدولة، حرائق الأربعاء، وأصدر بياناً في تلك الليلة يذكر فيه قائمة بالقرى التي تأثرت. ولم يحدد البيان سبب الحريق.

واشتبه الأهالي في أن النيران من صنع تجار الفحم غير المرخص لهم “فهؤلاء لا يهتمون بمصالح البلد، المال ما يهمهم، ولو كان على حساب خراب البيئة والطبيعة”، وفق ما قال أبو رائد.

حرائق الغابات، الأربعاء. حقوق نشر الصورة لـ فوج إطفاء اللاذقية.

وفي نيسان الماضي، نشبت حرائق مماثلة في مصياف، غربي محافظة حماة، وفي الغابات المحيطة، على بعد 50 كم فقط جنوب شرق قرية أبو رائد. ووجه الأهالي أصابع الاتهام إلى تجار الفحم المنتفعين بإضرام النار عمداً.

هل هناك أي سلطة محلية أخبرتكم عن سبب حرائق الغابات؟ وهل تنشب سنوياً، أم أنه حدث غير اعتيادي؟

ليس هناك سبب معروف لهذه الحرائق ولا يتم إعطاء سبب من قبل الحكومة أو الجهات المعنية، فالحريق لابد أن يعرف سببه إما ماس كهربائي بانفجار أحد الخزانات أو صواعق الرعد او خطأ من أحد المواطنين أو المزارعين.

وعدم إعطاء سبب بشكل دائم هو ما أثار شكوك الأهالي بأن الحرائق تحدث بفعل فاعل.

لم نعتد على حدوث مثل هذه الحرائق الكبيرة، وكان يحدث حرائق صغيرة ويتم السيطرة عليها بسبب أخطاء معروفة أو حوادث عرضية ويتم السيطرة عليها مباشرةً دون استنفار كل هذه الفرق.

هل يمكن أن تحدثني أكثرعن الحريق؟ وكيف شعرتم به؟

شب الحريق البارحة ليلاً، شعرت به في الساعة التاسعة تقريباً ولا أعلم ان كان قد نشب قبل ذلك.

شممت رائحة احتراق خانقة وسمعت بعض الضجة في الخارج، كانت من أهالي القرية وجميعهم خرجوا ليعرفوا ما يحدث.

الحريق بقي لليوم التالي حتى تمت السيطرة عليه والرياح ساهمت في انتشاره بسرعة وللأسف التهم عشرات الهكتارات من الأراضي الحراجية التي تعتبر ثروة طبيعية للبلد، لم تتسبب النيران بخسائر بشرية رغم اقترابها من أحد المنازل فتم إخلاؤه من قاطنيه.

آثار حرائق الغابات، الأربعاء، حقوق نشر الصورة لـ فوج إطفاء اللاذقية.

سبق وحدث حريق في السنة الماضية واستمر لأسبوع، هل كان الحريق السابق مشابه للحريق الذي نشب البارحة؟

حرائق السنة الماضية كانت كارثية ولأول مرة تشهد محافظة اللاذقية حريقاُ بهذا الحجم، وأيضاً كانت مشابهة لظروف حريق البارحة تماماً.

في الواقع لا يمكن تقدير حجم الهكتارات المحترقة بالضبط إلا من قبل الحكومة. حرائق السنة الماضية اقتربت من المناطق السكنية والبساتين الزراعية وتسببت بأضرار مادية بالغة وإخلاء للقرى، الأمر الذي ضاعف حالة الهلع بين الأهالي عند سماعهم بحريق البارحة.

أصبحنا نخاف جداً عندما نشتم اي رائحة غريبة، الناس لم تنم طيلة الليل، انتابتهم حالة قلق شديد والاتصالات لم تهدأ بين الناس في مختلف القرى، ظلام حالك ولا أحد يستطيع تقدير حجم الضرر أو إلى أين وصل الحريق وكان السؤال يتردد هل التهم أرضي أو بستان جاري.

في صباح اليوم التالي وأنا أتجول بين الجبال التي لطالما غطاها الخضار، أتحسر لرؤيتها جرداء والسواد يغطيها والألم يعتصر قلبي، باتت أغلب جبالنا محترقة وتفحمت اشجار أعمارها مئات السنين لا يمكن تعويضها أبداً.

برأيك؛ من المستفيد من هذه الحرائق؟ وإلى من يشير الناس بأصابع الاتهام؟

المستفيد من هذه الحرائق بالتأكيد التجار ومن ورائهم من يجني الأرباح والأموال من المدعومين.

هؤلاء لا يهتمون بمصالح البلد ما يهمهم المال، ولو كان على حساب خراب البيئة والطبيعة.

الناس تقول أن الحرائق بفعل فاعل لأنهم أبناء المنطقة ويعيشون في هذه القرى منذ عشرات السنين وأنا منهم، كل تلك السنوات لم تحدث حرائق بهذا العدد والحجم.

نحن نعلم كيف كانت جبالنا منذ سنوات وكيف أصبحت، كما أن الحرائق في محيط قرى القرداحة تحدث لأول مرة، المنطقة أمنية بامتياز وهناك مراكز حراجية لحماية الغابات في كل مكان.

للأسف هم يستغلون الأوضاع التي تمر بها البلد والحاجة الملحة للحطب والفحم وغلاء أسعارها، إنهم تجار الحرب.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال