4 دقائق قراءة

أمهات يشعرن بالإخفاق: معركة جديدة لمحاربة زمهرير البرد في مخيمات أطمة

يوماً بعد يوم ومع صقيع البرد، يتدافع النساء والرجال والأطفال، […]


5 فبراير 2017

يوماً بعد يوم ومع صقيع البرد، يتدافع النساء والرجال والأطفال، بحثاً عن العيدان أو النفايات ليتدفؤن بنيرانها.

في مخيم أطمة، وهو مجموعة من 54 معسكرا، تمتد نحو 5 كيلومترات على الحدود، عبر المنطقة الفاصلة بين محافظة إدلب شمالاً وتركيا، ما يقارب الـ60 ألف نازح سوري يرتجفون برداً مع انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر خلال الأسابيع الأخيرة.

في السبت الماضي، تساقطت الثلوج على الخيم، والكرفانات والممرات الموحلة في أطمة والكثير من مناطق سورية والدول المجاورة. ومات طفل برداً قبل يومين من تساقط الثلج، وفق ما تواردت الأنباء.

فحطب التدفئة غير متوفر. ولا يوجد سوى عيدان متناثرة في أرجاء المخيم يتسابق الأطفال لانتزاعها. والغالبية يحرقون أي شيء يعثرون عليه سواء كان البلاستيك أو النفايات أو الأحذية.

للإحباط عواقبه، فأم حسن،40 عاماً، لديها أربعة أطفال، تقطن في المخيم منذ غادرت بلدتها في محافظة حماة، وفق ما تقول لمراسلة سوريا على طول، بهيرة الزرير.

فأم حسن تلجأ إلى حرق البلاستيك والقمامة بشكل اعتيادي، لأجل التدفئة. إلا أن الأدخنة التي تتصاعد تؤثر على صحة أولادها، فاثنان من أطفالها يعانون من صعوبات في التنفس، ولكنها تقول ما من خيار آخر.

“أصعب موقف أمر به هو أنني احتضن أطفالي وهم يقولون: نحن متجمدين من البرد والمدفأة أمام أعينهم و لا نستطيع تشغيلها”.

وقالت امتثال سلوم، 30عاماً، أم لطفلين، والتي أتت إلى أطمة في كانون الأول، عام 2016 من شرقي حلب، وحالياً تعيش في خيمة، “هذه هي المرة الأولى التي أشعر بها بهذا البرد القارس في حياتي”.

وأضافت “رغم الحصار في حلب لكننا لم نكن نشعر بهذا البرد القارس لأننا كنا نعيش في منزل يمكنه درء القليل من هذا البرد وليس في خيمة وكأننا جالسون في العراء”.

 

  • أم حسان، سيدة  من ريف حماة، 40 عاماً، نزحت منذ سنة إلى مخيم تكافل، مخيم تابع لأطمة، لديها أربعة أبناء، زوجها معاق وليس بمقدور أياً منهما العمل.

هلّا حدثتينا كيف تتدبرين أمرك وأطفالك بهذا البرد، وكيف تقومين بتأمين وسائل التدفئة؟

منذ بداية الشتاء، قمت بتركيب مدفأة حطب، ولكن لا أستطيع تشغيلها بشكل يومي بسبب عدم توفر الحطب، وليس لدي إمكانية لشرائه، فنعتمد في تشغيلها على الفضلات والمهملات كالبلاستيك وفوارغ مواد التنظيف، وبعض العيدان التي أجمعها وأبنائي في زمهرير البرد وحتى هذه العيدان قلما نجدها في المخيم لأن أغلب أهالي المخيم باتوا يعتمدون عليها في التدفئة.

ومنذ فترة اسبوعين تقريباً انحرقت خيمة أحد أقاربي، وكان سبب الحريق، المواد المختلفة التي يتم إلقاؤها في المدفأة، والمشكلة الأكبر كانت في إخماده، فقام الأهالي بردم الحريق بالتراب والماء لأنه لا يوجد معدات لإطفاء الحرائق في المخيم.

وكيف حال أطفالك في البرد القارس؟ ماذا تقولين لتخففين عنهم؟

بهذا الشتاء القارس، أطفالي يعانون المرض، فكل يوم يجب أن أزور النقطة الطبية الموجودة في المخيم لعلاجهم، يقول لي الطبيب إنّ سبب مرضهم البرد، وليس بيدي حيلة.

ابني حسان عمره 11 عاماً، قال لي الطبيب إنه أصيب بالربو بسبب استنشاقه للبلاستيك المحروق، وابني الصغير عمره 11شهراً، بحاجة رذاذ مرتين يومياً بسبب وسائل التدفئة غير الصحية.

لم أعد أعلم ماهي المتطلبات الأساسية لأطفالي الخبز أم التدفئة أم التعليم، ويسألونني لماذا لا نستطيع تشغيل المدفأة أقول لهم نحن فقراء ومهجرون ولا نمتلك المال لشراء الحطب.

وأصعب موقف أمر به هو أنني احتضن أطفالي وهم يقولون، “نحن متجمدون من البرد” والمدفأة أمام أعينهم ولا نستطيع تشغيلها.

صوبية أم حسان. حقوق نشر الصورة لأم حسان.

ماهو شعورك كأم ترين أطفالك يحرمون من أبسط حقوقهم بالتدفئة؟

هذه الحرب دمرت أطفالنا وجعلتنا لا نعرف ماذا نفعل لهم، فالحياة في الشتاء هي موت بطيء، وعند نومي أخاف أن أستيقظ في الصباح وأجد أطفالي متجمدين من البرد.

خرجت من ريف حماة خوفاً عليهم من القصف وبحثاً عن الأمان، وتحملت سوء الأوضاع وقلة الدعم وعدم ذهابهم للمدرسة لكي يبقوا أحياءً ليس لأراهم يموتون متجمدين من شدة البرودة.

 

  • امتثال سلوم، عمرها 30عاما، متزوجة، ولديها طفلان، أصلها من حلب الشرقية، مقيمة في مخيم الكرامة التابع لمخيم أطمة منذ شهر ونصف تقريباً فقط. بعد أن غادرت من حلب إلى محافظة إدلب في كانون الأول عام 2016.

حدثينا عن معاناتك وأطفالك في هذا البرد في المخيمات الحدودية؟

هذه هي المرة الأولى التي أشعر بها بهذا البرد القارس في حياتي، كنت أعلم حين قررت العيش بالمخيمات أني سأسكن بخيمة، ولكن لم أتوقع أن يكون الوضع بهذا السوء وخاصة حال أطفالي، فرغم الحصار في حلب لكننا لم نكن نشعر بهذا البرد القارس لأننا كنا نعيش في منزل يمكنه درء القليل من هذا البرد وليس في خيمة وكأننا جالسون في العراء.

فهذا البرد القارس إذا استمر على نفس المستوى سنموت، المدفأة موجودة ولكنها تحتاج إلى حطب وليس لدينا القدرة على شرائه.

وأحياناً نشعل المدفأة ببعض المهملات والفضلات كالبلاستيك والأحذية ولكن لن تصدقي أننا لم نشعل المدفأة في الأيام الشديدة البرودة لعدم توفرها نهائياً لدينا.

واعتمدت في تدفئة أطفالي على الحرامات فقط وكنا نجلس بالقرب من بعضنا البعض لنشعر بالقليل من الدفء، بالإضافة لعدم وجود ملابس شتوية تدفئهم.

ماهو شعورك كأم سورية مهجرة في ظل هذه الأوضاع المأساوية؟

كأم أنا أشعر بالتقصير والألم على أطفالي الذين لم يروا من طفولتهم سوى القصف والخوف بسبب الحرب، وأتساءل حين يكبرون هل ستبقى ذكريات الحرب في ذاكرتهم بدلاً من ذكريات الطفولة والألعاب والضحك، وهل سيكملون المرحلة الثانية من طفولتهم بالمخيم الذي يفتقر لكل شيء.

وكمهجرة، القهر على حلب سيأكل قلبي، أتينا طلباً للأمان بعيداً عن القصف، ليواجهنا زمهرير البرد في هذا المخيم دون أن نجد أي اهتمام بشؤوننا مع فقدان مستلزمات الحياة  كافة التي لا يقبل حيوان أن يعيشها في هذه المخيمات.

فما ذنب آلاف الناس في هذه المخيمات أن تموت من شدة البرد مع أطفالها فقط لأنهم طالبوا بالحرية.

ترجمة: فاطمة عاشور   

شارك هذا المقال