4 دقائق قراءة

أم سورية تدفع الملايين ليبقى ابنها سجيناً!!

“في سورية لكل شيء ثمنه”، بهذه الكلمات تعلل أم محمد، […]


9 مايو 2016

“في سورية لكل شيء ثمنه”، بهذه الكلمات تعلل أم محمد، أم لثلاثة أبناء، وأصلها من جنوب دمشق، كيف انتهى بها الحال لتدفع الرشاوي لتبقي أصغر أبنائها سجيناً وبعيدا عن الجيش السوري.

في بداية عام 2014، وكلت أم محمد محامياً ليرتب لها زيارة لأحمد، ابنها الأصغر، في سجن عدرا، بعد أن أمضى أكثر من سنة فيه، والذي يقع شمال شرق دمشق ويتسع لـ3000 شخص، ولكن عدد السجناء فيه فعلياً يقدر بالضعف.

وسرعان ما أخبرها المحامي بعد زيارتها أن هناك مذكرة بلاغ باسم أحمد للخدمة الإلزامية.

وسألته “ماذا أفعل  ليبقى ابني سجينا؟”، وكان رد المحامي، كما قالت أم محمد لأميمة قاسم، مراسلة في سوريا على طول، “كم يمكنك أن تدفعي؟”.

وتقول أم محمد أنها وخلال السنتين الماضيتين، دفعت للمحامي ثمانية ملايين ليرة سورية، زعم المحامي أنه يتقاسمها وضابط مسؤول في السجن، ليبقى ابنها سجين زنزانته، وبعيدا عن خطوط الجبهات.

وتصرح أم محمد بأنها “أبدآ، لم أقابل أي من الضباط في السجن؛ فالمحامي هو من يقوم بكل  شيء”.

وأم محمد المرهقة من استغلال المحامي لأوضاعها، تواسي نفسها بالقول

“فليبقى (أحمد) بالسجن أزوره واطمئن عليه، أفضل من أن يخرج فيقتل على أيدي الجيش النظامي أو الجيش الحر”.

حقوق نشر الصورة لـ مجلس ثوار صلاح الدين

متى تم اعتقال ابنك أحمد؟ وكيف علمت بخبر الاعتقال؟

في بداية عام  2013 لجئنا جميعأ إلى الأردن بعد أن نزحنا إلى درعا، بسبب الأحداث وحملة الاعتقالات التي كانت تطال الشباب هناك، وبعد مجيئنا إلى الأردن بثلاثة أشهر عاد إلى سوريا، لأن اصدقاءه جميعهم هناك، وحياة المخيم كانت صعبة جدأ في البداية. وبعد يومين من عودته لم نسمع عنه أي خبر يطمئن قلوبنا، بعدها أصبحنا نتصل بأقربائنا للسؤال عنه ولكن لا أحد يعلم عنه أي شيء، وبعد شهرين تقريبأ أتصل أحمد بابن عمه ليخبره أنه تم اعتقاله على حاجز طيّار في درعا، وتم نقله إلى سجن عدرا.

كيف تواصلت معه؟

في البداية بقيت في مخيم الزعتري أنا وإخوته، فقد كنت أخاف العودة كي لا يعود إخوته أيضأ فأخسرهم أو أعرضهم للخطر، وبعد سبعة شهور من اعتقاله، عاد (شقيقه) مهند أيضأ إلى سورية ليلتحق بالجيش الحر، فقد كان يقول: دائمأ منذ خرجت من بلدي، خيانة، فكيف أمكث هنا كالحريم وأخي زج في معتقلاتهم.

لم يكن لدي خيار إلا العودة لأكون مع ابني؛ فلا أريد أن أضيعه كما ضاع أخوه وبعد عودتي بشهر قمت بتوكيل محام وتسجيل زيارة إلى سجن عدرا لأطمئن على أحمد. وعندما زرته للمرة الأولى، كان قلبي يبكي عليه دما فقد تغير كثيراً، حضنني كما الطفل الصغير وتوسل أن لا أدعه وأرحل، وكانت الزيارة فقط لساعة.

وبعد سنة من اعتقاله أبلغني المحامي أن هناك مذكرة بلاغ باسم أحمد لنقله إلى إدلب للخدمة الإلزامية، وكان عمره حينها عشرين عاماً وقبل اعتقاله قام بتأجيل الخدمة لإكمال دراسته، قال لي المحامي أنه سيتم سحبه إلى الخدمة في مطلع عام 2014.

وفي الشهر الثالث من عام 2014 قمت بزيارة أحمد للمرة الثانية، وهنالك قابلت المحامي، وسألته: ماذا يمكنني أن أفعل ليبقى ابني سجيناً فلا يرسلوه إلى الجبهات، يمكنك أن تدعي أنه مريض أو مصاب ليتركوه. وكان رد المحامي: كم يمكنك أن تدفعي؟؛ قلت له: أي مبلغ شئت، المهم أن لا يأخذوه إلى الجبهات. وبعدها قال لي المحامي: اطمئني سيبقى هنا.

كيف كنت تتواصلين مع المحامي؟ وهل أنت متأكدة أن ابنك على قيد الحياة؟

نعم. متأكدة أنه على قيد الحياة؛ فأنا الآن اقوم بزيارته كل ثلاثة اشهر، وكل زيارة أقوم بمقابلة المحامي واعطائه مبلغا.
كيف يستطيع المحامي إبقاء ابنك بالسجن؟

كل شيء بثمنه، عند تأجيل أحمد للمرة الأولى (الخدمة الإلزامية) عن الجيش قام المحامي بطلب مبلغ ثلاثة ملايين ليرة خلال أسبوع، وبالفعل قمت ببيع الذهب الذي أملكه وقدمت المبلغ المطلوب للمحامي.

والمحامي على معرفة بضابط في السجن، يتواصل معه ويعطيه نسبة من المبلغ، هكذا قال المحامي: لا تعتقدي أني آخذ كل المبلغ لي.

كيف تقومين بتأمين المبلغ الذي يطلبه المحامي؟

في المرة الأولى قمت ببيع ما أملك أنا وأختيه من الذهب وقام أخي في الكويت بتحويل مبلغ500 ألف، والآن أقوم ببيع جزء من الأراضي التي يملكها زوجي.

كم مضى على اعتقال ابنك؟ وكم يبلغ مجموع ما  دفعته للمحامي إلى الآن؟

تقريبأ ثلاث سنوات، تم اعتقاله في تاريخ 7/11/2013، ودفعت مايقارب ثمانية ملايين، ولكن الآن المحامي لم يعد يقبل بالليرة السورية، فأقوم بتحويله للدولار.

هل تقومين بتسليم المبلغ للمحامي باليد؟ إلى متى ستستمرين بدفع المبالغ؟

لا. أقوم بتحويل المبلغ للبنك، أما بشأن توكيله والمبالغ أو الاستشارات أقوم بإعطائه باليد. أبدآ، لم أقابل أي من الضباط في السجن فالمحامي هو من يتولى كل  شيء، أنا فقط أدفع المبلغ المطلوب مني.

سأبقى أدفع له حتى يخرج من السجن، طلبت من المحامي مرات عديدة محاولة إخراجه من السجن وتسفيره خارج البلد مباشرة، حتى وإن كنت سأدفع ملايين، لكن المحامي قال لي: إنه لايملك أي حيلة لإخراجه، وقال: دعيه بالسجن أمام عينيك أفضل من خروجه وذهابه.

أنا تعبت كثيرا من استغلال المحامي لوضعنا، ولكني في نفسي أقول ليبقى في السجن أزوره واطمئن عليه، أفضل من أن يخرج فيقتل على أيدي الجيش النظامي أو أيدي الحر.

 

ترجمة : فاطمة عاشور 

شارك هذا المقال