6 دقائق قراءة

“أنا هنا”: تعداد سكاني جديد شمال سوريا يسعى لتسجيل الأكراد مكتومي القيد

بقيت مسألة التعداد السكاني، في المناطق ذات الغالبية الكردية، شمال […]


1 أكتوبر 2016

بقيت مسألة التعداد السكاني، في المناطق ذات الغالبية الكردية، شمال سوريا، تثير توترا لعقود؛ ففي عام 1962 أجرت حكومة حافظ الأسد إحصاءاً، وجردت الآلاف من السكان الأكراد المحليين من جنسيتهم. ونتيجة لذلك، حُرم “المكتومون”، كما يطلق عليهم، من الحقوق الأساسية والخدمات لنحو نصف قرن.

واليوم، يجري إحصاء آخر في مقاطعة الجزيرة، الخاضعة لسيطرة الأكراد، في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا. ولكن هذه المرة، بناء على طلب من الإدارة الذاتية، بقيادة الأكراد، التي تسيطر على الأراضي السورية الشمالية، المعروفة باسم كردستان السورية، أو روجافا.

وتحت اسم “أنا هنا” بدأت حملة التعداد السكاني في الجزيرة يوم 19 أيلول، ويشرف عليها مركز روج آفا للدراسات الاستراتجية (RCSS)، وهو مؤسسة بحثية فكرية غير ربحية تعمل في روجافا.

ويقوم فريق مكون من 11000 متطوع، في مقاطعة الجزيرة، الخاضعة لسيطرة الأكراد، بالتعداد السكاني “لمواكبة التغيرات السريعة التي تشهدها سوريا وروج آفا على وجه الخصوص” وفقا لما قاله سلطان تمو، عضو مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية، وعضو اللجنة العامة للإحصاء، لمراسل سوريا على طول، محمد عبدالستار ابراهيم.

ويقول تمو أن الإحصاء هو استعداد للانتخابات المحلية التي ستجري في الأشهر الستة المقبلة، وسوف يتم تسجيل عدد السكان، النازحين السوريين واللاجئين الذين يعيشون في كردستان السورية، فضلا عن الأكراد السوريين الذين يعيشون في الخارج.

وحتى الآن، غطى الإحصاء كل من الجزيرة وعفرين، وهي مقاطعة كردية شمال غرب حلب. وسوف يتوسع ليشمل المناطق الكردية الأخرى، شمال حلب والرقة وإدلب.

فريق الإحصاء يسجل معلومات من سكان الجزيرة. تصوير: Arta.FM.

والجدير بالذكر، أن تمو وفريقه سيسجل أيضا أعداد المكتومين. هؤلاء السكان غير المسجلين والذين لا يملكون بطاقات شخصية (هوية)، كما أن أسماءهم غير واردة في السجلات الرسمية للتعداد السكاني للحكومة، وفقا لما أوردته هيومن رايتس ووتش في عام 1996.

وصدر مرسوم رئاسي في عام 2011 يقضي بإعادة الجنسية لمكتومي القيد،  كجزء من التنازلات التي قدمها النظام خلال الأيام الأولى لاندلاع النزاع في سوريا، حيث نصب النظام نفسه على أنه حامٍ للأقليات. ومع ذلك، لم يحصل سوى عدد قليل منهم على بطاقات الهوية.

وقال تمو، الذي قام فريقه بجمع معلومات من أهالي شرق وغرب مقاطعة الجزيرة، حتى الآن، “استقبلنا الناس بترحيب”. وستكون الخطوة التالية هي إحصاء سكان القامشلي والحسكة، أكبر مدينتين في المقاطعة وأكثرهما تنوعا سكانيا.

وفي بيان له، انتقد مكتب جنيف للمجلس الوطني الكردي، في 24 أيلول، المعارضة السياسية الرئيسية لحزب PYD الذي يرأس الإدارة الذاتية، التعداد السكاني.

وقال في بيان “لا الوقت مناسب ولا المكان المناسب” للإحصاء، الآن، ذاكرا مستويات عالية من عدم الاستقرار والتغيير الديموغرافي في سورية، بالإضافة إلى عدد من الأكراد السوريين ممن يعيشون خارج روجافا.

ويرى تمو في التعداد وسيلة لدعم أولئك الذين هم خارج البلاد. وقال “نهدف إلى معرفة أعدادهم أو حتى أماكن تواجدهم إذا لزم الأمر، لتسهيل أمورهم أو حتى تأمين رجوعهم إلى أرض روجافا”.

ما دوافع الإحصاء، وفي هذا الوقت تحديداً؟

هذا الإحصاء ليس الأول، ولن يكون الأخير من نوعه، ولكننا نرى أنه من الضروري القيام بمثل هذا العمل لمعرفة أعداد النازحين واللاجئين وأعداد المهاجرين، والتصرف بما يناسب هذه الحالة.
بالنسبة لتوقيت الإحصاء، اعتقد بحسب ميثاق الأمم المتحدة، يحق لأي دولة أن تقوم  خلال عشر سنوات بالإحصاء، هذا يكون لدول فيها الأمن مستتب إلى درجةٍ ما، ولكن بالنسبة لسوريا وخاصةً لروجافا هناك متغيرات متسارعة وذلك لأجل مواكبة هذه المتغيرات، وها نحن نقوم باتخاذ قرار بمسح سكاني خلال فترة سنتين.

فريق الإحصاء يتحدث مع أحد سكان الجزيرة. تصوير: Arta.FM

هناك عدد كبير من سكان هذه المناطق يقطنون خارجها، كيف سيتم التعامل معهم؟
يتم تدوين المغتربين أيضاً، وذلك من خلال أخذ بياناتهم الشخصية شفهياً من أقرانهم وأقاربهم المتواجدين حالياً في روجافا، ونحن مستعدون لاستقبال بياناتهم إن أرسلوها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي إلى أقاربهم، وذلك لإثبات هويتهم بشكلٍ أفضل، وبالطبع نهدف إلى معرفة أعدادهم أو حتى أماكن تواجدهم إذا لزم الأمر، وذلك للتواصل في المستقبل مع تلك الدول التي يتواجدن فيها. كما تعلمون أن للإدارة الذاتية الديمقراطية ممثليات في الخارج ونحن لا نستبعد أن تتحول هذه الممثليات في المستقبل إلى قنصليات أو حتى سفارات ربما، لأجل تحديد جالية روجافا في الخارج والقيام بتسهيل أمورهم أو حتى تأمين رجوعهم إلى أرض روجافا، نحن نخطط لكل ذلك.

هناك نازحون من مناطق أخرى يسكنون في مناطق الإدارة الذاتية، هل سيشملهم الإحصاء؟
بالطبع يدون النازحين كنازحين، أي من قدموا إلى جغرافية روجافا شمال سوريا من باقي المدن السورية في السنين الماضية، واللاجئين القادمين إلينا من خارج سوريا. نحن نسجل جميع الأفراد المتواجدين على جغرافية روجافا، وكلٌ بحسب طبيعة تواجده، النازح واللاجئ..إلخ.

هل سيشمل الإحصاء عرب الغمر ومكتومي القيد وما مصير الطرفين؟

الساكن الأصلي من خلال محل إقامته، ومحل رقم قيده الدائم وتولده، ذلك يؤكد أنه من السكان الأصليين في روجافا، بالطبع يدون أيضاً الأجانب ومكتومي القيد، بالنسبة للأجانب بياناتهم الشخصية تتمحور في شهادة تعريف أو إخراج القيد الذي يملكونه ويدونون بحسب تلك البيانات، بالنسبة لمكتومي القيد يسجل ضمن خانة البطاقة العائلية يسجل مكتوم، من خلال هذه الخطوة سنقوم بتحديد أعداد مكتومي القيد المتبقين في وقتنا الراهن، حيث أن هؤلاء المكتومين قد حرموا من المواطنة في الإحصاء الذي جرى في عام 1961، ولكن في سجلاتنا سيكون لهم وجود أصلي وأساسي، على هذا الأساس بالطبع الإحصاء الذي نقوم به الآن، يهدف إلى تدوين بيانات جميع المتواجدين الآن على أرض روجافا شمال سوريا، وكما أسلفنا بالذكر كلٌ بحسب طبيعة تواجده بالإضافة إلى تسجيل المغتربين.

ما هي آلية الإحصاء؟ وما هي الإجراءات؟

قمنا نحن بتقديم خطة عمل لمشروع الإحصاء حيث قمنا بتقسيم الإحصاء إلى ثلاث مراحل:  المرحلة التحضيرية والعمل الميداني وتدوين البيانات، بالإضافة إلى التدوين الإلكتروني الذي يضم جمع البيانات وفرزها واستخلاص النتائج منها.

إن هذا الإحصاء له نوعين من الأهداف: الأهداف القريبة والأهداف البعيدة. الأهداف القريبة متمثلة في تقديم أعداد صحيحة ودقيقة  بصدد الناخبين أي الفئة العمرية التي يحق لها الانتخاب، حيث ستقدم هذه البيانات فيما بعد إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، من أجل الإستناد عليها في الانتخابات التي ستجري في روجافا في الـ6 أشهر القادمة.

الأهداف البعيدة : والتي تتضمن الأهداف اللازمة من عدد السكان العام، أعداد النازحين واللاجئين، أعداد المهاجرين وأعداد المثقفين أو الفئات المتعلمة، وأعداد الأميين، مستوى المعيشة والعمل وتحديد نسبة البطالة، تحديد نسبة الإعاقة، قواعد هذه البيانات كلها ستخدم فيما بعد القيام بالمشاريع  والخطط المستقبلية التي ستهدف إلى خدمة المجتمع، حيث قمنا نحن في مركز الدراسات بإنهاء المرحلة التحضيرية التي استمرت فترة شهرين وعشرة أيام تقريباً، خلال هذه الفترة قمنا بتدريب كوادر تتألف من المدرسين والمدرسات في هيئة التربية والتعليم في الإدراة الذاتية الديمقراطية، بالإضافة الى أعضاء الكومينات والمجالس في حركة المجتمع الديمقرطية، والتواصل مع اللجان في القرى التي ليس فيها كومينات حيث قمنا بعقد أكثر من 25 اجتماعاً وتدريب 11 ألف كادر سيقومون بتدوين البيانات في كانتون الجزيرة.

متى بدأتم بالإحصاء وإلى متى ستستمرون؟

قمنا بتحديد يوم 19 \ 9 \ 2016 كيوم لبدء الإحصاء في المنطقة الشرقية التي ضمت سبع قرى  وبلدات منها: تربه سبي، تل حميس، تل كوجر، كركي لكي، رميلان، جل أغا، ديريك. وكانت النتائج جيدة جداً حيث لقينا استقبالاً حاراً من الشعب ولم نلق أي حالات سلبية، أو حالات رفض أو استياء من هذا المشروع، وبعد ذلك تم تحديد يوم 23\ 9\2016 لإجراء الإحصاء في المنطقة الغربية من مقاطعة الجزيرة في خمس مدن وبلدات ومنها: عامودا، درباسية، سري كانيه، زركان ابو راسين، تل تمر. أيضاً كسابقتها كان استقبال الناس جيد جداً وكان دافعاً معنوياً كبيراً لنا في المضي والاستمرار في هذا المشروع الإحصائي. وعلى هذا الأساس مشروعنا إلى الآن ناجح بدرجة كبيرة وسنستمر فيه. المناطق المتبقية هي مدينة القامشلي وريفها ومدينة الحسكة وريفها، وسنبدأ بالمرحلة الثالثة حال انتهائنا من العمل الميداني، وتدوين البيانات، في مدينة القامشلي والحسكة.

 

ترجمة: سما محمد

 

شارك هذا المقال