3 دقائق قراءة

أنس العبدة: العابر لمؤسسات المعارضة بإنجاز واحد

العبدة، ممثل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، رد على حملة إسقاطه بحظر العديد من حسابات متابعيه على منصتي "فيسبوك" و"تويتر"، بما يؤكد تمسكه بمنصبه الحالي، كما التنقل بين المناصب القيادية في مؤسسات المعارضة


21 يونيو 2021

عمّان – بعد عشر سنوات على مطلبهم إسقاط النظام، أطلق سوريون، في حزيران/يونيو الحالي، “حملة إسقاط أنس العبدة”، بمناسبة إعادة اختياره أو انتخابه أو تعيينه، في الثاني عشر من الشهر ذاته، رئيساً، لدورة ثانية، لـ”هيئة التفاوض” التي تمثل المعارضة السورية في المفاوضات مع النظام.

العبدة، ممثل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، رد على حملة إسقاطه بحظر العديد من حسابات متابعيه على منصتي “فيسبوك” و”تويتر”، بما يؤكد تمسكه بمنصبه الحالي، كما التنقل بين المناصب القيادية في مؤسسات المعارضة. فهو حتى توليه رئاسة هيئة التفاوض، كان رئيساً للائتلاف الوطني، وغادره بـ”تبادل المواقع” مع نصر الحريري، رئيس الائتلاف الحالي، ورئيس هيئة التفاوض قبلها مباشرة.  

من هو العبدة؟

ولد أنس العبدة في مدينة دمشق العام 1967. وقد غادر سوريا مع عائلته في أوائل ثمانينات القرن الماضي، إبان حملة حافظ الأسد العسكرية والأمنية على جماعة الإخوان المسلمين خصوصاً، والقوى المعارضة غير الإسلامية. وهي الحملة التي وصلت ذروتها بما يعرف بـ”مذبحة حماة” على امتداد شباط/فبراير 1982.

حصل العبدة على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا من جامعة اليرموك الأردنية العام 1988، ومن ثم درجة الماجستير في العلوم من جامعة نيوكاسل ببريطانيا التي استقر فيها منذئذ.

في العام 2006، أسس العبدة في لندن، حزب حركة العدالة والبناء السوري الذي يترأسه منذ ذلك الحين. كما صار في العام ذاته قيادياً في مؤتمر إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي، ثم رئيساً للأمانة العامة لـ”إعلان دمشق في المهجر” في الفترة 2009-2013.

خلال مرحلة الثورة السورية، ساهم العبدة في تأسيس المجلس الوطني السوري في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2011، وعمل عضواً في الأمانة العامة لـ”المجلس”. كما شارك في تأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، ليصبح بعدها عضواً في الهيئة السياسية للائتلاف، كما تأسيس الهيئة العليا للمفاوضات التي تشكلت بعد مؤتمر “الرياض 1″ في كانون الأول/ ديسمبر 2015، ثم أعيد تشكيلها تحت مسمى “هيئة التفاوض السورية” في مؤتمر “الرياض 2” في تشرين الثاني/نوفمبر 2017.

أيضاً شارك العبدة في مفاوضات “جنيف 3″، في شباط/فبراير 2016، عضواً في وفد المعارضة السورية، ليتبع ذلك في 5 آذار/مارس 2016، انتخابه من قبل الهيئة العامة للائتلاف لمنصب الرئيس، خلفاً لخالد خوجة، بحصوله على 63 صوتاً من أصل 103 أصوات.

وقد أعيد انتخاب العبدة رئيساً للائتلاف لولاية ثانية في 30 حزيران/يونيو 2019، شهدت نهايتها ما أثار استفزاز السوريين المعارضين. 

إذ إزاء ما ينص عليه النظام الداخلي للائتلاف من تولي الرئاسة لولايتين فقط، أجرى كل من العبدة ونصر الحريري، رئيس هيئة التفاوض آنذاك، تبادلاً في المواقع، في 11 تموز/ يوليو 2020، في خطوة وصفت بـ”المهزلة” و”السخرية” من رغبات السوريين في تحقيق ديمقراطية حقيقية للبلاد. إذ أصبح العبدة رئيساً لهيئة التفاوض خلفاً للحريري، بينما أصبح الحريري رئيساً للائتلاف خلفاً للعبدة.

وبالتزامن مع اختيار العبدة مجدداً رئيساً لهيئة التفاوض لولاية ثانية، أعلن الحريري مؤخراً، عبر حسابه على “تويتر”، عدم نيته الترشح لرئاسة الائتلاف في الانتخابات التي يفترض أن تعقد الشهر المقبل.

إنجاز رفض التنازلات

خلال الحقبة الأولى من تولي العبدة رئاسة الائتلاف السوري، لم تحقق المعارضة السورية تقدماً سياسياً أو عسكرياً حقيقياً، بل العكس؛ إذ شهدت تراجعاً وخسائر مستمرة، وصلت في بعض الأحيان إلى ما يمكن اعتباره نكبات للثورة على الأرض، لاسيما سقوط معاقل الثورة في أحياء حلب الشرقية.

على مستوى آخر، وبعد قرابة تسعة أشهر من تولي العبدة رئاسة الائتلاف في ولاية أولى، عقدت في 25 كانون الثاني/يناير 2017، الجولة الأولى من مباحثات أستانة التي وإن أكدت على الحل السياسي في سوريا، وأن تكون المفاوضات بين طرفي الصراع غير مباشرة. فإن “أستانة” بجولاتها الخمسة عشرة لم تفض إلا لتعزيز مكاسب النظام على الأرض.

الحقبة الثانية من رئاسة العبدة للائتلاف السوري، والتي بدأها في 30 حزيران/يونيو 2019 وامتدت لعام، شهدت تشكيل اللجنة الدستورية، بعد مخاض عسير، وكذلك، صعوبات في انعقادها. واختتم العبدة هذه الولاية بتوليه رئاسة هيئة التفاوض. ولتشهد هذه الفترة استمرار أعمال اللجنة الدستورية، لكن بلا أي حصيلة.

ولعل العبدة نفسه لا ينكر غياب إنجازه حين يجيب في برنامج تلفزيوني عن سؤال: “هل يمكن أن تعطي المشاهدين إنجازاً وحيداً حققته “هيئة التفاوض” منذ ولادتها وحتى اليوم؟”. فأهم منجز، يقول العبدة، هو أنه “لم نقدم تنازلات ولم نفرط بالسقف السياسي للثورة”. وهو إنجاز على هزاله لا تؤيده الوقائع على الأرض ولا يراه بالتالي السوريون المعارضون الذين يرفض العبدة تقديم تنازل لهم بالإنصات لأصواتهم والسماح بتجديد دماء المعارضة وإعادة ترميم بناها المتآكلة الآيلة للسقوط النهائي.

شارك هذا المقال