5 دقائق قراءة

إشاعات عن” مقتل عائدين” تدفع النازحين في مخيم الركبان لإعادة حساباتهم بالعودة إلى مناطق الحكومة

تداولت وسائل إعلام محلية سورية أخباراً - غير مؤكدة -  تفيد بمقتل رجلين على أيدي أفراد الأمن، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أثناء محاولتهما الهرب من مركز إيواء حكومي في محافظة حمص، وذلك بعد عودتهما من مخيم الركبان إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرة الحكومة عبر "ممر إنساني" مدعوم من روسيا.


17 أبريل 2019

تداولت وسائل إعلام محلية سورية أخباراً – غير مؤكدة –  تفيد بمقتل رجلين على أيدي أفراد الأمن، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أثناء محاولتهما الهرب من مركز إيواء حكومي في محافظة حمص، وذلك بعد عودتهما من مخيم الركبان إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرة الحكومة عبر “ممر إنساني” مدعوم من روسيا.

وكان الرجلان اللذان قيل أنهما من أبناء مدينة تدمر، وسط سوريا، من بين مئات السوريين النازحين الذين استقلوا حافلات الإجلاء الحكومية وتوجهوا بعيداً عن الركبان هذا الشهر.

ولم يتسن لسوريا على طول التحقق من صحة الأخبار التي سرعان ما انتشرت بين سكان الركبان، في الوقت الذي  كان بعضهم يفكر بالعودة من المخيم الصحراوي إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرة الحكومة، بعد سنوات من العيش في مناطق النزوح.

وترك السكان في هذا المخيم البائس، الواقع على طول الحدود السورية الأردنية، ويعدّ موطناً مؤقتاً لما يقارب 40 ألف نازح سوري، يواجهون مصيرهم دون الحصول على الغذاء والماء والأدوية بشكل مستمر، وعاش معظمهم في المخيم المؤقت لسنوات يعانون من قساوة الشتاء وتفشي الأمراض بشكل منتظم وقلة الإمدادات الضرورية.

وبالنسبة لبعض العائدين الذين غادروا المخيم في الأيام الأخيرة، كانت مسألة العودة هي هروب “من الموت البطيء” داخل المخيم كما وصفه السكان منذ فترة طويلة.

ويقع مخيم الركبان في منطقة حدودية صحراوية تمتد بين الحدود السورية الأردنية والمعروفة باسم “الساتر الترابي”. حيث بدأ آلاف الأشخاص يفرون باتجاه المنطقة بعدما استولى تنظيم الدولة على مساحات شاسعة من شرق سوريا في عام 2014.

ومن هناك، كانوا يعيشون على أمل التمكن من دخول الأردن عبر المعبر الحدودي بحثاً عن الأمان – إلى أن أدى انفجار السيارة المفخخة المزعوم من قبل تنظيم الدولة إلى مقتل عدد من الجنود الأردنيين في موقع حدودي قريب عام 2016، ودفع عمان إلى إغلاق حدودها وإعلان المنطقة المحيطة بها منطقة عسكرية.

وقام العالقون في الركبان إلى تحويل “المنطقة القاحلة” ببطء إلى منطقة ممتدة من المنازل الطينية والمحلات والأسواق.

والآن أصبح هناك بعض الخيارات الجيدة للسكان في الصحراء.

وكان خيار العودة إلى الأراضي السورية صعباً للغاية، إذ أنه يعني ترك المنطقة البالغ طولها 55 كيلومتراً والتي تسيطر عليها القوات الأمريكية وقوات المعارضة، والدخول في صحراء مفتوحة تتخللها نقاط تفتيش مأهولة بميليشيات موالية للحكومة.

أما خيار البقاء داخل المخيم فهو مراهنة أيضاً.

قبل الحرب، لم يكن هناك مستشفيات في هذه البقعة الصحراوية ولا مدارس أو بلدات أو متاجر بقالة أو غيرها من الخدمات الأساسية. لقد كان هناك طريق سريع وحيد يربط دمشق ببغداد.

وفي الصيف تكون درجات الحرارة مرتفعة جداً في الركبان وتكثر فيه الأمراض، بينما تتحول الأزقة الترابية في المخيم إلى طين عند هطول الأمطار الغزيرة في فصل الشتاء القارس، وبحسب التقديرات فإن أكثر من عشرة أطفال لقوا حتفهم، معظمهم حديثي الولادة، في الشتاء الماضي وحده.

وقد زودت حفنة المساعدات، التي كانت تصل بشكل متقطع، المخيم بصناديق المواد الغذائية ومستلزمات صحية ضرورية، بالإضافة إلى اللقاحات – والتي تقدم عادةً لمرة واحدة سنوياً فقط. كما وفرت عيادة طبية قريبة تديرها الأمم المتحدة عبر الحدود في الأردن المساعدة لمن يحتاجون إلى رعاية متخصصة.

لكن الحديث تحول الآن إلى إزالة المخيم بشكل كامل، حيث تضغط الحكومة السورية والروسية لإجلاء السكان عبر “الممرات الإنسانية” التي أعلن عنها لأول مرة في شباط.

وغادر حتى الآن أكثر من ألف شخص من سكان الركبان عبر الممرات الإنسانية منذ بداية شهر نيسان، وفقاً لما ذكره مسؤولو المخيم المحليين، حيث تزاحمت العائلات بسياراتهم الخاصة قبل عبورهم نقاط التفتيش التي تديرها الحكومة. وبمجرد عبورهم، استقلوا حافلات الإجلاء الخضراء التابعة للحكومة باتجاه مدينة حمص، وفقاً لأولئك الذين ما زالوا في المخيم.

وكانت أعداد الأشخاص الذي عادوا إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة هذا الشهر غير مسبوقة، وتمثل تحولاً نحو عمليات إجلاء منظمة، على عكس حفنة من عمليات العودة الفردية التي حدثت في السنوات القليلة الماضية، بمساعدة مهربي الصحراء.

ودخل أولئك الذين عادوا في المجهول/ وقال عدد من النازحين، لا يزالون داخل الركبان، لسوريا على طول، إن الاتصال عبر الموبايل بالعائدين يتوقف فعلياً بمجرد عبورهم إلى الأراضي الحكومية، وتحدثوا عن العائلات التي تفرقت عند الوصول، حيث تم فصل النساء والأطفال عن الرجال.

ومن الصعب للغاية التحقق من قصصهم.

ولم يستطع ممثلان من الهلال الأحمر العربي السوري، وهي منظمة إغاثية تابعة للحكومة السورية، كانا متواجدين أثناء خروج حافلة الإجلاء من المخيم، تقديم مزيد من المعلومات حول مراكز الاحتجاز.

وجاء في بيان للهلال الأحمر العربي السوري، يوم الجمعة “انتظار لا يرهق متطوعي الهلال الأحمر العربي السوري المتواجدين على مدار الساعة عند المعبر الإنساني الوحيد المخصص لخروج الأسر من مخيم الركبان”.

ووفقاً للبيان، فإن فرق الهلال الأحمر العربي السوري “لبت احتياجات ٢٢٤٤ شخصا خرجوا من المخيم باتجاه مراكز الإقامة المؤقتة في حمص”، حيث يوفر المتطوعون المزيد من المساعدات.

ولم يتسن لسوريا على طول الاتصال بممثل عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والذي شارك في عمليات تسليم المساعدات السابقة إلى الركبان، للتعليق قبل نشر التقرير.

كما أن الأنباء الواردة عن عمليات إطلاق النار غير مؤكدة حتى الآن.

وقال أحد العاملين في المجال الطبي من داخل المخيم لسوريا على طول “إن قضية العودة بأكملها محاطة بالغموض”.

وأضاف “لديّ أصدقاء داخل مراكز الإقامة المؤقتة، لكن التواصل معهم يكاد يكون معدوماً، إنه صعب للغاية”، ولم يقدم العامل في المجال الطبي تفاصيل عن كيفية تمكنه من التواصل مع أصدقائه.

وعلى أية حال، فإن الشائعات الواردة حول إطلاق النار، وكذلك الظروف داخل مراكز الاستقبال في حمص، تثير الشكوك حول سلامة عملية العودة حيث تواصل كل من القوات السورية والروسية تأييد “الممرات الإنسانية”.

ومع ازدياد الضغط السياسي، من المحتمل ألا يكون مستقبل المخيم موضع شك بعد الآن، ولكن، مع انخفاض الإمدادات داخل الركبان، قال السكان إن الشائعات قد لا تردعهم.

وحتى مع انتشار أنباء عن حوادث إطلاق نار في نهاية الأسبوع، خرجت قافلة أخرى من المخيم بالرغم من مخاوف السكان- وحملت هذه القافلة أكثر من ألف شخص، وفقا لمسؤول في المخيم.

وتحدث المسؤول إلى سوريا على طول شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الأمر.

وفي السياق ذاته، قال رامي، وهو أحد سكان المخيم تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لسوريا على طول “أصبح هذا الأمر طبيعياً، وكسوريين اعتدنا على مثل هذه الشائعات”.

واستبعد رامي فكرة العودة إلى مسقط رأسه في محافظة حمص، التي أصبحت مجدداً تحت سيطرة الحكومة، وهناك، يخشى العديد من سكان المخيم التجنيد العسكري الإجباري، أو الملاحقة والانتقام السياسي بسبب التصور المسبق بأن لهم علاقات مع المعارضة.

ورغم أن رامي لا يرغب في العودة، فقد أوضح خلال حديثه باسم مستعار مع سوريا على طول “إذا استمرت الأمور كما هي في الركبان، فلن يكون أمامي خيار سوى إرسال عائلتي لتعيش تحت سيطرة النظام”.

وأضاف “آمل فقط في إيجاد أي حل لا ينطوي على العودة إلى مناطق النظام”.

ووصف آخرون الضغوط المتزايدة على سكان المخيم، حيث أنه من غير الواضح ما إذا الركبان سيتلقى أي مساعدات أخرى أم لا.

وقال أبو سعيد الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته “ظروفنا هنا صعبة للغاية، ومن الواضح أن نهاية مخيم الركبان هي مجرد قرار يتم اتخاذه دون علمنا“.

ومع قلة الإمدادات التي تدخل المخيم بواسطة مهربي الصحراء، بدأت المواد الغذائية وغيرها من المواد الأساسية تتضاءل. ودفع فصل الشتاء القارس بشكل خاص النازحين للتساؤل عن مدى قدرتهم على تحمل المزيد من الظروف القاسية في المخيم النائي.

وبحسب أحد مسؤولي المخيم فإن النازحين استقلوا حافلات الحكومة “بسبب الجوع” لا بسبب الاعتقاد بأنهم سيُمنَحون الأمان.

وختم المسؤول “لا يوجد أي شيء في المخيم، ولا يوجد مساعدات. الناس يريدون مغادرة المخيم وهم أحياء”.

 

شارك هذا المقال