4 دقائق قراءة

إصلاح المنازل في درعا تنشط وسط حالة من الهدوء تسود المنطقة

بدأ آلاف السكان في محافظة درعا بإصلاح منازلهم للمرة الأولى، […]


19 سبتمبر 2017

بدأ آلاف السكان في محافظة درعا بإصلاح منازلهم للمرة الأولى، بعد أن دمرتها الحرب منذ سنوات، وذلك بالتزامن مع دخول اتفاقية وقف إطلاق النار الشهر الثالث، مما خلق لديهم “إحساساً بالاستقرار” في مناطق الجنوب الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وكانت اتفاقية وقف إطلاق النار، دخلت حيّز التنفيذ في التاسع من تموز، في أعقاب مفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة والأردن، وشملت محافظات جنوب سوريا بما في ذلك درعا والقنيطرة والسويداء.

ومنذ ذلك الحين، ساد الهدوء في محافظة درعا، التي تشكل قاعدة للمعارضة، بعد أن تعرض ريف درعا لقصف من الطيران الروسي، بشكل منتظم، في وقت سابق من هذا العام، واندلعت معارك بين النظام وقوات المعارضة في درعا.

وشكل الوضع المستقر “نسبياً” حافزاً لآلاف السوريين للعودة من الأردن إلى محافظة درعا في الأشهر الأخيرة، وفقا لما ذكرته سوريا على طول، الأسبوع الماضي، كما عاد مئات النازحين في المحافظة إلى المدن والبلدات التي كانت هدفاً للقصف والطيران.

وفي محافظة عانى سكانها من النزوح مرات عديدة، قرر الأهالي الآن إعادة بناء منازلهم وترميمها للعيش فيها، وهو ما يعكس للمرة الأولى منذ سنوات رغبة المدنيين السوريين في استثمار مواردهم المالية المحدودة لإصلاح منازلهم.

وقال أبو غسان، مزارع من بلدة نوى غربي درعا عاد من الأردن الشهر الماضي، ويعمل في البناء، أن اتفاق وقف إطلاق النار “فرصة سانحة للعودة إلى الوطن وإلى الحياة الطبيعية بعيداً عن مآسي الحرب والقصف والفواجع”.

عمال الدفاع المدني يقومون بإزالة الأنقاض من شوارع درعا في تموز. تصوير: مؤسسة نبأ الإعلامية.

وتابع أبو غسان لسوريا على طول أنه دفع نحو ٢٠٠ دولار للقيام بإصلاحات بسيطة لأبواب ونوافذ منزله التي تضررت بفعل الحرب.

وقال أمين مرزوقي، مدير إدارة الإحصاءات والشؤون الإدارية  في درعا التابعة للمعارضة، لسوريا على طول، يوم الاثنين، إن أبي غسان هو واحد من حوالي ١٥٪ من سكان المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في محافظة درعا ممن يعملون حالياً على إصلاح منازلهم، مشيراً أن أنهم يجمعون الإحصاءات من المجالس المحلية في المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة في درعا.

وأضاف المرزوقي أنه منذ ثلاثة أشهر، أي قبل دخول اتفاقية وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، كانت نسبة السكان الذين يقومون بعمليات إصلاح في منازلهم هي ٢٪ فقط.

في السياق، قال أبو خليل، عامل بناء في مدينة جاسم شمال غرب درعا، لسوريا على طول، يوم الاثنين، أن حوالي ٥٠٠ طن من الإسمنت تدخل يومياً إلى  ريف درعا الغربي الخاضع لسيطرة المعارضة من مناطق النظام.

وأضاف أبو خليل، إن هذه الزيادة، التي ارتفعت من حوالي ٥٠ طناً في اليوم قبل اتفاقية وقف إطلاق النار، أصبحت متاحة عندما سمح النظام بدخول مواد البناء إلى الريف الخاضع لسيطرة المعارضة بدءاً من حزيران الماضي، مع فرض رسوم على ذلك.

وقال أبو خليل إنه بالرغم من الزيادة الواضحة في أعمال البناء، إلا أن الإصلاحات الجارية تقتصر إلى حد كبير على الترميم.

ووفقاً لأبي خليل فإن “السكان في هذه المنطقة لن يستطيعوا إعادة إعمار المنطقة لوحدهم”، موضحاً أن الذين لديهم دخل محدود لا يستطيعون تحمل ثمن المواد المرتفع”.

وتابع أبو خليل “إن أسعار الرخام والمواد اﻷساسية للبناء كالرمل والبحص ارتفعت أكثر من ١٠ أضعاف عن السابق”.

أضرار في منزل في نوى، ريف درعا الغربي، يوم الاثنين. تصوير: مالك الحوراني.

يقول أبو عبد الله، ناشط إعلامي من إنخل غرب درعا، إنه لا يستطيع تحمل سوى تكاليف إصلاح جزء من منزله، الذي ” دمر بشكل شبه كامل جراء سقوط براميل متفجرة ألقتها مروحيات النظام في عام ٢٠١٤”.

ونزح أبو عبد الله من إنخل في عام ٢٠١٣ وانتقل إلى بلدة نمر، غرب درعا، ثم إلى جاسم، حيث يقيم إلى حين يتمكن من إتمام الإصلاحات الأولية لمنزله.

وقال أبو عبد الله “بعد حالة الاستقرار التي شهدتها المنطقة، أعمل اليوم على ترميم جزئي للمنزل”.

ومن المتوقع أن يكلف إصلاح المنزل بأكمله حوالي ٥ آلاف دولار، وهو مبلغ يقول أبو عبد الله إنه لا يستطيع تحمله، لأنه لا يملك مصدراً ثابتاً للدخل.

وبدلاً من ذلك، قال أبو عبد الله أنه يأمل بإتمام إصلاح غرفة المعيشة والمطبخ والحمام بتكلفة حوالي ١٥٠٠ دولار.

وقال السكان الذين عادوا إلى درعا وتحدثت إليهم سوريا على طول، إنه على الرغم من استعدادهم لإنفاق ما يملكونه في إصلاح المنازل، إلا أنهم مترددين في إعادة البناء بشكل كامل خشية أن تعود المعارك مرة أخرى إلى درعا.

وتابع أبو عبد الله “فالمدنيين لديهم قناعة بأن هذه المرحلة مؤقتة ومن الممكن أن يستأنف النظام عملياته العسكرية، ما يدفع الناس اليوم لإعادة إعمار منازلهم دون الشكل المطلوب”.

وختم المزارع أبو غسان “أتوقع أنه إن استمر الوضع على ما هو عليه من هدوء واستقرار وهذا ما نأمله، أن تزدهر عملية البناء وأعتقد أن درعا ستكون نموذجا في إعادة الإعمار وازدهاره وتوقف عجلة الموت”.

ترجمة: سما محمد

شارك هذا المقال