5 دقائق قراءة

“إنهم إخواننا”: مساعدات شعبية غير مسبوقة في الأردن لآلاف النازحين السوريين عند الحدود

في أرض ترابية محاطة بأشجار الزيتون جنوب الحدود السورية تجمع […]


في أرض ترابية محاطة بأشجار الزيتون جنوب الحدود السورية تجمع العشرات من الرجال والنساء والأطفال الأردنيين بين أكوام من صناديق المياه المعدنية والمواد الغذائية والأدوية وحفاضات الأطفال المتجهة إلى الجنوب السوري الذي مزقته الحرب.

ووصلت شاحنة أخرى محملة بالتبرعات المتنوعة إلى مستودع في مدينة الرمثا الحدودية الواقعة شمال الأردن، ليقوم الشبان المتواجدين على جانبي الشاحنة بتحميل صناديق الطعام وزجاجات المياه والملابس ورميها إلى العشرات من المتطوعين المنتظرين في الأسفل.

وفي مكان قريب، يقوم عدد من المتطوعين، نصفهم من تلاميذ المدارس المحلية خلال عطلتهم الصيفية، بنقل دفعة أخرى من التبرعات من شاحنة صغيرة إلى شاحنة كبيرة مجهزة تستعد لعبور المعبر الحدودي إلى الأراضي السوريا.

ومن حين إلى آخر، تهتز الأرض تحت أقدام المتطوعين بسبب الإنفجارات الصادرة من محافظة درعا السورية القريبة لتذكرهم بالقتال العنيف الدائر هناك.

[ لقراءة مقال سوريا على طول المصور حول حملة المساعدات عبر الحدود هنا].

وعلى بعد بضعة كيلومترات شمال شرق الرمثا، يتجمع حوالي 60 ألف من النازحين السوريين  الذين تقطعت بهم السبل في الأراضي الصحراوية على طول الحدود الأردنية، جاؤوا بحثاً عن الأمان النسبي هناك بعد فرارهم من منازلهم هرباً من حملة جوية وبرية واسعة النطاق شنتها قوات الحكومة السورية والميليشيات المتحالفة معها على الأراضي الواقعة تحت سيطرة المعارضة في جنوب غرب سوريا والتي بدأت في منتصف حزيران.

حيث أسفر الهجوم السوري والروسي المستمر على الأراضي الواقعة تحت سيطرة المعارضة في جنوب غرب سوريا عن مقتل مئات المدنيين، وأجبر 271 ألف سوري على الفرار من منازلهم منذ 15 حزيران، وفقاً لما ذكره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، يوم الاثنين.

متطوعون يساعدون في تحميل التبرعات على الشاحنات المتواجدة في الرمثا المتجهة إلى سوريا يوم الثلاثاء، تصوير وليد خالد النوفل/سوريا على طول.

ومع ندرة الطعام والشراب وعدم وجود مأوى يقيهم حرارة الشمس الحارقة، فإن وضع النازحين السوريين على طول الحدود الأردنية “يزداد سوءاً كل يوم” وفقاً لما قاله أبو زيد، من سكان درعا  فر من منزله إلى الحدود الأردنية الأسبوع الماضي، لسوريا على طول.

وقال أبو زيد من الحدود عبر واتساب “لا توجد خيام والمياه شحيحة، ولا يوجد علاج للمصابين”.

وذكرت الأمم المتحدة، يوم الإثنين، أن أكثر من عشرات النازحين الذين لجأوا إلى الحدود الأردنية لقوا حتفهم بسبب لدغات العقارب والجفاف ومياه الشرب غير الصحية منذ 17 حزيران.

وأُغلقت الحدود الأردنية أمام اللاجئين السوريين منذ أن أغلقت عمان حدودها الشمالية في حزيران 2016، عقب هجوم انتحاري نفذه تنظيم الدولة أسفر عن مقتل ستة جنود أردنيين عند معبر الركبان الحدودي.

وكانت متحدثة باسم الحكومة قد أعلنت مطلع الأسبوع الماضي، أن الحدود ستبقى مغلقة رغم النداءات المتزايدة من منظمات حقوق الإنسان الدولية، فضلاً عن المواطنين الأردنيين، من أجل السماح للسوريين بالدخول إلى البلاد.

وصرح عدي الكباريتي، المنسق المتطوع في الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، وهي منظمة إغاثية تديرها الدولة تقوم بتنسيق عملية إدخال المساعدات عبر الحدود “أن قرار إبقاء الحدود مغلقة يستفز [الأردنيين]”.

وفي الأيام التي أعقبت قرار الحكومة الأردنية، أحتل هاشتاغ “افتحوا الحدود” المرتبة الأولى على التويتر الأردني. وفي الوقت نفسه، بدأت آلاف التبرعات، التي قُدمت غالبيتها من المواطنين، تصل إلى المستودعات التي تديرها الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية.

وأضاف الكباريتي “هذه المساعدات من الشعب الأردني، وليست من مؤسسات رسمية”.

وقد صُدم منسقو الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية من حجم التبرعات المقدمة من المواطنين الأردنيين، التي ملأت الآن عدد من المستودعات ومناطق التخزين في مدينتي المفرق والرمثا الحدودية الأردنية، على حد قول الكباريتي.

متطوعون يقومون بتفريغ شاحنة تحمل تبرعات من مستودع المعونات في الرمثا، بالأردن، يوم الثلاثاء، تصوير وليد خالد النوفل/سوريا على طول.

وتعد مناطق التحميل في المدينتين الشماليتين هي الموقف النهائي للبضائع المتبرع بها، قبل أن يتم جلبها عبر الحدود كجزء من حملة مساعدات غير مسبوقة من قبل مدنيين مقدمة للنازحين السوريين.

وأضاف الكباريتي “هناك ضغط كبير، لا تزال العشرات من الشاحنات تنتظر ليتم تفريغها”.

وقد عبرت 123 شاحنة على الأقل محملة بالأغذية والمياه والمساعدات الإنسانية من الأردن إلى سوريا منذ بدء الحملة في الأول من تموز، بحسب ما قالته شهد عناني، الناطقة باسم الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، لسوريا على طول.

وتقوم الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية بتنظيم وجمع تبرعات المدنيين في مستودعين منفصلين في كل من الرمثا والمفرق طوال اليوم، ومن هناك، يقود أفراد القوات المسلحة الأردنية الشاحنات، المحملة بالتبرعات، إلى معبر نصيب–جابر الحدودي شمال المفرق، على حد قول العناني.

“رد الجميل”

وبالنسبة لسكان الرمثا، فإن الحرب السورية لم تكن بعيدة عنهم، فهم يتأثرون بالقصف الحاصل في مدينة درعا القريبة، الواقعة على بعد سبع كيلومترات فقط من وسط مدينة الرمثا، وكثيراً ما كانت ألواح النوافذ تهتز هناك، كما تسمع أصوات الإنفجارات والرشاشات وقذائف المدفعية في الليل.

وقال أبو صدام، أحد المتطوعين من أهالي مدينة المفرق، لسوريا على طول “كنت في منطقة التحميل في الرمثا لمدة ست ساعات، مساء الإثنين، وكنا نسمع صوت الطائرات فوق رؤوسنا”.

و لعقود من الزمن، قبل بدء الحرب في سوريا، كان الاقتصاد المحلي في الرمثا يتوقف على الطريق السريع الذي يمر عبر المدينة، ويربط بين دمشق وعمان.

لكن سبع سنوات من الحرب في سوريا تركت أثرها على المدينة الحدودية، حيث توقفت السيارات عن عبور الطريق الدولي السريع، وأصبحت البضائع السورية نادرة اليوم في أسواق الرمثا.

شاحنة في المفرق تحمل تبرعات متجهة إلى سوريا. كتب عليها “حملة تبرع أبناء الكوم الأحمر لأهلنا في درعا”. تصوير: وليد خالد النوفل / سوريا على طول.

ويقول الأردنيون من أبناء المنطقة أنهم يشعرون بارتباطهم بالسوريين عبر الحدود.

وقال كامل الزعبي، متطوع من الرمثا في منطقة تحميل التبرعات، لسوريا على طول “في وقت من الأوقات، كانت سوريا توفر مساعدات لكل العالم العربي- وتحديداً الأردن”.

وأضاف “حان الوقت لنرد الجميل لجيراننا، إن إنسانيتنا تجمعنا و يجري في عروقنا نفس الدم”.

وقال الكباريتي، المنسق الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، إن استجابة الأردنيين لحملة التبرع كانت “صادمة”، حيث وصل ٧٠ متطوعاً من جميع أنحاء البلاد، بعد ظهر الثلاثاء، إلى مستودع المفرق حيث يتم تخزين التبرعات.

وأضاف الكباريتي لسوريا على طول “نحن على بعد بضع دقائق من النازحين السوريين، إنهم يستحقون العيش، وما جمعناه من التبرعات هو مواد أساسية، لكنها قد تساعدهم”.

وبلغ عدد سكان الرمثا حوالي ٧٥ ألف شخص في عام ٢٠١٠. لكن بعد أن تدفق حوالي ١,٤ مليون لاجئ سوري إلى الأردن في عام ٢٠١١، تضاعف عدد سكان المدينة إلى أكثر ١٥٠ ألف نسمة، بينما ارتفع عدد سكان محافظة المفرق المجاورة من ٩٥ ألف إلى ٢٠٠ ألف بحلول عام ٢٠١٥، بحسب ما ذكرته صحيفة جوردن تايمز في ذلك العام.

وبالنسبة للزعبي المقيم في الرمثا، فإن الفرق الوحيد بين الأردنيين وجيرانهم السوريين، هو على أي جانب من الحدود المغلقة يعيشون.

وختم الزعبي قائلا لسوريا على طول “إنهم إخواننا، لا نقبل أن يموتوا أمامنا، نحن معهم ولن نخذلهم”.

 

ترجمة: بتول حجار

 

شارك هذا المقال