10 دقائق قراءة

إياد القدسي: ميثاق سوريا الوطني يعمل بشكل مواز لـ”الائتلاف” على صعيد التمثيل

عمان – في الذكرى العاشرة لاندلاع الثورة السورية، 15 آذار/مارس […]


9 يونيو 2021

عمان – في الذكرى العاشرة لاندلاع الثورة السورية، 15 آذار/مارس الماضي، أعلن ميثاق سوريا الوطني عن مؤتمره التأسيسي الأول، والذي جاء في بيانه أن “هذه المرحلة التي تتطلب منّا الالتزام بأعلى درجات المسؤولية والارتقاء بالعمل المشترك وتوحيد الجهود من أجل الوطن وبناء دولةٍ لجميع السوريين بعيدًا عن الأيديولوجيات الشمولية والانفصالية والتطرّف بكافّة ألوانه وأشكاله”.

وعرّف ميثاق سوريا الوطني نفسه، كما جاء في نظامه الداخلي، بأنه “حركة وطنيّة سوريّة تسعى لتنظيم المواطنين السوريين والهيئات السوريّة وتمثيلهم سياسيًّا في المحافل الدوليّة والوطنيّة بهدف حلّ القضيّة السوريّة وبناء دولةٍ ديمقراطيّةٍ مدنيّةٍ تقوم على مبادئ العدالة والمساواة والمواطنة وسيادة القانون والمبادئ والقواعد التي أقرّها القانون الدولي العام كافّة”.

لكن بعد عقد من الثورة، يبدو غريباً ولادة كيان سوري معارض، يسعى بحسب ما جاء في وثائقه إلى توحيد المعارضة وإنهاء الأزمة السورية، خاصة مع فشل كيانات سياسية معارضة، على رأسها الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، الذي تعتبره الدول الممثل الرسمي الوحيد للثورة السورية، في تحقيق تقارب بين أطياف المعارضة، أو كسب تأييد دولي واضح لإنهاء الحرب السورية. علماً أن رئيس “الميثاق”، إياد القدسي، كان هو نفسه شخصاً فاعلاً في الائتلاف، إذ شغل في فترة سابقة منصب نائب رئيس الحكومة السورية المؤقتة المنبثقة عن ذاك الائتلاف. 

الجديد في الميثاق، كما قال القدسي في لقاء مع “سوريا على طول”، هو سعيه “إلى توحيد المعارضة”، وأن يكون جزءاً مما وصفه بـ”القبة” التي ستمثل “الكتلة الوطنية الجامعة لكل الكيانات والأجسام”. والأهم من ذلك أن “الميثاق يقف على مسافة واحدة من الجميع بخصوص أي شراكة من شأنها توحيد المعارضة، بغض النظر عن المرجعية الدينية والعرقية طالما أن الكيان أو الشخص “غير مرتهن… أما المرتهنين لدول فلا مصلحة في الشراكة معهم، لأن الدول هي من ستملي عليهم قرارتهم”.

وشدد القدسي، وهو من مواليد دمشق، وحاصل على درجة البكالوريوس في المعلومات الإلكترونية من جامعة هيوستن بالولايات المتحدة، ويحمل الجنسية الأميركية أيضاً،  على أن “القرار السياسي يجب أن لا يرتهن لأجل أموال”.

ربما يكون السؤال الأول الذي يتبادر إلى ذهن السوريين خصوصاً: بماذا يختلف الميثاق عن غيره عن التشكيلات السورية المعارضة؟ وبما أنك شددت سابقاً على ضرورة توحيد المعارضة، فكيف سيكون الميثاق أداة لتحقيق هكذا وحدة وليس مزيداً من التشرذم؟

قبل الإجابة عن السؤال، أود الإشارة إلى أننا كأشخاص في “الميثاق” انخرطنا في العمل الوطني وكان لنا أدوار عدة منذ العام 2011. إذ شاركنا في تشكيل كيانات لدعم الثورة السورية، منها مجلس دمشق الوطني الذي تأسس العام 2015، الذي كنت عضو مكتبه التنفيذي آنذاك.

وفي أيلول/سبتمبر 2018 شكّلنا ميثاق دمشق الوطني بباريس، وكان الهدف منه إعطاء دور للدمشقيين، خاصة في ظل عدم انخراطهم بصورة صحيحة في المعارضة السورية بما في ذلك الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة. لكن تعرض “ميثاق دمشق” للهجوم باعتباره، كما وصفه البعض، ميثاقاً مخملياً دمشقياً لا يمثل كلّ السوريين. وهنا أشدد على أن ميثاق دمشق كان رغبة في إظهار الدمشقيين على الساحة لا أن يكون دمشقياً مخملياً. 

في أواخر العام 2019، تولدت فكرة تأسيس ميثاق سوريا الوطني لدى عدد من الشخصيات كانت في ميثاق دمشق، بهدف تلبية الرغبة الوطنية الشاملة. واستطعنا في الكيان الجديد ضمّ شخصيات سورية من غير الدمشقيين، فوفّقنا بين الرغبة الوطنية الشاملة وعدم المناطقية من جهة، وبين الخبرات التي أثرت هذا الميثاق.

ميثاق سوريا الوطني، هو كأي مشروع وطني آخر؛ يتشابه بالتأكيد في الرؤية السياسية والبيان التأسيسي مع غيره، لكن الجديد أنه يسعى إلى توحيد المعارضة، وأن يكون جزءاً من قبة تكون الكتلة الوطنية الجامعة لكل الكيانات والأجسام [السورية المعارضة].

هذا تصوركم للميثاق؛ أن يكون المظلّة؟

ميثاق سوريا الوطني جزء من المظلة. قد يقول البعض “لم لا يكون الميثاق مظلة جامعة؟”. وأنا أقول هو جزء. فالميثاق لا يريد أن يترأس، ولا ندّعي في الميثاق أن الحل عندنا. لدينا تصوّر للحل في سوريا، وعندنا مشاريع، لكن من دون التجمعات والكيانات الأخرى نحن لا نعني شيئاً. نحن جزء منهم، ولكن قد يكون الفرق بيننا وبينهم أنه لا تحفظ عندنا أو عنجهية.

إياد القدسي كان جزءاً من الائتلاف الوطني الذي يعتبر ممثل المعارضة السورية. ما هو تصوركم لعلاقة “الميثاق” بالائتلاف؟

كان الائتلاف ومؤسساته، بما فيها الهيئة العليا للتفاوض واللجنة الدستورية ووحدة تنسيق الدعم، ضرورة ملحّة في بداية الثورة، لأنها تعمل على تجميع وتمثيل قوى المعارضة. لكن مع مرور الأيام لم نجد هناك تطوير في عمل الائتلاف. كما لم يحتو بقية الأطراف، ولم يعمل على كسب الحاضنة الشعبية المهمة، لأنها هي القاعدة وفيها القوة ومن دونها أنت هيكلية شكلية.

عندما كنت في الحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف عرضت عدة برامج، منها على سبيل المثال فتح مكاتب داخل سوريا، وقدمت مشروعاً لثماني مناطق. لكن، للأسف، لم نحصل على الدعم. لو أن الحكومة المؤقتة باشرت في الانخراط مع الشعب داخل المناطق المحررة حينها، ونفذنا أعمالنا وفق إدارة صحيحة، لكان بإمكاننا الإعلان عن حكومة انتقالية من الداخل وليس حكومة مؤقتة من المنفى.

هل تعتقدون أن الائتلاف قابل للإصلاح، أم أنه استنفد دوره؟ وهل تسعون إلى أن يكون الميثاق بديلاً له؟

نحن لا نسعى إلى أن نكون بديلاً للائتلاف. والبديل يصل من خلال قرار السوريين. نحن في الميثاق نعمل بشكل مواز. وهنا لا أقصد العمل الموازي، بل على صعيد التمثيل، لأن عمل الائتلاف بطبيعة الحال يختلف عن عملنا، كما إن كل الدعم المالي للائتلاف ونحن لا نحصل على دعم.

بغض النظر إذا دعينا للانضمام للائتلاف، أو فكرنا نحن الانضمام إليه، فالائتلاف قبل أي شيء يحتاج إلى إصلاح، ضمن إعادة هيكلة شاملة، بما في ذلك تغيير مقر الائتلاف، فأي مؤسسة وطنية يجب أن تكون مستقلة. هنا لا أقول إن الائتلاف تابع لتركيا، لكن كونه موجوداً فيها يعطي انطباعاً أنه يخضع لضغوط من الجهات الموجودة هناك.

هل عندك اقتراح بشأن مكان انتقال مؤسسات الائتلاف حتى تتمتع بمزيد من الاستقلالية؟

هناك عدة خيارات، منها بروكسل أو جنيف مثلاً. والأفضل أن تكون داخل سوريا، وأساساً كان ينبغي أن يكون المقر داخل سوريا، وكان 65% من أراضي سوريا تحت سيطرة المعارضة بما فيها المنطقة الجنوبية. على أي حال، لا يجب أن يكون المقر في أي دولة عربية.

عندما كنت في الحكومة المؤقتة افتتحت مقراً لها في الأردن. لكن كانت هناك ضغوط من الحكومة ذاتها ومن الائتلاف بعدم المضي قدماً خوفاً من التفرد في المناطق. أيضاً طلبنا آنذاك قوة حماية من أجل الدخول إلى المنطقة الشرقية لسوريا وإدارة آبار البترول في دير الزور والرقة والحسكة، ولكن لم نحصل على دعم.

سأكون واضحاً معك؛ أنا كنت جزءاً من تلك المنظومة، لكني قدمت استقالتي لعدم تمكني من ممارسة عملي بالطريقة المناسبة. وهنا أرجو أن لا أفهم بأنني أتهجم على الائتلاف وعمله في الماضي والحاضر، لكن بعد عشر سنوات أعتقد أننا جاهزون للتغيير.

لا يخفى وجود مشاكل في المعارضة السياسية السورية، وتالياً أزمة ثقة بين المواطن السوري ومؤسسات المعارضة. هل سنرى من الميثاق خطوات من شأنها رأب الصدع وتعزيز الثقة مع السوريين؟

حتى تحصل على حاضنة شعبية وتعيد الثقة يجب أن تثبت نزاهتك وعدم ارتهانك، وأن لا يكون هناك غبار على الأشخاص العاملين في مؤسسات المعارضة، إضافة إلى ضرورة وجود برامج عمل. وهنا أؤكد بأن لدينا برامج عمل لبناء قبة جامعة للمعارضة. وبعد إشهار الميثاق سنجري زيارات إلى قطر والإمارات وتركيا، ومن ثم أوروبا؛ فرنسا وألمانيا وبريطانيا. كما إن على جدول أعمالنا زيارة لعدة ولايات أميركية.

أيضاً، توصل الميثاق إلى شراكات مع عدة تيارات، كما حصلنا على دعم معنوي من 26 دولة أوروبية وخليجية. ونسعى إلى كسب دعم وموافقة رجال أعمال سوريين. وليست الموافقة على إياد القدسي، وإنما موافقة وتأييد لبرامجنا وعملنا. أنا وزملائي في ميثاق سوريا الوطني وشركاؤنا لدينا برنامج للانتقال السياسي، وبرنامج للحصول على إسناد من الدول المعنية، بمن فيها الولايات المتحدة.

أهداف الميثاق، كما تحددها رؤيتكم ووثائقكم الأخرى، ليست محل خلاف. لكن تغيب عن هذه الوثائق آليات العمل. إذ كيف ستصل سوريا إلى دولة قانون ومساواة ومواطنة؟

لدينا آليات عمل وبرامج وضعناها وحددنا جدولاً زمنياً لتنفيذها. كما نعمل على الحصول على دعم وطني سوري. نحن لا نريد لدولة من الدول الراعية أو المعنية أن تدعمنا مادياً، لأن الناس ستعتقد أن الدولة الداعمة هي صاحبة القرار السياسي، بل سنسعى للحصول على دعم من الجالية السورية ورجال الأعمال السوريين.

أما فيما يخص الدول، وخاصة الولايات المتحدة وروسيا، كون القرار النهائي عندهما، فنحن نريد الحصول على الاحترام وليس الدعم المادي. فبعد كل الاحباطات الموجودة من الصعب أن نحصل على احترام دولي، لذلك وفق ما ذكرت من آليات يمكن أن نحصل على شرعنة وشرعية. وقبل كل شيء يجب أن نقنع أنفسنا وشعبنا أولاً ونصل إلى قناعة ورضا داخلي.

أشرتم في وثائقكم إلى أن القوى الفاعلة أدارت ظهرها للشعب السوري. لكن اليوم بحسب كلامكم سنعود للمجتمع الدولي، ألا يبدو ذلك تناقضاً؟

المجتمع الدولي أدار ظهره لأننا لم نكن على قدر المسؤولية، وكأن الدول لا تريد تكرار أخطائها في العراق بأن تختار وتفرض فريقاً أو تياراً، بل يجب على السوريين الاعتماد على أنفسهم وأن يقرروا من يمثلهم. ويجب أن نكون على استعداد وعلى معرفة بكيفية الانتقال للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.

اليوم، ربما نقول أننا نشكل نصف القمر. لكن حتى نحصل على البدر يجب أن تتضافر الجهود، ونتواصل مع الداخل حتى في مناطق النظام. وعندما نصل إلى هذه المرحلة ونحصل على ثقة من السوريين، وقتها نذهب إلى الدول. 

وهنا أشير إلى أن المجلس العسكري أيضاً عنده تواصل مع ضباط لدى النظام. وبحسب المجلس يمكنهم استلام المهمة الأمنية والعسكرية في سوريا في حالة الانتقال السياسي إلى أن يتم تحقيق الأمن والأمان.

هل تمثلون الذراع السياسية للمجلس العسكري؟ وهل المجلس بقيادة مناف طلاس فكرة حقيقية قائمة؟

نحن لسنا الذراع السياسية للمجلس. لكن بطبيعة الحال تربطنا علاقات مع أي جهة ثورية معارضة تسعى للتغيير والانتقال السياسي في سوريا. وإذا كنا على تواصل مع المجلس العسكري، فنحن لسنا الجهة الوحيدة. وهناك تواصل رسمي مع المجلس وأيضاً شخصي. أنا مثلاً على تواصل مباشر مع أشخاص معنيين في المجلس العسكري.

هذا يعني أن المجلس العسكري ما يزال فكرة قائمة؟

نعم، هو فكرة قائمة وموجودة. وربما يكون المجلس العسكري الحل الأخير في سوريا، رغم أننا في ميثاق سوريا الوطني لا نفضل الحل العسكري. نحن نطالب بمجلس حكم انتقالي بحيث يكون المجلس العسكري جزءاً من البرنامج.

لدينا تصور لآلية الحكم الانتقالي، ونحن بصدد عرضه على شركائنا من السياسيين وغيرهم، وأيضا على المجلس العسكري. لكن ربما لا يريد المجلس التواصل مع تيارات وإنما مع أشخاص، ونحن على تواصل شخصي مع المجلس كما ذكرت.

أشرتم أكثر من مرة في حديثكم هذا إلى القبة، وضرورة تشكيل مظلة جامعة للمعارضة السورية، فهل بدأ الميثاق فعلاً بالتشبيك مع باقي الأجزاء التي ستشكل القبة؟

نعم. إياد القدسي في الكتلة السياسية للهيئة الوطنية السورية، وعضو شرف في مجلس سوريا للتغيير، وعضو في مبادرة إحياء وطن، وهو أيضاً جزء أو شريك مع بعض الأحزاب، هذا كله قبل إشهار ميثاق سوريا الوطني. 

بعد الإشهار ستكون لدينا نشاطات كثيرة. سنلتقي بشخصيات ومن ثم نوقع مذكرات تفاهم ومواثيق شرف بين ميثاق سوريا الوطني والتيارات الأخرى، وسنسعى تالياً إلى عقد اجتماع أو مؤتمر وطني شامل.

متى تتوقعون عقد هذا المؤتمر؟

في أيلول/ سبتمبر المقبل إن شاء الله. لكن قبل ذلك نحن بحاجة إلى الحصول على دعم من الجالية السورية خارج سوريا، وكسب ثقة الداخل، كما الحصول على تأييد الدول المعنية.

لنذهب إلى ملف التفاوض مع بشار الأسد، وربما هو الدور الوحيد الباقي للائتلاف حالياً، هل أنت من أنصار الاستمرار في التفاوض مع النظام؟

أثبت النظام أنه غير جاهز [للتفاوض]. لذلك من الصعب أن تقنعه بشيء لا رغبة له فيه. وحتى إن أجبرته روسيا، ستجده يتخلف عن أي مفاوضات جادة. 

في الحديث عن التفاوض يجب أن تكون لدى الطرف المقابل لك رغبة أو قابلية. هذه القابلية غير موجودة عند النظام ولن تتحقق إلا بإجبار الداعمين له.

من وجهة نظري تسعى روسيا إلى تغيير نظام الحكم في سوريا، بأن يكون الرئيس مجرّداً من المهام، إلا المهام الشكلية البروتوكولية، ولتكون كامل الصلاحيات بيد رئيس الوزراء، وذلك بهدف إيجاد مخرج لبشار الأسد.

وتفسير الروس لقرار مجلس الأمن 2254 هو تحويل منصب رئيس الجمهورية إلى منصب رمزي. أما نحن فنسعى إلى حكم انتقالي كامل، وتفسيرنا للقرار أن يكون هناك انتقال سياسي. لكن هل النظام جاهز بداية للتفاوض؟ عندما يكون جاهزاً للتفاوض بشكل حقيقي فإنه سيكون جاهزاً للانتقال السياسي.

سؤالي للمعارضة، وأنتم جزء منها، هل تشاركون في المفاوضات مع النظام إبراء للذمة فقط، خاصة مع عدم توقع أي شيء من النظام؟

المفاوضات تتم بين دول، وقد جرت مفاوضات بين سوريا وإسرائيل، وأيضاً بين سوريا ودول أخرى، أقول ذلك لأوضح أن المفاوضات بأصلها ليست جريمة، ولكن التفاوض له أسس، يجب أن يبنى على قواعد متفق عليها، وأهمها أن يكون هناك قناعة لدى الأطراف بأننا نتفاوض لنتفق، ولكن في حالة التفاوض بين الأطراف السورية أين نذهب بالعدالة الانتقالية؟

لا يمكننا إسقاط العدالة الانتقالية، وهنا لا أقصد أنه يجب إعدام كل الناس، لذلك نحن في ميثاق سوريا الوطني نعمل على ملف العدالة الانتقالية، كما فعلت من قبل المعارضة أيضاً، وأذكر أن الدكتور رضوان زيادة عمل على ملف العدالة الانتقالية لصالح الحكومة المؤقتة عندما كنت جزءاً منها.

وفي سياق الحديث عن العدالة الانتقالية تسمع أصواتاً تنادي بالمصالحة الوطنية، ولكن هل يجوز أن نتحدث باسم الشهداء والمهجرين وأصحاب البيوت المدمرة، ونقول لهم سنعطي براءة ذمة للنظام؟، لذلك قبل المصالحة يجب تطبيق العدالة الانتقالية. وإذا قرر الشعب السوري مستقبلاً إجراء مصالحة، على اعتبار فيها حل لسوريا والسوريين،  أنا أحترم هذا القرار، لكن لن أجزم بأنني لن أكون جزءاً من حكومة انتقالية أو غير انتقالية رئيسها بشار الأسد.. لا أستطيع مصافحة بشار الأسد، لا أستطيع.

لعل ما يلفت الانتباه في وثائقكم غياب المواطنين السوريين الكرد في وثائقكم، باستثناء ما قد يفهم على أنه إشارة سلبية من خلال الحديث عن “قوى انفصالية”. ما هو موقفكم بشأن شمال شرق سوريا الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)؟

المنطقة الشرقية في سوريا مهمة جداً، وهي تحت سيطرة “قسد”، وتغيب عنها أجسام المعارضة بسبب وجود خلافات. لكن استغل هذا السؤال لأؤكد بأن الكرد في سوريا هم جزء من سوريا، وهم مواطنون سوريون لهم كامل الحقوق، وأي شخص في سوريا لا يقبل التقسيم فهو مقبول بالنسبة لي.

هل الفيدرالية تقسيم برأيك؟

قبل الحديث عن الفيدرالية، هناك وضع مأساوي في سوريا، سواء اقتصادياً أو اجتماعياً أو سياسياً. سوريا على وشك أن تكون دولة فاشلة، فكيف نتحدث عن حكم فيدرالي وعدد كبير من السوريين مهجرين داخلياً وخارجياً؟.

اليوم عندنا أولويات أكثر أهمية من الفيدرالية، منها، على سبيل المثال، إيواء الناس، وتوفير التعليم والصحة، وإعادة الإعمار، وبعدها يقرر السوريون ما يشاؤون. أما أنا حالياً، فإن الفيدرالية ليست أولوية بالنسبة لي، همّي أن تتعافى سوريا ويستعيد السوريون كرامتهم وحريتهم، وأرجو أن لا يفهم من كلامي أنني أقلل من شأن الفيدرالية.

نحن في ميثاق سوريا الوطني لا يوجد عندنا مشكلة في الشراكة مع أي سوري بغض النظر عن مرجعيته الدينية أو العرقية. طالما أنه مستقل وغير مرتهن، فعلى الرحب والسعة. أما المرتهنون لدول فلا مصلحة في الشراكة معهم لأن تلك الدول ستملي عليهم. القرار السياسي يجب أن لا يرتهن لأجل أموال. لا أقبل ذلك على نفسي وأتمنى على شركائي ذلك.

بالعودة إلى الكرد، أنا لست بصدد انتقاد أحد أو الدفاع عنه، لكن نحن بحاجة إلى تصحيح، وبحاجة إلى أن يكون الكرد جزءاً من الكيان السوري الموحد مثلهم مثل السريان والمكونات الأخرى. المقصود أن يكونوا جزءاً من فسيفساء سوريا. فمن الأهمية بمكان أن نضع ونتفق على إطار سوري جامع موحد يحفظ حقوق الجميع من دون استثناء، ويحدد واجبات الجميع وحقوقهم. وبالتأكيد عند الكرد خصوصية، مثل اللغة وهذا حقهم.

الكرد قومية كبيرة لا يمكن مقارنتهم بباقي المكونات، ويسيطرون اليوم على مناطق واسعة في شمال شرق سوريا. ألا يجب العمل على نزع فتيل الأزمة معهم؟

على المستوى الشخصي لم أنظر يوماً إلى الكرد على أساس عرقي. تربطني معهم صداقات كثيرة. وأصدقائي من الكرد وطنيون لا يقبلون تقسيم سوريا، وأنا أعتبرهم شركاء وطن.

أما عن شكل الدولة وحقوق السوريين، فهذا موضوع مهم، لكن يتم العمل عليه في حينه. [ضمان] الحقوق المدنية والاجتماعية مسالة مفروغ منها، ويجب أن تعطى للجميع. لكن في الظروف الراهنة لا يمكن إعطاء حكم سياسي أو تحديد شكله الآن.

شارك هذا المقال