5 دقائق قراءة

اتفاقيات المصالحة في درعا “حبر على ورق” والدفاع المدني بانتظار نتائج المفاوضات المغلقة

عناصر الدفاع المدني في درعا في وقت سابق من هذا […]


29 يوليو 2018

عناصر الدفاع المدني في درعا في وقت سابق من هذا الشهر. تصوير: الدفاع المدني في درعا.

ينتظر المئات من عناصر الدفاع المدني والصحفيين، على طول الحدود السورية الأردنية، نتائج المفاوضات المغلقة بين الحكومة وممثلي المعارضة، وسط أنباء متضاربة عن الجهات التي سيتاح لها التصالح مع دمشق، أو المغادرة كلياً.

ومع استمرار المفاوضين في وضع تفاصيل الاتفاق، قال عدة صحفيين ومتطوعين في الدفاع المدني لسوريا على طول، أنهم يخافون التنقل من بلدة إلى أخرى في محافظة درعا- خشية تعرضهم للاعتقال على حواجز الحكومة التي تعود تدريجيا إلى المنطقة.

وقال حسن، وهو عنصر في الدفاع المدني في محافظة درعا، طلب عدم الكشف عن اسمه الكامل لأسباب أمنية، لسوريا على طول، يوم الأربعاء “ننتظر معرفة مصيرنا. نأمل أن تكون الأمور جيدة”.

حسن، واحد من بين عشرات المتطوعين في الدفاع المدني- وهي مجموعة مسعفين تعرف أيضا باسم أصحاب الخوذ البيضاء- الذين ما زالوا مشتتين في جنوب غرب سوريا على الرغم من عملية إنقاذ دولية قادتها إسرائيل لإجلاء مئات من عناصر الجماعة وأقاربهم، يوم الأحد.

وبالرغم من أن عملية الأحد نجحت في إجلاء ٤٢٢ من عناصر الدفاع المدني وعائلاتهم عبر مرتفعات الجولان، التي تحتلها إسرائيل، نحو الأردن، تُرك المئات منهم عالقين في المنطقة، ويخشون من الأعمال الانتقامية من قبل الحكومة، وفقا لما ذكرته سوريا على طول.

ومع تلاشي الآمال في عملية إجلاء أخرى، أصبحت الخيارات محدودة أمام أفراد من المرجح أن يكونوا مطلوبين من قبل الحكومة السورية.

وقال مفاوض في المعارضة لسوريا على طول، يوم الأربعاء، إن عناصر الدفاع المدني لن يُسمح لهم بتسوية وضعهم مع الحكومة السورية، التي تهدف إلى اعتقال عناصر المنظمة ومحاكمتهم.

وكثيراً ما اتهم الإعلام السوري الذي تديره الدولة منظمة الدفاع المدني بالتعاون مع جماعات “إرهابية”، وأشار الرئيس بشار الأسد إلى المجموعة- التي تتلقى دعما من الدول الغربية- على أنها “فرع للقاعدة” في مقابلة أجراها مع وكالة فرانس برس عام ٢٠١٧.

وأفادت وسائل الإعلام الموالية للمعارضة، هذا الأسبوع، بأن الحواجز التي تديرها الحكومة في درعا والقنيطرة المجاورة تفتش عن عناصر الدفاع المدني والعاملين في المجال الطبي والعاملين في المجال الإعلامي في محاولة للقبض عليهم.

ويخشى الصحفيون في جنوب سوريا أيضا من أن يتم استبعادهم من عملية المصالحة الغامضة.

وتواصلت سوريا على طول مؤخرا مع مفاوضين في المعارضة، مطلعين على المحادثات الجارية مع الحكومة السورية في محافظة درعا- لكن كليهما قدما تقييمات متضاربة لنتائج المفاوضات، فضلاً عن الجهات التي ستكون مؤهلة للمصالحة.

السوريون يستقلون حافلات الحكومة في القنيطرة، يوم السبت. تصوير: نبأ.

وقال أبو بكر الحسن، وهو قيادي سابق في المعارضة ومفاوض حالي من بلدة جاسم في ريف درعا الغربي، لسوريا على طول بأن الجميع- باستثناء مقاتلي الفصائل الإسلامية المتشددة والدفاع المدني- سيكون لهم الحق في التصالح مع الحكومة السورية.

إلا أن متحدثا آخر في المعارضة، على اطلاع على المفاوضات الجارية في بصرى الشام شرقي درعا، قال أن جميع السوريين في درعا والقنيطرة- باستثناء مقاتلي تنظيم الدولة وهيئة تحرير الشام سيكونون مؤهلين للمصالحة.

وقال المتحدث، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام، صباح يوم الخميس “الجميع في درعا، بما في ذلك الدفاع المدني، مؤهلون للمصالحة”.

وأضاف “ما تسمعونه هو شائعات وأكاذيب”.

“حبر على ورق”

بالنسبة للسوريين المستبعدين حالياً من المصالحة، فإن بقاءهم في درعا يعني على الأرجح أن يتم اعتقالهم ومحاكمتهم، بحسب ما قاله المفاوضون لسوريا على طول. أما الخيار الوحيد المتبقي أمامهم فهو الانتقال إلى المناطق الشمالية الغربية التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا لتجنب خطر الاعتقال.

ودفعت تهديدات وسائل الإعلام الرسمية السورية أم محمد وزوجها، وهي صحفية سابقة في أوائل العشرينات من عمرها وتقيم مع زوجها الصحفي في درعا حالياً، إلى التفكير في التوجه شمالاً.

وقالت أم محمد، التي طلبت عدم ذكر اسمها الحقيقي لأسباب أمنية، لسوريا على طول “هناك تحريض ضد الصحفيين وعناصر الدفاع المدني”.

وعلى الحواجز التي تديرها الحكومة والتي تمتد الآن عبر الطرقات التي تربط بلدات وقرى محافظات درعا، يقف الجنود عند كل سيارة تمر هناك تقريباً، حسب قول أم محمد.

وأضافت “إذا لم يكونوا يعرفونك، فإنهم يوقفونك. لا توجد حرية في التحرك”.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نقلت الحافلات مئات السوريين غير الراغبين في المصالحة مع الحكومة من محافظة القنيطرة إلى شمال غرب البلاد الخاضع لسيطرة المعارضة، تنفيذا لاتفاق تم بين الحكومة السورية ومفاوضيّ المعارضة. وجاء الإجلاء في أعقاب عملية مماثلة في مدينة درعا تم فيها إجلاء عدد غير معروف من مقاتلي المعارضة وعائلاتهم إلى محافظة إدلب.

ولم يعلن مسؤولو الحكومة السورية ولا ممثلي المعارضة عما إذا كانت هناك عمليات إجلاء أخرى إلى إدلب.

وتشعر أم محمد بالقلق من التعرض هي وزوجها للخطر حتى لو كان الصحفيون مشمولون في المصالحة أو في أي تسوية سياسية مستقبلية في درعا.

وقالت لسوريا على طول “ما يقال شيء، وما يحدث على أرض الواقع شيء آخر”.

“هذه الاتفاقيات حبر على ورق”.

الحواجز مغلقة

تمكنت القوات السورية الموالية للحكومة من استعادة كامل جنوب غرب سوريا، في غضون أسابيع، بعد إطلاق حملة جوية وبرية مكثفة على مواقع المعارضة في محافظتي درعا والقنيطرة في ١٥ حزيران.

وخلال أسابيع، استولت قوات الحكومة والميليشيات الحليفة لها على مساحات شاسعة من جنوب غربي سوريا بالقوة قبل أن توافق قوات المعارضة وبشكل تدريجي على اتفاقيات مصالحة غامضة، بلدة تلو بلدة ومدينة تلو مدينة.

وكانت النتيجة خليطا من اتفاقيات سياسية محلية في محافظتي درعا والقنيطرة مع استمرار المفاوضات المغلقة.

وقال ستة ناشطين وصحفيين وعناصر في الدفاع المدني لسوريا على طول، أن الحواجز في محافظة درعا تمنع أولئك الذين ما زال وضعهم غير مؤكد من التنقل، خوفا من اعتقالهم بسبب نشاطهم السابق.

وقال أبو مهند، وهو أحد عناصر الدفاع المدني في درعا، لسوريا على طول، إنه وعشرات من زملائه “محاصرون” مع عائلاتهم، مع وجود حواجز تابعة لقوات الحكومة تمنعهم من مغادرة المنطقة.

وتابع أبو مهند “أحدهم سأل عما إذا كان بإمكاننا دفع رشوة لنتمكن من قطع الحاجز. لكننا لم نتلق منهم ردا بعد”.

ومع إغلاق الحواجز، أصبح أبو مهند وعائلته من بين المئات من عناصر الدفاع المدني وعائلاتهم الذين لم يتمكنوا من الفرار عبر درعا للوصول إلى نقطة إجلاء قرب مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، يوم الأحد.

ورفض أبو بكر، المفاوض في المعارضة، ما قاله أبو مهند وآخرون في حديثهم مع سوريا على طول، مساء الأربعاء.

حيث قال في تسجيل صوتي أرسله لسوريا على طول عبر تطبيق الواتساب  “كيف لم يتمكن من المغادرة؟ الحواجز لا تمنع أي شخص- لا يطلبون هويات أو يبحثون عن أحد”.

ومن جهته رفض أبو مهند ما قاله مفاوضو المعارضة بأن عناصر الدفاع المدني الذين تقطعت بهم السبل كانت لديهم حرية المغادرة، مضيفا أنه وآخرون “يحاولون الخروج منذ مدة”.

إلا أن “الحواجز مغلقة”.

 

ترجمة: سما محمد

 

شارك هذا المقال