5 دقائق قراءة

الآلاف يعودون لشرقي حلب ليعيشوا وسط “دمار لا يوصف” مع بدء خطط إعادة الإعمار

بعد شهر واحد من إحكام النظام سيطرته الكاملة على مدينة […]


19 يناير 2017

بعد شهر واحد من إحكام النظام سيطرته الكاملة على مدينة حلب، عاد الآلاف من أهالي أحياء شرقي حلب المنكوبة والتي كان يحكمها الثوار، ليعيشوا “وسط الركام والدمار الذي لا يوصف” في ظل غياب الخدمات الحكومية الأساسية، فيما تملك خوف الاعتقال آخرين ونأى بهم بعيداً عنها.

أحلام، واحدة من العائدين الجدد، وهي شابة سورية جامعية، من حي السكري، شرقي حلب، فرت وأمها وأشقاؤها من الحي الذي كان تحت سيطرة الثوار آنذاك، باتجاه الغرب.

وبعد وصولها إلى أحياء حلب الغربية، الخاضعة لسيطرة النظام، لم تستطع أحلام إيجاد عمل لها، فلم يكن بوسع العائلة دفع أجرة الغرفة التي كانت تأويهم. ومنذ أسبوعين، ومع انتهاء المعارك، في أحياء شرقي حلب وتحولها إلى أرض يباب، عادت أحلام وعائلتها أدراجهم لترسم مسار خطاها من جديد إلى شرقي حلب أو ما تبقى منه.

وقالت أحلام لسوريا على طول “الآن نعيش وسط الركام والدمار”، مضيفةً “نحن نعيش وكأننا في عالم آخر، منزلنا تضرر جزئياً نتجمع أنا وأمي بغرفتين بحالة جيدة تأوينا من البرد”.

وأضافت “ولم تؤهل الحكومة الحي بعد، لا يوجد حياة بعد، لا كهرباء ولا محلات ولا مراكز طبية ولا مدارس (…) ومع غروب الشمس، فالمنطقة مخيفة ونادراً ما ترى أو تسمع أحداً”.

إزالة الأأنقاض في حي الكلاسة بحلب، 16 كانون الثاني، حقوق نشر الصورة لـ مجلس مدينة حلب.

واستعادت القوات الموالية للنظام السيطرة على مدينة حلب، في منتصف كانون الأول، عام 2016 بعد أسابيع من المعارك البرية العنيفة، ومئات الغارات الجوية، وعمليات الإخلاء بنهاية المطاف. وكان نصراً كبيراً للنظام، أنهى فيه حكم الثوار الذي استمر لأربع سنوات على النصف الشرقي لثاني أكبر مدينة في سوريا.

والآن، ومع خلو شرقي حلب من الثوار، انتهت المعارك، وبدأت عمليات إعادة الإعمار.

وفي 7 كانون الثاني،  أقر مجلس الوزراء السوري خطة لإعادة الإعمار والخدمات إلى مدينة حلب، وأعطيت الأولوية لإزالة الأنقاض من الشوارع وتأمين الكهرباء والماء “لإعادة الوضع في المدينة بما يمكن الأهالي من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي”، وفق ما ذكرت وكالة أنباء سانا، التابعة للحكومة السورية.

وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية(OCHA)، ذكر الاسبوع الماضي أن أكثر من 56000 نسمة “بقيوا أو ذهبوا وعادوا وسجلوا من جديد في شرقي حلب”. وما يقارب الرقم ذاته من سكان شرقي حلب، هم الآن يسكنون في أحياء حلب الغربية ومخيم جبرين للاجئين.

وصادق المكتب التنفيذي لمجلس محافظة حلب في بداية كانون الثاني، على عقود مبدئية بقيمة 1.1 بليون ليرة سوري (نحو 5.1مليون دولار) لإعادة إعمار أحياء مدينة حلب المدمرة، وفق ما ذكرت وكالة أنباء سانا. ولا يعدو المبلغ سوى كسور أمام المبلغ الإجمالي المطلوب.

ونشر مجلس مدينة حلب التابع للنظام، مؤخراً، صوراً على صفحته على الفيسبوك لإزالة الأنقاض والسواتر الترابية من شوارع الأحياء الشرقية للمدينة.

شارع في حي سيف الدولة، شرقي حلب، بعد أن أزيلت منه الركام والسواتر الترابية، الثلاثاء. حقوق نشر الصورة لمجلس مدينة حلب

وأشار محافظ حلب حسين دياب، خلال جلسة لمجلس محافظة حلب إلى أن “المحافظة وبعد عودة الأمن والاستقرار إلى الأحياء الشرقية وضعت خطة أولويات للعمل وباشرت بتنفيذها وما يزال العمل مستمرا لإزالة الأنقاض وفتح الشوارع وخاصة الرئيسية”، وفق ما ذكرت سانا.

ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة في إعادة الإعمار، إلا أن العديد من مناطق شرقي حلب ما تزال أرضاً خراباً. وعملت المنظمات المحلية والدولية لسد الثغرات، بإصلاح شبكات المياه والخزانات وتشغيل العيادات الطبية المتنقلة وتوزيع الطعام والبطانيات والأغطية البلاستيكية للعائدين والنازحين.

وفي حين ما تزال أجزاء عديدة في شرقي حلب غير مؤهلة للسكن، فإن النظام في الأيام الأخيرة شجع الأهالي النازحين والذين يقطنون حالياً في أحياء حلب الغربية على العودة إلى منازلهم.

وفي الأسبوع الماضي، نشرت صفحة أخبار محلية موالية للنظام فيديو يظهر عربة بث إذاعي، تذيع نداءً من القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة وتدعوهم إلى “العودة السريعة إلى أحيائهم وبيوتهم الآمنة”.

وكانت أُمنية أبو سامر الحلبي، من أهالي شرقي حلب، هي العودة ليس إلا. وهو رجل في الخمسينيات من العمر، من حي الشعار. نزح من منزله ليقيم وأقاربه في أحياء حلب الغربية خلال المعارك الأخيرة التي دارت رحاها في المدينة في أواخر السنة الماضية.

وفي الأسبوع الماضي، عاد الحلبي إلى حي الشعار لتفقد منزله ومكث فيه وقتا. ولسعادته لم يُمس بيته بسوء. ولكن كان كل ما يحيط به خراباً ودماراً وفقد كل معالمه وماهيته.

وقال الحلبي لسوريا على طول، “منزلي ليس مدمرأ، ولكن الدمار في الحي لا يوصف، محيت معالم الشوارع والطرقات”.

ولكن ومع عدم عودة الخدمات الحكومية الأساسية كالماء والكهرباء للحي، لم يتمكن أبو سامر الحلبي من العودة والاستقرار في منزله.

محافظ حلب حسين دياب يتفقد مساعي إعادة الإعمار في حي بستان القصر في 13 كانون الثاني. حقوق نشر الصورة لـ سانا

وقال أبو سامر “بصراحة ملأت الدموع عيوني عندما أيقنت أنه لا يمكن أن أعيش في منزلي، لايوجد أي مقومات للحياة هناك، فكيف سأسكن، مدينة أشباح”.

وتابع “لا شيء سوى الدمار والخراب والوحشة.”

ولا يتسنى لجميع أهالي شرقي حلب الذين يتمنون العودة أن يقوموا بهذه الخطوة بأمان. فحسب ما قال اثنان من أهالي شرقي حلب، لسوريا على طول وهما يعيشان حالياً في ريف حلب الغربي الخاضع لسيطرة الثوار، فإن أصدقائهم وأقاربهم الذين حاولوا العودة للمدينة في الأسابيع الأخيرة اعتقلوا أو اختطفوا. ولم تتمكن سوريا على طول التأكد باستقلالية من هذه الرواية.

وزعم جميع الحلبيين الذين قابلتهم سوريا على طول من أجل هذه القصة، سرقة الأثاث المنتشرة أو ما يسمى بـ”التعفيش” من قبل الشبيحة للبيوت التي تخلو من ساكنيها.

“لم يبق منزلاً إلا ودمره النظام؟ حتى البيوت التي لم تتدمر سرقت كل محتوياتها وتم بيعها في الأحياء الغربية من قبل الشبيحة، وكلنا رأيناها بأعيننا”، وفق ما قال عادل أحد سكان أحياء حلب الغربية.

وقالت أحلام التي عادت إلى منزلها في شرقي حلب وعائلتها، والي تعيش وسط الركام والأنقاض، إن العنف الذي شهدته ما يزال معلقاً في أحياء مدينتها الصامتة برهبة.

“كيفما نظرت، هناك ذكريات لأصوات الطائرات تهدر بأذني أصوات الثكالى بكاء الأطفال الخائفين، كل شيء مازال حياً في ذاكرتي، وبكل زاوية شهدت عيوني منظراً لن يغيب عن ذهني مهما حييت”.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال