4 دقائق قراءة

الأمم المتحدة: قافلة مساعدات إنسانية إلى مخيم الركبان وسط “أقسى شتاء” يمر على المخيم

ﺳﮐﺎن مخيم الرﮐﺑﺎن ﯾﺣﺻﻟون ﻋﻟﯽ مساعدات من الهلال الأحمر السوري، […]


3 فبراير 2019

ﺳﮐﺎن مخيم الرﮐﺑﺎن ﯾﺣﺻﻟون ﻋﻟﯽ مساعدات من الهلال الأحمر السوري، ﻓﻲ 5 ﺗﺷرﯾن اﻟﺛﺎﻧﻲ 2018. الصورة من Stringer/AFP/SANA .

عندما تهطل الأمطار الغزيرة على مخيم الركبان تتحول رمال الممرات إلى طين كثيف، ويهرع الرجال إلى الاحتماء داخل العشرات من الخيام والمنازل الطينية المنتشرة في المخيم.

فمنذ وصول قافلة المساعدات الانسانية النادرة من الهلال الأحمر العربي السوري والأمم المتحدة إلى المخيم الصحراوي النائي، أوائل تشرين الثاني، كان هذا الشتاء الأقسى على المخيم حتى الآن، وفقاً لما ذكره السكان، المقيمون في تلك المنطقة الصحراوية القاحلة في سوريا مع شح الإمدادات.

ومن المقرر الآن أن تدخل قافلة مساعدات ثانية إلى المخيم، حيث أكد السكان أنهم بحاجة ماسة إلى الإمدادات الأساسية اللازمة، التي تقيهم برودة الطقس وتمكنهم من إكمال ما تبقى من فصل الشتاء.

وأعلنت الأمم المتحدة، يوم الأربعاء الماضي، أنها سترسل ما لا يقل عن 100 شاحنة مساعدات تابعة للأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري من دمشق إلى مخيم الركبان المعزول والمحاصر على طول الحدود الشرقية الأردنية، في الخامس من شباط.

وتأتي قافلة المساعدات المخطط تسليمها، الأولى كانت في تشرين الثاني، بعد عدة سنوات من دخول شحنات سنوية لمرة واحدة، ولا تكفي إلا لفترة وجيزة.

وبسبب المواجهة الجيوسياسية المعقدة حول السيطرة على هذه الزاوية المعزولة شرقي سوريا، وكذلك المسؤوليات التي تتهرب منها جميع الأطراف المعنية تقريباً، كانت شحنات المساعدات إلى الركبان لا تتم إلا مرة واحدة في السنة، حيث يبقى سكان المخيم لأشهر دون حتى إمدادات طبية وغذائية أساسية.

وتأجلت القافلة الإنسانية في تشرين الثاني لأكثر من مرة بسبب “المخاوف الأمنية” وفقاً لما قاله المتحدث باسم الأمم المتحدة في دمشق لسوريا على طول في ذلك الوقت.

وقال مارك لوكوك، منسق الشؤون الإنسانية والإغاثية في الأمم المتحدة، خلال مؤتمر صحفي رسمي لمجلس الأمن الدولي، يوم الأربعاء، إن الإمدادات المقرر وصولها إلى الركبان كجزء من عملية التسليم المقررة الأسبوع المقبل ستشمل “إمدادات لفصل الشتاء”.

ولم يذكر لوكوك مزيدًا من التفاصيل حول ما ستشمله تلك الإمدادات الداعمة لفصل الشتاء.

وأكد السكان النازحون في الركبان أنهم بحاجة ماسة إلى الإمدادات اللازمة للطقس البارد مثل البطانيات والغاز، بعد أسابيع من العواصف الترابية العنيفة والأمطار الغزيرة.

ويعيش أكثر من 40 ألف نازح سوري في خيام مؤقتة ومنازل طينية في الركبان، لاتحميهم من من البرد القارس داخل الصحراء المفتوحة، وهؤلاء كانوا قد فرّوا من مسقط رأسهم، ومعظمهم من محافظة حمص الريفية التي سيطر عليها تنظيم الدولة بعد عام 2013، في فقر شديد.

وقال سعيد العلي، الذي يعيش في المخيم مع زوجته وطفليه، لسوريا على طول، الأسبوع الماضي ” لايوجد شيء هنا سوى الغبار والبرد القارس”.

فالإمدادات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والغاز لتشغيل سخانات التدفئة، ليست متاحة بسهولة. ويتم تهريب بعض المواد الحيوية من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة ولكن بأسعار باهظة، حيث تكافح العديد من العائلات داخل الركبان من أجل توفير تلك المبالغ. وفي الماضي، لجأ سكان الركبان إلى حرق البلاستيك والفضلات من أجل التدفئة خلال فصول الشتاء الصحراوية القاسية.

وقال عمر الحمصي، أحد سكان المخيم، لسوريا على طول “الحمد لله، لدي حطب أستخدمه لتشغيل المدفأة، لكنني زرت العديد من منازل الناس هنا في المخيم، ومعظمهم ليس لديهم حتى مدافئ”.

واستغرب الحمصي كيف يتحمل الناس هذه الظروف منذ ثلاث سنوات، مشيراً إلى أن “هذا أصعب شتاء يمرّ عليّ حتى الآن”.

وأثرت الظروف الجوية في المخيم على الأطفال بشكل خاص. ووفقا لبيان أصدرته اليونيسف في وقت سابق من هذا الشهر، لقي ما لا يقل عن ثمانية أطفال- من بينهم طفل حديث الولادة- حتفهم في الشهر الماضي وحده، بسبب الانخفاض الشديد في درجات الحرارة في فصل الشتاء هذا العام.

ولا يوجد أطباء مرخصين في مخيم الركبان، بحسب ما قاله السكان والكادر الطبي، وتوفر شبكة من العيادات غير الرسمية التي تديرها ممرضات وممرضون، خدمات علاجية محدودة فقط للسكان. وتقوم عيادة طبية تديرها الأمم المتحدة عبر الحدود في الأراضي الأردنية المجاورة بتقديم الخدمات العلاجية لأولئك القادرين على التسجيل وعبور الحدود.

ويقع مخيم الركبان، داخل منطقة نائية على طول الحدود السورية-الأردنية المعروفة باسم “الساتر الترابي”، مما يعني أن عشرات الآلاف من النازحين هناك محاصرين جميعا. كما أن العبور إلى الأردن هو خيار متاح فقط لمن يحتاجون إلى رعاية طبية طارئة ومتخصصة في عيادة الأمم المتحدة الحدودية.

كما أن الصحراء المحيطة بالمخيم هي جزء من “منطقة منزوعة السلاح” التي تمتد على طول ٥٥ كم، أنشأتها القوات الأمريكية. ويسيطر على هذه المنطقة اسمياً مجموعة معارضة مدعومة من الولايات المتحدة تعمل انطلاقا من قاعدة التنف العسكرية، التي يزعم كل من الولايات المتحدة ومقاتلي المعارضة أنها جزء من معركة آخذة بالتراجع الآن ضد التنظيم.

ويواجه السوريون النازحون الذين يعيشون في الركبان، والذين يرغبون في العودة إلى منازلهم قراراً صعبا. وبالنسبة لمعظمهم، أصبحت منازلهم ضمن مناطق سيطرة الحكومة السورية، لذا يخشون أن يواجهوا الاعتقال أو التجنيد الإجباري، كما هو حال الرجال في المناطق الخاضعة لسلطة دمشق.

وإن الذهاب إلى المنزل يعني المرور عبر العديد من الحواجز الحكومية على طول الطريق، وقطع المسافات- في كثير من الأحيان بمساعدة مهربي البشر – عبر صحراء مفتوحة تتواجد فيها الميليشيات الموالية للحكومة.

لكن البقاء في الركبان يعني أيضا مواجهة شتاء قارس بإمدادات شحيحة.   

وقال العلي، وهو أب لطفلين، لسوريا على طول من مكان إقامته في المخيم “إننا في منتصف فصل الشتاء هنا، الجو بارد جدا. نسمع عن حملات توزيع المساعدات لجميع المخيمات السورية- باستثناء هذا المخيم” … “تركونا نواجه البرد وحدنا”.

وفي الوقت الحالي، ما يزال العلي قادراً على توفير الغذاء وغيره من الإمدادات المهربة لأسرته لأن شقيقه الذي يعيش في الخارج يمده بالمال.

لكن هذا ليس حال الجميع بحسب ما قال.

“هناك أناس هنا غير قادرين على تأمين أي طعام”.

شارك هذا المقال