5 دقائق قراءة

الإعلان المفاجئ للانسحاب الأمريكي من سوريا يترك حلفائها في حالة من الذهول

القوات الأمريكية بالقرب من منبج في عام 2017، دليل سليمان […]


القوات الأمريكية بالقرب من منبج في عام 2017، دليل سليمان / أ ف ب.

أعربت الفصائل المدعومة من الولايات المتحدة والسوريون النازحين في شرق سوريا عن “مفاجأة” يوم الخميس، بسبب قرار صادم أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية من البلاد في غضون شهر واحد، تاركاً مستقبل شرق سوريا معلقاً بتوازنات غير واضحة.

وقد أعلن الرئيس ترامب الانسحاب العسكري الكامل يوم الأربعاء، مع مسؤولين في البنتاغون قالوا إن الانسحاب سوف يتم في غضون 30 يوما.

ويأتي هذا القرار، الذي استهزأ به الدبلوماسيون والمسؤولون الأمريكيون على نطاق واسع، بأنه مضلل وغير مسؤول، على الرغم من حقيقة أن القوات الأمريكية تخوض الآن معركة غير منتهية للاستيلاء على أراضي الدولة الإسلامية المتبقية في شرق سوريا.

وبدا حلفاء واشنطن، وكذلك المسؤولون الأمريكيون أنفسهم، وكأنهم لا يعلمون شيئاً عن القرار.

وقال متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، إنهم لا يستطيعون تقديم تفاصيل بشأن الانسحاب القادم. وقال مسؤول في الأمم المتحدة في دمشق يوم الخميس أن المنظمة الدولية “ما زالت تقيم” الموقف.

ومنذ عام 2014، قاد الجيش الأميركي تحالفاً دولياً للقضاء على تنظيم الدولة من معظم مناطق شرقي سوريا، بما في ذلك مدينة الرقة التي اتخذ تنظيم الدولة منها سابقاً عاصمة له.

وشهدت الحملة، التي شنت على مدى ثلاث سنوات، سيطرة الأكراد في الغالب من القوات سوريا الديمقراطية على البلدات والمدن التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية سابقا من خلال سلسلة من الهجمات البرية القوية بدعم من غارات التحالف التي قادتها الولايات المتحدة.

وأصبحت قوات سوريا الديمقراطية الشريك الرئيسي للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وقوات القتال المتحالفة على الأرض ضد تنظيم الدولة. 

“لقد دفعنا الثمن بالدم”

وفي أعقاب إعلان الرئيس ترامب المفاجئ يوم الأربعاء، قال بعض الذين سبق أن خاضوا المعارك أنهم شعروا بخيانة شديدة بسبب قرار سحب القوات الأمريكية.

وقال أحد مقاتلي قوات الدفاع في الرقة، والذي شارك في الحملة المناهضة لداعش، لسوريا على طول “نحن متفاجئون بالقرار”. تحدث المقاتل بشرط عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية.

وأضاف “أشعر أن الأميركيين يضحكون علينا، وإن هذه خيانة”، على الرغم من أنه اعترف بأنه لم ير أي تغييرات على الأرض حتى صباح يوم الخميس.

وكرر سردار محمود، المنسق الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية في الرقة، رد فعل المقاتل قائلاً “إذا انسحبت أمريكا، فسوف تثبت ما يقوله الجميع عن الولايات المتحدة بأنها بلد يتخلى عنحلفائه”.

الناس في شمال شرقي سوريا يرفعون صوراً لمقاتلي قوات سوريا الديمقراطية الذين توفوا سابقاً، يوم الخميس احتجاجاً على قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية. الصورة من هوشينغ هيسين.

وتابع محمود قائلاً “أتمنى لو أننا لم نحرر الرقة والطبقة ودير الزور”، وأضاف “لقد دفعنا ثمن تلك المعارك من دماء كل من مات أو أصيب”.

“لا أعرف كيف سنتمكن من النظر في عيون عائلاتهم “.

وقال بيان رسمي أصدرته قوات سوريا الديمقراطية يوم الخميس، إن قرار ترامب بالانسحاب “سيؤثر سلباً على الحملة ضد الإرهاب”، مضيفاً أن الهجوم العسكري للتحالف ضد التنظيم لم ينته بعد.

ولطالما دعا الرئيس ترامب القوات الأمريكية لمغادرة سوريا، رغم أن إدارته قد أعلنت في أيلول -عكس ذلك -بقاء قواتها في سوريا ما دامت الميليشيات المدعومة من إيران تحتفظ بوجودها في البلاد.

وجاء قرار الأربعاء بمثابة تحول درامي آخر لتلك السياسة المفترض اتباعها، حيث لا تزال القوات المدعومة من إيران راسخة في جميع أنحاء البلاد.

وكتب ترامب في موقع تويتر يوم الخميس “روسيا وإيران وسوريا وغيرهم كثيرون غير سعداء بمغادرة الولايات المتحدة …لأنهم الآن سيضطرون لمحاربة تنظيم الدولة وغيرهم، من الذين يكرهونهم، دوننا “، على الرغم من أنه كتب في مقال آخر في اليوم السابق، بأن القوات الأمريكية قد هزمت التنظيم في سوريا.

وادعت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض سارة ساندرز في بيان لها، يوم الأربعاء، أن إدارة ترامب كانت تنتقل إلى “المرحلة التالية من تلك الحملة المناهضة للتنظيم” بعد أن “هزمت الولايات الخلافة الإقليمية”،في إشارة إلى شبه الدولة التي أعلنها التنظيم في سوريا والعراق.

ولكن القرار أثار انتقادات حادة منذ إعلانه يوم الأربعاء، حيث سخر عدد من المسؤولين الأمريكيين والسياسيين المحافظين من سحب القوات.

وقال المحلل نيكولاس هيراس من واشنطن العاصمة لسوريا على طول يوم الخميس عبر الهاتف ” حقيقة اتخاذ قرار سياسي مثل هذا يحث على الفوضى، دون مناقشة هذا القرار مع وزارة الدفاع والقوات الأمريكية التي ستكون مكلفة بالانسحاب، هو أمر مزعج”.

أسئلة حول مصير التنف ومخيم ركبان

يبدو أن انسحاب القوات المخطط له مسبقاً، يتستر على التفاصيل المتعلقة بمستقبل التنف، وهي قاعدة عسكرية تابعة لقوات التحالف داخل منطقة منزوعة السلاح بمساحة 55 كيلومترًا في صحراء جنوب شرق سوريا، وكانت قد رسمتها روسيا والولايات المتحدة سابقًا.

وهناك، حافظت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مقاتلي جيش مغاوير الثورة، الفصيل المعارض المدعوم من التحالف، على بقائها الرئيسي في محاربة تنظيم الدولة، على الرغم من موقعها في زاوية بعيدة من سوريا وتسكنها الميليشيات الموالية للحكومة من جهة أخرى.

ولم يتضح يوم الخميس ما إذا كان انسحاب الولايات المتحدة من سوريا سيشمل التخلي عن قاعدة التنف أيضًا.

وقال مسؤول في جيش مغاوير الثورة لسورية على طول يوم الخميس، إنه لا يزال ينتظر التفاصيل الكاملة والجدول الزمني” للقرار الأميركي، وأن جماعته لم تلتق رسمياً بممثلي الولايات المتحدة لمناقشة الانسحاب.

وفي كلتا الحالتين، فإن الانسحاب الأميركي من التنف سيكون بمثابة “هدية عيد ميلاد ضخمة” للقوات المدعومة من روسيا في المنطقة، بحسب هيراس.

وأكمل “لطالما كانت روسيا غاضبة ومضطربة من استمرار الوجود الأمريكي في منطقة تنف”.

 ويقع في محيط 55 كيلومتراً لمنطقة التنف مخيم الركبان، حيث يوجد حوالي 50000 نازح سوري دون مأوى ملائم، ولا حتى غذاء ولا دواء ومحصورين في المكان.

ويعيش النازحون السوريون في الركبان في منطقة نائية بين الحدود السورية والأردنية، والمعروفة باسم “الساتر الترابي”. والعودة إلى ديارهم ليست خيارًا بسيطاً للكثيرين، لأنهم يخشون من العبور إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة خارج منطقة 55 كيلومتراً مباشرة.

وقال عمر الحمصي أحد سكان المخيم يوم الخميس، أنه قلق بشأن ما قد يحدث له إذا انسحبت القوات الامريكية بالفعل من التنف، حيث يخشى من الميليشيات الموالية للحكومة. 

وأضاف الحمصي لسوريا على طول عبر الهاتف “لقد كنت مطلوباً للخدمة العسكرية الإلزامية منذ عام 2013، ربما يمكنني استخدام طريق التهريب للخروج من الركبان.

“لكن إن لم أتمكن من ذلك، الله المستعان”.

 

مع مشاركة إضافية من قبل عمار حمو.

ترجمة بتول حجار

 

شارك هذا المقال