5 دقائق قراءة

الإغلاق المتواصل لطريق التهريب إلى مخيم الركبان يترك آلاف النازحين يقبعون في ظروف تشبه “الحصار”

احتجاج النازحين في الركبان في 10 تشرين الأول. تصوير عمر […]


15 أكتوبر 2018

احتجاج النازحين في الركبان في 10 تشرين الأول. تصوير عمر الشاوي.

 

يستمر إغلاق طريق التهريب الحيوي الذي كان يسمح، في وقت من الأوقات، بدخول الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والإمدادات الطبية إلى مخيم الركبان النائي على الحدود الجنوبية الشرقية لسوريا مع الأردن لليوم العاشر على التوالي، وفقاً لما ذكره سكان المخيم ومصادر دبلوماسية أخرى، يوم الأحد.

وأدى إغلاق طريق التهريب المستمر إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية داخل مخيم الركبان، حيث حذر السكان من بدء ظروف شبيهة “بالحصار” على المنطقة الحدودية المعزولة. 

وارتفع سعر الطماطم لأكثر من ضعف ما كانت عليه قبل إغلاق الطريق في وقت سابق من هذا الشهر، في حين أن سعر الدقيق ارتفع الضعف تقريباً، وفقاً لما أكده خضر الحصين، أحد سكان المخيم الذي يدير نقطة لتوزيع المساعدات داخل الركبان. 

وقال أبو حمدان، وهو مواطن آخر من سكان الركبان، لسوريا على طول أن سعر الطماطم تضاعف مرتين في الأيام العشرة الماضية. 

وفي الوقت نفسه، فإن إغلاق الطريق يؤثر على إمدادات الأدوية والسلع الأساسية الأخرى. وقال الحصين لسوريا على طول، يوم الأحد، أن الإمدادات الطبية في نقطة التوزيع التي يديرها بدأت بالنفاذ “ولا يوجد طريقة لتأمين إمدادات جديدة إذا نفذت”. 

وأضاف أنه الآن “لاتزال هناك سيارة أو سيارتين تصل المخيم مقارنة بعشرات السيارات التي كانت تدخل يومياً” قبل قطع الطريق. 

وكان سكان الركبان يعتمدون، على مدى سنوات، على طريق التهريب الغير رسمي الذي قام التجار البدو من خلاله بإدخال الشاحنات الغذائية والطبية من أراضي الحكومة السورية عبر طريق صحراوي قريب. على الرغم من أن أسعار السلع المهربة كانت باهظة بالنسبة لعشرات الآلاف من النازحين السوريين الذين يعيشون في المخيم -وكثيراً منهم يعتمدون على المساعدات والحوالات المالية من أفراد عائلاتهم في الخارج- إلا أن المواد التي كانت تصلهم من المهربين كانت تساعدهم على البقاء على قيد الحياة في المستوطنة الصحراوية النائية. 

إلا أن القوات الموالية للحكومة أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى طريق التهريب قبل 10 أيام تقريبا، ولا يزال سبب الإغلاق غير واضح، وفقاً لما قاله سكان الركبان لسوريا على طول، يوم الأحد. 

ويقع مخيم الركبان داخل أرض قاحلة تعرف باسم “الساتر الترابي” بين الحدود السورية والأردنية في الصحراء الجنوبية الشرقية السورية التي تسيطر عليها القوات المدعومة من الولايات المتحدة والتي تعمل في قاعدة عسكرية قريبة في التنف. 

وتخضع منطقة البادية المحيطة بها، وهي منطقة نائية من الصحراء ذات الكثافة السكانية المنخفضة تمتد لمناطق واسعة وسط سوريا، لسيطرة قوات الحكومة السورية والميليشيات المتحالفة معها – مما يجعل دخول الركبان من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة قضية محفوفة بالمخاطر. كما تم إغلاق الحدود السورية الأردنية جنوبي المخيم المؤقت باستثناء الحالات الطبية الطارئة. 

ووصلت أخر شحنة مساعدات إلى 50 ألف نازح من سكان المخيم قبل حوالي تسعة أشهر، عبر الأردن. 

ظروف “الحصار”

تدهورت الأوضاع بشكل ملحوظ في مخيم الركبان منذ الشهر الماضي، عندما قامت مجموعة من قوات المعارضة الموجودة على الجانب السوري من الحدود بمنع الوصول إلى العيادة الطبية التي تديرها الأمم المتحدة في الأراضي الأردنية، حسب ما ذكره سكان المخيم ومصدر دبلوماسي غربي لسوريا على طول. 

وترك النازحون السوريون الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة، بما في ذلك العمليات القيصرية وعمليات أخرى، عالقين في المخيم الذي يحتوي على شبكة من العيادات غير المجهزة بشكل جيد مع أطباء غير مرخصين. 

وتوفي أحد سكان المخيم، وهو فتى يبلغ من العمر 13 عاماً يعاني من سوء التغذية الحاد والتهاب الكبد A، أثناء فترة الانقطاع، وفقاً لمصادر طبية داخل الركبان والمواقع الإخبارية المحلية. 

وفي الوقت نفسه، صرحت مصادر طبية داخل المخيم لسوريا على طول، بأن طفلين رضيعين على الأقل توفيا نتيجة هذا الانقطاع.

سكان الركبان في 10 تشرين الأول. تصوير عمر الشاوي. 

على الرغم من أن الوصول إلى مرفق الأمم المتحدة استؤنف في أواخر الشهر الماضي، إلا أنه سرعان ما تبع ذلك إغلاق طرق تهريب الصحراء في بداية شهر تشرين الأول. 

وقال مصدر دبلوماسي غربي لسوريا على طول، يوم الأحد، بما أنهم “غير متأكدين” بالضبط من المجموعة المسؤولة عن الإغلاق المستمر للطريق، فإن “الكثير” من نقاط التفتيش السورية التي تديرها القوات الموالية للحكومة ومقاتلي حزب الله ظهرت في الصحراء مباشرةً وأحاطت قوات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة في منطقة التنف حيث يقع الركبان. 

وأتهم سكان المخيم وأصحاب المتاجر الذين تحدثوا إلى سوريا على طول، الأسبوع الماضي، القوات الموالية للحكومة المتمركزة خارج المنطقة بإغلاق الطريق. 

ولا يزال التوقيت الدقيق والسبب وراء قطع الطريق المستمر غير واضح، إلا أن مصدرًا مطلعاً على الوضع رجح بأن القوات الموالية للحكومة قامت بإغلاق الطريق “للضغط” على القوى الدولية التي لها مصلحة في منطقة التنف، وطلب المصدر عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث إلى الصحافة. 

وقد ترك الإغلاق المستمر السكان يتساءلون عن المدة التي يمكنهم فيها تحمل ظروف المعيشة القاسية في الركبان. كما وصف أحمد الزغيرة، عضو في الإدارة المدنية لمخيم الركبان، الوضع بأنه “حصار”. 

وطوال أسابيع، كان هناك حديث متزايد عن عمليات إجلاء محتملة من الركبان إلى أي من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة أو التي تقع تحت سيطرة المعارضة في أماكن أخرى من سوريا، على الرغم من عدم حدوث عمليات إجلاء حتى الآن. 

وأعلن لواء شهداء القريتين في بيان له الشهر الماضي أنه على استعداد لإجلاء مقاتليه إلى جانب المدنيين “الذين يرغبون بذلك” إلى شمال سوريا، كما أكد البيان أن القافلة ستضم “المسنين والنساء والأطفال” إلا أنهم لم يحددوا جدولا زمنياً لعمليات الإجلاء. 

وقال مصدر رسمي أردني لسوريا على طول، يوم الأحد، أن عمان “تجري مناقشات” مع الحكومة الروسية حول “تفكيك” مخيم الركبان، وهي عملية تشمل نظريًا توفير ممر آمن لسكان المخيم من أجل العودة إلى مسقط رأسهم داخل سوريا، ولم يقدم المصدر مزيدًا من التفاصيل حول الجدول الزمني المحتمل “لعملية التفكيك” المقترحة. 

وكان سكان منطقة الركبان، الذين فرّ الآلاف منهم من المعارك بين القوات السورية الموالية للحكومة وتنظيم الدولة في محافظة حمص شرق سورية في السنوات الأخيرة، يعانون من شح الإمدادات الغذائية والمياه حتى قبل إغلاق الطريق في وقت سابق من هذا الشهر. 

ويعيش النازحون داخل “الساتر الترابي” في خيام مؤقتة وبيوت طينية بنوها بأيديهم، في حين أن نقص الإمدادات الطبية يعني انتشار الأمراض مثل الإسهال والتهاب الكبد على نطاق واسع.

 

ترجمة: بتول حجار

 

شارك هذا المقال