3 دقائق قراءة

الإيجارات العالية تجبر نازحي درعا على العودة للعيش تحت القصف في مناطق الثوار

 في منتصف عام 2013، حين سيطر الجيش السوري على إنخل، […]


3 فبراير 2016

 في منتصف عام 2013، حين سيطر الجيش السوري على إنخل، المدينة التي يقطنها أبو المجد الحوراني، ومدينة جاسم المجاورة في الريف الشمالي الغربي من محافظة درعا، والتي تبعد نحو 50 كيلومترا جنوب دمشق، اصطحب أبو المجد المدرس والمدير السابق، في مدارس إنخل، عائلته ونزح مع آلاف العائلات الأخرى إلى مدينة الصنمين، التي يسيطر عليها النظام والآمنة نسبياً، وتبعد نحو 4.5 كيلومتر إلى الشمال الشرقي.

وللمفارقة، ومنذ أسبوعين فقط، غادر الحوراني وعائلته، تاركا أمن الصنمين ومتجها إلى جاسم، والتي ما تزال كعهده بها بلدة ثورية تحت نيران النظام براً وجواً.

والحوراني وعائلته ليس وحدهم من غادر مناطق النظام الآمنة نسبياً إلى القصف في بلدات الثوار المجاورة، ففي الأسابيع الأخيرة عادت عشرات العائلات الأخرى إلى جاسم التي يحكمها الثوار، وقد شردتهم الإيجارات المضاعفة إلى عشرة مرات عمّا كانت عليه قبل الثورة، لمنازل تأوي الريح ولانوافذ لها و”بعضها كان مخصصاً لتربية الأبقار والدواجن”، وفق ماقال الحوراني لـوليد نوفل، مراسل في سوريا على طول.

والأسعار المرتفعة لم تترك لعائلات، كعائلة الحوراني، سوى خياراً واحداً، وهو الرحيل إلى مكان يطيقون دفع أجرته، وما يجعل مدينة جاسم مكانا تحتمل أجرته، حقيقة أنه تحت القصف. والحوراني يتفهم الثمن الذي يمكن أن يدفعه في انتقاله هذا.

“من لايستطيع تأمين هذا المبلغ، في تكاليف العيش الباهظة، يعود للموت ببراميل الأسد مثلي أنا”، هكذا يلخص الحوارني حالته.

ما الذي يجبر النازحين في مناطق سيطرة النظام على العودة إلى مناطق المعارضة، التي يستهدفها النظام بالبراميل المتفجرة والقذائف بشكل شبه يومي؟

ارتفاع إيجار الشقق السكنية في مناطق سيطرة النظام، حيث يصل سعر إيجار بيت مكون من غرفتين ومطبخ وحمام نحو عشرين ألف ليرة سورية، كما أن الملاحقات الأمنية التي تقوم بها قوات النظام، لاقتياد الشباب للخدمة في صفوف الجيش، بالإضافه لحملات الاعتقالات للشيوخ والنساء والأطفال تعتبر من أبرز الأسباب.

ذكرت أن إيجار المنزل يصل إلى نحو عشرين ألف ليرة، ما هو حال هذه المنازل؟ هل هي بيوت معدة للسكن ومفروشة؟ أم ماذا؟

معظم هذه البيوت غير صالحة للسكن بالأساس، ومنها ما لم يكن مستخدما قبل الثورة، وبعضها كان مخصصا لتربية الأبقار والدواجن.

 كما أن كثيراً من هذه المنازل بلا نوافذ، أو تحوي جدرانها فتحات نقوم بإغلاقها بقطع من القماش والبلاستيك.

كيف يستطيع النازحين تأمين مثل هذا المبلغ، بالإضافة لنفقات الحياة اليومية وسط غلاء في الأسعار؟

من لايستطيع تأمين هذا المبلغ يعود للموت ببراميل الأسد مثلي أنا. كنا نعمل أنا وكل أولادي وزوجتي في جني المحاصيل الزراعية في السهول، ونعرِّض أنفسنا أحياناً لخطر الألغام والقذائف والبراميل، من أجل تأمين كافة متطلبات الحياة، وعندما عجزنا عن ذلك اضطررنا للانتقال إلى مدينة جاسم المحررة.

هل هناك تمييز في تلك المناطق بين النازحين وسكان المنطقة من حيث توزيع المساعدات والمحروقات والخبز وغيرها؟ وكيف يحدث؟

نعم،هناك تمييز واضح وسوء معاملة. يحدث أحياناً من قبل أهالي المناطق التي نزحنا إليها. في مدينة الصنمين كان الهلال الأحمر السوري، يقوم بتوزيع المساعدات على أهالي المدينة فقط، بينما يرفض تسليمنا أي مساعدات. وكذلك الأمر في بيع أسطوانات الغاز، فالإسطوانات تباع للنازحين بسعر أغلى وزيادة تصل إلى خمسمئة ليرة.

ماذا عن الحياة في مدينة جاسم، وكيف يستطيع الاهالي تلبية حاجاتهم اليومية؟

رغم القصف والموت، إلا أننا في حال أفضل هنا، فالإيجار أقل بكثير، وأحياناً تسكن مجاناً إذا كان لك أقارب ومعارف. أعمل الآن ببيع المازوت وأستطيع توفير ما يلزمنا للحياة.

قام بالتقرير: وليد النوفل

شارك هذا المقال