4 دقائق قراءة

التفكك والتشتت الأسري يفاقم مشكلة التسرب من المدارس في إدلب

في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة الثوار، تنخفض نسبة الملتحقين بالتعليم […]


26 مايو 2017

في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة الثوار، تنخفض نسبة الملتحقين بالتعليم باستمرار. ومؤخراً سجلت مديرية التربية والتعليم في محافظة إدلب أن نسبة 46% فقط من الطلاب ما زالوا يلتزمون في المدارس في مركز المحافظة، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الموالية للمعارضة  سمارت نيوز.

ولهذا، في كانون الأول، انطلق خالد رحمون، 54عاماً، مدرس جغرافيا سابقاً، ورئيس دائرة التعليم الأساسي في إدلب التي تحكمها المعارضة في رحلة عبر المحافظة. وقابل مئات المتسربين وعوائلهم بحثاً عن الأسباب التي تدفع هذا العدد الكبير من الأطفال إلى عدم الحضور.

وما وجده رحمون كان العائلات “المفككة والمشتتة”، كما يصفها والأطفال والأهالي المنهكين بالحرب، والنزوح والتشرد والصعوبات الاقتصادية.

وكانت عشرات المقابلات مع أولئك القادمين بالحافلات من البلدات والمدن في شتى أنحاء البلد، التي وافقت على التسوية مع الحكومة السورية وما يعقبها من عمليات إخلاء.

فلماذا لا يأتون إلى المدارس؟

والجواب: “عدد ضخم” كان من المراهقات اللواتي اضطررن للزواج وتحمل مسؤليات ومهام الحياة لـ”تخفيف العبء” عن أهاليهن خاليي الجيوب.

وبعض المتسربين من الفتية الصغار الذين “يعملون في السوق مثلهم كشباب الأيدي العاملة”، ليعيلوا عوائلهم، وفق ما قال رحمون لمراسلة سوريا على طول ألاء نصار.

ما هي أسباب التسرب الرئيسية التي عاينتها خلال دراستك؟

من خلال العينات التي التقيتها والأعداد التي عملت معهم لقاءات، استخلصت نسبة معينة وعلى أساسها قمت بالدراسة.

ووجدت أن نسبة 74%، تعود لتدني التعليم وصعوبات التعلم من وجهة نظر المتسربين في المرحلة الإعدادية، وأدت الظروف الاقتصادية والخروج لسوق العمل وخاصة عند الشباب في مرحلة الثانوية إلى تسرب 77%  منهم، أما بالمراحل الدنيا فكانت نسبة المتسربين 74% وتعود للتفكك الأسري الذي حدث والضياع والتشتت وعدم لم شمل الأسرة، وقد ارتفعت تلك الأعداد بنسبة 20% خلال الشهرين الماضيين فقط.

وهناك نسبة كبيرة من التسرب في صفوف إناث المرحلة الثانوية وحتى الإعدادية، بعد ظهور مشكلة جديدة خاصة بالبنات وهي الزواج المبكر، الذي انتشر كثيرا في الفترة الأخيرة، حيث أصبح الآباء في ظل هذا الوضع همهم الأكبر أن “يستر على بناته” (أي أن يزوّج ابنته ليخفف من أعباء مصاريفها، وبنفس الوقت أن يعطيها لرجل يحافظ عليها فالأب هنا لا يضمن سلامة نفسه من الموت أو الاعتقال).

أطفال إدلب الأسبوع الماضي. حقوق نشر الصورة لـ مركز إدلب الإعلامي.

وفاة أحد الوالدين وخاصة الأم، مما يدفع الفتاة لأن تحمل مسؤولية الأم في المنزل.

وهناك أسباب اقتصادية، تخفيض النفقات المالية، وضعف الإنتاجية، فنجد الطلبة وهم أطفال يعملون في السوق كشباب الأيدي العاملة، يعملون بجمع الخردة وبيع العلكة والمناديل الورقية لسد حاجة مصاريف العائلة، خاصة فاقدي المعيل الأساسي كالأب والأم، ويعتبر اليوم المتسرب قوة عاملة في السوق بسحب الأطفال بمختلف الأعمار للعمل، خصوصا المهجرين خارج مدنهم.

ماهي المحاولات أو الإجراءات التي يمكن أن تتبعونها للحد من نسبة تزايد التسرب في المدارس؟

هناك محاولات كثيرة من مديرية التربية بإدلب بتأمين واستقبال كل الطلبة بجميع المراحل وتأمين كل ما يحتاجونه خلال العملية التعليمية ولكن ضعف الإمكانيات مقارنة بالأعداد التي استقبلتها محافظة إدلب، هو ما كان له أثر سلبيا أيضا.

وتم اختبار كل طالب تم استقباله بحسب عمره وقدرته التعليمية والاستيعابية، ومن لم يملك أوراقا ثبوتية تثبت تحصيله العلمي فنقوم بإجراء امتحان له بحسب المرحلة التي تناسبه لنعلم ما هي معلوماته، ولكن كما نعلم وضع المهجر الآن يحتاج إلى أن يستقر ما يقارب الشهر ليفكر بوضع أطفاله في المدارس.

وبسبب التهجير القسري من المحافظات إلى إدلب معظم الأسر كانت مشتتة وبالتالي عدم الاستقرار أدى لعدم الالتزام بالمدارس، بالرغم من أننا نحاول مع كل أسرة مهجرة تصل إلينا أن نقنع الآباء بإرسال أطفالهم إلى المدارس بأي طريقة كانت، ونسبة ضئيلة ممن استجابوا لدعواتنا.

وعلى سبيل المثال فقد حصل معي موقف عندما كنت في زيارة لأحد الآباء من مدينة داريا ولديه 3 أطفال بعمر الدراسة الإبتدائية، فعندما كنت أحادثه عن أولاده الثلاث لينتقلوا لمدراسهم بكى وأبكاني معه حيث قال لي كان أطفالي من المتفوقين في المدرسة ولكن للأسف خرجت من البيت والله لا أملك شيئا نهائيا، ولم يعد لدي ما يثبت أنهم أبنائي لأن جميع وثائقنا حرقت دفتر العائلة وهويتي الشخصية، فما هي النفسية التي سيعلم بها أبناؤه، وأمثاله كثر في إدلب.

ويتابع الأب “أنا الآن خجل من أطفالي إذ يطلبون مني كيسا من البطاطا ولا أستطع شراءه لهم”.

ماهي النتائج والآثار المترتبة على انتشار ظاهرة التسرب بشكل كبير في إدلب؟

نتائج هذا التسرب تترتب عليه آثار اقتصادية، وضعف إنتاجية المتسرب في العمل لأنه غير مؤهل لدخول سوق العمل نتيجة ضعف نضجه وتأهيله الإجتماعي والتربوي وعدم تقديره للوقت، أيضا اعتبار المتسربين عاطلين عن العمل بسبب عدم قدرتهم على مواكبة التقدم الصناعي الهائل ومواكبة الصناعة الحديثة التي تفرض مستويات دنيا في الأيدي العاملة.

هناك آثار ثقافية حيث نجد أعدادا هائلة من المتسربين يعودون إلى الأمية من جديد وبالأخص الذين لم يتمّوا دراستهم الإبتدائية (التعليم الأساسي) وخاصة إذا ما مارسوا أعمالا لا تتطلب القراءة والكتابة.

هناك آثار إجتماعية؛ التسرب يضعنا أمام فئات من أبناء هذا الشعب الذين لم يكتمل نضجهم الإجتماعي مما يجعلهم فريسة سهلة للإنحلالات الأخلاقية والسلوكية فيصبحون أداة لهدم المجتمع وهذا ما يعمل عليه نظام الأسد، فيتعلم من رفاق السوء العمل في المخدرات مثلا أو بأعمال غير أخلاقية..الخ، إضافة إلى التفكك الأسري في المجتمع وزيادة العدوانية عند هؤلاء الشباب وعدم تقدريهم للمسؤولية وبالتالي ضياع المجتمع ويكون سببا في انتشار الجرائم كالقتل والخطف.

أيضا هناك أثار سياسية انخفاض مستوى الوعي التربوي والاجتماعي والسياسي لدى فئة الشباب ومدى قدرتهم على معرفة الأخبار التي تحيط بهم مما يجعلهم فريسة سهلة للدعاية المغرضة أو الترويج لأمور سياسية معينة لبعض الدول الإستعمارية أو بعض المنظمات الإرهابية أو تجار الحروب، فضعف ثقافة الإنسان تجعله سهل الاصطياد لتلك الجهات.

وهناك أثار اجتماعية وثقافية وسياسية أثرت على عقول الشباب، كانتساب بعضهم لجهات سياسية وفصائلية معينة.

شارك هذا المقال