5 دقائق قراءة

الجانب الآخر من الحصار: بلدة الفوعة الموالية للنظام تئن جوعا

تركت عشرة شهور من الحصار أنينهاعلى بلدتي الفوعة وكفريا، ذاتي […]


25 يناير 2016

تركت عشرة شهور من الحصار أنينهاعلى بلدتي الفوعة وكفريا، ذاتي الغالبية الشيعية في محافظة إدلب، ما دفع ساكنيهمالمناشدة النظام السوري لـ”العمل بجدية” لكسر الحصار.

قصص الجوع والبرد والخواء والقلة في المدن والبلدات التي يسيطر عليها الثوار عبر سوريا تجتاح التقارير. ولكن أهالي الفوعة، والتي يسيطر عليها النظام ويحاصرها جيش الفتح، يقولون لسوريا على طول أن الظروف المعيشية التي يختبرونها الآن هي أقرب ما تكون إلى تلك البلدات التي يسيطر عليها الثوار ويحاصرها النظام،موضحين أن حياتهم ماعادت أقل مآساوية من تلك التي تختبرها تللك البلدات.

وكان حصار الفوعة وكفريابدأ في شهر أذار الماضي، حين حاصر جيش الفتح بقيادة أحرار الشام وجبهة النصرة، البلدات المجاورةخلال حملته الواسعة للسيطرة على إدلب.

وفي الشهور التالية، استخدم جيش الفتح أمن البلدتين ومن فيهما من السكان البالغ تعدادهم20 الف نسمة للتأثير على المفاوضات مع النظام السوري حول مصير مضايا والزبداني في الغوطة الغربية، واللتين ما تزال قوات النظام تحاصرهما إلى الآن.

ومدينة الزبداني المتاخمة للحدود اللبنانية، هي البوابة إلى جبال القلمون، وموطن لشبكة من  المسارات المستخدمة في تهريب البضائع من وإلى سوريا.

وفي أيلول الماضي، ومع تعثر الجهود المبكرة في التوصل إلى اتفاق بوقف إطلاق النار، وقصف الثوار للفوعة وكفريا، تظاهر مئات السوريين المواليين للنظام في حمص واللاذقية ودمشق، داعين إلى فك الحصار، وكانوا يحملون لافتات كتب عليها “أطفال الفوعة وكفريا يذبحون طائفياً”،فيما انتقدت بعض اللافتات أصحاب القرار في الحكومة وإيران لعدم بذلهما المزيد لإنقاذ المحتجزين في الفوعة وكفريا.

وفيما بعد، وفي شهر أيلول، توصل الثوار ومفاوضون من النظام إلى هدنة لمدة ستة شهور. ووافق كلا من الجانبين على تخفيف حدة الحصار مقابل تنازلات من الطرف الآخر تضمنت إخلاء الجرحى من المقاتلين والمدنيين من البلدات المحاصرة الأربعة، والسماح بدخول المساعدات لمرة واحدة على الأقل.

والتزاماً ببنود الهدنة، سمح كل من الطرفين بدخول المساعدات لمرة واحدة إلى إدلب وبلدات ريف دمشق، في شهر تشرين الأول.

ولم تدخل أية مساعدات بعدها إلا منذ نحو أسبوعين، حينها فقط وبعد تقارير عن الموت جوعاً والإدانات الدولية الكثيرة، سمح النظام السوري بدخول القافلة الأولى من أصل ثلاثة من القوافل الإغاثية الإضافية المتوجهة إلى مضايا، شريطة تسليم المواد الغذائية والطبية والوقود مباشرة للمدنيين المحتجزين في الفوعة وكفريا.

ودخلت المساعدات إلى البلدتين الشيعيتين، ولكن الأهالي يقولون إنه مازال يضنيهم الدخول المحدود للطعام والدواء والوقود.

ونظراً لصعوبة التواصل المباشر مع أهالي الفوعة وكفريا، تواصلت سوريا على طول في هذا التقرير مع اثنين من الإعلامين السوريين المواليين للنظام وهما: رضا الباشا، مراسل لقناة الميادين من حلب، وديب سرحان، صحفيفي شبكة سيريا سكوب.

ونقل سرحان والباشا بالأسئلة وأجوبتها إلى أسامة أبو زيد، مراسل سوريا على طول، حال السكان في القريتين الشعيتين المحاصرتين من قبل المعارضة.

وقال ديب الصالح، ممرض في مشفى الفوعة “إن المشفى الوحيد في الفوعة شبه متوقف بسبب نقص الأدوية ومادة المازوت المشغلة للمولدات في المشفى”.

وذكر أبو جواد، مدني من الفوعة، ويبلغ من العمر 31عاما، “والدي تعرض لإصابة في يده وقدمه وحالته من سيء لأسوأ بسبب نقص الدوء”.

وقال الممرض “لدينا عشرات الوفيات من حالات احتشاء العضلة القلبية والقصور الكلوي، لعدم توفر الاختصاصين، ولعدم توفر الدواء، بالإضافة إلى العشرات من حالات المرض نتيجة نقص التغذية والبرد”، مضيفاً “ولدينا سجلات يمكن للأمم المتحدة أن تتأكد من ذلك”.

إلى ذلك، كتبت شبكة الوحدة الإخبارية الموالية للنظام عن وفاة طفلة رضيعة وعمرها سنة وأربعة شهور نتيجة نقص العلاج والادوية.

وفي السياق، سمح إدخال منظمة الأمم المتحدة لعشرة آلاف ليتر من المازوت لبلدتي الفوعة وكفريا، الأربعاء الماضي، لمشفى الفوعة الذي تم إغلاقه في بداية الأسبوع نفسه بسبب نفص الوقود، أن يعاود عمله بخطىً عرجاء، ولكن أهالي البلدتين الذين بالكاد أحسوا بهاتوجهوا بالسؤال”إلى منسق اﻷمم المتحدة للشؤون الإنسانية هل تكفي هذه الكمية للسياراتالتي جلبت هذه المادة، لتكفي عشرين ألف نسمة؟”.

وجاء في منشور كتبته شبكة أخبار الفوعة وكفريا N.K.F، “في بلدي أصبح المرض أمنية كل شخص حتى يدخل للمستشفى لينال بعضا من الدفء المفقود في زوايا هذه الغرف المتجمدة، في بلدي تتجمد الدموع على خدود أطفالنا ولا يشاهدها سوى الله، في بلدي أصبح الطعام حلم تسد به جوع أطفالك، والدواء حلم تطبب به جرح قد خرج منه الدود، والدفء حلم،والموت حلم”.

وقالأبوجواد،مدنيمنالفوعة،”في كل يوم أصبح همنا كيف نؤمن خشب للتدفئة، فلم يعد في بيوتنا قطعة خشب ولم نشعلها”.

N.Z.F.K.

امرآة من الفوعة. حقوق نشر الصورة لـ N.Z.F.K.

 

وفي بداية هذا الشهر،قال الأمير زيد بن رعد الحسين، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، “ندين أي عمل كهذا، تجويع المدنيين جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، وبالطبع أي عمل مثل هذا يستحق التنديد سواء أكان في مضايا أم في إدلب”.

والتجويع في الفوعة وكفريا لم تتداوله التقارير على نطاق واسع كمافي مضايا، وذلك لأن مروحيات النظام ألقت بالمواد الغذائية وغيرها من الإمدادات إلى الأهالي المحتجزين، “ولكنها كانت في كميات صغيرة، ولم تكف الأهالي” وفق ماقال أبو يوسف، طالب من كفريا، لصحيفة الإندبندنت البريطانية، في أوائل هذا الشهر.

ولم يتمكن فريق الإغاثة الدولية حتى اللحظة من دخول الفوعا وكفريا، للإطلاع على الإحتياجات الإنسانية والوضع المعيشي، والكشف عن الحالات الصحية والمرضية داخلهما،وفق ماقال الصحفي ديب سرحان لسوريا على طول.

وأكد سرحان أن”وفد الأمم المتحدة لم يستطع الدخول إليهما لمنع المسلحين دخولهم، وتأجيله إلى وقت آخر”.

إلى ذلك، جاء في بيان صادر عن وفد اللجنة الإغاثية التابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر السوري، في الأسبوع الماضي، “أنهم اضطروا لتأجيل مهمتهم” بزيارة البلدات، بعدما أفادت”تقارير من الجماعات المسلحة بأنها تحتاج مزيداً من الوقت لإنهاء الترتيبات الأمنية”.

وانتقد أهالي الفوعة”تخاذل المبعوث الخاص بالإغاثة وازدواجية المعايير المتمثلة باعطاء كل ما يلزم ﻷهالي مضايا، وبالمقابل عدم اﻻكتراث بنا نحن اهالي الفوعة”، وفقاً لما زعمت شبكة أخبار نبل والزهراء، الفوعة وكفريا، الموالية للنظام.

من جانت آخر، قال أحد الثوارعلى جبهة الفوعةبريف ادلب، وطلب عدم ذكر اسمه أو الجهة التي ينتمي لها، أن “حصار البلدتين مرهون بحصار آخر”.

وقال أبو ثابت لسوريا على طول، “بعيداً عن الإنتماء السياسي والمذهبي يبقى سلاح الجوع والحصار من أبشع الأسلحة المستخدمة في سوريا، إلا أن النظام هو من بادر به من خلال حصار المدن المعارضة له منذ انطلاق الثورة”.

وهذه “الأسلحة البشعة” تؤذي المدنيين دونما عدل أو تكافؤ،والمدنيون هم الذين يشكلون غالبية المحتجزين في إدلب والغوطة الغربية، فالمقاتلون الثوار لا يشكلون سوى نسبة ضئيلة من أهالي مضايا. وبالمقابل عدد مجهول من أولئك المحتجزين في الفوعة وكفريا يقاتلون لأجل ميليشيا حزب الله الموالية للنظام والجيش السوري.

وأضاف أبو ثابت “لو لم نحاصر الفوعة لما دخل الطعام مضايا وغيرها”، والفوعة ليست المدينة الأولى التي تشهد حالة الحصار والجوع”.

وقدرت الأمم المتحدة أن نحو 40 ألفسوري حالياً يعيشون تحت الحصار في البلد، فيما ذكر مشروع “مراقبة الحصار” وهو مبادرة مشتركة لـ PAX ومعهد سوريا، ويقوم على جمع المعلومات عن الحصار من جهات على الأرض أن هنالك مليون سوري يعيشون تحت الحصار.

واختتم ابو جواد “نحن نطالب الجيش السوري والقيادة، بالعمل بشكل جدي على فك الحصار عنا، لأننا قرفنا هذا الحال”.

شارك هذا المقال