4 دقائق قراءة

الدفاع المدني في سوريا: شباب يختارون أكثر المهن إنسانية وخطورة

توفر وحدات الدفاع المدني استجابة سريعة لحالات الطوارئ، لضحايا القصف […]


24 مارس 2016

توفر وحدات الدفاع المدني استجابة سريعة لحالات الطوارئ، لضحايا القصف والقنابل والبراميل وغيرها من أشكال العنف، في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار في سوريا.

وبينما يتجه معظم الناس نحو الأماكن الآمنة بعد التفجير، تسرع وحدات الدفاع المدني نحو الأماكن الخطرة، من أجل إطفاء الحرائق، وسحب الضحايا من تحت الأنقاض، ونقلهم إلى المراكز الطبية.

وتاليا تفاصيل عن اثنين من عناصر الدفاع المدني السوري، سمير عبد الله من حلب ومحمد حمادة من حماة، وسبب قيامهما بهذا العمل. حيث قال كل منهما لمراسلة سوريا على طول بهيرة الزرير، أن السبب وراء اختيارهم لهذا العمل هو أن “مهمة الدفاع المدني هي إنقاذ أرواح الجميع في سورية”.

ويقول حمادة “يقدم الدفاع المدني المساعدة للجميع”، مضيفا، أنه “لا يميز بين الفصائل المسلحة المختلفة، والميليشيات والانتماءات”.

 

  • سمير العبدالله (29 عاما): عنصر في الدفاع المدني، من حلب، مهندس معلومات وكان جنديا في الجيش السوري، وانشق عنه عام 2012.  

 

قبل انضمامك لفريق الدفاع المدني ماهي الأعمال التي كنت تقوم بها؟

قبل انضمامي للدفاع المدني كنت اعمل في لجنة لإغاثة النازحين من بلدي، وأدير شركة انترنت لاسلكي محلية، وقبلها كنت في الجيش النظامي، وقد انشققت عنه في منتصف العام 2012 بسبب الأعمال الإجرامية للنظام بحق المدنيين.

هل تلقيت دورات أو حملات توعية عن الدفاع المدني قبل البدء بالعمل في هذا المجال؟

لم يكن لدي الكثير لأعلمه عن الدفاع المدني، فقد كان عملهم في بداية انتشاره، وعندما انضممت إليهم في منتصف العام 2014، كان يعتمد على جهود فردية محلية، ولم يكن قد دخل بعد في مرحلة التنظيم

ما هو سبب انضمامك إلى فريق الدفاع المدني؟ وهل تتقاضى راتب جراء العمل معهم؟

أحببت بشدة أن أنضم لفرق الدفاع المدني، لأنهم ينقذون الناس بغض النظر عن أي انتماء لهم، ولأنهم رائعون يمارسون عملهم الإنساني بصمت وتفان. أحببت بشدة أن أساعدهم بأي شيء استطيع أن أقدمه على الرغم من خطورة عملهم فهم وبأي لحظة معرضون لفقدان حياتهم.

وأنا الآن أدير مع متطوع آخر، وهو طالب هندسة، أرشفة نظام الاتصالات بين فرق الدفاع المدني، وأنظّم لهم الأمور التقنية التي يحتاجونها من حيث الأعمال المكتبية والدعم الفني فيما يتعلق بالأمور التقنية، وأحرص على تسخير معرفتي في مساعدتهم وتسهيل عملهم.

وتقدم إدارة الدفاع المدني لي كمدير للمكتب التقني مكافأة شهرية قدرها 175 دولارا امريكيا، منذ ثمانية أشهر تقريبا، تساعدني في التغلب على صعوبة العيش في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة التي تعيشها سوريا، في ظل الحرب المستمرة.

أخبرنا، إن أمكن، عن حادثة حصلت معك أثناء تأدية عملك في الدفاع المدني؟

عانت فرقنا كثيرا من غياب نظم الاتصالات في الماضي، البعضُ قُتِل بالقصف لأن رفاقهم لم يستطيعوا إيصال الخبر إليهم وأن الطيران سيقصف المنطقة التي هم فيها مرة أخرى.

هؤلاء الأبطال يهرعون بأشد السرعة إلى النقاط التي تضرب بالبراميل المتفجرة دونما تفكير أو انتظار لخلو الجو من الطيران لينقذوا العالقين والجرحى بأسرع ما يمكن، وهذا غالبا ما يؤدي لقتل العديد منهم حين يعود الطيران ليضرب النقطة نفسها.

الأصدقاء رصدوا من بعيد أن الطيران سيعود ليضرب النقطة التي يعمل فيها رفاقهم نادوا عليهم اخرجوا من نقطة العمل (…) الطيران فوقكم يريد القصف مرة أخرى.. اخرجوا (…)  لم يكن لدى رفاقهم قبضات اللاسلكي ليسمعوا التحذيرات، لقد لقوا حتفهم جراء هذا الأمر، للأسف لقد خسرنا هؤلاء الرفاق وتكرر هذا الأمر مع أكثر من فريق قبل أن يتم دعم الدفاع المدني بمنظومة اتصال متطورة تدعم عملهم وتؤمن اتصالا متقدما فيما بينهم.

وإنها  فرصة رائعة أن نساعد الفرق العاملة على الأرض بتطبيق هذا النظام. لقد تم تشغيل المنظومة بالتعاون مع زميلي  محمد وأصدقاء آخرين ساعدونا بتطبيق هذا النظام، ونتائجه في تحسين العمل كانت رائعة ومفيدة جدا.

 

  • محمد حمادة (24 عاما): عنصر من فريق الدفاع المدني في حماة، كان طالبا في السنة الأولى، في كلية الرياضيات، في حمص، عندما بدأت الثورة.

 

لماذا قمت بالانضمام إلى الدفاع المدني؟ هل تتقاضى راتبا مقابل عملك هذا؟

انضممت الى فريق الدفاع المدني منذ سنتين بعد أن  تلقيت العديد من دورات التوعية، في الشمال السوري من فريق الامن والسلامة التابع للدفاع المدني. كانت الدورات تشمل كيفية التصرف قبل وأثناء القصف وبعده، وكيفية التعامل مع مخلفات الحرب، والقنابل العنقودية وكيفية التعامل مع المصابين وتقديم الإسعافات الأولية لهم.

وكان السبب وراء انضمامي الى فريق الدفاع المدني، لكي اقدم مساعدة بسيطة لبلدي اولاً  في ظل ما يعانيه من قصف وموت ودمار. ومن أكثر الاسباب التي جعلتني انضم إلى قوى الدفاع المدني كونه عملا إنسانيا في الدرجة الاولى، ولاينتمي لأي تنظيم أو أي جهة مخصصة ويسهم في مساعدة كافة شرائح المجتمع.

وأتلقى مكافأة كل شهرين وقدرها 150 دولارا.

هل بإمكانك أن تصف لنا بعض المواقف أو الحوادث التي واجهتكم أثناء عملكم في الدفاع المدني؟

هناك الكثير من المواقف التي تجعلك تعيد النظر في حياتك قبل وبعد الحرب، وفي حادثة حصلت في سهل الغاب قرب الحواش إثر القصف المروحي بالبراميل المتفجرة، عمّم المرصد أن الطيران سيقصف حيث سارعت عائلة للاختباء بالملجأ تحت الأرض فسقط برميل (حاوية كبيرة) دمرت حارة بأكملها مما أدى الى تدمير الملجأ فوق العائلة وسارعنا انا ورفاقي في فريق الدفاع المدني الى مكان القصف للبحث عن شهداء، وتم العمل لمدة ساعة ونصف للوصول الى باب الملجأ، وتم انتشال أربع ضحايا أب وأم وطفلين في الرابعة والسادسة من عمرهما، واستمرينا بالبحث حتى وجدنا طفلة في الثامنة من عمرها مصابة بحروح وقمنا بإسعافها وكانت تنظر إلينا وتقول أريد أمي وتبكي، حزنت كثيراً على هذه الطفلة التي لاتنسى أبداً  كيف فقدت أباها وأمها وكيف ستتجاوز هذا المحنة، وحتى اللحظة هذه الحادثة لاتغيب عن بالي.

كنت في بداية عملي أشعر بالخوف على نفسي ولكن عندما أرى ماحصل ببلدي من دمار وخراب وموت في كل مكان أصبحت رائحة الموت في كل مكان، وهدفي أنا ورفاقي هو أن نقدم ما بوسعنا لمساعدة الناس، كما أن الموت مقدر على كل البشر على اختلاف عمرهم.

ترجمة: سما محمد

 

شارك هذا المقال