3 دقائق قراءة

الذكرى 12 للثورة السورية: هل سيتم تطبيع الأسد بحلول الذكرى 13؟

تطبيع العلاقات مع نظام الأسد سيؤذي مبادئ المساءلة والعدالة الدولية الوطنية بشكل لا يمكن إصلاحه فيما بعد. سيسمح التطبيع بمرور انتهاكات القانون الدولي الجسيمة، بما فيها التعذيب والإخفاء القسري، دون عقاب.


15 مارس 2023

كتبه منصور العمري بالانكليزية لمنظمة العفو الدولية

نحتفي بالذكرى السنوية للثورة السورية كل عام، لنتذكر ونحزن ونتحدى. لكن الذكرى الثانية عشرة، هذا العام، تدق ناقوس الخطر للعمل العاجل.

في هذه المناسبة، نرثي أحباءنا والأبرياء الآخرين الذين فقدانهم، ونعيد تذكير المجتمع الدولي بالحاجة الملحة لإنقاذ حياة أولئك الذين ما زالوا مختفين ويعانون في زنازين التعذيب التابعة للأسد. كما نحتفي بهذه الذكرى لتكريم الناجين، وتجديد مطالب الثورة السورية الأولى في الحرية والكرامة وحقوق الإنسان. إنها مناسبة للمشاعر المتضاربة، التي يعانيها الناجون أيضاً.

لماذا نتذكر؟

نحن السوريين نتذكر لأن النسيان ترف لا نملكه. الذكرى مقاومة لمحاولات الجناة المستمرة لتغييب الضحايا. فهم يعملون على محو ذاكرتنا وحقوقنا، ويريدون حرماننا من العدالة التي نستحقها. لن أنسى أبداً تكريم زملائنا الشجعان، الذين غابوا، مثل أيهم غزول من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير.

أتذكر الزنزانة الجهنمية المظلمة تحت الأرض، التي حوصرت فيها  مع 84 معتقلاً. أطلِق سراحي في عام 2013، لكن معظم من تركتهم ورائي ما زالوا مختفين أو ماتوا هناك. أتذكر دائماً أن أكون وفياً للكلمات الأخيرة لزملائي المعتقلين الذين تركتهم ورائي: “نرجوكم لا تنسونا”.

بصفتنا ناجين، أحد أدوارنا إعلام الأجيال القادمة حول ما يستطيع البشر فعله، سواء كانوا جناة أو ضحايا أو نشطاء.

لكن الذكرى لا تكفي. يجب أن نحافظ على طاقتنا العقلية والقوة للعمل ضد الفظائع المستمرة.

منذ 12 عاماً، يخفي نظام الأسد السوريين ويعذبهم لمطالبتهم بحقوقهم الإنسانية. وفقاً لتقارير عديدة صادرة عن هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان، الأسد مسؤول عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وانتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني. تشمل هذه الجرائم ضد الإنسانية الاخفاء القسري والتعذيب واستخدام الأسلحة الكيميائية.

لكن هذه الذكرى تبدو مختلفة. تتنامى حركة زاحفة لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد هذا العام. من بين أولئك الذين يساهمون في الجهود المشينة المتعمدة أو الطائشة دولاً وسياسيين ومكاتب وموظفين تابعين للأمم المتحدة، مع ما يبدو أنه تجاهل تام لملايين ضحايا الأسد وعائلاتهم.

عواقب تطبيع نظام الأسد

تطبيع العلاقات مع نظام الأسد سيؤذي مبادئ المساءلة والعدالة الدولية الوطنية بشكل لا يمكن إصلاحه فيما بعد. سيسمح التطبيع بمرور انتهاكات القانون الدولي الجسيمة، بما فيها التعذيب والإخفاء القسري، دون عقاب. سيكون هناك عنف أكبر. سيكون هناك ضحايا أكثر. أولئك الذين يساهمون في تطبيع نظام الأسد سيكونون متواطئين بشكل مباشر في هذه الفظائع والمعاناة المرتبطة بها.

في سوريا، سيسمح التطبيع للأسد بمواصلة قتل وتعذيب وإخفاء السوريين. هذا الإفلات من العقاب يقول لعائلات ضحايا الأسد وعائلاتهم: انسوا العدالة والمساءلة وانسوا أحباءكم المختفين.

على الصعيد الدولي، يشرعن التطبيع استخدام الجرائم، التي يرتكبها الأسد، كأدوات لقمع المطالبين بحقوقهم الإنسانية، بما فيه استخدام الأسلحة الكيماوية والتعذيب والإخفاء على نطاق واسع ومنهجي.

سوف يشجع “القادة” المحتملين الآخرين على ارتكاب أفظع الجرائم إذا عرفوا أنهم يستطيعوا الحفاظ على العلاقات الطبيعية مع المجتمع الدولي، أو أنه يمكنهم استعادتها إذا صمدوا لفترة طويلة بما فيه الكفاية.

هذه العواقب ليست نظرية، بل يمكن قياسها وملاحظتها في وقتنا الحالي. مثلاً، العديد من الضباط الروس المسؤولين عن جرائم حرب في سوريا يرتكبون الآن نفس الأعمال في أوكرانيا.

ارتكبت مجموعة فاغنر، التي تعمل في سوريا، جرائم بشعة ولا تزال بلا عقاب. تتولى نفس المجموعة الآن زمام المبادرة في حرب العدوان الروسية على أوكرانيا.

هذه الذكرى مختلفة. هذا العام ينذر بالخطر، ونحن بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد والعمل لحماية حقوقنا والحفاظ على المبادئ الوطنية والدولية للعدالة والمساءلة لنا وللبشر الآخرين.

هذا العام، يجب أن نتذكر كلمات الراحل مارتن لوثر كينغ الابن: “الظلم في أي مكان يهدد العدالة في كل مكان. نحن عالقون في شبكة مشتركة حتمية، ويدثرنا رداء المصير الواحد. كل ما يؤثر مباشرة على شخص واحد يؤثر بشكل غير مباشر على كل الآخرين”.

شارك هذا المقال