4 دقائق قراءة

السوريون في عين الأزمة: التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا على اللاجئين في الأردن

الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه النمر لا يعدّ استثنائياً أو فريداً من نوعه في الأردن، فالعواقب الاقتصادية لتباطؤ عجلة التجارة العالمية والإغلاق المحلي بسبب جائحة كورونا كانت وطأتها شديدة على الأردن بأكمله. إلا أنَ شريحة اللاجئين الكبيرة في الأردن كانت الأكثر هشاشة وتأثراً بهذا الانكماش.


25 نوفمبر 2020

عمان-  “لا أمل عندي بالمستقبل” بهذه الكلمات عبرت مروة النمر، لاجئة سورية في الأردن، عن خيبة أملها بعد أن توقف مشروعها الخاص، الذي كانت تخطو نحو إدارته بدعم من عدة منظمات غير حكومية.

يقع على عاتق النمر مسؤولية إعالة طفليها، وأمها المسنة المقيمة معها في الأردن، وأباها الطبيب، الذي لم يستطع العمل في مكان إقامته بتركيا لعدم قدرته في الحصول على استصدار نسخة من شهاداته ووثائقه الخاصة، كونه “منشقاً عن النظام”، لذا كانت تترقب إطلاق مشروعها، لما فيه “مساعدة الناس من حولي”،  أيضاً باعتباره “مشروعي الخاص” كما قالت لـ”سوريا على طول”.

وكان من المقرر انطلاق مشروع النمر في نيسان/ أبريل الماضي، إلا أنّ وصول فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) إلى الأردن، أوقف كل شيء، إذ فرضت الحكومة الأردنية حظراً شاملاً في 15 آذار/ مارس، أُغلِقت بموجبه المحال والشركات التجارية، وأُجبِر الناس على ملازمة بيوتهم. ومنذ ذلك الحين، يطبق الحظر الجزئي وتفرض ضوابط  على الأعمال من حينٍ إلى آخر.

ومنذ آذار/مارس الماضي توقفت النمر عن العمل، لأسباب تتعلق بالتمويل، إذ تم تأجيل المشروع الذي كان من المفترض أن تديره إلى شهر كانون الأول/ديسمبر المقبل، لكنها تشك في إمكانية افتتاح المشروع في التاريخ المحدد.

الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه النمر لا يعدّ استثنائياً أو فريداً من نوعه في الأردن، فالعواقب الاقتصادية لتباطؤ عجلة التجارة العالمية والإغلاق المحلي بسبب جائحة كورونا كانت وطأتها شديدة على الأردن بأكمله. إلا أنَ شريحة اللاجئين الكبيرة في الأردن كانت الأكثر هشاشة وتأثراً بهذا الانكماش.

وبحسب تقييم سريع أجرته منظمة العمل الدولية في تموز/يوليو، خسر أكثر من ثلث اللاجئين السوريين في الأردن وظائفهم بشكل دائم بسبب الإغلاق، فيما أفادت 95% من أسر اللاجئين السوريين عن انخفاض في مستوى دخلهم. لذلك  تأثر اللاجئون السوريون داخل المخيمات وخارجها بشكل مباشر إثر فقدان سبل معيشتهم.

ويفيد تقرير برنامج الأغذية العالمي، نُشر في تشرين الثاني/ نوفمبر، أن 52% من الأسر المقيمة في المخيمات يقتصدون في كمية الطعام التي يتناولونها لضمان حصول أطفالهم على ما يكفيهم، مقارنة بـما نسبته 3% في العام 2019. كما أفاد برنامج الأغذية العالمي أن 88% من الأسر السورية اللاجئة المقيمة خارج المخيمات إما أنها تعاني من انعدام الأمن الغذائي أو معرضة لمخاطر انعدامه.

كذلك، فإن معظم اللاجئين السوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن البالغ عددهم نحو 666,000 لاجئ يعملون في القطاع غير الرسمي، وهم بذلك لا يحظون بالتأمينات الاجتماعية التي يحظى به الأردنيون. وحتى صيف هذه السنة، فإن اللاجئين السوريين الحاصلين على تصاريح عمل لا تتعدى نسبتهم 30%، وتبلغ نسبة المسجلين في الضمان الاجتماعي 24% فقط، بحسب منظمة العمل الدولية.

إلى ذلك، أظهرت دراسة أجراها مركز الدراسات اللبنانية في عمان في تشرين الأول/أكتوبر الماضي أنّ فرض الإغلاق كأحد التدابير الوقائية لمواجهة فيروس كورونا المستجد أدى إلى تفاقم سوء الظروف المعيشيّة للاجئين السوريين، سواءً كانوا داخل المخيمات أو خارجها، أو “يعملون في القطاع الخاص أو من منازلهم”.

وتعود الأسباب الرئيسية وراء هذه الأثار السلبية على اللاجئين السوريين في الأردن إلى افتقارهم للتأمينات الاجتماعية  واعتمادهم في حاجاتهم اليومية على الخدمات المقدمة لهم.

وبما أن معظم السوريين العاملين في الأردن يعملون بأجرٍ يومي وليس براتب ثابت شهرياً، فهذا يعني أنهم وبسبب الإغلاق الاقتصادي “لم يتمكنوا من كسب المال أو شراء الغذاء، أو دفع إيجار منازلهم” وفقاً للدراسة.

كما أن الصناعات الخدمية، التي يعمل بها السوريون، كانت ضمن آخر القطاعات الاقتصادية التي تم إعادة فتحها. علاوة على أن معظمهم يعملون من دون عقود تبعاً للسياسات الرامية إلى تعزيز توظيف الأردنيين. وحتى أولئك الذين لا يعملون في القطاعات الخدمية عانوا من تداعيات الإغلاق على الاقتصاد الكلي.

وفي هذا السياق، اشتكت اللاجئات السوريات اللواتي اشتركن في مشروع مطبخ منزلي، في مدينة إربد شمال الأردن،  ممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، من انخفاض وتيرة الطلب على منتجاتهن منذ فرض الإغلاق في آذار/ مارس، بحسب تقرير مركز الدراسات اللبنانية.

وكان المشروع قائماً على تحضير الطعام المنزلي وتقديمه خلال الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية كالأعراس مثلاً. إلا أنه ومع فرض الضوابط والقيود على التجمعات، خفّت الطلبات إلى حد كبير، مما أدى إلى انخفاض الدخل الضئيل أصلاً العائد من هذا المشروع على اللاجئات/اللاجئين، والبالغ 50 دينار (70 دولار) شهرياً. 

تراجع الطلب وتداعياته على مثل هذه المشاريع المنزلية أشدّ وطأة على اللاجئات اللواتي يعملن في قطاعات مشابهة. إذ غالباً ما يتجه اللاجئون السوريون الذكور لأعمال خارج المنزل من قبيل قطاع الزراعة والإعمار وكلاهما شديد التأثر بالطلب الموسمي. 

وبالنسبة لأولئك اللاجئين المقيمين في المخيمات أو الملتزمين في منازلهم من ذوي الدخل المحدود، كان للإغلاق تداعيات أثرّت حتى على مستوى حصولهم على الخدمات الأساسية. ونظراً لازدياد استهلاك المياه عبر الأردن منذ الإغلاق، تم الحد من تزويد المياه في المناطق الشحيحة بالماء، التي يقطنها اللاجئون السوريون، مما أثار مخاوف بشأن الأمن المائي. 

واشتكى أحد الذين تمت مقابلتهم لأجل الدراسة التي أجراها مركز الدراسات اللبنانية في مخيم الزعتري من أن المياه لا تُضخ إلى مجمعهم السكني سوى ساعة واحدة صباحاً. ونظراً لعدم وجود ما يكفي من خزانات المياه، تعاني  المنطقة من انقطاع المياه.

فضلاً عن ذلك كله، ترك الإغلاق والأزمة الاقتصادية التي أعقبته تأثيرات نفسية شديدة على اللاجئين السوريين. 

وذكرت النمر لـ”سوريا على طول” أن الصحة النفسية لأطفالها تأثرت بالإغلاق، فهم لا يستطيعون اللعب خارجاً أو الذهاب إلى المدرسة. ولا ينحصر قلقها باحتياجاتها على المدى القصير، فهي لا تعلم كيف ستؤمن مصاريف تعليمهم الجامعي مستقبلاً.

وقالت النمر “سابقاً، كنا نعتقد أن الوضع سيءٌ في الأردن، فأنت تعمل فقط من أجل أن تأكل. الآن كل ما نريده هو العودة لما كنا عليه من قبل”.

*تم إنجاز هذا التقرير ضمن مشروع “تعزيز ترسيخ النوع الاجتماعي”، والذي ينفذه “سوريا على طول” بدعم من الصندوق الكندي للمبادرات المحلية، من خلال السفارة الكندية في عمان.

نُشر هذا التقرير أصلاً باللغة الإنجليزية، وترجمته إلى العربية فاطمة عاشور.

شارك هذا المقال