4 دقائق قراءة

العمليات القيصرية على ضوء الموبايل : تجربة قام بها أحد الأطباء في ملجأ في الغوطة الشرقية

في ملجأ تحت الأرض شرق دمشق، وعلى أصوات القصف القريبة […]


25 مارس 2018

في ملجأ تحت الأرض شرق دمشق، وعلى أصوات القصف القريبة منهم، قام الدكتور بكر أبو إبراهيم الأسبوع الماضي، بتوليد امرأة على ضوء الموبايل.

ويقوم أبو إبراهيم، وهو جراح عام، مع فريق مكون من خمسة أخصائيين آخرين بإجراء عمليات قيصرية في نقطة طبية في أحد الملاجىء في الغوطة الشرقية، وذلك منذ فرارهم من منازلهم، ومن المشفى الذي كانوا يعملون فيه في بلدة سقبا، الإسبوع الماضي.

والأطباء من بين آلاف السكان الذي فروا من ضواحي دمشق الشرقية، الواقعة تحت سيطرة المعارضة، ولجؤوا إلى الأقبية والطوابق السفلية والأنفاق في الوقت الذي كثفت فيه القوات الحكومية هجومها الجوي والبري على المنطقة والذي أسفر عن مقتل 1700 شخصاً وإصابة العديد.

ويعمل أبو إبراهيم، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه الكامل لأسباب أمنية، في ملجأ مجهول في القطاع الأوسط من الغوطة الشرقية، وقال بأن فريقه قام بإجراء أكثر من 40 عملية توليد خلال الأسبوع الماضي فقط، وذلك باستخدام المعدات واللوازم الأساسية التي أحضروها معهم من سقبا.  

والعديد من الصعوبات، التي تظهر أثناء العمل في نقطة طبية مؤقتة، ليست بالشيء الجديد على أبو إبراهيم، حيث أن المشفى الذي كان يعمل فيه سابقاً، مشفى التوليد في سقبا، لم يكن يعاني من نقص في الإمدادات والموظفين والمعدات فحسب، بل تعرض أيضاً للهجوم أربع مرات منذ بدء الهجوم الحكومي المكثف على المنطقة في شهر شباط، على حد قول الطبيب.

وقال أبو ابراهيم  لمراسلة سوريا على طول آلاء نصار، أن العائق الأكبر الذي يواجهنا في الملجأ هو  المولدات التي توفر الضوء في الملجأ المظلم “ففي أي لحظة ممكن أن تفصل وتربكنا”.

وعندما حدث ذلك في وقت سابق من هذا الأسبوع، كان ضوء الموبايل كافياً للاستمرار، ولكن العقبات الأخرى يمكن أن تكون مميتة، وقال “إذا احتاج الطفل إلى حاضنة لا سمح الله لا نستطيع أن نفعل شيئاً”.

هل يأتي المرضى إلى الملجأ حيث تعمل أنت وفريقك أو أنتم تذهبون إليهم؟

بعد مغادرة سقبا أنشأنا نقطة طبية داخل الملجأ ونحن نعمل فيها، نقوم بإجراء عمليات قيصرية أنا وطبيب آخر وطبيب التخدير، ولدينا ثلاث قابلات يذهبن إلى الملاجئ حيث تقيم النساء الحوامل لإجراء عمليات الولادة الطبيعية.

طفل حديث الولادة في الغوطة الشرقية هذا الشهر. الصورة من سامز.

في بعض الحالات نضطر إلى المغادرة والذهاب إلى مكان تواجد الحامل، على سبيل المثال نذهب إليها عندما يكون القصف شديداً وغير قادرة على التحرك بسهولة، لأن جميع الأقبية مفتوحة على بعضها البعض بأنفاق وعلى الحامل أن تسير صعوداً ونزولاً عشرات المرات قبل الوصول إلى نقطتنا الطبية.

ما هي المعدات التي استطعت إحضارها من المستشفى في سقبا، وهل تكفي لإجراء عمليات قيصرية إذا لزم الأمر؟

أحضرنا معنا الأدوية الإسعافية من مواد تخدير وخيوط جراحية وبعض السيرومات وبعض المضادات الأساسية ونحن خائفون من نفاذها.

ولم نتمكن من نقل المعدات الطبية بسبب القصف المكثف، باستثناء جهاز الكوتري وسكشن ومونتور(الكوتري هو المخثر، والسكشن لسحب المفرزات والمونتور هو جهاز لمراقبة نبض وضغط المريض) هذه الأجهزة نحتاجها في العمليات.

ولا تتطلب عمليات القيصرية معدات معقدة والتخدير هو تخدير قطني يعني نصفي باستثناء الحالات الخاصة التي تتطلب تخديراً عاماً وأجهزة تخدير.

هل كان هناك حالات صعبة واجهتموها؟

لقد رأينا حالات بالغة الصعوبة تتطلب رعاية خاصة قبل الولادة وبعدها، وكنا على وشك أن نخسر امرأة يوم الثلاثاء الماضي، ولدت في أحد الأقبية وبعد ست ساعات عادت عائلتها إلينا وقالوا أن ابنتهم ليست على طبيعتها أو أن هناك خطأ ما.

ذهبت إلى المرأة ووجدتها تنزف وبعدها دخلت في صدمة  وغيبوبة، الحمد لله استطعنا نقل الدم لها، وأعطيتها أدوية لوقف النزيف وتحسنت بعدها، لكن لو لم تستجب للعلاج لكانت بحاجة إلى معدات أخرى غير متوفرة عندنا وكنا خسرناها.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قام فني التخدير بتخدير حالة قيصرية وتعطلت مولدة الكهرباء مما اضطرني إلى إكمال العملية كلها على ضوء الموبايل. وبقينا مع المريضة بعد العملية نتحدث معها إلى حين زوال مفعول التخدير.  

والمولدات هي أكبر الصعوبات التي نواجهها الآن، ففي أي لحظة ممكن أن أن تفصل وتربكنا وكل لحظة خلال العمليات قد تنقذ مريضاً من الموت، لذلك على الرغم من الظروف التي تواجهنا نحاول أن نبذل قصار جهدنا لإنقاذ المريض بكل الوسائل المتاحة، وإذا لم نتمكن من إنقاذه فتكون إرادة الله، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

كيف تطمئن النساء اللواتي يلدن في مثل هذه الظروف الصعبة؟

بالنسبة لوضع الحوامل النفسي فهو متعب جداً، موضوع الولادة أمر مؤلم للغاية فتخيل كيف سيكون وضع الحامل وهي تعاني من غثيان وإرهاق من الحمل والأجواء المحيطة بها كلها قصف ورعب وموت وهي تنتظر دورها في أي لحظة.

شعور صعب جداً ونحن كأطباء نحاول قدر الإمكان زرع الأمان وطمئنة النساء الولّادات بأنهن سيكنّ بخير ونطلب منهن الاستغفار وقراءة القرآن راجين الله تعالى أن يسهّل ولادتهن.

وعندما تأتي الحامل تراني كطوق الخلاص وأنزعج حقاً عندما أضطر إلى إرجاع امرأة حامل لم يحن وقت ولادتها، لأن الذهاب للنقطة الطبية هو مغامرة.

وأحاول مواساتها أقول لها ” لم يحن وقت ولادتك والأفضل الاحتفاظ بالجنين ضمن رحمك لأننا لانملك حاضنات وإذا احتاج الطفل إلى حاضنة لاسمح الله لن نكون قادرين على فعل شيء.

ماهو تأثير الوضع الراهن عليك نفسياً؟

نحن نعمل في واحدة من أخطر المناطق في العالم وأنا فخور بذلك، ولكن في الوقت نفسه فإن إمكانياتنا المتاحة محدودة للغاية تضعنا أمام مواقف حرجة جداً ينتابها التوتر خوفاً على حياة المريض او المريضة سواء كانت حامل أو لا.

بصراحة  أنا مدمر في الداخل ولكن أحاول التظاهر بالقوة ، وخاصة أمام الكادر الطبي وعائلتي، ولكن أنا متعب جداً

 

ترجمة: بتول حجار

شارك هذا المقال