4 دقائق قراءة

اللاجئ السوري في الأردن: تأمين تكاليف المعيشة تخلق صورة نمطية مغلوطة 

عمان- فيما تشير أرقام منظمة "اليونيسيف" إلى أن 86% من اللاجئين السوريين المسجلين في الأردن يعيشون تحت خط الفقر، وأن وضع أطفالهم "محفوف بالمخاطر"، ينتشر انطباع مناقض في أوساط شريحة من الشعب الأردني المضيف، يعتقد أفرادها أن ظروف اللاجئين جيدة إن لم تكن أفضل من الأردني.


9 سبتمبر 2019

مهند جويلس

 

عمان- فيما تشير أرقام منظمة “اليونيسيف” إلى أن 86% من اللاجئين السوريين المسجلين في الأردن يعيشون تحت خط الفقر، وأن وضع أطفالهم “محفوف بالمخاطر”، ينتشر انطباع مناقض في أوساط شريحة من الشعب الأردني المضيف، يعتقد أفرادها أن ظروف اللاجئين جيدة إن لم تكن أفضل من الأردني.

هذا الانطباع المغلوط يجد مبرراً، في جانب منه على الأقل، في قبول اللاجئين السوريين العمل بأجور أدنى من معدلاتها الطبيعية في سوق العمل الأردنية، ما يدفع عمال أردنيين إلى الاعتقاد بأن ذلك ناجم عن “حصولهم على مساعدات مادية وعينية كافية”، كما هو رأي الشاب الأردني محمد الشقور. واصفاً في حديثه إلى”سوريا على طول” حياة السوريين في الأردن بأنها “أفضل من المواطنين الأردنيين أنفسهم”.

ويستضيف الأردن أكثر من مليون مواطن سوري، نحو 657 ألفاً منهم مسجلين في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وهو ما ساهم في ارتفاع نسب الفقر والبطالة في المملكة. إذ تشير الأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، في أيار/مايو الماضي، إلى أن 15.7% من سكان الأردن فقراء، فيما تجاوزت نسبة البطالة بين الأردنيين نسبة 19.2% مع بداية أيلول/سبتمبر الحالي.

وبحسب المختصة في شؤون الإعلام في الصندوق الأردني الهاشمي للتنمية البشرية، براءة الطحيمر، فإن “السوري يحصل على راتب قليل، ما يدفعه إلى العمل في أكثر من جهة، إضافة إلى الاستعانة بالمساعدات ليؤمن قوت يومه”.

فيما تؤكد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في السياق ذاته، أن عدداً كبيراً من اللاجئين المقيمين خارج المخيمات “استنزفت مواردهم ومدخراتهم وارتفعت مستويات ديونهم”.

عائلات خارج دعم المفوضية

يقدر عدد العائلات السورية المستفيدة من المساعدات المالية المقدمة من المفوضية بحوالي 27,136 عائلة، بحسب ما ذكرت مسؤولة العلاقات الخارجية في المفوضية بالأردن، نداء ياسين، لـ”سوريا على طول”. 

لكن عدا عن محدودية هذا العدد نسبة إلى مجموع اللاجئين، تقوم المفوضية بين فترة وأخرى بإيقاف الدعم عن عائلات مستفيدة، كان آخرها في تموز/يوليو الماضي، من خلال إنهاء المساعدات المالية المقدمة لـ362 عائلة “لعدم وجود تمويل مادي كافٍ”، بحسب ياسين.

ورغم تأكيدها أن “قطع الدعم يتم حسب دراسات تقوم بها المفوضية لدعم من يستحق من العائلات”، فإن أعداداً من اللاجئين السوريين المستفيدين سابقاً، لا يعرفون سبب وقف المساعدات عنهم رغم حاجتهم إليها، بحسب ما أفاد لاجئون لـ”سوريا على طول”.

عائلة السيدة عذرة العرفي (62 عاماً)، وهي لاجئة سورية تعيش مع زوجها وأبنائها الخمسة في منزل واحد، كانت إحدى العائلات التي قُطعت عنها المساعدات، من دون معرفة أسباب ذلك. وقد قدمت “استئنافاً لدى المفوضية لإعادة النظر في ملفنا”، كما روت، لكن من دون نتيجة.

مبلغ 155 ديناراً الذي كانت تحصل عليه العائلة من المفوضية، كان يسدّ جزءاً من مصاريفها الشهرية، يُضاف إليه ما يجنيه الابن الأكبر الذي يعمل بشكل متقطع، ولا يتجاوز إجمالي ما يتقاضاه 150 ديناراً شهرياً. أما اليوم، فقد باتت العائلة تسدّ العجز عن طريق “الاستعانة بالأقارب”.

وعدا عن وقف المساعدات نتيجة نقص التمويل الضروري، فإن لاجئين سوريين آخرين فقدوا حقهم في الحصول على مساعدات مالية من المفوضية بعد مغادرتهم المخيمات إلى المحافظات الأردنية بطريقة غير قانونية.

أم محمد (30 عاماً)، كانت قد خرجت من مخيم الأزرق، شرق الأردن، أملاً في تأمين حياة أفضل لها ولطفليها. لكنها اصطدمت بواقع معيشي صعب في مدينة المفرق، شمال الأردن، بعد أن انفصلت عن زوجها الذي “قرر العودة إلى سوريا”، كما قالت، فيما رفضت هي العودة “خوفاً من الأوضاع الأمنية هناك، فأصبحت بلا معيل ومن دون مساعدات المفوضية”.

تنافس على الفرص أم فرص جديدة؟

تتباين آراء مواطنين أردنيين تحدثت إليهم “سوريا على طول”، بشأن تأثرهم باللجوء السوري. ففيما يتنامى شعور المنافسة لدى فريق يرى أفراده أن مساعدات إنسانية تُقدم للسوريين فوق حاجتهم، يرى فريق آخر في اللجوء السوري سبباً لخلق مزيد من الفرص للمواطن واللاجئ على حد سواء. وهو تباين يمكن تفسيره إلى حد بعيد بالخلفية المهنية للشخص. 

إذ يشعر الشاب محمد أبو جاموس بتأثير سلبي للعمالة السورية على عمله في مهنة طلاء الجدران، والتي كانت تدرّ عليه دخلاً جيداً. ذلك أن العامل السوري في المهنة نفسها، كما قال، “يقبل بأجر قريب من ربع ما كنت أحصل عليه”.

في المقابل، ذهبت الطحيمر إلى أن اللجوء السوري ساهم “في تحسين الخدمات في محافظة المفرق، وتوفير فرص عمل لأبناء المحافظة لم تكن موجودة قبلاً، من مثل فرص العمل في المنظمات والمشاريع التنموية”.

وهو ما يتفق مع ما ذكرته رئيسة قسم التشغيل والإرشاد المهني في مديرية عمل المفرق، فاطمة البدارين، في تصريح سابق لـ”سوريا على طول، إذ ذكرت أن “شريحة واسعة من العمال السوريين لم يؤثروا على شباب المفرق، لأن ما يتقنه السوريون من مهن لا يميل أبناء المحافظة إلى العمل بها”.

وتفرض وزارة العمل الأردنية إجراءات تستهدف تنظيم العمالة الوافدة، بمنع العمال غير الأردنيين من مزاولة  ما يعرف بـ”المهن المغلقة” التي تشمل مهناً طبية وهندسية وإدارية، فضلاً عن مهن أخرى، بهدف إتاحة الفرصة أمام العمالة الأردنية. وبحسب الوزارة، هناك 42 ألف لاجئ سوري يعملون في الأردن بموجب تصاريح عمل رسمية.

 

تم إنجاز هذا التقرير ضمن مشروع مؤسسة سوريا على طول “ربط المجتمعات من خلال التشارك المهني” والذي ينفذ بالشراكة مع برنامج “دايركت إيد” التابع للسفارة الأسترالية في عمان.

 

شارك هذا المقال