4 دقائق قراءة

المدنيون “ضحية بين الطرفين” خلال حملة هيئة تحرير الشام ضد خلايا التنظيم النائمة

في الأسبوع الماضي، قام شخص يشتبه بأنه انتحاري تابع لتنظيم الدولة بتفجير نفسه داخل مطعم مزدحم في وسط مدينة إدلب، مما أسفر عن مقتل عدة عناصر من هيئة تحرير الشام التي تسيطر على معظم مناطق المعارضة في سوريا.


10 مارس 2019

في الأسبوع الماضي، قام شخص يشتبه بأنه انتحاري تابع لتنظيم الدولة بتفجير نفسه داخل مطعم مزدحم في وسط مدينة إدلب، مما أسفر عن مقتل عدة عناصر من هيئة تحرير الشام التي تسيطر على معظم مناطق المعارضة في سوريا.

وردا على ذلك، قامت الهيئة بإعدام مقاتلين مشتبه بهم من التنظيم في الشوارع، قبل ملاحقة خلايا نائمة في مدينة إدلب.

وساهم اتفاق وقف إطلاق النار بين روسيا وتركيا، في شهر أيلول الماضي،  بتجنب خطر هجوم دموي من قبل الحكومة على الشمال الغربي من سوريا- في الوقت الحالي على الأقل- لكن المدنيين وجدوا أنفسهم وسط صراع آخر على السلطة.

وبينما يراقب العالم الانهيار البطيء لتنظيم الدولة لما تبقى من مناطق الخلافة المزعومة، فإن صراعا غامضاً آخر على السلطة أخذ يتطور منذ أشهر في إدلب التي تسيطر عليها المعارضة وما حولها، في الشمال الغربي.

واستهدفت حملة من الاغتيالات والهجمات الانتحارية والتفجيرات مناطق خاضعة لسيطرة الهيئة، مع توجيه اللوم بشكل كبير على الخلايا النائمة التابعة للتنظيم في الشمال الغربي. ووفقا لأحد المحللين، تضم الخلايا النائمة للتنظيم ما بين ٥٠٠ و ١٠٠٠ مقاتل.

وردا على ذلك، أطلقت الهيئة حملة ضد الخلايا النائمة، ما أدى إلى اشتباكات مسلحة متفرقة وحتى عمليات إعدام علنية في قلب مدينة إدلب، مما يعرض المدنيون مرات عديدة للعنف.

وقالت أم أسامة، وهي من سكان مدينة إدلب التي تعيش هناك مع خمسة من أفراد عائلتها “ما يحدث هو حملة تصفية بين الطرفين، لكن المدنيين ضحية دائماً بين الطرفين”.

وفي مقابلة لها مع مراسلة سوريا على طول نورا حوراني، قالت أم أسامة أن الأهالي يشهدون الوضع الأمني السيء ​​من حولهم، حيث كثرت عمليات الانتقام والعنف في الآونة الأخيرة.

وقالت أم أسامة “إذا كنت سأفكر باحتمال حدوث تفجير كلما أردت الخروج من بيتي والذهاب إلى أي مكان، فلن تشاهدي أحدا في الشارع”.

سمعنا في الآونة الأخيرة عن زيادة التفجيرات في مدينة إدلب، وكذلك الاشتباكات مع الخلايا النائمة التابعة للتنظيم. لكن ما هو الوضع بالنسبة للمدنيين في إدلب في الوقت الحالي؟

إن حملة الهيئة ضد خلايا التنظيم ليست جديدة. لقد بدأت فعليا منذ شهور، ومنذ ذلك الحين تم تشديد القيود الأمنية. وعندما انطلقت الحملة، بدأت في ريف إدلب الجنوبي والشرقي – كنت أشاهد كيف كانوا يخرجون من المدينة لتنفيذ المداهمات كل يوم، يقطعون بعض الطرق ويذهبون ويداهمون الخلايا، ثم تدور الاشتباكات.

الناس كانت تسمع الاشتباكات، ويقولون أن القتال بسبب ملاحقة خلايا من التنظيم. لذلك أصبح وجود خلايا التنظيم في إدلب أمرا مألوفا. لقد اعتاد الناس على هذا الوضع.

وبالتأكيد، هناك الكثير من الاستياء بين المدنيين لأنهم يتأثرون بسبب الاشتباك الدائر. ما يحدث هو حملة تصفية بين الطرفين، بين قيادة التنظيم والهيئة، هكذا يصفون بعضهم. هناك ثأر بين الطرفين، لكن المدنيين دائماً ضحية بين الطرفين.

إن كل تفجير يحدث، يقع في منطقة فيها العديد من المدنيين. على سبيل المثال، في الآونة الأخيرة كان هناك تفجير في مطعم، وأحيانا تحدث التفجيرات في السوق. في أحد المرات، كان هناك تفجير في ساحة برج الساعة في إدلب، وكانت هناك مظاهرة  في الساحة بنفس وقت وقوع الانفجار.

وتوجه أصابع الاتهام في معظم هذه الهجمات إلى الخلايا النائمة. وبعد أن تسبب آخر تفجيرين بسيارتين مفخختين بمقتل حوالي ١٧ شخصا، هناك من قالوا إنها خلايا نائمة للتنظيم، وآخرون قالوا إنها خلايا نائمة للنظام. الناس يتوقعون المزيد من التفجيرات في المستقبل.

وفي يوم انفجار المطعم، أعدمت الهيئة على الفور ١٠ عناصر قالت أنهم تابعين للتنظيم. كان الناس خائفين جدا، وكانوا قلقين من تصاعد وتيرة الانفجارات، فأي شخص يمكن أن يموت في أي انفجار لأن الانفجارات تحدث في مناطق مزدحمة بالمدنيين.

كيف تتم المداهمات والاعتقالات؟ ماذا تفعل الهيئة بالضبط؟

خلال المداهمات، تحاصر الهيئة الحي وتبدأ بوضع الحواجز الطيارة. وبمجرد أن يرى الناس الحواجز والطرق مغلقة، لا يقتربون من المنطقة ولا يمرون بها حتى.

وعندما تشتبه الهيئة بشخص ما، أو عندما يكون هناك عملية ضد خلية نائمة تابعة للتنظيم، فإنها تغلق المنطقة بأكملها، ويمكن أن يبقى المدنيون عالقين في المنازل لساعات.

كيف تؤثر الانفجارات والاشتباكات على الناس هناك؟

الناس خائفون بالطبع بسبب كل هذه التحركات- إن ذلك يحدث في جميع الأماكن التي يرتادها الناس العاديون ويذهبون إليها باستمرار. عندما وقع الانفجار في مطعم فيوجن، كان مركز التسوق بجوار المطعم يعج بالناس.

لقد اعتدنا على هذه الأشياء على الرغم من الخوف، ففي النهاية الناس يريدون أن يعيشوا حياتهم الطبيعية. من المستحيل أن تتوقف الحياة. هناك انفجارات، وإذا كنت سأفكر باحتمال حدوث تفجير كلما أردت الخروج من بيتي والذهاب إلى أي مكان، فلن تشاهدي أحدا في الشارع.

قبل نحو أسبوعين، ذهبت أمي إلى السوق لشراء بعض الأشياء للمنزل. كنت في المنزل أتصفح الإنترنت وأدردش مع أصدقائي. وفجأة رأيت على الإنترنت أن الناس يتحدثون عن تعميم من قبل القوة الأمنية في إدلب، وأن سيارتين مفخختين كانتا على وشك الانفجار في السوق وسط المدينة.

لا أعرف ما الذي حدث لي- شعرت بالرعب لأن أمي كانت هناك وبدأت الاتصال بأصدقائي الذين يعيشون بالقرب من السوق، للحصول على أي معلومات بشأن ما يحدث. كنت مذعورة بسبب وجود أمي هناك. بدأت الأفكار تدور في رأسي “أين هي؟ هل علقت في السوق؟”.

بقيت في حالة ذعر لمدة ساعة تقريبا، إلى أن عادت والدتي إلى البيت سالمة – الحمد الله.

لكني شعرت أنني عاجزة عن فعل أي شيء.

 

ترجمة: سما محمد

 

شارك هذا المقال