3 دقائق قراءة

المصالحة الخليجية: أي انعكاسات على الملف السوري؟

تضمن بيان القمة الخليجية، التي عقدت في مدينة العلا السعودية، عدة بنود تتعلق بالملف السوري، لاسيما تمسك المجلس الأعلى للتعاون الخليجي بـ"مواقفه وقرارته الثابتة بشأن الأزمة السورية، والحل السياسي القائم على قرار مجلس الأمن 2254، الذي ينص على تشكيل هيئة انتقالية للحكم تتولى إدارة شؤون البلاد، وصياغة دستور جديد لسوريا، والتحضير للانتخابات".


7 يناير 2021

عمان- شعورٌ بالارتياح، كما حالة ترقب، تعيشها أوساط المعارضة السورية، على المستويين الرسمي والشعبي، حيال مخرجات القمة الخليجية التي اختتمت أعمالها في 5 كانون الثاني/يناير الحالي بمدينة العلا السعودية، وانعكاساتها على الملف السوري الذي كان حاضراً في بيان القمة الختامي.

إذ تضمن بيان قمة العلا عدة بنود تتعلق بالملف السوري، لاسيما تمسك المجلس الأعلى للتعاون الخليجي بـ”مواقفه وقرارته الثابتة بشأن الأزمة السورية، والحل السياسي القائم على قرار مجلس الأمن 2254، الذي ينص على تشكيل هيئة انتقالية للحكم تتولى إدارة شؤون البلاد، وصياغة دستور جديد لسوريا، والتحضير للانتخابات”.

كما أدان المجلس التواجد “الإيراني في الأرض السورية وتدخلات إيران في الشأن السوري”، مطالباً “بخروج كافة القوات الإيرانية وميليشيات حزب الله والميليشيات الطائفية التي جندتها إيران للعمل في سوريا”.

في هذا السياق، عبر رئيس المكتب الإعلامي للهيئة العليا للتفاوض في المعارضة السورية، د. يحيى العريضي، عن تثمين الهيئة الموقف الخليجي من الملف السوري، وأنها “تتطلع إلى جهود مكثفة خليجية وعربية”. معتبراً في حديث لـ”سوريا على طول” أن المعارضة السورية كانت في حالة “انكشاف ولم يكن أحد بجانبنا، فيما كان النظام الاستبدادي يتفرد بدعم إيران وروسيا”.

عودة الأمل

ما يزال مبكراً تحديد نتائج القمة الخليجية وانعكاساتها على الأزمة السورية. إذ رغم أهمية البنود المتعلقة بشأن سوريا، إلا أن ذلك يعتمد على “التنسيق بين الدول المهتمة والفاعلة في الملف السوري، والإرادة والرغبة في إدراج هذا الملف كأولوية بالنسبة لدول الخليج”، كما رأى د. رضوان زيادة، مدير المكتب التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في العاصمة الأميركية واشنطن.

لكن، كما “كان للخلافات السعودية- القطرية تأثير كبير على الملف السوري، فإن إعادة التنسيق بينهما سيفيد المعارضة على المستوى السياسي والعسكري والإنساني والإغاثي”، كما أضاف زيادة لـ”سوريا على طول”.

الأزمة الخليجية التي بلغت حدّ القطيعة في حزيران/يونيو 2017، حين قررت السعودية والإمارات والبحرين، إضافة إلى مصر، قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، تركت آثاراً واضحة على الملف السوري، أهمها تفكك المحور الأميركي-الخليجي-التركي في مواجهة المحور الروسي-الإيراني الداعم لنظام بشار الأسد، مع تشتت الموقف الخليجي واشتداد الصراع الداخلي بين دول الخليج التي كانت تعدّ أقوى الداعمين للمعارضة.

أيضاً، وفيما اتجهت تركيا إلى تعزيز مسار “أستانة” إلى جانب روسيا وإيران، والذيّ عُدّ خروجاً عن مباحثات جنيف، وأفضى إلى سيطرة النظام على ثلاث مناطق “خفض تصعيد” وسط وجنوب سوريا، وقضم مناطق واسعة من المنطقة الرابعة، تراجع الدور الخليجي. فيما اتُهمت السعودية بمحاولة الهيمنة على هيئة التفاوض السورية، حين دعت الرياض إلى اجتماع للمعارضة السورية في كانون الأول/ديسمبر 2019، تم خلاله اختيار شخصيات معروفة بقربها للسعودية والإمارات.

لذلك، وإزاء تراجع الدور الخليجي في الملف السوري، فإن التقارب الحالي “رغم أهميته قد يكون ذا تأثير [إيجابي] مباشر محدوداً”، برأي محمد سرميني، مدير مركز جسور للدراسات في تركيا. وأن “التأثير سيكون أكبر في حال نتجت عن التقارب الخليجي مصالحة سعودية تركية”، كما أضاف لـ”سوريا على طول”.

مع ذلك يظل للاتفاق الخليجي أهمية تتأتى من “توحيد رؤية مجلس التعاون الخليجي تجاه الملف السوري” ، بحسب سرميني. كما إنه “قد يحدّ من اندفاع بعض دول المجلس للتطبيع مع نظام الأسد قبل تنفيذ أي من بنود القرار الدولي 2254″، و”عرقة مساع منفردة لدول خليجية أو عربية أخرى إسقاط العقوبات العربية عن النظام قبل إقرار الحل السياسي”.

قطع ذراع إيران

تزامن انعقاد القمة الخليجية مع الذكرى السنوية الأولى لمقتل قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، بضربة جوية أميركية استهدفته في بغداد. وهو الذي لعب دوراً في اتخاذ القرارات السياسية الخارجية الإيرانية، بحسب تصريح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. إلى جانب دوره العسكري في دول عربية، خصوصاً سوريا.

ففي الوقت الذي أحيت إيران وعواصم عربية -تقع تحت نفوذها- ذكرى مقتل سليماني، جاءت “قمة العلا” بمثابة ضربة ثانية لطهران، برأي العريضي، كونها “تتأثر بأي تقارب عربي، خاصة الخليجي”. مستدلاً على استغلال إيران لأي صراع عربي، بالدور الذي لعبته في الأزمة الخليجية، إذ “جعلت من نفسها ممراً لقطر، ليس حباً فيها، وإنما نكاية بالسعودية، وتعميقاً للفرقة بين الدولتين الشقيقتين”.

لذلك، ستعمل طهران، كما أوضح العريضي، على “استهداف أي جهد عربي موحد بهدف إضعافه بشكل غير مباشر، لأن اتحاد محيط إيران يخيفها ويشكل تهديداً عليها”. 

وهو ما يتفق معه الباحث سرميني، معتبراً أن “إيران ترغب في حصر المواجهة مع الولايات المتحدة وحلفائها في الساحة العراقية من دون بقية الساحات، على اعتبار أن قدرتها اللوجستية في العراق أكبر من سواها”.

في السياق ذاته، فرغم أن التدخل الإيراني قد لا يتأثر في المنظور القريب بالمصالحة الخليجية، إلا أن مجرد الإشارة في بيان قمة العلا الختامي إلى “العدوانية الإيرانية والمشروع الإيراني الخبيث في المنطقة، والذي تعاني منه سوريا يعدّ من المسائل الأساسية في نصرة الشعب السوري”، بحسب العريضي.

كما أنه بناء على المعطيات، من المستبعد أن تنقل إيران مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها إلى سوريا، برأي سرميني، خاصة وأن طهران “تواجه تحدياً رئيساً يتمثل في موقف حليفها الروسي الذي يسعى بشكل مستمر إلى استهداف انتشارها العسكري والسياسي، وفي الضربات الإسرائيلية المستمرة”.

شارك هذا المقال