4 دقائق قراءة

الملابس المستعملة بديل عن الحطب والمازوت في شمال غرب سوريا

يلجأ أهالي مناطق شمال غرب سوريا، الخاضعة لسيطرة المعارضة، إلى […]


12 ديسمبر 2017

يلجأ أهالي مناطق شمال غرب سوريا، الخاضعة لسيطرة المعارضة، إلى حرق الملابس المستعملة للحصول على التدفئة كبديل أقل تكلفة من الحطب والمازوت، في الشتاء.

فعندما بدأ المطر بالهطول وأصبح الطقس بارداً في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، الشهر الماضي، أحرق أبو محمد الأثاث الموجود في غرفة نومه لتدفئة زوجته وأطفاله السبعة، وحين نفد الأثاث، بحثوا عن أغصان الشجر والصناديق الفارغة التي تكون ملقاة خارج المحلات التجارية لحرقها والاستفادة منها للتدفئة، ولكنها وبحسب ما قاله لسوريا على طول، الأربعاء “اختفت ولا تتوفر دائما”.

وكما هو الحال في العديد من المنازل السورية، فإن منزل أبو محمد في الأتارب مجهز بـ”صوبة” وهي عبارة عن سخان معدني يستخدم للتدفئة أو لتسخين الماء، وخلال الحرب، أصبح شائعاً على نحو متزايد بالنسبة للذين لا يستطيعون شراء الحطب أو المازوت التجول في الشوارع والأرياف لجمع الصناديق وقطع البلاستيك أو أغصان الأشجار ووضعها في الصوبة.

مريم العبد الله، إحدى أهالي الأتارب، تقوم بإخراج الملابس القديمة من الحقيبة لحرقها. تصوير: مراسل سوريا على طول، محمد الشافعي.

ووصلت درجات الحرارة في ريف حلب ومحافظة إدلب المجاورة ما بين ٤٠ و٥٠ درجة فهرنهايت خلال النهار، هذا الأسبوع، إلا انخفضت إلى درجة التجمد على نحو مفاجئ.

وأمضت عائلة أبو محمد ليلة باردة وقاسية في منزلها قبل بضعة أيام دون أن تجد شيئاً تحرقه للتدفئة، “وفي الصباح قمنا بحرق بعض الثياب والملابس القديمة” ومنذ ذلك الحين، يشتري أبو محمد ملابس رخيصة من البالة- متجر للملابس المستعملة-  من المال الذي يكسبه من عمله في البناء.

وأبو محمد ليس وحده من يقوم بذلك، فاليوم، باتت عائلات عدّة هناك تستخدم الملابس كوقود جديد وأقل سعرا للتدفئة.

ويصل سعر كيلوالغرام الواحد من الملابس المستعملة حالياً حوالي ٢٠٠ ليرة سورية أي (٠.٤٠ دولار) في محلات البالة في مناطق إدلب وحلب التي تسيطر عليها المعارضة. وتستخدم الأسرة أربعة كيلوغرامات من الملابس خلال اليوم الواحد التدفئة والطبخ وتسخين المياه. في المقابل، فإن سعر اللتر الواحد من الوقود يصل إلى ٢٧٥ ليرة أي (٠.٥٠ دولار).

وقالت مريم العبد الله لسوريا على طول، من منزلها في الأتارب “نقوم بشراء البالة للتدفئة والطهي وتسخين المياه”. حيث تلقي قصاصات القماش في الصوبيا للتدفئة. وتخزن مريم أكياس الملابس المستعملة بما في ذلك قصاصات الملابس في منزلها للاستخدام في المستقبل.

نساء يبحثن عن الملابس المستعملة في أحد المتاجر في الأتارب. تصوير: محمد الشافعي.

وتحترق الأقمشة الصناعية مثل البوليستر والنايلون والاكريليك بسرعة ولكنها تطلق دخان الأكريد والأبخرة الكيميائية ومخلفات لزجة.

ويساعد محمد، ١٨ عاماً، وهو الابن البكر في عائلة أبي محمد، المقيم في مدينة الأتارب، في شراء الملابس لحرقها من المال الذي يكسبه من عمله في ورشة لتصليح السيارات.

وقال لسوريا على طول “أقوم بشراء البالة وهي البقايا ذات النخب الرديء، حيث تباع بأسعار أقل، لكنها تصدر روائح عند حرقها في الغرف مع ذلك فهي أفضل من البرد”.

وقال اثنان من أصحاب محلات البالة – أحدهما في إدلب والآخر في حلب – لسوريا على طول، أن الطلب يتزايد على الملابس المستعملة بسبب انخفاض درجات الحرارة.

وقال جوهر عبد الرزاق، صاحب محل لبيع الملابس المستعملة في الأتارب، لسوريا على طول، يوم الأربعاء “إن السوق بدأ بالتعافي مع هطول الأمطار ونزول البرد”.

بالة جوهر عبد الرزاق في الأتارب. تصوير: محمد الشافعي.

وأضاف “كان هناك الكثير من الملابس التي لا تباع، وكان صاحب المحل يضطر إلى رميها ثم أصبحت ذات طلب متزايد بشكل كبير”، وتابع موضحاً “هناك أناس يأتون ويحجزون كميات من هذه الألبسة التي لا أحد يشتريها للباس بل لاستخدامها في تدفئة أطفالهم”.

وقال مجدي العمر، وهو صاحب محل لبيع الملابس المستعملة، في بلدة الدانا في ريف إدلب الشمالي، الواقعة على بعد ٩ كم شمال غرب الأتارب “بالنسبة للبالة فهي تأتي إلينا عن طريق تركيا بعد أن يتم استيرادها من أوروبا”. ويشتري أصحاب المحلات كميات كبيرة من الموزعين في سوريا بالجملة.

وبسبب الطلب المتزايد، تضاعف سعر الملابس المستعملة ذات الجودة المنخفضة مقارنة بسعرها في الصيف، لكنها لا تزال بديلا متوافرا ورخيص الثمن للحطب والمازوت أو أي مخلفات قد يعثر عليها الأهالي للتدفئة.

وقال عبد الرحمن الغروي، أحد سكان الأتارب لسوريا على طول “كنت أبحث وبشكل يومي عن البلاستيك والكرتون إلا أنني أصبحت أجد صعوبة في إيجاد كميات كبيرة من هذه المواد التي كانت تفي بالغرض لإشعال المدفأة، فكانت الملابس المستعملة السبيل الوحيد للتعويض عن البلاستيك والنايلون كونها تحترق أيضا رغم روائحها”.

“إنها أفضل بكثر من البقاء دون دفء”.

 

ساهم محمد الشافعي في إعداد هذا التقرير.

 

هذا التقرير هو جزء من تغطية سوريا على طول عن وضع المنطقة الواقعة شمال غرب سوريا والتي ستستمر لشهر بالتعاون مع منظمة كونراد أديناور وفريق من مجموعة مراسلين على أرض سوريا، اقرأ تقريرنا التمهيدي هنا.

 

ترجمة: سما محمد

شارك هذا المقال