5 دقائق قراءة

النظام يستهدف المشفى الوحيد في داريا بالنابالم المحرم دوليا

أسقطت مروحيات النظام، يوم الثلاثاء، أربعة براميل متفجرة، تحوي مادة […]


21 أغسطس 2016

أسقطت مروحيات النظام، يوم الثلاثاء، أربعة براميل متفجرة، تحوي مادة حارقة لم يتم تحديد ماهيتها، على المشفى الوحيد، في داريا.

وتمزق البرميل في الهواء، في طريقه إلى المشفى الميداني، الذي يقع في الطابق السفلي. ولكنه  ترك أثره. وخلال السنوات الأربعة الماضية سقط ما يقارب 7 آلاف برميل على داريا، وفي هذه المرة وقع شيء غير عادي، “لم يحدث أي انفجار” وفقا لما قاله ضياء، طبيب التخدير في المشفى، وشاهد عيان على الغارة، لمراسل سوريا على طول، حسام الدين.

ولم يكن هجوم الثلاثاء هو الوحيد من هذا النوع، حيث أفادت وسائل إعلام دولية، وقوع غارات مماثلة على مدى ثلاثة أيام متتالية، هذا الأسبوع، على واحدة من أكثر المدن السورية التي تعرضت للقصف.

وقال الطبيب ضياء، الذي طلب ذكر اسمه الأول فقط، واصفا الهجوم الذي شنه النظام على المدينة، يوم الثلاثاء، “في البداية، تشعر بالارتياح، ولكن يتبع هذا الشعور رعب حقيقي”.

مبنى سكني في داريا يوم الثلاثاء. تصوير: المركز الإعلامي في داريا.

واجتاحت النيران المشفى بسرعة، حيث أغلق  اللهب المخرج الوحيد فيها، كما ملأ الدخان غرف المنشأة الطبية. وحاول الدفاع المدني إخماد اللهب والسماح للمرضى والعاملين في المجال الطبي بالفرار، ولكن النار اشتعلت، ولم تخمد إلا بعد ثماني ساعات، حيث واصل الدفاع المدني عمله حتى وقت متأخر من الليل.

وقال سكان داريا، بما فيهم ضياء، في إشارة إلى البراميل، التي ألقاها النظام، يوم الثلاثاء، أنها تحوي “النابالم”، وهو سائل حارق يلتصق بالجلد والسطوح الأخرى، مسببا حروقا شديدة.

ولا يمكن أن تعرف سوريا على طول، جوهر المادة الموجودة في البراميل، التي سقطت على داريا، في هجوم يوم الثلاثاء. ومع ذلك، فإن الشهادة المقدمة من ضياء، وغيره من سكان داريا، تؤيد وصفها بأنها أسلحة حارقة. حيث لم تنفجر البراميل، بينما تسببت في حرائق كبيرة، التهمت كل شيء، ودامت عدة ساعات.

ويقول ضياء “كان حريقا هائلا”، مضيفا “اعتقدنا حقا أنه لا يوجد طريقة يستطيع الدفاع المدني من خلالها السيطرة على الحريق”.

كيف تختلف هجمات هذا الأسبوع عن الهجمات الأخرى بالبراميل المتفجرة؟

عندما تسقط البراميل المحملة بالنابالم، تسمع فقط صوت احتكاك البرميل بالهواء، ولا يوجد أي صوت لانفجار، مما يعطيك شعورا بالطمأنينة في البداية، لكن ما يلبث أن يتحول المشهد إلى رعب حقيقي، حين تعلم أن المكان الذي توجد فيه قد أغلق مخرجه الوحيد بالنيران، التي أشعلها النابالم الذي يحمله البرميل، ويزيد الأمر سوءاً حين تبدأ النيران والدخان بالتسلل الى الملاجئ والأقيبة، تجلس عاجزا حتى تستطيع فرق الدفاع المدني السيطرة على الحرائق وإخلاء المتواجدين، تركنا المشفى عندها وتم إخلاء الكادر مع المرضى، وما يمكن حمله من أدوات طبية ضرورية ونادرة، كان الحريق كبيرا ولم نتخيل أنه من الممكن أن يتم السيطرة عليه، استمرت الحرائق حتى ساعات متأخرة من الليل، أي ما يقارب 8 ساعات، لاحقا استطاعت فرق الدفاع المدني أن تخمد قسما كبيرا من الحرائق، واقتصر الضرر الذي لحق بالمشفى على بعض الأدوات، وتعطل بعض الأجهزة الطبية والإنارة الخاصة بالمشفى، مما استدعى استمرار متابعة الحالات الإسعافية باستخدام بدائل أقل فعالية.

معالجة مريض تحت ضوء الهاتف المحمول. تصوير: المجلس المحلي لمدينة داريا

ما الذي حدث في المشفى الميداني يوم الثلاثاء؟

قامت مروحيات النظام باستهداف بناء المشفى الميداني الوحيد في داريا، بأربع براميل متفجرة، تلتها في نفس اليوم أربع براميل أخرى، محملة بمادة النابالم الحارقة، أدت هذه البراميل الى احتراق البناء الذي يقع فيه المشفى الميداني، إضافة الى نشوب نيران في الأبنية المجاورة له، وضرر في المعدات الطبية الموجودة في المشفى، مما أجبر الكادر الطبي على إيقاف استقبال الحالات الطبية، حتى إطفاء الحرائق ومحاولة السيطرة على النيران، ثم عادت للعمل بعد ساعات لأنها المشفى الوحيد في المدينة.

بعيدا عن هذا المشفى، هل حقا لا يوجد أي بديل يلجأ إليه أهالي داريا لتلقي العلاج؟

حقيقة ليس هناك أي بديل للمشفى، فهو المكان الوحيد الذي يمكن أن يعد آمنا ومجهزا بنفس الوقت، والانتقال لتجهيز مكان آخر بحاجة عمل كبير وإمكانيات ضخمة، وهي غير متوفرة حاليا بسبب واقع الحصار المفروض على المدينة، حيث يستقبل المشفى الجرحى والحالات الإسعافية رغم الدمار الذي حل به في ظروف استثنائية تماما، يتم علاج المصابين الآن على الأضواء الخاصة بالهواتف المحمولة، وهو ما يضيف تحديات أخرى الى عملنا ككادر طبي، يوميا نحن نفقد جزء آخر من معايير السلامة ونضطر لاستخدام بدائل أقل كفاءة، ومن الممكن أن تكون هذه البدائل بدائية جدا.

ما الذي يعنيه تدمير هذا المشفى بالنسبة لأهالي داريا؟

على مدى السنوات الأربع الماضية، كان هذا المشفى هو الوحيد الذي يعمل في داريا. حيث يخدم جميع أهالي المدينة. نحن نعالج حالات الطوارئ ومصابي المعارك، نعالج المرضى، نجري عمليات الولادة، نعالج الأمراض النسائية، كما يوجد لدينا مختبر طبي.

إذا دُمر هذا المشفى، سيكون هناك كارثة، ففي حال أصيب أي شخص ولم يتلق العلاج، فإنه سيموت. ونحن المكان الوحيد الذي يتلقى الناس فيه العلاج كما أننا نبذل ما بوسعنا نظرا للظروف، ولكن هناك بعض الحالات التي لا يمكن معالجتها بشكل صحيح تحت الضوء الخافت للهاتف المحمول.

مبنى سكني ينهار في داريا يوم الأربعاء. تصوير: المجلس المحلي لمدينة داريا

نظرا للحصار والقصف المستمر، ما هي بعض البدائل الطبية التي قد تلجأون إليها؟

إن نقص المعدات الطبية جعلنا مبدعين في ابتكار حلول بديلة لعلاج المصابين.

على سبيل المثال، ليس لدينا معقم طبي للجروح، وبدلا من ذلك علينا استخدام الماء والملح. ليس لدينا ضمادات مناسبة، لذلك نقطع القماش من بيوتنا ونعقمه بالبخار، كما نستخدم القطن الذي نحضره من مخداتنا والفرش.

وفيما يتعلق بالتخدير، تحتاج للأكسجين النقي، وسيكون ذلك معجزة إذا توفر في المدينة المحاصرة منذ أربع سنوات. بدلا من ذلك، نمرر الهواء من خلال جهاز التصفية، ليس هناك ميزة طبية حقيقية لهذا، ولكن هذا كل ما نستطيع القيام به للحفاظ على الجرحى أثناء العملية.

 

ترجمة: سما محمد

 

شارك هذا المقال