4 دقائق قراءة

النظام يسعى لدفع معضمية الشام إلى الإستسلام في محاولة لقلب الطاولة على المعارضة في جنيف

يركز النظام بثقله العسكري على مدينة معضمية الشام، خاصرة دمشق، […]


2 فبراير 2016

يركز النظام بثقله العسكري على مدينة معضمية الشام، خاصرة دمشق، رغم الهدنة المبرمة، في محاولة واضحة لدفعها للاستسلام، وتمكين موقفه في محادثات السلام الجارية في جنيفا.

وألقت الطائرات الحربية، الأحد، بـ66 برميلاً متفجراً على معضمية الشام، والتي تبعد 12 كيلومترا إلى جنوب غرب العاصمة دمشق، فيما تداولت المواقع الإعلامية المعارضة استخدام الغازات السامة في الهجوم، ما أدى إلى مئة حالة اختناق بين الأهالي.

وتقع معضمية الشام جنوب غرب مطار مزة العسكري، الذي تقطنه أقوى مخابرات النظام، ويستخدم كمركز اعتقال. وإلى الشرق تتربع داريا، المدينة الثورية التي تقبع تحت الحصار والقصف الجوي المستمر، والتي لم تبرم هدنة مع نظام الأسد. ومع ذلك فإن المعضمية وداريا تجرعتا نفس الكأس، نفس الجوع ونفس الحصار، وفق ما قال أبو أحمد، عضو المركز الإعلامي في معضمية الشام، لسوريا على طول.

ولجأ النظام، وبعد أن استعصت عليه المعضمية لزمن طويل، إلى ضرب المدينة بالسلاح الكيماوي في آب 2013. وبعدها بأربعة شهور، كانت البلدة السورية الأولى التي تدخل في هدنة مع النظام، بعد أن قاست الحصار على طول سنة، والذي أدى إلى موت عشرات المدنيين جوعاً. وعرفت البلدة عالمياً بـ”مدينة التجويع”، حيث صمد أهاليها على الزيتون وحساء الأعشاب

والتزاما ببنود هدنة 2013، وافق الثوار على تسليم أسلحتهم الثقيلة والاحتفاظ بالأسلحة الفردية. ووافقوا أيضاً على أن يكفوا عن عملياتهم في مناطق النظام، على أن يفتح النظام معبر المدينة، ويسمح بإدخال الطعام والدواء.

 

الشام، شباط 2014. حقوق نشر الصورة للمجلس المحلي لمعضمية الشام

 

واشتكى الأهالي منذ البداية، أن النظام لم يلتزم بالاتفاقيه من جانبه. ورغم الوعود الكثيرة فإنه بالكاد سمح بإدخال كميات قليلة من الطعام والدواء. وبينما منع دخول الطحين أو حتى الأدوية التي تعالج جرحى الحرب، وفق بيان لمجلس معضمية الشام المعارض في السنة الماضية.

إلى ذلك، حين دخل الإعلام الحكومي المدينة في شباط 2015، بموافقة الثوار بنية تصوير مقطع يبين تفصيليا نجاح الهدنة، نظم الأهالي مظاهرة وأحرجوا الصحفيين بالحديث عن تضامنهم مع قصف دوما المستمر، وأقاربهم الذين ما يزالون رهن الإعتقال، وفق ما ذكرت سوريا على طول، آنذاك.

وفيما بعد، في تشرين الثاني في تلك السنة، بدأ النظام حملة جديدة ليدق اسفيناً بين المنطقة الواصلة بين معضمية الشام وجارتها داريا ليفرق بينهما. وخلال الشهر الماضي فقط  تمكن النظام أخيراً من فصل البلدتين.

ورافق الحملة قصفاً جوياً عنيفاً على معضمية الشام ومحاولات متكررة باقتحامها، من الجهة الجنوبية والجنوبية الشرقية للمدينة، وفي يوم الأحد صعَد النظام من قصفه ليصل إلى 66 برميلاً، وفق ما ذكر موقع كلنا شركاء.

وتزامن تصعيد العمليات الهجومية، مع بدء المفاوضات في جنيف بين المعارضة والنظام، بوساطة دولية، تتولى مهمة إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا.

وقال أبو أحمد “تكثيف النظام القصف على معضمية الشام في هذا التوقيت، ليس مصادفة، وإنما حركة محسوبة لإرغام الثوار على الاستسلام والخضوع. فيفرغ منها، ويتخلص بذلك من صور المشاكل التي تبديها سلسلة من الهدن التي لم تنجح في أنحاء سوريا”.

وأوضح أبو أحمد، أن المعضمية أول مدينة مهادنة، وأول مدينة سيطرح ملفها  رياض حجاب، رئيس الوزراء السوري المنشق، للتفاوض في جينيف، وهي الآن تتلقى الحصار والجوع و البراميل ومختلف أنواع التعذيب، “ستطرحها المعارضة نموذجا أمام الأمم المتحدة، أن النظام لا يمكن مهادنته ولا مصالحته”.

وقال عضو المركز الإعلامي إن “النظام يعلم أن أول ورقة ستقدمها المعارضة في المؤتمر هي ورقة المعضمية، وفيما لو ربح النظام هذه الورقة باستسلامها فسيقلب الطاولة عليهم، وسيقول أن المدينة التي جئتم بملفها لتبحثوه، انتهىيت منها وسويت المشكلة التي بيني وبينها، وعادت الأمور لتحت السيطرة، أي سيقلب الطاولة على وفد المعارضة، وهو يراهن على الوقت ويسرع أكثر ما يمكن في ذلك”.

وصرح أبو أحمد أن “النظام يحاول بدوره أن يضغط علينا بالبراميل لنستسلم أو نوقع هدنة جديدة معه، هي أشبه بشروط الاستسلام وليست هدنة جديدة، فالنظام طلب في الفترة الأخيرة في المفاوضات التي استلمها مدير قناة الكوثر الموالية للنظام، رفيق لطف أن يسوي كل يوم عشرة مسلحين أوضاعهم مع النظام، بالإضافة إلى تسليم عشرة قطع من السلاح وذلك مع الفتح التدريجي للطريق في المقابل”.

وفي السياق ذاته، قال الناطق باسم ألوية سيف الشام، تجمع كتائب عسكرية ثورية في معضمية الشام في مقابلة لكلنا شركاء، أن “قوات النظام أرسلت رسالة تهديد قبل أيام، من خلال لجنة التفاوض في مدينة معضمية الشام للجيش الحر، مفادها أن قوات النظام تعطي عناصر الثوار مهلة حتى يوم التاسع والعشرين من كانون الثاني، لتسليم المنطقة، ومن أراد من الثوار البقاء يقوم بتسليم سلاحه لقوات النظام، أو مغادرة المدينة نحو الشمال السوري، وإلا سيتم قصف أحياء المدينة، وبالطبع رفض الثوار ذلك، وبالفعل منذ صباح الخميس بدأت قوات النظام بمحاولة اقتحام المدينة”.

وكان الإعلامي رفيق لطف، المشارك في ملف المفاوضات في المعضمية، نشر على صفحته الشخصية على الفيسبوك في 9 كانون الأول أن “زمن المصالحات انتهى، الفترة القادمة ستشهد استسلامات بالجملة في العديد من المناطق سيعقبها تسويات بأعداد كبيرة”.

وبيّن عضو المركز الإعلامي أن المدنيين الباقين داخل المعضمية، والبالغ عددهم نحو 40 ألف مدني، ينقسمون ما بين الاستسلام والصمود، فبينما يصر البعض على الاستمرار والمقاومة، فإن شبح الجوع يخيم على البعض الآخر، مشيراً إلى أن الانقسام متساو تقريبا.

ولكن يبدو أن الأهالي جميعا متفقون على أن المفاوضات في جنيف “لا تسمن ولا تغني من جوع”.

وقال أبو محمد، من أهالي مدينة معضمية الشام، “نحن لا نعول على جنيف ولا على غيرها وبانتظار جنيف”.

وتساءل أبو محمد  “كيف لا، وقد بات وسام يمنحه الغرب والعرب للأسد ليفتك بالبشر والحجر”، مضيفا ً “لم يتغير شيء سوى أنه ارتفع منسوب إجرام النظام والإرهاب الذي يتبعه، فمعضمية الشام لم يعد يسمع بها سوى أنين الجوع وجحيم البراميل”.

شارك هذا المقال