3 دقائق قراءة

النيران تلتهم آلاف الهكتارات في شمالي شرقي سوريا.. وعجز في احتواء الأزمة

عمّان- التهمت النيران أرض شيرين ديريكي، شرقي مدينة القامشلي، وكانت أسرع من سيارات الإطفاء، التي وصلت بعد فوات الأوان، وحوّلت محاصيل القمح والشعير إلى رماد على مرأى أصحابها.


19 يونيو 2019

عمّان- التهمت النيران أرض شيرين ديريكي، شرقي مدينة القامشلي، وكانت أسرع من سيارات الإطفاء، التي وصلت بعد فوات الأوان، وحوّلت محاصيل القمح والشعير إلى رماد على مرأى أصحابها.

وقالت ديريكي، 30 عاماً، لسوريا على طول “وصلت سيارات الإطفاء التابعة للإدارة الذاتية إلى أرض والدي، بعد عشرات الاتصالات.. ولكن كل شيء راح”، مؤكدة أن “الفرق المحلية لا تتناسب مع حجم الكارثة، بسبب انتشار الحرائق في مناطق واسعة بريف محافظة الحسكة”.

وقدرت هيئة الزراعة والاقتصاد في الإدارة الذاتية مساحة الأراضي التي تعرضت للاحتراق بأكثر من  40 ألف هكتار،  وبلغت قيمة الأضرار التي تعرضت لها المحاصيل بفعل الحرائق في شمالي سوريا بنحو 19 مليار ليرة سورية (35 مليون دولار تقريباً).

ورغم استنفار الإدارة الذاتية، إلا أن اتساع رقعة الحرائق في مناطقها، أثارت ردود فعل غاضبة من السكان المحليين، نتيجة عجزها في إدارة الأزمة وإخماد الحرائق، التي دخلت شهرها الثاني، ووقوع ضحايا في صفوف المدنيين.

وأكد سلمان بارودو، وزير الزراعة في الإدارة الذاتية، في تصريح خاص لسوريا على طول بأن “الحرائق تلتهم مساحات شاسعة، وبعضها يخرج عن السيطرة”.

وقال عضو في مجلس بلدية مدينة القامشلي، رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، لسوريا على طول “أوقفت الإدارة الذاتية جميع المشاريع وحوّلت معظم آلياتها للمشاركة في إخماد الحرائق”، مشيراُ أن بلدية القامشلي لوحدها “خصصت 90 آلية للحرائق، وكل الكوادر في استنفار تام”.

ومع دخول الحرائق شهرها الثاني، لم تقتصر الأضرار على المحاصيل الزراعية فقط، وإنما قتلت النيران عدداً من المدنيين، إثر إصابتهم بحروق بليغة أثناء عمليات إخماد النيران في أراضيهم.

وفي منتصف حزيران/ ينونيو الجاري، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 6 مدنيين، بينهم سيدة، في محافظة الحسكة شمالي شرق سوريا، أثناء محاولتهم إخماد الأراضي الزراعية.

وبمعزلٍ عن تبني تنظيم الدولة مسؤولية افتعال الحرائق في العراق وسوريا، وتوجيه أصابع الاتهامات لحكومة دمشق وقوات سوريا الديمقراطية وتركيا، بالاستناد إلى فيديوهات منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الجميع متفقون على أن الحرائق مفتعلة، وهناك مطالب بتعويض المتضررين من الحرائق.

وقال محمد صالح خالد، مزارع في قرية الشامية (كارشان)، تبعد 5 كيلومتر عن مدينة المالكية (ديريك)، لسوريا على طول “زرعت 85 دونم قمح، ولكن احترق 70 دونم منها.. ذهب رزقنا ورزق أولادنا، وليس لنا دخل آخر”.

وطالب خالد الإدارة الذاتية بتعويض المتضررين عن الخسائر، مشيراً إلى أن “لجان تابعة للإدارة الذاتية تحصي أسماء المتضررين، ولكن لم تقدم شيئاً لهم”.

وشكلت الإدارة الذاتية لجاناً مشتركة من وزارة الزراعة، وقوى الأمن الداخلي، لإحصاء المساحات المزروعة بالقمح والشعير، والمتضررة من الحرائق، لمناقشة إمكانية تعويض المتضررين، بحسب ما صرّح سلمان  بارودو، وزير الزراعة في الإدارة الذاتية لسوريا على طول.

وأضاف بارودو “يتم التوثيق بموجب محاضر ضبط نظامية، موقعة من المتضررين ولجنة الزراعة وقوى الأمن، وبعدها سيتم البحث عن إمكانية التعويض وفق الإمكانيات المتاحة”.

وبعد اندلاع الحرائق في شمالي شرق سوريا، رفعت الإدارة الذاتية تسعيرة شراء محصول القمح من 150 ليرة سورية (0.28 دولار تقريبا) إلى 160 ليرة سورية (0.30 دولار تقريباً).

وتتلقى مناطق حكم الإدارة الذاتية دعماً مالياً ولوجستياً من التحالف الدولي، الذي دعم العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة شرقي سوريا، وساهم في دعم عدد من المشاريع الخدمية في المناطق التي طرد منها التنظيم، ولكنه لم يتدخل في إخماد الحرائق.

ويرى المركز السوري للعدالة والمساءلة، وهو منظمة حقوقية مقرها واشنطن، أن “على التحالف الدولي توفير المزيد من التمويل والمعدات لرجال الإطفاء في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية” في الخطوة الأولى، وفتح تحقيق دقيق ونزيه في حالات الاشتباه بالحرائق المتعمدة.

وبدّد احتراق محاصيل القمح والشعير في سوريا آمال المزارعين بموسم جيد، بعد أن عبّرت حكومة دمشق، في منتصف أيار/ مايو الماضي عن تفاؤلها بموسم القمح الحالي، وبحسب توقعاتها – آنذاك – فإن “إنتاج القمح يشكل زيادة بنحو 35 بالمائة عن الموسم الماضي”، ولكن الحرائق التهمت أكثر من 40 ألف هكتار في أراضي الإدارة الذاتية.

وتعد أزمة احتراق المحاصيل الزراعية، آخر نتائج الظروف الصعبة، التي يعيشها أهالي المناطق، التي انتقلت من سيطرة تنظيم الدولة إلى سيطرة قسد، وتعكس التحديات المشتركة التي يعاني منها القطاع الزراعي في الحسكة والرقة ودير الزور.

وشهد الموسم الماضي تلف الأطنان من محاصيل القطن والذرة، بسبب “دودة القطن” والتي ساعد على انتشارها تغير المناخ، والمبيدات الحشرية غير الفعالة ومحدودية الوعي بين المزارعين، مما وجّه ضربة قوية لقطاع الزراعة، وهو الاقتصاد الأساسي لأهالي المنطقة.

شارك هذا المقال